عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2008-01-10, 05:58 PM
محارب الروافض محارب الروافض غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2007-12-20
المشاركات: 4
محارب الروافض
افتراضي

[1] هذه واحدة من المحن التي أصابته، غير أنها لم تكن الوحيدة، بل قاسى ابن حزم محناً كثيرة؛ من الإجلاء، والسجن، والأسر والنَّفي والتغريب، مما سيذكر بعضه في: ((طوق الحمامة))، وذلك لأنه لم يرض بأنصاف الحلول، بل تمسك بشرعية الخلافة الأموية، واتخذ موقفاً شجاعاً وواضحاً من فتنة البربر.

[2] ومع هذا لم يخرج ابن حزم ـ رحمه الله ـ عند حدِّ العدل والإنصاف، قال ابن بسَّام في: ((الدَّخيرة)) ق2/م2/96: بلغني عن الفقيه أبي محمَّد بن حزمٍ؛ أنه كان يقول: لم يكن لأصحاب المذهب المالكيِّ ـ بعد عبد الوهَّاب ـ مثل أبي الوليد الباجيِّ. وقد ناظره بميورقة؛ فقلَّ من غَرْبه، وسبَّب إحراق كتبه، ولكنَّ أبا محمَّد ـ وإن كان اعتقد خلافه ـ فلم يطَّرح إنصافه، أو حاول الردَّ عليه؛ فلم ينسب التقصير إليه.
قال عبد الحق: هكذا تكون أخلاق العلماء الربَّانيِّين!

[3] غربي قرطبة، بينها وبين قرطبة على طريق إشبيلية؛ خمسة أيام. ((معجم البلدان)) 5/10.

[4] هو في الراجح: أبو محمَّد عبد الله بن يحيى، الفقيه المالكي، المعروف بابن دحون، كان من جلَّة الفقهاء المذكورين، عارفاً بالفتوى، حافظاً للمذهب، عمَّر وأسنَّ، وانتفع به النَّاس، وانفرد برئاسة المذهب المالكي بقية مدَّته، توفي سنة: (431). ((الصِّلة)) (590)، ((ترتيب المدارك)) 4/730 للقاضي عياض، ((تاريخ الإسلام)) (الطبقة. 44/الترجمة: 9).

[5] هذه الحكاية نقلها عن ابن طرخان؛ ياقوتُ الحموي في: ((معجم الأدباء)) 12/241-242، ثم تناقلها بعده غير واحد من المؤرخين، واشتهرت جداً؛ رغم أنَّه لم يرد ذكرها في شيءٍ من المصادر الأندلسية الأصيلة، وهي قصَّة وإن كانت صحيحة الإسناد؛ فإنَّ متنها منكر جداً، وابن حزم ـ نفسه ـ يكذِّبها إذ يروي في مصنَّفاته عن شيخيه: ابن وجه الجنَّة؛ الذي مات في شهر ذي الحجة سنة (402)، وابن الجسور؛ الذي مات في شهر ذي القعدة سنة (401)، وقد ذكرنا أنَّ ابن حزم ولد في رمضان 384، فيكون قد شرع في دراسة الحديث والفقه على ابن الجسور وهو ابن سبع عشرة سنة، فيما لو لم يبتدئ عليه الدراسة إلا في سنة وفاته. ويكون قد شرع في دراسة الفقه على ابن وجه الجنَّة وهو ابن ثمان عشرة سنة؛ فيما لو لم يبتدئ القراءة عليه إلا في سنة وفاته. كيف؟ وابن حزم يصَرِّح بأنَّ ابن الجسور: ((أول شيخ سمعت منه قبل سنة الأربع مئة)) (الجدوة: 99)، والحافظ الذَّهبيُّ يحدِّد هذه القبلية بقوله: وأول سماع ابن حزم سنة تسع وتسعين وثلاث مئة. (العبر: 3/239)، فتكون السِّنُّ التي ابتدأ فيها ابن حزم دراسة الحديث والفقه هي عمر الغلام اليافع، سنُّ الخامسة عشرة. وأين هذا من عمر رجل في السادسة والعشرين؟ (انظر: مقدِّمة الكتَّاني لـ ((معجم فقه ابن حزم)) 73-75)، وقد ردَّ هذه الحكاية ـ أيضاً ـ العلامة أبو عبد الرحمن الظَّاهري، في كتابه: ((ابن حزم خلال ألف عام)) وبيَّن أن ابن حزم قد أخبر عن نفسه أنه صلَّى على جنازة قبل أحد عشر عاماً من تاريخ هذه القصَّة، فقد صلَّى على المؤيد هشام.

[6] في قوله تعالى: ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)) [ءال عمران:187]. وقوله تعالى: ((لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ)) قرأ ابن كثير وأبو عَمرو بياء الغيب فيهما، والباقون بتاء الخطاب.

[7] الجندل: ما يُقِلُّه الرَّجل من الحجارة. ((القاموس)).

[8] النَّصب هو بغض عليٍّ رضي الله عنه. وهذه التُّهمة نتيجة باطلة للمقدمة السابقة، وهي: (تشيُّعه لأمراء بني أُميَّة)؛ إذ أن ذلك (التشيع) والحب والولاء كان قائماً على أساس الولاء الشرعي للخلافة الأموية، والإدراك لدورها الهام في المحافظة على وحدة المسلمين وعزِّهم، فقد كانت دولة بني أمية ـ وكما قال ابن حزم ـ: ((دولة عربية لم يتخذوا قاعدة، إنَّما سكنى كلُّ امرئٍ منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة، ولا أكثروا احتجان الأموال، ولا بناء القصور، ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل ولا التسويد، ويكاتبوهم بالعبودية والملك، ولا تقبيل الأرض ولا رجل ولا يد، وإنَّما كان غرضهم الطَّاعة الصَّحيحة من التَّولية... فلم يملك أحد من ملوك الدُّنيا ما ملكوه من الأرض، إلى أن تغَّلب عليهم بنو العبَّاس بالمشرق، وانقطع به ملكهم، فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس، وملكها هو وبنوه، وقامت بها دولة بني أميَّة نحو الثلاث مئة سنة، فلم يكُ في دول الإسلام أنبل منها، ولا أكثر نصراً على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال الخير، وبهدمها انهدمت الأندلس إلى الآن، وذهب بهاء الدُّنيا بذهابها. وانتقل الأمر بالمشرق إلى بني العباس... وكانت دولتهم أعجمية، سقطت فيها دواوين العرب، وغلب عجم خراسان على الأمر، وعاد الأمر ملكاً عضوضاً، محققاً كسروياً...)). ((البيان المغرب)): 2/39-40، فيما نقله الدكتور إحسان عبَّاس في مقدمته لـ((رسائل ابن حزم)) 2/21-22؛ وعلَّق عليه بقوله: وفي مثل هذا الحكم على الدُّول يتَّضح ((الجانب التركيبي)) في نظرات ابن حزم، بحيث يستطيع المرء أن يحلَّ هذه المركبات في بحوث مفردة، وتبدو في ذلك مهارة ابن حزم في انتقاء السِّمات المميزة، مثلما يبدو جانب هام ءاخر من حسِّ المؤرخ لديه، وذلك أنَّه لا ينظر إلى منجزات الدَّولة الواحدة نظرته إلى بعض الأفراد من ذوي المسؤولية فيها، وإنما يرى هذه المنجزات من منظار المميزات الكبرى، وتلك تتجلَّى في ما أصاب الجماعة من خيرٍ، فقد يعيب هو الوليد بن عبد الملك، ويصفه بالطُّغيان (نقط العروس: 2/71؛ وقال عنه: أحد الفراعنة)، أو يعيب مروان بن الحكم، ويتهمه بأنَّه شقَّ عصا الجماعة، ويقول فيه: ((مروان ما نعلم له جرحة قبل خروجه على أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير؛ رضي الله عنهما)) (المحلَّى: 163)، ولكنه يبرز الخصائص الإيجابية التي تتميز بها الدَّولة الأموية بكلمات دقيقة دالَّة، ولا يضع سيئات الأفراد على كاهل الدولة كلِّها. قلت: وتمام هذا البحث والرد على ابن حيَّان؛ عند الدكتور إحسان عباس في المصدر المذكور، ومحمد المنتصر الكتاني في مقدمته لـ((معجم فقه ابن حزم)) 71-73، وغيرهما.

[9] انتهى كلام ابن حيَّان، ونقله الذَّهبيُّ ـ أيضاً ـ في: ((تذكرة الحفَّاظ)) 3/1151-1152. وقد حفظه لنا أبو الحسن علي بن بسَّام الشَّنتريني (542هـ) في: ((الذَّخيرة في محاسن أهل الجزيرة)) 1/1/168-169، ونقله ياقوت الحموي في: ((معجم الأدباء)) 12/247-249، وعنهما استدركت بعض الفقرات وجعلتها بين قوسين. وله تتمَّه أغفلها الذَّهبي عمداً؛ لأنَّها تحتاج إلى نقدٍ ومناقشةٍ.

[10] وقال في ((تذكرة الحفاظ)): فيقي فيه قسط من نحلة الحكماء. وقال الإمام ابن عبد الهادي (744هـ) في: ((طبقات علماء الحديث)) 3/الترجمة: (993): وقد طالعت أكثر كتاب: ((الملل والنحل)) لابن حزم فرأيته قد ذكر فيه عجائب كثيرة، ونقولاً غريبة، وهو يدلُّ على قوَّة ذكاءِ مؤلِّفه، وكثرة اطلاعه، لكن تبيَّن لي منه أنَّه جَهْمِيٌّ جَلْد، لا يُثْبت من معاني أسماء الله الحسنى إلا القليل، كالخالق والحق، وسائر الأسماء عنده لا تدلُّ على معنىً أصلاً؛ كالرَّحيم والعليم والقدير ونحوها، بل العِلْمُ عنده هو القُدرة، والقدرة هي العِلم، وهما عين الذَّات، ولا يدلُّ العلم على معنى زائد على الذَّات المجرَّدة أصلاً، وهذا عين السَّفْسَطة، والمكابرة، وكان ابن حزم في صغره قد اشتغل في المنطق والفَلْسَفة، وأحذ المنطق عن محمَّد بن الحسن المَذْحجي، وأمعن في ذلك فتقرَّر في ذهنه ـ بهذا السَّبب ـ معاني باطلة، ثمَّ نظر في الكتاب والسُّنَّة فوجد فيهما من المخالفة لما تقرَّر في ذِهنه فصار في الحقيقة حائراً في تلك المعاني الموجودة في الكتاب والسنة، فرَوَغَ في ردِّها روغان الثَّعلب، فتارةً يحمل اللَّفظ على غير معناه اللُّغوي، ومرَّةً يحمل ويقول: هذا اللفظ لا معنى له أصلاً، بل هو بمنزلة الأعلام، وتارة يردُّ ما ثبت عن المصدوق، كردِّه الحديث المتَّفق على صحَّته في إطلاق لفظ الصِّفات؛ وقول الذي كان يلزم قراءة ((قل هو الله أحد)) ـ لأنَّها صفة الرَّحمن ـ عزَّ وجلَّ ـ: ((فأنا أحبُّ أن أقرأ بها)). ومرَّةً يخالف إجماع المسلمين في إطلاق بعض الأسماء على الله ـ عزَّ وجلَّ ـ. وفي كلامه على اليهود والنَّصارى ومذاهبهم وتناقضهم فوائد كثيرة، وتخليط كبير، وهجوم عظيم، فإنَّه ردَّ كثيراً من باطلهم بباطل مثله، كما ردَّ على النَّصارى في التَّثليث بما يتضمن نفي الصِّفات، وكثيراً ما يَلعَنُ ويكفِّر ويَشْتُمُ جماعةً ممَّن نقل كتبهم كمتَّى ولوقا ويوحنَّا؛ وغيرهم، ويَقْذَعُ في القدْح فيهم إقذاعاً بليغاً. وهو ـ في الجملة ـ لونٌ غريبٌ، وشيءٌ عجيبٌ، وقد تكلَّم على نقل القرءان، والمعجزات، وهيئة العالم؛ بكلامٍ أكثره مليحٌ حسنٌ.
قلت: ومع ما وقع فيه ابن حزم من انحراف في عقيدة الأسماء والصِّفات، وغيرها؛ فإنه يذم الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، ويصرِّح بلعن جهم بن صفوان، ويقول: ((وأهل السُّنة ـ الذين نذكرهم ـ أهلُ الحَقِّ، ومَنْ عَداهم؛ فأهلُ البدعة، فإنَّهم الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ وكلُّ من سلك نهجهم؛ من خيار التَّابعين ـ رحمة الله عليهم ـ ثُمَّ أصحاب الحديث، ومن اتبعهم من الفقهاء؛ جيلاً فجيلاً إلى يومنا هذا، أو مَن اقتدى بهم من العوام في شَرْق الأرض وغربها ـ رحمة الله عليهم ـ)) (الفَصْل: 2/99)؛ والأمر في ذلك ـ كلِّه ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ((...وطائفة أخرى كأبي محمد بن حزم وغيره ممن يقول أيضاً : إنه متَّبعٌ لأحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة، إلى غير هؤلاء ممَّن ينتسب إلى السنة ومذهب الحديث؛ يقولون إنهم على اعتقاد أحمد بن حنبل، ونحوه من أهل السنة، وهم لم يعرفوا حقيقة ما كان يقوله أئمة السنة; كأحمد بن حنبل وأمثاله)). (مجموع الفتاوى: 7/659).

