![]() |
فقه المسؤولية
[CENTER][U][B][COLOR=#C00000][FONT=Arabic Transparent]فقه المسؤولية[/FONT][/COLOR][/B][/U][/CENTER]
[LEFT][COLOR=#C00000][FONT=Arabic Transparent][B]د. عمر عبدالكافي[/B][/FONT][/COLOR][/LEFT] [CENTER][SIZE=5][COLOR=#000000]كلنا يدرك أن كلمة "الفقه" من ناحية اللغة العربية الجميلة أنه : الفهم الدقيق.[/COLOR][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000] [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]وإذا نظرت لتقدم دول وتأخر أخرى ستجد أن الذي جعل هذه تتقدم و الثانية تتدهور أو تتعثر إنما يرجع إلي قضية الفهم الدقيق لطبيعة المسؤولية بالنسبة للطراز الأول وهو العالم المتقدم وعدم وضوح أي نوع من فهم للمسؤولية عند الفريق الآخر و هو ما يسمي بالعالم الثالث لأنه ليس هناك عالم رابع !![/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5]ولو نظرنا في تاريخ المسلمين المشرق لرأينا رجلاً كعمر بن الخطاب رضي الله عنه في فهمه الدقيق لمسؤلية الإنسان عندما يتولي المهام الكبيرة. [/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]وجدنا عمر يرسل إلي معيقيب أحد عماله علي بيت المال وقت الظهيرة و عند عمر ولده عاصم بن عمر فيقول عمر لمعيقيب أتدري ما صنع هذا ؟ إنه انطلق إلي العراق فأخبرهم أنه ابن أمير المؤمنين فأعطوه آنية و فضة و متاعاً و سيفاً محلي ، فقال عاصم ما فعلت هذا و إنما قدمت علي ناس من قومي فأعطوني هذا فقال عمر : خذه يا معيقيب فاجعله في بيت المال .[/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]ولن ننسي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب زوج عمر لما أرسلت إلي ملكة الروم بطيب و مشارب فجاءت امرأة قيصر وجمعت نساءها وقالت هذه هدية امرأة ملك العرب و بنت نبيهم فأهدت إلي أم كلثوم عقداً فاخراً فلما انتهي البريد إلي عمر دعا الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلي بهم ركعتين و قال: لا خير في أمر أبرم من غير شوري من أموري قولوا في هدية أهدتها أم كلثوم لامرأة ملك الروم فقال قائلون: هو لها بالذي لها و لكن عمر أمر برد هدية زوجة ملك الروم إلي بيت المال و رد علي أم كلثوم بقدر نفقتها، هكذا كان فقه المسؤلية عند عمر .[/COLOR][/FONT][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000] [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]وقد قدم صهرٌ لعمر عليه فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال فانتهره عمر وقال: أردت أن ألقي الله ملكاً خائناً ! فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم .[/COLOR][/FONT][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000] [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]هذه بعض المواقف التي تدل علي ترفع عمر عن الأموال العامة و منع أقربائه و أهله من الإستفادة من سلطانه و مكانته ، و لو أن عمر أرخي العنان لنفسه أو لأهل بيته لرتعوا ولرتع من بعدهم ، و كان مال الله ـ تعالي ـ حبساً علي أولياء الأمور.[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]ومن القواعد الطبيعية المؤيدة بالمشاهد أن الحاكم إذا امتدت يده إلي مال الدولة اتسع الفتق علي الراتق ، واختل بيت المال أو مالية الحكومة ، وسري الخلل إلي جميع فروع المصالح ، و جهر المستتر بالخيانة وانحل النظام ، ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان ذا قناعة وعفة عن مال الناس ، زاهداً في حقوقهم دعاهم ذلك إلي محبته والرغبة فيه ، و إذا كان حاكماً حدبوا عليه و أخلصوا في طاعته و كان أكرم عليهم من أنفسهم .