![]() |
الثورة السورية وتبلد الحس / أبو طلحة الحولي
[B][FONT="Arial"][CENTER][SIZE="6"][COLOR="green"]الثورة السورية وتبلد الحس
أبو طلحة الحولي[/COLOR][/SIZE][/CENTER] [RIGHT][SIZE="5"][COLOR="Blue"]تمضي الثورة السورية في انطلاقتها شامخة بقدر من الله ، لتنتصر في الوقت المقدر من الله العلي القدير .. تمضي الثورة غير ملتفتة إلى تخاذل المتخاذلين ، وتساقط المتساقطين ، وتسلق المتسلقين ، ولا تعطي بالا لأصحاب الفنادق والمؤتمرات التي ظاهرها الابتسامة وباطنها الطعن ، ظاهرها المساعدات الإنسانية وباطنها البراميل المتفجرة .. تمضي الثورة السورية وقد تكفل الله بمكانها وبأهلها ، لا يضرها من خذلها ، أو خانها أو باعها أو تآمر عليها أو أهملها ، أو تركها ... الثورة ماضية ، والحق منتصر ، والإسلام باق ، وهذه أمور لا خلاف عليها ولا شك فيها ، ولكن أين الثوار ؟ لماذا تبلد الحس لدى البعض؟ ولماذا خمدت الحركة والحيوية لديهم ؟ ولماذا خبت شعلة الحماس للعمل في كافة مجالات الثورة ؟ إن تبلد الحس آفة خطيرة إذا تغلغلت في جسد الثورة ، فهي أفتك من السرطان ، فما هي أسباب تبلد الحس لدى البعض من الثوار ؟ 1- سلط الإعلام على الجانب المأساوي في الثورة بشكل كبير جدا ، مع تكراره يوميا على مدى الثلاث سنوات ، حتى ألف الناس المشاهد ، وأصبحت حواسهم تمر عليها بغير انتباه ، فلا يلتفت إلى الجانب المشرق من الثورة ، ولا يلتفت إلى البطولات الكبيرة على يد أطفال صغار .. ولا يلتفت إلى أصوات وحناجر الثائرين وإبداعاتهم ، ولا يلتفت إلى وحدة المشاعر والعواطف والتعاون والإيثار والتضحية .. ولا يلتفت إلى تسابق الشباب إلى مكان تواجد الطائرات التي تلقي بالبراميل والقنابل لتسعف ، لا لتهرب ، ولتتقدم لا لتفر .. 2- يتبلد حس الثائر لان ثورته لم تكن لله ، ولم تكن للالتزام بأوامر الله ، فيتبع هواه ومن ثم يطغى ، فيعتدي على نفسه ، فيستكبر . ويعتدي على الآخرين بالسيطرة عليهم ، فيقيدهم لهواه . 3- يتبلد حس الثائر عند انتقال الكثير منهم من محنة البلاء إلى محنة الرخاء ، فينشغل بالحياة الدنيا ، ومتاعها .. 4- يتبلد حس الثائر لأنه اتبع طريق الغرب ، ونسي طريق الرب ، فظن أن المؤتمرات المكوكية والجنيفية هي التي تنصر ثورته ، وأن أعداء الأمة الإسلامية بيدهم الحل . 5- يتبلد حس الثائر عندما يفتن بحريته وإنسانيته وكرامته فيعتقد أنها من عند نفسه ، وينسى أنها من عند الله . 6- يتبلد حس الثائر عندما ينسى حقيقة وجوده ، وهدفه في الحياة ، وغايته . 7- يتبلد حس الثائر عندما تتنازع الصفوف ، وتتعدد الرؤوس ، { [COLOR="green"]ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم[/COLOR]...(46)}( الأنفال) فيعم الفشل بكافة أنواعه : السياسي والفكري والقتالي والاقتصادي ، ومن ثم تتفكك الثورة وتتلاشى . 8- يتبلد حس الثائر عندما يستعجل قطف الثمرة ، ويبحث عن نصر وهمي ، وبالتالي تغيب أخلاق النجاة كالتجرد والصبر والثبات والتضحية . 9- يتبلد حس الثائر عندما لا توجد لديه مناعة إيمانية وتربوية وفكرية تقاوم أمراض الشرك والجهل والتغريب والعبودية لغير الله . 10- يتبلد حس الثائر عندما يقيس أحداث الثورة بمقاييس مادية بحتة ، ويفسرها بتفسيرات مادية بحتة ، لماذا هذا العذاب والتدمير والموت ؟ وينسى أن الكافر كافر وإن تعددت أشكاله ومذاهبه ، فملة الكفر واحدة لا تفرق بين مسلم ومسلم ، فالوحش والصفوية والصهيونية الصليبية في أمريكا وأوربا وروسيا والصين والدولة المحتلة لفلسطين ( إسرائيل) كلهم يسعون للقضاء على هذه الثورة المباركة . وغيرها من الأسباب .. يتبلد حسه فإذا هو في سجل المتخاذلين ، وفي أسفل سافلين ، تئن الثورة من حمله ، وانتسابه لها . إن تبلد الإحساس وعدم التفاعل مع الثورة السورية ، والتقاعس عن أداء الواجب ، والانتكاسة في فهم الحرية والعبودية ، والتشاؤم من الوضع القائم ، والتنصل من الواجبات والمهام الثورية كلها تصب في خدمة أعداء الأمة الإسلامية ابتداء من الوحش وانتهاء بالدولة المحتلة لفلسطين (إسرائيل) . لقد قامت الثورة بقدر من الله ، ولن تعود إلى الوراء ، فمن استقام وأحسن وسار معها ، سار وسلم وأعانه الله وأيده ونصره ، { [COLOR="Green"]وكان حقاً علينا نصر المؤمنين[/COLOR] } () ، ومن تخلف وانحرف وانتكس وتبلد حسه ، ولم يحسن ، ولم يستقيم ، فالثورة ليست متوقفة عليه { [COLOR="green"]وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم [/COLOR] }(محمد : 38) . فالله سبحانه وتعالى الذي هيأ لنا هذه الثورة المباركة لخدمة دينه ، ورفع رايته ، وإعلاء كلمته ، وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، قادر سبحانه وتعالى على أن يستبدل بنا قوما آخرين في حال وجوعنا عن الإيمان والحق وطاعة الله واتباع شرعه ، في حال رجوعنا إلى العبودية والشرك وعبادة الأصنام البشرية والحجرية والإعلامية . إن النصر لا يأتي بمجرد التمني ، والثورة لا تؤتي ثمارها باللهو والراحة ، ويذكر الإمام الغزالي في كتابه أحياء علوم الدين أن الحسن البصري نظر إلى رجل يعبث بالحصى ، ويقول اللهم زوجني الحور العين ، فقال بئس الخاطب أنت تخطب الحور العين وأنت تعبث بالحصى . فكيف نخطب العزة والحرية والسعادة والتغيير للأفضل والأحسن وبناء الإنسان ، ونحن نلهو بالحصى بل بما هو أسوء من الحصى ، بتبلد الحس ، ورفع القضية إلى أعداء الأمة لحلها ، والانتظار بكل تكاسل وخمول كيفية تقسيم المصالح وتمزيق البلاد وتشريد العباد ... علاج تبلد الحس : 1. توجيه النية لله سبحانه وتعالى ، والإخلاص في كل عمل ، لا يلتفت الثائر إلى رضى الغرب أو الشرق بل يتوجه بجسمه وروحه وعقله وفكره وسياسته وقتاله وسلمه إلى رضى الله وحده سبحانه وتعالى ، شاكرا حامدا ربه على أن جعله من أنصار الثورة ، متواضعا فلا يعتدي على نفسه بالتكبر والإعجاب والغرور ، ولا يعتدي على من معه من الثوار ظلما وسيطرة وعدوانا ، فيستشير ، ويتعاون ، ولا يبالي إن كان في الساقة أو في المقدمة ، فليس هدفه منصب أو جاه أو دنيا وإنما متعلق بالآخرة ، محتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى ، قال صلى الله عليه وسلم " [COLOR="Magenta"]إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك[/COLOR] "(البخاري ومسلم) 2. وحدة الصف ووحدة الكلمة ووحدة الموقف ووحدة التوجه ووحدة البناء ، هذه الوحدة والتكاتف والتعاضد والتعاون والتماسك تجعل النفس يعيش في حركة ونشاط ، فلا خمول ولا تبلد ولا فتور .. وإنما خلية نحل تعمل ليلا ونهارا . 3. عدم استعجال النصر وقطف الثمرة ، والتركيز على انجازات وايجابيات الثورة ، والابتعاد عن تلميع وتكبير الآلام والمآسي ، والتحلي بالثبات والصبر والتضحية والقوة والشجاعة والتعاون . 4. عدم الانشغال بالأمور الثانوية عن الأمور الأساسية ، والانشغال بالقشور عن اللب ، فالهدف واضح وهو إسقاط الوحش وبناء الدولة المسلمة العربية السورية ، فالتركيز على هذا الهدف هو الأصل ، وعدم إشغال الثوار والشعب بأي شيء آخر ، وعدم السماح للغرب أو للشرق أن يجر الثورة إلى معارك هامشية وحوارات ثانوية تطيل من عمر الوحش . 5. جميع الشعب السوري في الداخل والخارج مطالب بالمشاركة في العمل وإن كان قليلا "[COLOR="Magenta"] أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل[/COLOR]" ( البخاري ومسلم ) فالعبرة ليست بكثرة العمل وإنما بالاستمرارية والدوام ، فالثورة ليس منتج له بداية تاريخ وانتهاء كالأشياء المعلبة ، بل هي ثورة لها جذور ممتدة في أعماق التاريخ ، لا تقف عند زمن محدد ، بل هي ماضية إلى قيام الساعة " [COLOR="Magenta"]إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة[/COLOR] "(الألباني في فضائل الشام ودمشق) 6. الجهاد في سبيل الله بكافة أشكاله : جهاد الكلمة ، جهاد الفكر ، جهاد التخطيط ، جهاد الاستعلاء ، جهاد السياسة ، جهاد المعركة ، جهاد الإعلام ، جهاد الوحدة ، جهاد القدوة ، جهاد المال ، وكل على قدر استطاعته ، فلا تقاعس ولا فرار ، ولا انهزاميه ، وإنما جهاد واستشهاد . 7. ترويض النفس وتهيئتها دائما على الاستمرارية ، وقبول التحديات وتجاوز العقبات والتأقلم مع مراحل الثورة ، واستيعاب متطلباتها حتى لا ينخر التبلد في جسد الثورة والثوار ، وذلك بتقوية المناعة الإيمانية والتربوية والفكرية ، 8. التذكير الدائم بأننا بشر ، لا يملك الإنسان لنفسه ضرا ولا نفعا ، وأن الأمر كله لله سبحانه وتعالى ، وأن قدرة الله عز وجل وعظمته فوق كل قدرة .. فيعود الإنسان إلى ربه ، ويخشع قلبه ويستسلم لله سبحانه في كل أمور حياته ، فيما يحب وفيما يكره ، فالشكر والحمد لله المنعم الغني والمغني والرزاق في حالة الرخاء والصبر والحمد لله الرحمن الرحيم الشافي الصبور في حالة الشدة . إن الشمس هي التي تشرق كل يوم وليس المريخ أو المشترى أو زحل .. والشمس هي التي نراها في السماء فتذكرنا بقدرة الله العلي القدير ، وتذكرنا برحمة الله على عباده والذي لو شاء سبحانه لجعل الليل سرمدا أو النهار سرمدا .. تشرق الشمس كل يوم فنرى من خلالها تنفس الصباح ، وتدفق المياه ، وتفتح الورود واخضرار الأشجار ، وجمال الجبال والوديان والهضاب والتلال ، فتمتلئ النفوس بالحياة ، وتدب في الأرض الروح والحيوية والحركة ليعيش كل كائن حياته وكل مخلوق طموحاته . والعلماء هم شمس البشرية ، وهم الأصل في قيادة الشعوب ، وسلطتها الشرعية هي أقوى السلطات ، والثورة بحاجة إلى قيادة ، وعندما يتولى العلماء عن السير في ركب الثورة وقيادتها يستبدل الله قوما غيرهم ، وتتحقق النذارة الرهيبة كما سيد قطب ، ويتحقق بيان الاستغناء كما سماه الرازي .{[COLOR="Green"] إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِل قَوْمًا غَيْركُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير[/COLOR] (39)}( التوبة). عن موقع رابطة أدباء الشام[/COLOR][/SIZE][/RIGHT][/FONT][/B] |
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . كل العالم مع الثورات إلا ثورات المسلمين فكل العالم ضدها. |
الساعة الآن »07:37 AM. |
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2025 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة