![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان أحد الإخوة يحكي عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، يقول يحُكي أن ابنة عمر بن عبد العزيز، وهي طفلة صغيرة، دخلت عليه في يوم عيد تبكي، فـسألها ماذا يبكيك؟ ردت : كل الأطفال يرتدون حللا جديدة وأنا ابنة أمير المؤمنين أرتدي ثوباً قديماً. تأثر عمر لبكائها وذهب إلى خازن بيت المال وقال له : أتأذن لي أن أصرف راتبي عن الشهر القادم؟ فقال له الخازن : ولمَ يا أمير المؤمنين؟ فحكى له عمر السبب، فقال الخازن : لا مانع، ولكن بشرط !! فسأله عمر : وما هو هذا الشرط؟؟ فقال الخازن : أن تضمن لي أن تبقى حياً حتى الشهر القادم لتعمل بالأجر الذي تريد صرفه. فتركة عمر وعاد، فسأله أبناؤه : ماذا فعلت يا أبانا؟ فرد عليهم : أتصبرون وندخل جميعاً الجنة، أم لا تصبرون ويدخل أباكم النار؟ قالوا : نصبر يا أبانا. وأخذ صديقي يتحسر على زمان عمر بن عبد العزيز، فقلت له لا تتحسر، اذهب إلى أي دولة غربية، تنتهج الحرية وتهتم بكرامة الإنسان وحقوقه، فسترى أنهم يفعلون نفس ما تقول، رعاية صحية لكل شخص على أرضها، محاربة الفساد العام، كفالة الحد الأدنى من المعيشة، والكثير غيرها، لماذا تتجه أنظارنا إلى ما قبل ألف وأربعمائة سنة ولا نفتح كتابا عن بريطانيا أو السويد أو غيرها؟ بالله عليكم، افتحوا عيونكم، وافتحوا عقولكم، الآليات التي تسير بها الأمور في الغرب إسلامية، والآليات التي تسير بها الأمور لدينا بعيدة عن الإسلام !! فلماذا لا ننقل آلياتهم؟ لماذا نبقى معلقين بحبال التاريخ، وننسى حبال الواقع والحاضر؟ لماذا قال الشيخ محمد عبده، عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881 بعد عودته قولته المشهورة "ذهبت للغرب، فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكن لم أجد إسلاما"؟ منذ أكثر من قرن ونصف ونحن نحمل نفس الداء، ولكننا نرفض الدواء. نرفضه بحجة مخالفة الكفار، ويا لسخافتها من حجة !! لا نقول استوردوا عقائدهم، ولا مذاهبهم الفكرية فكلنا يعلم أن عقائدهم خاطئة، وأخلاقهم اليومية لا تناسبنا وخاطئة، ولكن لماذا لا نستورد آلياتهم في العمل؟ نقول استوردوا آلياتهم في السياسة والتعليم والاقتصاد، كما تستوردون منهم الملابس والأجهزة والطعام والشراب، أليست كلها أدوات؟؟ ففي عصر سيدنا عمر بن عبد العزيز، كان ما يفعله عنوان العدالة، وهذا لا يختلف عليه أحد؛ إذ لم تكن هنالك آلية تمنعه إلا الخوف من رب العالمين. ولكن في عصرنا هذا هل تتخيل رئيس وزراء بريطانيا أو رئيس فرنسا أو ملكة بريطانيا أو غيرهم من المسؤولين في الغرب، يمكن أن يمد يده لميزانية الدولة، أو ما نسميه بيت المال؟ هل تستطيع أنجيلا ميركل أن تشتري كيلو بطاطس من ميزانية الدولة؟ هل يستطيع غولدن براون أن يشتري فستانا لابنته من مال الدولة ؟! كنا نعتبرها مكرمة لعمر بن عبد العزيز، ولكن فعلها اليوم يعتبر جريمة يدخل بسببها السجن، حتى في إسرائيل. يكفي البكاء على الأطلال، ولنبني الحاضر والمستقبل. " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ". أحب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فهو من خيار التابعين، ولكن لي في عصري هذا آليات تصلح لزماني، فلماذا لا ندرسها وننقل الصالح منها لنا؟ أكرر أنا هنا لا أقارن أخلاق أو عقائد أو مذاهب، أنا هنا أقارن فقط آليات العمل السياسي، والعمل الإصلاحي، والعمل المدني، والعمل الاجتماعي، هذه الآليات التي تنقصنا في مجتمعاتنا العربية. المطلوب أن تكون لدينا آلية تمنع الحاكم من أن يظلم، من أن يتحول إلى طاغية، من أن يسرق، آلية لا تجعل الحاكم هو الذي يختار أن يكون ظالما أو عادلا، برغبته وحسب ما يمليه عليه ضميره، وهذه الآلية موجودة في الغرب، فلماذا لا نستوردها؟ هل في ديننا ما يمنع من استيراد الآليات الناجعة والناجحة من الأمم الأخرى؟ أعلم أن البعض، سيعتبر أني قارنت بين عمر بن عبد العزيز وغولدن براون، ولهؤلاء أقول أخطأتم، فأنا لم أقارن بينهما ولم أقارن شخصية عمر بن عبد العزيز بغيره، بل قارنت بين آليات العمل السياسي والمدني في عصريهما، مقارنه الآليات واختيار الناجح والناجع منهما هو المطلوب وهو الهدف، وهذا مصداق لقوله تعالى "إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا" وكلمة من تقصد جميع ولا تخص مسلم دون غيره. ألم يقل شيخ الإسلام ابن تيميه "وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق؛ وإن لم تشترك في إثم، ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام". [/align] |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|