منتدى السنة للحوار العربى

منتدى السنة للحوار العربى (https://www.alsonah.org/vb//index.php)
-   موضوعات عامة (https://www.alsonah.org/vb//forumdisplay.php?f=34)
-   -   نظرة في سورة الهُمَزةِ/د.عثمان قدري مكانسي (https://www.alsonah.org/vb//showthread.php?t=31417)

Nabil 2012-04-12 08:06 PM

نظرة في سورة الهُمَزةِ/د.عثمان قدري مكانسي
 
[b][font="arial"][color="green"][center][size="6"]نظرة في سورة الهُمَزةِ

الدكتور عثمان قدري مكانسي[/size][/center][/color]

[right][size="5"][color="blue"]قال العلماء : الويل وادٍ في النار يسيل من صديد أهلها وقيحهم ، وهو – بمعنى عام – العذاب الشديد – نعوذ بالله تعالى منه أياً كان ولا أحِبُّ أن أتصوره فليس لنا به طاقة. فهو العذاب بعينه وقد قيل إن حجارته تتعوّذ منه. نسأل الله العفو والعافية .
ولكنْ لِمَنْ أُعِدّ هذا الوادي أو هذا العذاب ؟
يقول تعالى : إنه أُعِدّ للهمّاز اللمّاز { [color="green"]ويل لكل هُمَزة لُمَزة[/color] }.
اختلف المفسّسرون في تعريف الهُمزة اللمَزة ‘ فقال بعضهم :
الهُمَزة : من يأكل لحوم الناس بالغِيبة والنميمة ومن يطعنهم باليد وباللسان .
اللُّمزة : من يحرك عينه مشيراً بتهكم أو يطعن أنسابهم بلسانه .

وأظنّ الهُمَزة واللمَزة يتعاوران ما ذكرَ المفسرون من إيذاء باللسان والعين فقط ، بينما أخواتهما من ( الوكز واللكز والنكز ..) إيذاء باليد والعصا وغيرهما ، يضاف إليها (اللكم واللطم واللخم..).
من صفات الهُمَزة اللُمَزة الذميمة التي أدت إلى الويل والعذاب جمعُ المال بكل الوجوه حلالِها وحرامِها ، سلبِها ونهبها ، بيعها وشرائها ، أتاواتها ومكوسِها. فالمُهمُّ عند صاحبها الجمعُ كيفما كان وحيثما اتفق.
يضاف إلى ذلك البخلُ والشح ، ومَن جمَعَ المالَ بكل الطرق لا ينوي صرفه فيما يريد الله تعالى بل يتلذذ بِعدّهِ والاحتفاظ به ، لهذا قال تعالى { [color="green"]الذي جمع مالاً وعدّده[/color] } وهذا يذكرنا بقوله سبحانه : { [color="green"]جمع فأوعى[/color] } والمعنى هنا وهناك مؤداه واحد، من تكديس الأموال والتمتع باحتوائها وتكثيرها. ويحضُرنا قوله صلى الله عليه وسلم في النعي على أمثال هؤلاء :
" [color="magenta"]ما من يوم طلعت شمسه إلا وبجنبيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم غيرَ الثقلين: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم إنّ ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ولا آبت الشمس إلا وكان بجنبيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلقُ الله كلهم غيرَ الثقلين : اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا [/color]".
رواه المنذري في الترغيب والترهيب.

ومن صفات الهُمَزة اللُّمَزة أنه ينشغل بجمع المال عن الموت والدار الآخرة ، فيحسب أنه خالد في الدنيا ، فيعمل لها غافلاً عن النهاية التي تسرع إليه كما غَيَّبتْ أسلافه وستغيِّب أخلافه.لكنه الحرصُ على الدنيا والانشغالُ بها يَعمي القلوب ويَذهب بالأبصار.
ثم تأتي كلمة ( [color="green"]كلا[/color] ) التي تقرع الأسماع وتتهز القلوب خوفاً وفزعاً لتنبه بقوة وإلحاح إلى الحقيقة التي يتناساها الغالبية البشرية عماية وجهلاً :
{ [color="green"]إن الإنسان ليطغى[/color] * [color="green"]أن رآه استغنى[/color] * [color="green"]إنّ إلى ربك الرجعى[/color] } .
فماذا بعد { [color="green"]كلا[/color] }؟ إنها الجملة التي تعصف بالالباب :
{ [color="green"]ليُنْبَذنّ في الحُطمة[/color] } .
إن ( النبذ) إلقاءُ المرء محتقراً منبوذاً في مجاهل النار المحرقة التي تَحْطِم الضلوع وتأكل العيون والآذان والأيدي والرؤوس ، وتذيب الصخر والجماد. وما سميت { [color="green"]الحُطَمة [/color]} إلا لأنها تكسر كل ما يلقى فيها وتحطمه وتهشّمه .
فما هذه النهاية المخيفة التي يتناساها الناس ويغفلون عنها ؟!
إنها والله لَنهاية بئيسة مرعبة ومفزعة.

وتزداد وتيرة الخوف والهلع بصيغة الاستفهام { [color="green"]وما أدراك ما الحُطمة[/color] }؟ وهذا الأسلوب الاستفهامي يتكرر في كثير من سور القرآن لبيان فداحة الأمر وشدة كربه: { [color="green"]وما أدراك ما الحاقة[/color] }، { [color="green"]وما أدراك ما يوم الدين[/color] } .. ويجيب القرآن بأسلوب مَهُولٍ تقشعر له الأبدان وتهتز له النفوس : { [color="green"]نار الله الموقدة[/color] } لم يوقدها بشر ولا ملَك ولا مخلوق مهما جل شانه وعظُمت مكانته ،ولا تنتسب إلى ناقص وضعيف إنها نار الله الموقدة . وقد تخف النار وتضعف إلا نارَ الله تعالى التي تأكل الأجساد وتصل إلى القلوب فلا تأكلها بل تعود الأجساد كما كانت ليبدأ العذاب من جديد . أتدرون السبب ؟ إن القلب إذا أكلته النار مات صاحبه وارتاح من العذاب ، والكفرة أصحاب النار خالدون فيها لا يُفَتّر عنهم العذاب .
ولا مهرب من جهنم ولا خلاص لأعداء الله منها . وأين الهروب ؟ { [color="green"]إنها عليهم مؤصدة[/color] } وإيصاد الباب دون فروج ولا منافذ . لا هواء بارداً يخفف عنهم حرها مغلقةٌ إغلاقاً محكماً يزيد في الكمد والحزن المتنامي .. قد سُدّ عليهم كلُّ أمل في النجاة { [color="green"]مؤصدةٌ في عَمَد ممددةٍ[/color] } .

يذكر القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية، فيقول:
في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( [color="magenta"]ثم إن الله يبعث إليهم ملائكة بأطباق من نار , ومسامير من نار وعمد من نار , فتطبق عليهم بتلك الأطباق , وتشد عليهم بتلك المسامير , وتمد بتلك العمد , فلا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح , ولا يخرج منه غم , وينساهم الرحمن على عرشه , ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم , ولا يستغيثون بعدها أبدا , وينقطع الكلام , فيكون كلامهم زفيرا وشهيقا ; فذلك قوله تعالى : [/color]{ [color="green"]إنها عليهم مؤصدة[/color] * [color="green"]في عمد ممددة[/color] }) .

وقال قتادة : { [color="green"]عمد[/color] } يعذبون بها . واختاره الطبري . وقال ابن عباس : إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم . وقيل : قيود في أرجلهم ; قاله أبو صالح . وقال القشيري : والمعظم على أن العمد أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار . وتشد تلك الأطباق بالأوتاد , حتى يرجع عليهم غمها وحرها , فلا يدخل عليهم روح .
وقيل : أبواب النار مطبقة عليهم وهم في عمد ; أي في سلاسل وأغلال مطولة , وهي أحكم وأرسخ من القصيرة . وقيل : هم في عمد ممددة ; أي في عذابها وآلامها يضربون بها . وقيل : المعنى في دهر ممدود ; أي لا انقطاع له .]

{ [color="green"]فهل من مُدّكر[/color] }؟


[/color][/size][/right][/font][/b]


الساعة الآن »01:06 AM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2025 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة