فائدة
الناس في تفاضل الإيمان وتبعضه على قولين:
أحدهما:
إثبات ذلك، وهو الصواب الذي تدل عليه الأدلة العقلية والنقلية وهو قول المحققين من أهل السنه،
وتفاضله بأمرين:
الأول: من جهة العامل؛ وذلك نوعان:
النوع الأول: في الاعتقاد ومعرفة الله تعالى، فإن كل أحد يعرف تفاضل يقينه في معلوماته، بل في المعلوم الواحد وقتاً يري يقينه فيه أكمل من الوقت الآخر.
النوع الثاني: في القيام بالأعمال الظاهرة ، كالصلاة، والحج، والتعليم، وإنفاق المال،
والناس في هذا على قسمين:
أحدهما: الكامل ، وهم الذين أتوا به على الوجه المطلوب شرعاً.
الثاني: ناقصون ،
وهم نوعان:
النوع الأول:
ملامون ، وهم من ترك شيئاً منه مع القدرة وقيام أمر الشارع، لكنهم إن تركوا واجباً ، أو فعلوا محرماً، فهم آثمون ، وإن فعلوا مكروها، أو تركوا مستحباً، فلا إثم.
النوع الثاني:
ناقصون غير ملامين، وهم نوعان:
الأول: من عجز عنه حساً؛ كالعاجز عن الصلاة قائماً.
الثاني:
العاجزون شرعاً مع القدرة عليه حساً، كالحائض تمتنع من الصلاة ، فإن هذه قادرة عليه، لكن لم يقم عليها أمر الشارع؛ ولذلك جعلها النبي صلى الله عليه وسلم ناقصة الإيمان بذلك؛ فإن من لم يفعل المأمور ليس كفاعله.
ومثل ذلك:
من أسلم ثم مات قبل أن يصلي لكون الوقت لم يدخل؛ فإن ذلك كامل الإيمان ، لكنه من جهة أخرى ناقص، ولا يكون كمن فعل الصلاة وشرائع الإسلام، ومن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( خيركم من طال عمره وحسن عمله))<SUP>(1)</SUP>
<SUP></SUP>
الأمر الثاني:
من جهة العمل؛ فكلما كان العمل أفضل ، كانت زيادة الإيمان به أكثر.
القول الثاني: نفي التفاضل والتبعّض ،
وانقسم أصحاب هذا القول إلى طائفتين:
إحداهما: قالت: إن من فعل محرماً، أو ترك واجباً فهو مخلد في النار، وهؤلاء هم المعتزلة ،
وقالوا: هو لا مسلم ولا كافر، منزلة بين المنزلتين . وأما الخوارج فكفروه.
الطائفة الثانية: مقابلة لهذه ،
قالت: كل موحد لا يخلد في النار، والناس في الإيمان
سواء؛ وهم المرجئة،
وهم ثلاثة أصناف:
صنف قالوا:
الإيمان مجرّد ما في القلب، وهم نوعان:
الأول: من يدخل أعمال القلوب، وهم أكثر فرق المرجئة.
والثاني: من لا يدخلها، وهم الجهمية وأتباعهم ؛ كالأشعري، لكن الأشعري يثبت الشفاعة في أهل الكبائر.
والصنف الثاني قالوا:
الإيمان مجرد قول اللسان، وهم الكرامية، ولا يعرف لأحد قبلهم، وهؤلاء يقولون: إن المنافق مؤمن، ولكنه مخلد في النار.
الصنف الثالث قالوا:
إنه تصديق القلب وقول اللسان، وهم أهل الفقه والعبادة من المرجئة، ومنهم أبو حنيفة وأصحابه.
يتبع بإذن الرحمن