![]() |
#1
|
||||
|
||||
![]() وتسمى سورة القتال. بينت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبى المرحمة ونبى الملحمة، وأنه يقتص من الظالم للمظلوم، ومن الواتر للموتور، وأنه لا يدع البغى يمشى فى الأرض متكبرا، بل يرغم أنفه ويقلم أظافره. ولكى تعرف جو هذه السورة، سل نفسك أولا: ماذا يكنه أهل البوسنة فى قلوبهم للصربيين الذين ذبحوا رجالهم واغتصبوا نساءهم؟ هل يكنون إلا البغضاء والمقت! وماذا يكنه أهل فلسطين لليهود الذين أخرجوهم من دورهم واسترخصوا دماءهم وحقوقهم؟ هل يكنون إلا الغضب والحقد؟ وماذا تنتظر أن يقوله القرآن الكريم للمغلوب المستباح، إذا لقى خصمه فى الميدان؟ إنه يقول! له " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم " . أو ما جاء فى هذه السورة " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض... " . إن الحرب دواء مر، ولكن لمرض أمر. وكما قال شوقى: الحرب فى حق لديك شريعة ومن السموم الناقعات دواء...! وقد بدأت السورة بآيات تضمنت قانونا عاما خالدا " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم * والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم * ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم " . وكما افتتحت السورة بهذه الستة المطردة، تكرر المعنى نفسه فى ختامها، فقال جل شأنه ص _396 " إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم " . وقد كان المسلمون فى ميادين القتال يتلون هذه السورة جماعات بصوت عالي. ولما كانت فواصل الآيات تنتهى بميم ساكنة فإن الوقوف الجماعى عليها له دوى يخلع قلوب الأعداء! ثم يؤكد الوعد الإلهى نتيجة المعركة داعيا إلى الإقدام والفداء " يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم " . وخلال هذه التعليمات العسكرية يذكر القرآن مصاير الشهداء، وما ينتظرهم من جزاء " والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم * سيهديهم ويصلح بالهم * ويدخلهم الجنة عرفها لهم " . ثم يضرب المثل للنعيم المنتظر " مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى... " إلخ. وذاك خلال تسبيح موصول وعبادة تقر بها العين " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " . ومع الحديث عن المؤمنين المجاهدين والكافرين المعتدين تطرق الحديث إلى المنافقين لكشف النقاب عن سرائرهم المريضة ولحماية المجتمع من شرورهم. إن هؤلاء الناس يشاركون المسلمين مجلسهم حول الرسول الكريم، ويستمعون إلى ما يصدر من توجيهات، ولكن بقلوب مدخولة. وقد يشاركون فى عبادات خفيفة التكاليف، وقد ينقلون إلى خصوم الإسلام ما يدور بين النبى وصحبه ولهم تعليقات تكشف المخبوء من كفرهم " ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم " . وهذا استفهام مشرب بالتجاهل أو بالسخرية، بيد أن وجوههم تسود وفرائصهم ترعد عندما ينزل أمر بالقتال، فهم ليسوا أصحاب عقائد يدفعون عنها، وتعلقهم بمصالحهم الدنيوية يجعلهم جبناء "... فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت " . ووزر المنافقين مضاعف، فإن هناك كفارا لا يدرون عن الإسلام شيئا ويحاربونه بغباوة. أما هؤلاء ص _397 المنافقون فمقيمون بين ظهرانى المسلمين يستمعون إلى الوحى النازل ويرمقون سيرة صاحب الرسالة فمالهم عذر " إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم " . وفى عصرنا هذا يجدد المنافقون سيرة المخادعين القدامى. فهم يتلقون التعليمات من مناسر التبشير العالمى أو من مراكز الغزو الثقافى ويندسون بين الجماهير يثيرون الفتن ويطلقون الإشاعات ويرجحون وجهات النظر المعادية ويخذلون أصحاب الكفاح: " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم ". إن الله كشف أولئك المنافقين، وهم على كل حال ستكشفهم مسالكهم وتدل عليهم أعمالهم. بل إن لأقوالهم رنينا يفضح خباياهم " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم " . وانتهت السورة بوصاة للمؤمنين ألا يستسلموا مهما اشتدت المعركة وطالت فليقاوموا أسباب الضعف وليتحملوا أعباء القتال " فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم " . ثم قال للناكصين عن البذل الباخلين بما لديهم دون أن ينصروا الحق: " ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " إن المجتمعات الجبانة الشحيحة لا تستحق الحياة والبقاء. ص _398 |
#2
|
|||
|
|||
![]()
رائع بارك الله فيك
|
#3
|
|||
|
|||
![]()
بارك الله فيك
|
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |