منتدى السنة للحوار العربى

منتدى السنة للحوار العربى (https://www.alsonah.org/vb//index.php)
-   موضوعات عامة (https://www.alsonah.org/vb//forumdisplay.php?f=34)
-   -   هل تريد تجليات الله عليك ؟ (https://www.alsonah.org/vb//showthread.php?t=65249)

ريمه إحسان 2016-02-23 02:08 PM

هل تريد تجليات الله عليك ؟
 
الْقُرْآن كَلَام الله -جَلَّ وعَلَا- وَقد تجلى فِيهِ لِعِبَادِهِ بصِفَاتِه:
فَتَارَةً يَتَجَلَّى فِي صِفَاتِ الهَيْبَةِ وَالْعَظَمَة والجلال، فتخضع الْأَعْنَاق, وتنكسر النُّفُوس, وتخشع الْأَصْوَات، ويذوبُ الْكبر كَمَا يذوب الْمِلْحُ فِي المَاء.
وَتارَةً يَتَجَلَّى فِي صِفَاتِ الْجمالِ والكمالِ، وَهُوَ كَمَالُ الْأَسْمَاء، وجمالُ الصِّفَات، وجمالُ الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات؛ فيستنفدُ حبُّه من قلبِ العَبْد قُوَّة الْحبِّ كلهَا، بحَسَبِ مَا عرفه من صِفَاتِ جمالِه ونعوتِ كَمَالِه، فَيُصْبِح فؤادُ عَبدِه فَارغًا إِلَّا مِن محبته، فإذا أراد منه الغيرُ أن يعلق تلك المحبَة به أبى قلبه وأحشاؤه ذلك كلَّ الإباء, كما قيل:
يُرَادُ مِنَ القَلْبِ نِسْيَانُكُم ** وَتَأْبَى الطِّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ
فتبقى المحبة له طبعًا لا تَكَلُّفًا.
وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان، انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد وانبسط أمله، وَقَويَ طمعه، وَسَار إِلَى ربه, وحادي الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره، وَكلما قوي الرَّجَاء جَدَّ فِي الْعَمَل، كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمَغَل، غلَّق أرضه بالبذر، وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر.
وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعدْل والانتقام, وَالْغَضَب والسَّخَط والعقوبة، انقمعت النَّفس الأمارة، وَبَطلَت أَو ضعفت قواها من الشَّهْوَة وَالْغَضَب, وَاللَّهْوِ واللعب, والحرص على الْمُحرمَات، وانقبضت أَعِنَّةُ رِعُونَاتِهَا فأحضرت المطية حظها من الخوف والخشية والحذر.
وَإِذا تجلى بِصِفَات الْأَمرِ وَالنَّهْي, والعهد وَالْوَصِيَّة, وإرسال الرُّسُل, وإنزال الْكتب, وشرع الشَّرَائِع، انبعثت مِنْهَا قُوَّة الِامْتِثَال والتنفيذِ لأوامره، والتبليغ لَهَا والتواصي بهَا، وَذكرهَا وتذكرها، والتصديق بالْخبر، والامتثال للطلب، والاجتناب للنَّهْي.
وَإِذا تجلى بِصفات السّمع وَالْبَصَر, انْبَعَثَت من العَبْد قُوَّة الْحيَاء، فيستحي ربه أَن يرَاهُ على مَا يكره، أَو يسمع مِنْهُ مَا يكره، أَو يُخفِي فِي سَرِيرَته مَا يمقته عَلَيْهِ، فَتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشَّرْع، غير مُهْملَة وَلَا مُرْسلَة تَحت حكم الطبيعة والهوى.
وَإِذا تجلى بِصِفَات الْكِفَايَة والحَسْب وَالْقِيَام بمصالح الْعباد وسَوْقِ أَرْزَاقهم إِلَيْهِم، وَدفع المصائب عَنْهُم، وَنَصره لأوليائه، وحمايته لَهُم، ومَعِيَّتِهِ الْخَاصَّة لَهُم, انبعثت من العَبْد قُوَّة التَّوَكُّل عَلَيْهِ والتفويض إِلَيْهِ, وَالرِّضَا بِهِ وبكل مَا يجريه على عَبده، ويقيمه فيه، مِمَّا يرضى بِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ، والتوكل معنًى يلتئم من عِلم العبد بكفاية الله, وحسن اختياره لعبده, وثقته به, ورضاه بما يفعله به ويختاره له.
وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعِزِّ والكبرياء، أَعْطَتْ نَفسه المطمئنة مَا وصلت إِلَيْهِ من الذل لعظمته، والانكسار لعِزته، والخضوع لكبريائه، وخشوع الْقلب والجوارح لَهُ؛ فتَعلُوه السكينَة وَالْوَقار فِي قلبه وَلسَانه وجوارحه وسمته، وَيذْهب طيشه وقوته وحدته.
وجماع ذَلِك: أَنه –سُبْحَانَهُ- يتعرف إِلَى العَبْد بِصِفَات إِلَهِيَّتِهِ تارَة، وبصفات رُبُوبِيَّتِهِ تَارَة؛ فَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الإلهية الْمحبَّة الْخَاصَّة، والشوقَ إِلَى لِقَائِه، والأنسَ والفرحَ بِهِ، وَالسُّرُورَ بخدمته، والمنافسةَ فِي قربه، والتودد إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ، واللهج بِذكرِهِ، والفرار من الْخلق إِلَيْهِ، وَيصير هُوَ وَحدَه هَمَّهُ دون سواه


الساعة الآن »03:01 AM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2025 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة