جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
شر الناس ذو الوجهين
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهة وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه
رواه مالك والبخاري ومسلم تتجلى قدرة الله عز وجل في كل شيء من مخلوقاته، من ذلك قدرته سبحانه على خلق المتضادات المتقابلات، فقد خلق الله محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأطهرهم، وخلق إبليسَ أخبث الذوات وشرها، وخلق الليلَ والنهارَ، والداءَ والدواءَ، والموتَ والحياةَ، والشرَّ والخيرَ، والقبيحَ والحسنَ، وخلق علماءَ السوء في مقابل علماء الآخرة. فلولا وجود أمثال بلعام بن باعوراء، وبشر المريسي، وابن أبي دؤاد، ومن شاكلهم، عليهم من الله ما يستحقون، ما عرفنا فضل الإمام أحمد، وبشر الحافي، وابن أبي العز، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وأمثالهم من علماء الآخرة الأطهار الأبرار، فبضدها تتميز الأشياء، فلولا موقف ابن أبي دؤاد الخبيث، وبشر المريسي الخسيس، لما استبان صدق وثبات أحمد بن حنبل، وأحمد بن نصر، وأبي نعيم من المخلصين الأخيار، فسبحان من لم يخلق الخلق عبثاً، ولم يتركهم سدى قال عليّ رضي الله عنه في حديث الطويل: "الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكو على الإنفاق، والمال ينقصه الإنفاق، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، منفعة المال تزول بزواله، مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء أحياء باقون ما بقي الدهر؛ ثم تنفس الصعداء وقال: هاه، إن هاهنا علماً جماً، لو وجدتُ له حملة، بل أجدُ طالباً غير مأمون، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، ويستطيل بنعم الله على أوليائه، ويستظهر بحجته على خلقه، أومنقاداً لأهل الحق لكن ينزرع الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا بصيرة له، لا ذا ولا ذاك، أو منهوماً باللذات سلس القياد في طلب الشهوات، أومغرى بجمع الأموال والادخار، منقاداً لهواه، أقرب شبهاً بهم البهائم السائمة، اللهم هكذا يموت العلم إذا مات حاملوه، ثم لا تخلوا الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهر مكشوف، وإما خائف مقهور، لكيلا تبطل حجج الله تعالى وبيناته، وكم وأين أولئك؟؟؟؟ هم الأقلون عدداً، الأعظمون قدراً، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، يحفظ الله تعالى بهم حجة، حتى يودعها من وراءهم، ويزرعونها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فباشروا روح اليقين، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنِسوا بما استوحش منه الغافلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك أولياء الله عز وجل من خلقه، وأمناؤه وعماله في أرضه، والدعاة إلى دينه؛ وقـال: واشوقاه إلى رؤيتهم". وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "سيأتي على الناس زمان تملح فيه عذوبة القلوب، فلا ينفع بالعلم يومئذ عالمه ولا متعلمه، فتلون قلوب علمائهم مثل السباخ من ذوات الملح، ينزل عليها قطر السماء، فلا يوجد لها عذوبة، وذلك إذا مالت قلوب العلماء إلى حب الدنيا وإيثارها على الآخرة، فعند ذلك يسلبها الله تعالى ينابيع الحكمة، ويطفئ مصابيح الهدى من قلوبهم، فيخبرك عالمهم حتى تلقاه أنه يخشى الله بلسانه، والفجور ظاهر في عمله، فما أخصب الألسن يومئذ، وما أجدب القلوب! فوالله الذي لا إله إلا هو ما ذلك إلا لأن المعلمين علموا لغير الله تعالى، والمتعلمين تعلموا لغير الله تعالى". وقال حذيفة رضي الله عنه: "إنكم في زمان من ترك فيه عشر ما يعلم هلك، وسيأتي زمان من عمل فيه بعشرما يعلم نجا، وذلك لكثرة البطالين". وقال ابن عباس رضي الله عنهما في وصف علماء الآخرة والدنيا يرفعه، والصحيح وقفه عليه: "علماء هذه الأمة رجلان: رجل آتاه علماً فبذله للناس، ولم يأخذ عليه طمعاً، ولم يشتر به ثمناً، فذلك يصلي عليه طير السماء، وحيتان الماء، ودواب الأرض، والكرام الكاتبون، يقدم على الله عز وجل يوم القيامة سيداً شريفاً، حتى يوافق المرسلين، ورجل آتاه الله علماً في الدنيا فضنَّ به على عباد الله، وأخذ عليه طمعاً، واشترى به ثمناً، فذلك يأتي يوم القيامة ملجماً بلجام من نار، ينادي منادٍ على رؤوس الخلائق: هذا فلان ابن فلان، آتاه الله علماً في الدنيا، فضنَّ به على عباده، وأخذ به طمعاً، واشترى به ثمناً، فيعذب حتى يفرغ من حساب الناس". وقال الحسن البصري رحمه الله: "عقوبة العلماء موت القلب، وموت القلب طلب الدنيا". وقال الحافظ الذهبي رحمه الله معدداً أصناف العلماء ودرجاتهم، معلقاً على ما قاله هشام الدَّستُوائي: "واله ما أستطيع أن أقول إني ذهبتُ يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل": (قلت ـ أي الذهبي ـ: ولا أنا، فقد كان السلف: أ. يطلبون العلم لله فنبُلوا، وصاروا أئمة يُقتدى بهم. ب. وطلبه قوم منهم أولاً، لا لله، وحصَّلوه، ثم استفاقوا، وحاسبوا أنفسهم، فجرَّهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق، كما قال مجاهد وغيره: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية، ثم رزق الله النية بعدُ؛ وبعضُهم يقول: طلبنا هذا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله؛ فهذا أيضاً حسن، ثم نشروه بنية صالحة. ج. وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا، وليُثنى عليهم، فلهم ما نووا، قال عليه السـلام: "من غـزا ينوي عِقـالاً فله ما نـوى"، وترى هذا الضرب لم يستضيئوا بنور العلم، ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل، وإنما العالم من يخشى الله تعالى. د. وقوم نالوا العلم وولوا به المناصب، فظلموا، وتركوا التقيد بالعلم، وركبوا الكبائر والفواحش، فتباً لهم، فما هؤلاء بعلماء. ﻫ . وبعضُهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار. و . وبعضهم وضع الأحاديث فهتكه الله وذهب علمه، وصار زاده إلى النار. وهؤلاء الأقسام كلهم رووا من العلم شيئاً كبيراً، وتضلعوا منه في الجملة. ز. فخلف من بعدهم خَلْف بان نقصهم في العلم والعمل. ح. وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في الظاهر، ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير، أوهموا به أنهم علماء فضلاء، ولم يَدُر في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله، لأنهم ما رأوا شيخاً يُقتدى به في العلم، فصاروا همجاً رعاعاً، غاية المدرِّس منهم أن يحصل كتباً مثمنة يخزنها وينظر فيها يوماً ما، فيصحف ما يورده، ولا يقرره، فنسأل الله النجاة والعفو، كما قال بعضهم: ما أنا بعالم ولا رأيت عالماً). وقال يحيى بن معاذ رحمه الله في وصف علماء الدنيا: (يا أصحاب العلم قصوركم قيصرية، وبيوتكم كسروية، وأثوابكم ظاهرية، وأخفافكم جالوتية، ومراكبكم قارونية، وأوانيكم فرعونية، ومآثمكم جاهلية، ومذاهبكم شيطانية، فأين الشريعة المحمدية؟). أخرج الترمذي في الزهد عن رجل من أهل المدينة قال: كتب معاوية رضي الله عنه إلى عائشة رضي الله عنها أن اكتبي لي كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي، فبعثت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية: سلام الله عليك أما بعد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)) والسلام عليك [والحديث إسناده صحيح]. وفي رواية لإبن حبان: ((من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله، ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس)) [وسنده صحيح أيضا، والحديث ذكره الشيخ الألباني في حديث الجامع الصغير السيوطي وقال عنه الشيخان شعيب وعبد القادر الأرناؤوط في تحقيقهما لزاد المعاد: إسناده صحيح]. وقوله عليه الصلاة والسلام: ((من التمس رضا الناس)) التمس يعني: طلب، وقوله عليه الصلاة والسلام (كفاه الله مؤونة الناس) المؤونة التبعية والمقصود كفاه الله تعالى شر الناس وأذاهم. أيها الأخوة الكرام: ها هو ذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي ما ترك خيرا إلا دلنا عليه، ولا شرا إلا حذرنا منه، ها هو ذا عليه الصلاة والسلام في كلمات بسيطة الأسلوب بليغة التركيب وجيزة المبنى عظيمة المعنى يعطينا في هذا الحديث الشريف مبدءا هاما في معاملة الناس ومعايشتهم، فذكر عليه الصلاة والسلام طريقين لا ثالث لهما. الطريق الأول: طريق من التمس رضا الله تعالى ولو سخط عليه الناس، وهو طريق ينبع من توحيد العبد لربه عز وجل، إذ ليس للإنسان أن يتوجه إلا لله، فلا يخاف إلا إياه، ولا يرجو سواه، ولا ينطلق في حياته إلا طلبا لرضاه في كل حركاته وسكناته في كل معاشراته ومعاملاته، فينفذ ما أمر الله تعالى به لا يلتفت في ذلك لمدح مادح أو ذم ذام، ولا يضع في نفسه وهو يرضي الله عز وجل أدنى حساب لسخط أحد من الخلق أو رضاه مهما كلفه ذلك من مشاق. والطريق الآخر: هو طريق من لم تخلص نفسه لله عز وجل، طريق ضعاف الإيمان ومن اهتزت عقيدتهم فهو يبحث عما يرضي الناس ويفعله، وعما يعرضه لسخطهم فيتركه، ولو كان ذلك على حساب دينه، ولو كان في ذلك ما يسخط ربه عز وجل، لأن المهم عنده ألا يخسر الناس وألا يكون في موضع نقمتهم وغضبهم. إنها لقضية خطيرة حقا، ذلك أن الإنسان لابد له أن يتعامل مع الناس ويعيش بينهم، ويجب عليه في نفس الوقت أن يعيش بمنهج الإسلام موحدا لله عز وجل مطبقا لحدوده، ولكن كثيرا من الناس حوله ينحرفون ويفجرون ويظلمون ويتعدون حدود الله تعالى، ومن هنا كان على السلفي أن ينكر ذلك وأن يغيره ويحارب تلك المنكرات والمخالفات وأن يظهر دين الله عز وجل، عندئذ يطلب منه هؤلاء المنحرفون أن يسكت أو يوافقهم على انحرافهم، ويضغطون عليه بشتى الوسائل كما هو الواقع الذي نعيشه فالسلفي المتمسك بدينه اليوم يعيش في غربة بين دعاة السوء ، فيسعى بينهم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحيي الإسلام ويجاهد لإقامته في الحياة فينزعج دعاة السوء الغافلون والمنحرفون منه ويتضايقون فيلمزونه بشتى الطرق لكي يبقوا في الصداره فيغتر بهم العامه من الناس فهم ضلو و أضلوا . يتضايقون من هذا الذي يخالفهم في سلوكه ومظهره، وينكر عليهم ما اعتادوه من البدع ومصاحبت أهل الأهواء ، فيواجه السلفي الملتزم بدينه حربا ضروسا وهجوما عنيفا بشتى الوسائل لإسكاته أو لإبعاده عن منهجه، ولكيلا يستجيب لدعوته الناس فيواجه الاستهزاء والتهديد ، ويقف السفلي ممتحنا أمام الطريقين اللذين لا ثالث لهما إما أن يرضي الله عز وجل ولا يبالي بسخط الناس وأذاهم، فيسير مستقيما لا يميد ولا يحيد، وإما أن يرضي الناس فيوافقهم على انحرافهم وضلالهم ويتميع معهم ليتجنب بطشهم أو سخطهم، فيسخط الله عز وجل. وأخيراً أقول لا بد للداعي إلى الله أن يدعو بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقد أمر الله رسوله موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وينبغي لسلفي أن يتأدب بالاداب التي ذكرها الله في كتابه الذي أنزل ليبين للناس ما اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يوقنون فمن ذلك لا يستخفنه الدين لا يوقنون ويتثبت عند سعايات الفساق والمنافقين ولا يعجل وقد وصف الله المنافقين في كتابه بأوصافهم وذكر شعب النفاق لتجتنب ويجتنب أهلها أيضا فوصفهم بالفصاحة والبيان وحسن اللسان بل وحسن الصورة في قوله وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم الاية ووصفهم بالمنكر والكذب والاستهزاء بالمؤمنين في أول البقرة ووصفهم بكلام ذي الوجهين ووصفهم بالدخول في المخاصمات بين الناس بما لا يجب الله ورسوله في قوله يا أيها الرسول لا حزنك الذين يسارعون في الكفر الاية ووصفهم باستقحار المؤمنين والرضا بأفعالهم ووصفهم بغير هاذ في البقرة وبراءة وسورة القتال وغير ذلك كل ذلك نصيحة لعباده ليجتنبوا الأوصاف ومن تلبس بها ونهى الله نبيه عن طاعتهم في غير موضع فكيف يجوز من مثلك أن يقبل مثل هؤلاء وأعظم من ذلك أن تعتقد أنهم من أهل العلم وتزورهم في بيوتهم وتعظمهم وأنا لا أقول هذا في واحد بعينه ولكن نصيحة وتعريف بما في كتاب الله من سياسة الدين والدنيا لأن أكثر الناس قد نبذه وراء ظهره . فنسأل الله العظيم أن يجعلنا من الدعاة الناصرين للحق القامعين للباطل وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين |
أدوات الموضوع | |
|
|