[/COLOR][/FONT][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000] [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]ومن خلال حياته مع أسرته وأقربائه يظهر لنا معلم من معالم الفاروق في ممارسة منصب الخلافة ، وهي القدوة الحسنة في حياته الخاصة والعامة ، حتي قال في حقه علي بن أبي طالب : عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعوا .[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]وكان لالتزامه بما يدعوا إليه ، ومحاسبته نفسه وأهل بيته أكثر مما يحاسب به ولاته وعماله الأثر الكبير في زيادة هيبته في النفوس وتصديق العامة والخاصة له .[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]هذا هو عمر الخليفة الراشد الذي بلغ الذروة في القدوة رباه الإسلام ، فملأ الإيمان بالله شغاف قلبه ، إنه الإيمان العميق ، الذي صنع منه قدوة للأجيال ، ويبقي الإيمان بالله و التربية علي تعاليم هذا الدين سبباً عظيماً في جعل الحاكم قدوة في أروع ما تكون القدوة من هنا إلي يوم القيامة .[/COLOR][/FONT][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000] [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]وكان رضي الله عنه يحفظ سوابق الخير للمسلمين ، و كان لديه ميزان دقيق في تقييم الرجال ،[/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]فقد قال (صلى الله عليه وسلم ) : لا يعجبنكم طنطنة الرجل و لكن من أدي الأمانة و كف عن أعراض الناس ، فهو الرجل . فهو الرجل [/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]و كان (صلى الله عليه وسلم) يقول لا تنظروا إلي صلاة امرىء و لا صيامه ، ولكن انظروا إلي عقله و صدقه ، [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]و يقول : إني لا أخاف عليكم أحد رجلين : مؤمناً قد تبين إيمانه ، وكافراً قد تبين كفره ، و لكني أخاف عليكم منافقاً يتعوذ بالإيمان ، و يعمل لغيره . [/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]وسأل عمر عن رجل شهد عنده بشهادة ، و أراد أن يعرف هل له من يزكيه فقال له الرجل : إني أشهد له وأزكيه يا أمير المؤمنين ، فقال عمر أأنت جاره في مسكنه؟ قال لا ، قال : أعاشرته يوماً فعرفت حقيقة أمره ؟ قال لا ، قال أسافرت يوماً معه فإن السفر و الإغتراب محك للرجال ؟ قال لا ، قال عمر لعلك رأيته في المسجد قائماً قاعداً يصلي ؟ قال نعم ، قال اذهب فأنت لا تعرفه .[/COLOR][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000] [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]ولما أسرت الروم الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة السهمي ، فجاؤوا به إلي ملكهم فقال له : تنصر وأنا أشركك في ملكي وأزوجك ابنتي ، فقال له : لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب علي أن أرجع عن دين محمد (ص) طرفة عين ما فعلت ، فقال إذن أقتلك ، فقال أنت و ذاك ، فأمر به فصلب وأمر الرماة فرموه قريباً من يديه ورجليه وهو يعرض عليه دين النصرانية فيأبي ، ثم أمر به فأنزل ، ثم أمر بقدر – و في رواية ببقرة من نحاس فأحميت ، و جاء بأسير من المسلمين فألقاه وهو ينظر فإذا هو عظام ُُ تلوح ، وعرض عليه فأبي ، فأمر به أن يلقي فيها ، فرفع في البكرة ليلقي فيها ، فبكي ، فطمع فيه ودعاه ، فقال إني إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة تلقي في هذه القدر الساعة في الله ، فأحببت أن يكون لي بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله ، و في بعض الروايات أنه سجنه ومنع عنه الطعام والشراب أياماً ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير فلم يقربه ، ثم استدعاه فقال : ما منعك أن تأكل ؟ فقال أما والله إنه قد حل لي و لم أكن لأشمتك بي ، فقال له الملك فقبل رأسي وأنا أطلقك ، فقال وتطلق معي جميع أساري المسلمين ؟ قال نعم ، فقبل رأسه ، فأطلقه وأطلق معه جميع أساري المسلمين عنده ، فلما رجع قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حق علي كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة و أنا أبدأ فقام فقبل رأسه .[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]و عندما أقبل قوم غزاة من الشام يريدون اليمن ، و كانت لعمر جفنات يضعها إذا صلي الغداة ، فجاء رجل منهم فجلس يأكل ، فجعل يتناول بشماله ، فقال له عمر : و كان يتعهد الناس عند طعامهم – كل بيمينك ، فلم يجبه ، فأعاد عليه فقال : هي يا أمير المؤمنين مشغولة ، فلما فرغ من طعامه دعا به فقال : ما شغل يدك اليمني ؟ فأخرجها ، فإذا هي مقطوعة ، فقال ما هذا ؟ فقال أصيبت يدي يوم اليرموك ، قال فمن يوضئك ؟ قال أتوضأ بشمالي ، و يعين الله ، قال فأين تريد ؟ قال اليمن إلي أم لي لم أرها منذ كذا و كذا سنة ، قال أو برٌّ أيضاً ، فأمر له بخادم و خمسة أباعر من إبل الصدقة و أوبرها له .[/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]أما أمنيته فقد قال لأصحابه تمنوا ، فقال بعضهم : أتمني لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً فأنفقه في سبيل الله وأتصدق به ، و قال رجل أتمني لو أنها مملوءة زبرجداً وجواهراً فأنفقه في سبيل الله و أتصدق به ، ثم قال عمر تمنوا ، فقالوا ما ندري يا أمير المؤمنين ، فقال أتمني لو أنها مملوءة رجال مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسالم مولي أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان ، فأستعملهم في طاعة الله، [/COLOR][COLOR=#000000]و هؤلاء من إخوانه في الله .[/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]و قد وصف عمر (رضي الله عنه) إخوان الصدق بقوله : عليك بإخوان الصدق ، تعش في أكنافهم ، فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ، وضع أمر أخيك علي أحسنه حتي يجيئك ما يرضيك منه ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك إلا الأمين ، ولا أمين إلا من يخشي الله ، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه علي سرك ، واستشر في أمرك من يخشي الله تعالي .[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]و كان عمر (رضي الله عنه ) يذكر الأخ من إخوانه في الليل فيقول : يا طولها من ليلة ، فإذا صلي الغداة غدا إليه ، فإذا لقيه إلتزمه أو اعتنقه ، وكان يقول : لولا أن أسير في سبيل الله أو أضع جنبي في التراب لله أو أجالس قوماً يلتقطون طيب القول كما تلتقط الثمرة ، لأحببت أن أكون قد لحقت بالله . [/COLOR][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000] [/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=5][FONT=Arabic Transparent][COLOR=#000000]ولقد شكا رجل علياً (رضي الله عنه ) إلي عمر (رضي الله عنه ) فلما جلس عمر لينظر في الدعوي قال عمر لعلي : ساو خصمك يا أبا الحسن ، فتغير وجه علي ، و قضي عمر في الدعوي ، ثم قال لعلي : أغضبت يا أبا الحسن ، لأني سويت بينك و بين خصمك ؟ فقال علي : بل لأنك لم تسو بيني و بين خصمي يا أمير المؤمنين ، إذ كرمتني فناديتني يا أبا الحسن ، بكنيتي ، و لم تناد خصمي بكنيته ، فقبل عمر رأس علي و قال : لا أبقاني الله بأرض ليس فيها أبو الحسن .[/COLOR][/FONT][COLOR=#000000] [/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#000000]هكذا كان فهم عمر لفقه المسئولية فهلا كان عمر رائداً لنا في هذا الفقه .[/COLOR][/SIZE][/CENTER] |
[CENTER][SIZE=6]جزيت الجنة اخي مهند[/SIZE]
[/CENTER] |
الساعة الآن »02:42 AM. |
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2025 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة