![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ("مَن يَهْدِ اللـه فَهُوَ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً")، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم عبده وخاتم انبيائه ورسوله،
كثيرا ما تساءل غير المسلمين في أي شيء يعجزهم القرآن فملأوا الدنيا صراخا وعويلا ليلبس الصخب على الفكر ويضطرب بعض المسلمين إذ كيف يقابل إفك الأفاكين، ولهؤلاء أقول مهلا يا أهل زمان فتن كقطع الليل المظلم، مازال لدينا ما إن تمسكنا به لن نضل بعد رسولنا صلى الله عليه وسلم أبدا، وأذكركم بقول ربنا لكليمه حين رأى عظم الكيد ("لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى، وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا")، ولقد آثرت أن أشارك هنا ببعض المفاهيم عما دار على ذلك من شبهة كي نتعرف سويا على عزة وصلابة ديننا وصدق قول ربنا وما بلغه رسولنا، ولم تأتي الشبهة إلا عن الجهل بالمراد وما يعنيه الإعجاز، فقيل ماذا يفيد إعجاز لغة القرآن ولا يفهمها غيرهم؟، وأي منهج تتطلبه المثلية ويشهد للقرآن بالإعجاز على لغته؟، وماذا يشهد للإعجاز وقد عارض العلم في جل معارفه؟، أما عن الإعجاز اللغوي للقرآن وغير العرب فأنا للحقيقة لا أفهم كيف يعلن السذاجة من يتباهي بالعقل، فهل ينفي مثلا ضوء الشمس رجل أعمي؟، فإن حكم به صاحب الرؤية ألزم به الأعمى وإن لم ينفعه، والقرآن لا يطالب من لا يملك أدوات لغته أن يؤمن عليها ويطالب بالإيمان عليها من عرف أو يزعم تمكنه منها، فإن أعجز عليها ألزم بالشهادة له، أما منهج المثلية التي يطلبها من الجن والإنس، فلزوم الهدف، وإحكام اللغة، وضمان صدق المعرفة، وصلاح التشريع، والالتزام بالبرهان، على أي لغة يجتمعون أو يختلفون، فليعمل أهل أي لغة على مماثلته وفق إعلان منهجه إذ لزم هدفه ("هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ") وأحكم لغته ("لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ") فلا يخرج عن مراده كل معنى صحيح يفهم منه عليها ("وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا") فلا يزاد فيه أو ينقص منه إلا مال أو اعوج، وضمن صدق معارفه ("لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ")، وصلاح تشريعه ("لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا")، والتزم بالبرهان ("ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ") ليشهد بيانه في زمانه ومن بعده بالحجة على كل زمان، وتأكيد تحققه وقد إلتبس على الكثيرين من المسلمين يضمنه الله عز وجل ("كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ")، ولأنني هنا أستعرض من خلال آرائي وخبراتي الخاصة ما يدور على ذلك من شبهة فسأستطرد حتى يعارضني صاحب تساؤل أو مفهوم يستوضح أو ينتقد به قولي، ولننظر الآن لآية دارت حولها الشبهات كمثال يتحقق عليه قولي، من قول ربنا عز وجل ("الـم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ")، لعل الكثيرون من المسلمين استشهدوا بتلك الآية لإثبات نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحة ما أخبر به عن ربه، فجاءت أول شبهة على قراءة ("غلبت"، "غلبهم") بالضم لكليهما أم بالفتح، وقراءة ("سيغلبون") بضم الياء أم بفتحها، إذ أن مفهوم التنبأ يتغير بكل قراءة فيكون بغلبة الروم على الفرس من بعد غلبة الفرس على الروم في أدنى الأرض، أو غلبة المسلمين على الروم من بعد غلبة الروم على الفرس في أدنى الأرض، وقبول الكلمات للمعنيين وقراءة المسلمين على القرائتين يشهدان بإحكام الاستخدام وحقيقة القول بنبؤتين في آية واحدة على كل معنى صحيح لها، وقد دل استخدام الله عز وجل لتلك الكلمات تحديدا على ما فات على بعض المتقدمين بأن الغلبة لا يلزمها نشوب معارك حربية أو استخدام للقوة في كل مواطنها، فإشارة الله عز وجل لمواطن الغلبة ("فِي أَدْنَى الأَرْضِ") تجمع كل معاني الغلبة حيث يفرض الغالب سلطانه طوعا أو كرها حربا أو سلما، وعليه فأدنى بمعني (أقرب) تصلح لجهة المغلوب والغالب حيث يقفان عند أقرب موطن لكليهما تعذر أو توقف بعده الغالب عن متابعة المغلوب، وبمعنى (أخفض) تصلح وصف لم يكن معلوم عن أحد مواطن تلك الغلبة، ويبقى الرد على معارضة القرآن لجل معارف العلم أبدأه إن شاء الله لاحقا، حيث لدينا الآن شبهات تتطلب التعليق وتطلق عنان النقد، أعرضها لأستزيد فهما فيما غاب عني وليشتد عضدي بفهم اخوتي، فمرحا بالإلحاد وشاكلته إذ ردونا إلى علوم ديننا لننهل منها، فإن يخرج منهم عنا جاهل يولد فينا ألف من العلماء ويزيد الله ما يشاء، وإلى متابعة إن شاء الله عليه التوكل وهو المستعان ،،، |
#2
|
||||
|
||||
![]()
جزاك الله خيرا
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() |
#4
|
|||
|
|||
![]()
الأخوة الكرام سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،
لقد تعرضت في محاورتي هذه أولا لمنهج إعجاز القرآن بما يعجز الجن والإنس وليس لغير المسلمين فحسب فأهلا بمن يتصدى، وأردفتها بمثال معجز من آيات القرآن من سورة الروم، واحتوائها على نبؤتين على معنيين لها وتحققتا، كما أشرت إلى أن (أدنى) في الآيات يصح استخدامها على كل معني صحيح لها على اللغة، فصحت بمعنى (أقرب) لجهة الروم والفرس والمسلمين عند غلبة كل منهم، كما صحت بمعنى (أخفض) كوصف لأحد مواطن تلك الغلبة وهي منطقة البحر الميت بفلسطين وهى أخفض بقاع الأرض، لا يعنيها كيفية تحقق تلك الغلبة فيها طوعا أم كرها حربا أم سلما فتحقق الغلبة فيها ثابت لا ينفيه حدوث أو عدم حدوث معركة حربية فيها، وهو ما اختلط على بعض المسلمين إذ اقتصروا الغلبة على معنى الهزيمة الحربية وتشبسوا بها، والقرأن يقول ("فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا") فالغلبة ثابتة وفي أدنى الأرض سواء بمعنى أقرب أو أخفض أو أي صحيح لمعناها، والآن إلى شبهة زمن نزول الآيات، حيث جاء في الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنها نزلت يوم بدر وهو ما ينفي نبؤة من نبؤتين قد أخبرت عنهما ومعه ينتفي ما استشهدت به من أن القرآن ضامن لصحة كل معنى صحيح على لغته ويبطل أحد قرائتى المسلمين الثابتة للآيات، وإن كان لا ينفي عليه نبؤة غلبة المسلمين على الروم في أدنى الأرض والتي تحققت زمن عمر رضي الله عنه واستكملت من بعده، ولكن الباطل يغفل وجه الحق ليعزز باطله، ولكن يأبى الله ("بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ")، وإذ أتعرض لهذه الشبهة وأبحث الرد عليها فدافعي هو كشف الحق أمامنا كمسلمين وليس للتعصب بمناصرة الباطل على الحق ليعلم الذين كفروا بأننا قوم نعبد ربنا على الحق وهو نصيرنا فإن غاب عنا هنيهة فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، وللحقيقة قد بحثت في الحديث الصحيح لأبا سعيد رضي الله عنه والأحاديث الصحيحة التي تدفعه وترجع زمن نزول الآيات إلى الزمن المكي، وسأعرض منها ما صححه أو حسنه الألباني فقط مع التنويه أن هناك رويات غيرها تدخل في معناها منها الصحيح والحسن والضعيف وتختلف مصادرها ومحدثيها أغفلتها كي لا أطيل فمن شاء بحث فيها أو عرضتها عليه، 47272 - لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس ، فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت : ( آلم . غلبت الروم ) - إلى قوله - ( يفرح المؤمنون ) . ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2935 خلاصة الدرجة: صحيح 43191 - في قول الله تعالى { الم غلبت الروم في أدنى الأرض } قال غلبت وغلبت كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإياهم أهل الأوثان وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل الكتاب فذكروه لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما إنهم سيغلبون فذكره أبو بكر لهم فقالوا اجعل بيننا وبينك أجلا فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل أجلا خمس سنين فلم يظهروا فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا جعلته إلى دون قال أراه العشر قال قال سعيد والبضع ما دون العشر قال ثم ظهرت الروم بعد قال فذلك قوله تعالى الم غلبت الروم إلى قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله قال سفيان سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3193 خلاصة الدرجة: صحيح 43195 - لما نزلت { الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين } فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لأنهم وإياهم أهل كتاب وفي ذلك قول الله تعالى ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر الصديق يصيح في نواحي مكة الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين قال ناس من قريش لأبي بكر فذلك بيننا وبينكم زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين أفلا نراهنك على ذلك قال بلى وذلك قبل تحريم الرهان فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم بيننا وبينك وسطا تنتهي إليه قال فسموا بينهم ست سنين قال فمضت الست سنين قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي بكر فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين قال لأن الله تعالى قال في بضع سنين قال : وأسلم عند ذلك ناس كثير . الراوي: نيار بن مكرم الأسلمي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3194 خلاصة الدرجة: حسن من خلاصة بحثي تبينت أن حديث أبا سعيد رضي الله عنه تفرد به أما حديث بن عباس فقد وافقه غيره، ولا يعني هذا قدحا في أبي سعيد رضي الله عنه أو الرواة أو المحدثين عنه ولكن تتبعا للحقيقة، وسأتعرض إلي صاحبي الحديثين أبا سعيد الخدري وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما حيث أنهما الأكثر شهرة، من المؤكد أن أبا سعيد رضي الله عنه لم يحضر (بدر) فقد رد في (أحد) وهي الأقرب للمدينة من بدر ووقعت بعدها وذلك لصغر سنه، وكذلك لم يحضرها بن عباس رضي الله عنه وهو أصغر من أبا سعيد ببضع سنين وهو لم يفطن أيضا الزمن المكي حيث ولد قبل الهجرة بما يقرب من ثلاث سنوات، إذن فمعارف الصحابيين الجليلين خلت من معايشة الحدثين وبنيت على المعاصرة ومخالطة المعايشين لهما، والخلاف واضح بين روايتيهما في زمن نزول الآيات، فهناك لبس في نقل أحد المحدثين لرواية أبا سعيد أو وقع له نفسه، حيث أن حديث بن عباس يسرد أحداث لا يمكن لأي لبس في كلماتها أن يغير مضمونها بينما حديث أبا سعيد لو تحولت فيه كلمة "فنزلت" إلى (فقرأت) لصارت في سياق حديث بن عباس والذي تسانده التواريخ الزمنية وشهرة ما يساند قوله من غيره، وأيضا سياق الأزمنة في الآيات، نحن نجل أبا سعيد والرواة والمحدثين الثقات وإنما لا نعصم أي منهم من الخطأ أو السهو أو النسيان إن وجد ما يدفع حديثهم فنحن لا ننكر صحيح وإنما ندفع صحيح بصحيح تؤيده الحجة عليه، وإلى متابعة إن شاء الله لآخر تساؤل بدأت به في مداخلتي الأولى عما يقال من معارضة القرآن للعلم... |
#5
|
|||
|
|||
![]()
الأخوة الكرام سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،
أتابع إن شاء الله إحكام آيات القرآن وما يدعيه الجهلة بمعارضته جهلهم أو إغراضهم والذي يسمونه علومهم، وساتعرض لآية من القرآن دارت حولها أيضا الأقاويل ومن بعض المسلمين وليس قولي هنا للترجيح أو النفي وإنما لأخذ الآيات إلى سياقها الظاهر من لغتها فأنا أجد أن اللغة والمعارف والتشريعات يصنعون مثلث الإحكام في القرآن على هدف من نزوله وبراهين على صحته، وأن لهؤلاء الثلاثة باطن يستدعي الإستنباط، ولكنه استنباط خاص بالعلماء من المؤمنين وأسأل الله العلم ولا أدعي أني منهم، فإن لم يظهر الباطن لا يصلح أو يرجى إلا للمؤمنين إذ أن الكافرون يكفرون بما هو ظاهر من الآيات فماذا يصنعون مع بواطنها؟، أنا لست ماهر باللغة أو محيط بكل المعارف أو فقيه بالتشريعات ولكني اتبع منهج الإحكام على منطق الشمول لما يصح فهمه من الإستخدامات، والآن إلى قول الله عز وجل، ("أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ")، والله لو أن تلك الآية وحدها نزلت لكفت لإيمان من في الأرض جميعا ولكن صدق الله قوله في الظالمين ("وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ")، وما كان استدلال البعض من المسلمين بتلك الآية على صحة الإسلام ومضاهات أحد مفاهيمها مع نظرية الإنفجار العظيم أو الكبير التي تتردد الآن في أوساط الماديين إلا كبسط اليد إلى الماء، فكلما توصل جهد علماء أي من العصور من غير المسلمين إلى أي معرفة ووجدها بعض المسلمين توافق القرآن أنكرها عليهم غيرهم بحجة لو أن القرآن يقصدها لتوصل إليها المسلمون أولا، فتستخرج أمهات الكتب وينقب عن التفاسير لضحض ما قيل، والعجيب أنه إذا قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالعلم قالوا أخذه عن أحد أو علمه بشر وإذا علموه بأنفسهم ووجدوه عنده قالوا لما لم يصرح به لو كان يقصده!!، فاستشهدوا بحال المسلمين على القرآن بينما القرآن شاهد على الجميع، وما وجد غير المسلمين من حق يوافق قول قرآن المسلمين إلا لتصديق قول الله عز وجل ("سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ")، وعودة إلى الآية وما أثير حولها، فاستشهاد المنكرين ببعض التفاسير التي تسير وفق أهوائهم وإغفالهم ما يقابلها وإن جاءت عن نفس مصادرها، يؤكد تعمد اللغو وليس البحث عن الحقيقة ومثال ذلك قول بن كثير رحمه الله في تفسير تلك الآية عن بن عباس رضي الله عنه "وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن أبي حمزة ، حدثنا حاتم ، عن حمزة بن أبي محمد ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر; أن رجلا أتاه يسأله عن السماوات والأرض ( كانتا رتقا ففتقناهما ) ؟ . قال : اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ، ثم تعال فأخبرني بما قال لك . قال : فذهب إلى ابن عباس فسأله . فقال ابن عباس : نعم ، كانت السماوات رتقا لا تمطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت . فلما خلق للأرض أهلا فتق هذه بالمطر ، وفتق هذه بالنبات . فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره ، فقال ابن عمر : الآن قد علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علما ، صدق - هكذا كانت . قال ابن عمر : قد كنت أقول : ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن ، فالآن قد علمت أنه قد أوتي في القرآن علما"، فتطاير المنكرون هذا القول على أن فتق السماء بالمطر والأرض بالنبات وتعمدوا إغفال قول بن كثير نفسه في تفسيره للآية "ألم يروا ( أن السماوات والأرض كانتا رتقا ) أي : كان الجميع متصلا بعضه ببعض متلاصق متراكم ، بعضه فوق بعض في ابتداء الأمر ، ففتق هذه من هذه . فجعل السماوات سبعا ، والأرض سبعا ، وفصل بين سماء الدنيا والأرض بالهواء ، فأمطرت السماء وأنبتت الأرض; ولهذا قال : ( وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) أي : وهم يشاهدون المخلوقات تحدث شيئا فشيئا عيانا ، وذلك دليل على وجود الصانع الفاعل المختار القادر على ما يشاء" فكلام بن كثير بأن الجميع كان متصلا بعضه ببعض متلاصق متراكم ومادام هناك فصل بالهواء بين السماء والأرض فكان هناك إلتصاق، ولكن هل يتعارض قول بن كثير مع ما قاله بن عباس؟، للحقيقة لا يتعارضان وكلاهما صحيح، وهذا وجه رد الشبهة في قول المنكرين لماذا يوجه الله الكافرون لرؤية ما لم يكن متاح رؤيته لهم، فقول بن عباس هو رؤية أهل زمانه وقول بن كثير رؤية أهل زماننا وفي كلا الرؤيتين آية، أنا هنا لا أرجح قول القائلين بموافقة القرآن لنظرية الإنفجار الكبير أو العظيم على علوم زماننا فما كنت لأحكم على القرآن بعلوم البشر ولكن أتابع صحيح المفهوم على الاستخدام من قول القرآن فإن صح قول النظرية للمفهوم منه صحت هي وليس العكس وما أراها إلا موافقة له وإن تخلى عنها قائليها، فهي تتوافق وقول الله عز وجل ("وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ")، فرفع السماء كان عن الأرض وكان لازما لخلق الحياة عليها فالفتق يأتي في الشيء وعنه، والآن إلى جزء الآية الثاني فلا أدري كيف يدفعه المنكرون وقد أعلنها القرآن صريحة بأن الله جعل من الماء كل شيء حي، فلم يتسائلوا للحظة بعيدا عن الحقيقة الملموسة كيف لرجل قطن الصحراء وأكثر ما اتهموه به أنه اخذ عن علم أهل زمانه تعلما أو ترحالا، أن يجعل دينه ودعوته وكل من آمنوا به بعده تحت وطأة التحقق في كل مكان وزمان من تلك الآية؟ وها هو الزمان يتعاقب والأماكن تتبدل وتتزايد وقد اكتشفت من بعده بلاد لم تعرف في زمنه وصعد الإنساء إلى الفضاء، ووطأت أرضا حارة وأخرى متجمدة ثلجية فلم توجد حياة إلا وعمادها الماء وإن لم يوجد الماء لم يوجد دليل على الحياة، والآن سيخرج علينا من يقول بإمكاني قول كذا فلا يخرج عن الحقيقة في كل زمان ومكان فنقول له قل كما شئت ولكن ائتي بشيء لم يخبر عنه الله ثم احيا لترى ثبات صحته بعد مائة عام فقط إن استطعت فإن لم تفعل فحديثك ضرب من الهزيان، |
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|