بيان كبار العلماء في العراق...رؤية وإحاطة وخلاص ..بقلم .حارث الأزدي

[علاء الدين الكردى]

وردني عبر بريدي الخاص بيان لكبار علماء العراق وهو نص مكتوب كما قرأه الشيخ الدكتور رافع الرفاعي مفتي الديارالعراقية أحد الموقعين على البيان ...

فاستمعت إليه ومن ثم قرأت نص البيان قراءة أولى صامتة ثم تبعتها بقراءة متأنية وختمتها بثالثة أسمعت البيان لمن كان حولي،وما ذاك الا تجنبا لانفعال المحب وغضبة المتعصب وثورة الجاهل،وسعيا لاستطلاع ردة الفعل لمن كان حولي بعد تلقيه منطوق البيان بمحاوره الثلاثة وتوصياته ومن ثم دعوته.




ويبدو لي ان الزمان على العراقيين قد استدار فعاد كما كان قبل عشرة اعوام وأكثر قبيل بدء الحرب على العراق بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة المملكة المتحدة بريطانيا، حيث اجتمعت كوكبة من علمائنا بالخارج لما يتيحه هذا الوضع آنذاك من التفكير بعيدا عن المؤثرات الداخلية واطلاعهم على ما يجري الاعداد للعراق بحجة اسلحة الدمار الشامل لادخاله نفق تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وصدر البيان عن رابطة علماء العراق في الخارج ليضع خارطة طريق لما يستجد من أحداث في وقت كان الكثير من العراقيين في الداخل حيارى


ماذا يفعلون واستطاع البيان التأسيس لحالة من الفهم أعانت العراقيين على خطوتهم المستقبلية فيمابعد. وها نحن اليوم بين ايدينا بيان توافق عليه جمع من كبار علماء العراق فحددوا واجب الوقت ووضحوا مسارات الوصول ببيان جامع يصلح ان يكون نواة لعهد وطني أو وثيقة دستورية تتحمل البناء عليها بتفاصيل

يتوافق عليها العراقيون كما توافق عليها علماؤهم،ولست مغاليا في القول ان قلت ان لا احد يعدو أبعد من العلماء لاسيما اذا كانوا ممن لايطمعون بمنصب ولاجاه بل ان شغلهم الشاغل حياة العراقيين وتبصرتهم بطريق الخلاص.





لتوقيت البيان مهمة لاتخفى على متابع للشان العراقي الشائك والعصيب فبعد صمود المعتصمين في ساحات العزة والكرامة العراقية في محافظات العراق بشتائها البارد وصيفها اللاهب ورمضانها الذي استطاعت هذه الساحات ان تجمع العبادة مع الرباط وان تجمع التحدي مع الاصرار وان تثبت للعالم ولخصوم هذه الساحات ان ما خرج من اجله العراقيون واجب التحقيق ولا عودة الا بعد الحصول عليه وبايد عراقية.





فبعد صعود المتسلقين ومحاولة السياسيين المنخرطين بالعملية السياسية تجيير التظاهرات لصالحهم لتحسين شروط تفاوضهم وانكشاف ظهورهم وهم ينكصون عن وعودهم مهرولين لخطب ود من وصف التظاهرات بالنتنة ووصف المتظاهرين بالفقاعة كان لابد من بيان استئناف للحركة يبين ان الطريق الذي اختاره الشعب العراقي برفضه الحكومة ودستورها كان خيارا صحيحا لارجعة عنه وهو ما أكده البيان بتحميل الحكومة الحالية ودستورها الأعوج مسؤولية ما يجري على العراقيين من ضيم وظلم وقهرواقتبس من نص البيان صياغته التي جاءت بليغة، بلغة يفهمها العالِم ويستوعبها المواطن البسيط فهو يقول(العملية السياسية بأسسها القائمة ودستورها الحالي مسؤولان عما لحق بالعراق والعراقيين من تداعيات أضرت بواقع العراق ووحدته ومستقبله في شتى الميادين، وهما بهذا النحو غير صالحين أبدا للانتقال بالعراق إلى بر الأمان وناصية الخلاص، وأي عملية سياسية يراد لها النجاح لابد أن تتجنب منهج المحاصصات الطائفية والعرقية، وأساليب الإقصاء والتهميش، وأن تتوخى العدل والإنصاف.


كما أن أي دستور يجب أن تتمثل فيه الإرادة الصادقة والحقيقية لجميع أبناء الشعب من دون تمييز) جاء ذلك في المحور الأول الذي جاء تحت عنوان الأسس والثوابت بعد التأكيد على سيادة ووحدة وهوية العراق بلغة رصينة بعيدة عن الحشد الطائفي والتحاصصي الذي تناولهما البيان بتبيان حرص الساسة عليهما كاشفا للعراقيين عن سر بقاء أمثال هؤلاء على راس السلطة وماهم الا تجار طائفيون استقدمهم المحتل لتنفيذ مشروعه.

أفصحت محاور البيان عن وضوح الرؤية لدى العلماء الموقعين عليه فلم يتحدثوا عن لافتات ولا شعارات مستهلكة وانما قصدوا ببيانهم تحديد الخلل بكل جوانبه السياسية والأقتصادية والاجتماعية بسلطتيه التشريعية والتنفيذية، ولو أردت أن أضع عنوانا جامعا لما احتواه البيان لقلت تحديد رؤية محيطة بزوايا المشهد العراقي وتحديد طريق الخلاص، وهذا بالضبط ما تحدث عنه المحور الثاني في البيان والذي جاء بعنوان الأوضاع الحالية والمستجدات بفقراته الثلاث (حوادث التفجير،

الاعتقالات والتهجير،والفساد الاداري والمالي) ولو أننا دققنا في هذه المحاور لوجدنا انها تمثل العمود الفقري الذ تستند اليه العملية السياسية الحالية في العراق فالتفجيرات التي أوضح البيان انها تطال العراقيين من دون تفريق بين مكون واخر وبين مواطن من هذه الجهة أوتلك انما تصب في صالح السياسيين الذي أصروا خلال هذه السنوات على ادراج العراقيين في دوامة العنف لضمان بقائهم على راس سلطة بعيدة عن محاسبة الشعب من جهة ولتوفر لهم اعتقال من يشاءون اعتقالا طائفيا مؤسسا لمشاكل مستدامة عبر نزاعات ثارية يغذيها المخبر السري الذي اعتمدته الحكومة الحالية دليلا لادانة اي عراقي يختاره هذا المجهول ليودعه في السجون التي تغص باعداد ضخمة من المعتقلين لا لشيء سوى انهم عراقيون رفضوا المحتل ومخرجاته.




اذن التفجيرات والاعتقالات التي تطال العراقيين متلازمتان تصر هذه الحكومة على تنفيذهما بدقة متناهية ولا ابالغ بالقول أن اهتمامهم ينقسم بين تنفيذ التفجيرات واعتقال المواطنين وبين الفساد الإداري والمالي الضارب باطنابه في البلاد ليفوق جموع الفاسدين على مر التاريخ وربما لن يأتي بعدهم من هو أكثر شراهة وجرما ووحشية وفسادا في المستقبل.




ولكي تكتمل صورة البيان بثلاثيته الرائعة الرؤية والاحاطة والخلاص كان المحور الثالث عن اشادة هذه الكوكبة المباركة من العلماء الأجلاء بساحات اعتصام العراقيين في المحافظات الثائرة منذ تسعة أشهر والإشارة بالتاييد لمظاهرات الجنوب ذلك الصوت العراقي الأصيل الذي تحاول العملية السياسية خنقه وكتم صوته لكن أصالته تأبى الا ان تصدح بما يريده العراقي من خلاص وهنا تكتمل الصورة ببعدها الثالث الحاضر في قلوب العراقيين والظاهر في تظاهراتهم من أقصى أعالي الموصل وحتى جنوب البصرة


فليس من الانصاف مغادرة خبر العائلة العراقية البصرية ابن الحيانية الذي خرج متظاهرا بعائلته في مظاهرة لم تضم غيرهم بسبب قطع الطرق ليكون تظاهره شاهدا على تكميم الأفواه ومحاولات الخنق المستمرة على ابناء الجنوب تماما مثلما يسلط سيف المادة اربعة ارهاب على محافظات الوسط والشمال.

بقي ان نقول ان توافق العلماء نبراس ينير درب العراقيين ودفقة استئنافية يفيد منها من توانى من طول الطريق ويستلهمها الناشطون والكتاب والاعلاميون بصياغة الفكرة بوضوح يسهل تداولها بين ابناء العراق لاسيما ان البيان تحدث عن وحدة العراق وسيادته وهويته الجامعة لكل العراقيين وان ما يجري على أرض العراق يستهدف كل العراقيين فلابد من الجميع البدء بخطوة استئنافية جامعة بعيدة عن الطائفية


والمحاصصة والتلون بحسب النفعية فالعراق قلب الأمة ربما يضعف وهذا وارد في الجسد الحي لكن التاريخ كان شاهدا على قيامه طودا شامخا يتحدى الأعادي لافظا كل المتسلقين والخونة والمرجفين فليس أمام العراقيين سوى عراقهم وليس لهم بعد الله سبحانه وتعالى الا اخوتهم الجامعة بين ابن البصرة الفيحاء وابن الموصلالحدباءوالله أسأل ان تحوزكلماتي موافقة العلماء وفهم العراقيين الاصلاء ولا يهمني بالمرةتخرصات غيرهم.