[11] أغنى المصادر بشعر ابن حزم هو: ((طوق الحمامة))، لكني حرصت على إيراد هذه النماذج التي انتقاها الإمام الذَّهبي ـرحمه الله ـ؛ ليتعرَّف القارئ على أغراض أخرى في شعره، غير ما يجده في هذا الكتاب.

[12] هذه القصَّة أوردها ـ أيضاً ـ المقري في: ((نفح الطِّيب)) 2/82؛ وقال في صدرها: ((قال ابن حزم في: ((طوق الحمامة)): إنه مرَّ يوماً هو وأبو عمر ابن عبد البر ـ صاحب: ((الاستيعاب)) ـ بسكَّة الحطَّابين من مدينة إشبيلية، فلقيهما شاب حسن الوجه....)) فذكر الحوار والأبيات. غير أنَّ النُّسخة التي وصلتنا من الطَّوق لا تحتوي هذه القصَّة، وقد نبَّه إلى هذا: Max Weisweiler في ترجمته للطوق إلى الألمانية:
Halsband Der Taube, Leiden 1942
وكذلك الدكتور الطاهر أحمد مكي في مقدِّمته لـ((الطوق)) ص: 38، والدُّكتور إحسان عبَّاس، وتساءل فيما إذا كانت هذه القصَّة ممَّا حذفها النَّاسخ أو أن المقري وَهِمَ؟ (رسائل ابن حزم: 2/447). قلت: لعل الراجح هو الأول، والله أعلم. والأبيات ـ دون القصَّة ـ في: ((الذَّخيرة)) 1/1/175، و((معجم الأدباء)) 12/243-244، و((المغرب في حُلي المغرب)) 1/356، و((وفيات الأعيان)) 3/327.

[13] الميفعة: الشَّرف من الأرض.

[14] وهي من قصيدة طويلة، خاطب بها قاضي الجماعة بقرطبة عبد الرحمن بن أحمد بن بشر؛ يفخر فيها بالعلم، ويذكر أصناف ما علم. قاله الحميدي في: ((الجذوة)).

[15] هذا البيت أغفله الذهبي، وهو في: ((الجذوة))، و((البغية))، و((الذَّخيرة))، و((معجم الأدباء))، و((نفح الطيب)).

[16] وزاد في: ((معجم الأدباء)) وغيره:
وإنَّ مَكَاناً ضَاقَ عَنِّي لَضَيِّقٌ على أنَّهُ فَسْحٌ مَهامِهُهُ سَهْبُ
وإنَّ رِجَالاً ضَيَّعُونِي لَضُيَّعٌ وإنَّ زَمَاناً لَمْ أَنَلْ خِصْبَهُ جَدْبُ
ومنها في الاعتذار عن مَدْحِه لنَفْسِه:
ولكنَّ لِي في يوسُفَ خَيْرُ أُسْوَةٍ ولَيْسَ علَى مَنْ بِالنَّبِيِّ ائْتَسَى ذَنْبُ
يقُولُ - وقالَ الحَقَّ والصِّدْقَ – إنَّنِي حَفِيظٌ عَلَيْهُم، مَا على صَادِقٍ عَتْبُ

[17] ((الصِّلة))؛ وفيه: ((وعشرة أشهر وتسعة وعشرين يوماً)). وهو يوافق: 15/8/1064من التأريخ النَّصرانيِّ، والله تعالى أعلم.

[18] ذكره الحميديُّ في: ((الجذوة))، وقال: من أهل الأدب، أنشدني لنفسه في أبي محمَّد علي بن أحمد؛ على طريقة البستي:.... وذكر الأبيات.
رد مع اقتباس