منتدى السنة للحوار العربى

منتدى السنة للحوار العربى (https://www.alsonah.org/vb//index.php)
-   موضوعات عامة (https://www.alsonah.org/vb//forumdisplay.php?f=34)
-   -   تفسير سورة التكاثر (https://www.alsonah.org/vb//showthread.php?t=52335)

حسين شوشة 2014-12-25 12:39 AM

تفسير سورة التكاثر
 
[SIZE="6"]بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق

بأن سورة التكاثر من أهم و أعظم سور القرآن الكريم لما تشتمل عليه من مواعظ ووعد ووعيد
:بسم الله الرحمن الرحيم

يقول جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( ألهاكم التكاثر ( 1 ) حتى زرتم المقابر ( 2 ) كلا سوف تعلمون ( 3 ) ثم كلا سوف تعلمون ( 4 ) كلا لو تعلمون علم اليقين ( 5 ) لترون الجحيم ( 6 ) ثم لترونها عين اليقين ( 7 ) ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ( 8 ) ) .
يقول الامام الطبري

يقول تعالى ذكره : ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم ، وعما ينجيكم من سخطه عليكم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) قال : كانوا يقولون : نحن أكثر من بني فلان ، ونحن أعد من بني فلان ، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم ، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( ألهاكم التكاثر ) قالوا : نحن أكثر من بني فلان ، وبنو فلان أكثر من بني فلان ، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كلام يدل على أن معناه التكاثر بالمال .

ذكر الخبر بذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن [ ص: 580 ] مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن أبيه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يقرأ : ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) قال : " ابن آدم ، ليس لك من مال إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " .

حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، قال : ثنا آدم ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، عن أبي بن كعب ، قال : كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن : " لو أن لابن آدم واديين من مال ، لتمنى واديا ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ثم يتوب الله على من تاب " حتى نزلت هذه السورة : ( ألهاكم التكاثر ) إلى آخرها . وقوله صلى الله عليه وسلم بعقب قراءته " ألهاكم " ليس لك من مالك إلا كذا وكذا ، ينبئ أن معنى ذلك عنده : ألهاكم التكاثر : المال .

وقوله : ( حتى زرتم المقابر ) يعني : حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها ; وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر ؛ لأن الله تعالى ذكره ، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر ، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور وعيدا منه لهم وتهددا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن عطية ، عن قيس ، عن حجاج ، عن المنهال ، عن زر ، عن علي ، قال : كنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت هذه الآية : ( ألهاكم التكاثر ) . . . إلى : ( كلا سوف تعلمون ) في عذاب القبر .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن زر ، عن علي ، قال : نزلت ( ألهاكم التكاثر ) في عذاب القبر .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن الحجاج ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر ، عن علي ، قال : ما زلنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت : ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) .

وقوله : ( كلا سوف تعلمون ) يعني تعالى ذكره بقوله : كلا ما هكذا ينبغي أن تفعلوا ، أن يلهيكم التكاثر .

وقوله : ( سوف تعلمون ) يقول جل ثناؤه : سوف تعلمون إذا زرتم المقابر ، أيها الذين ألهاهم التكاثر ، غب فعلكم ، واشتغالكم بالتكاثر في الدنيا عن طاعة الله ربكم . [ ص: 581 ]

وقوله : ( ثم كلا سوف تعلمون ) يقول : ثم ما هكذا ينبغي أن تفعلوا أن يلهيكم التكاثر بالأموال ، وكثرة العدد ، سوف تعلمون إذا زرتم المقابر ، ما تلقون إذا أنتم زرتموها ، من مكروه اشتغالكم عن طاعة ربكم بالتكاثر . وكرر قوله : ( كلا سوف تعلمون ) مرتين ؛ لأن العرب إذا أرادت التغليظ في التخويف والتهديد كرروا الكلمة مرتين .

وروي عن الضحاك في ذلك ما حدثنا به ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن ثابت ، عن الضحاك ( كلا سوف تعلمون ) قال : الكفار ( ثم كلا سوف تعلمون ) قال : المؤمنون . وكذلك كان يقرأها .

وقوله : ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) يقول تعالى ذكره : ما هكذا ينبغي أن تفعلوا ، أن يلهيكم التكاثر أيها الناس ، لو تعلمون أيها الناس علما يقينا ، أن الله باعثكم يوم القيامة من بعد مماتكم من قبوركم ما ألهاكم التكاثر عن طاعة الله ربكم ، ولسارعتم إلى عبادته ، والانتهاء إلى أمره ونهيه ، ورفض الدنيا إشفاقا على أنفسكم من عقوبته .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) كنا نحدث أن علم اليقين : أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت .

وقوله : ( لترون الجحيم ) اختلفت القراء في قراءة ذلك ; فقرأته قراء الأمصار : ( لترون الجحيم ) بفتح التاء من ( لترون ) في الحرفين كليهما ، وقرأ ذلك الكسائي بضم التاء من الأولى ، وفتحها من الثانية .

والصواب عندنا في ذلك الفتح فيهما كليهما ؛ لإجماع الحجة عليه . وإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : لترون أيها المشركون جهنم يوم القيامة ، ثم لترونها عيانا لا تغيبون عنها .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ثم لترونها عين اليقين ) يعني : أهل الشرك .

وقوله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) يقول : ثم ليسألنكم الله عز وجل عن النعيم الذي كنتم فيه في الدنيا : ماذا عملتم فيه ، من أين وصلتم إليه ، وفيم أصبتموه ، وماذا عملتم به . [ ص: 582 ]

واختلف أهل التأويل في ذلك النعيم ما هو؟ فقال بعضهم : هو الأمن والصحة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني عباد بن يعقوب ، قال : ثنا محمد بن سليمان ، عن ابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، عن ابن مسعود ، في قوله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) قال : الأمن والصحة .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا حفص ، عن ابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، عن عبد الله ، مثله .

حدثني علي بن سعيد الكندي ، قال : ثنا محمد بن مروان ، عن ليث ، عن مجاهد ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) قال : الأمن والصحة .
هذا والله أعلم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


الساعة الآن »09:25 PM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2025 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة