مكانة المرأة في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد :
كثر الكلام في السنوات الأخيرة حول وضع المرأة في هذا العالم المترامي الأطراف - وعقدت الندوات الدولية للمطالبة بحقوق المرأة وضرورة مساواتها بالرجل إنطلاقاً من طروحاتٍ أو صيحاتٍ من بعض من كتب حول هذا الموضوع .
فلقد قرأت مقالاً لكاتب حول موضوع مساوات المرأة بالرجل ، مفادها أن المرأة قد هضمت حقوقها ، وخص الكاتب الإسلام - فزعم أنه هضم حق المرأة ، وأسقط منزلتها ، وجعلها متاعاً في يد الرجل . ونسوا أو تناسوا أن القرآن الكريم ما زال بين يدي المسلمين يتلون فيه قول الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا . إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) .
فما موقف الإسلام من المرأة ؟
لقد عرض القرآن الكريم لكثيرٍ من شؤون المرأة في أكثر من عشر سور ، وكل ما ورد من آياتٍ في هذه السور يدل على مدى عناية الإسلام بالمرأة وحقوقها ، وعلى المكانة التي ينبغي أن توضع فيها المرأة في المجتمع ، وهي مكانة لم تحظ المرأة بمثلها في شرعٍ كما في شرع الإسلام ، ولا في مجتمعٍ يحتكم إلى تشريعٍ وضعي لا في القديم ولا في الحديث ، لقد منح الإسلام المرأة كل حقٍ وصانها من كل شرٍ وعبثٍ وعن كل ما يخدش عفافها وحياءها ، فقد شرع الله تعالى في كتابه أحكاماً وآداباً تٌرشد إلى حقوق المرأة ومنزلتها في الحياة .
وأول هذه الحقوق - حديث القرآن الكريم عن الأصل الذي تفرع منه الإنسان ، إذ لا تفاضل بين المرأة والرجل من الناحية الإنسانية ، فكلاهما لآدم . قال الله تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ... ) الآية .
وقد ترتب على ذلك أن سٌمي الرجل والداً والمرأة والدةً ، وجاءت أحكام القرآن الكريم بوضعهما معاً موضع التكريم والإجلال .
فالذي يتهم الإسلام بالبعد عن مسايرة الحياة - إما أن يكون ممن تلقى أحكام الإسلام من مصادر زاغ فيها كاتبوها عن لب الحقيقة ، وتعلقوا بصورٍ وأشكالٍ زعموها من الشرع والدين ، أو لم يكن له سبيل إلى معرفة حقيقة الإسلام ، وإنما نشأ خصماً للإسلام بعصبيةٍ موروثةٍ ، فأخذ يضفي على الإسلام ما شاء له هواه وشاءت له عصبيته الجاهلية .
وإذا كان ما أسلفنا تلبية لمقتضى الفطرة في الأصل الذي تكون منه الإنسان فإن الإسلام يقرر أيضاً أن المرأة ذات مسؤولية مستقلة عن مسؤولية الرجل ، فهي مسؤولة عن نفسها وعن عبادتها وعن بيتها ، والمرأة في نظر ديننا الحنيف لا تقل في مطلق المسؤولية عن مسؤولية الرجل ، ومنزلتها في المثوبة والعقوبة عند الله تعالى معقودة بما يكون منها من طاعةٍ أو مخالفة .
وكذلك إن المرأة مسؤولة مسؤوليةً عامةً فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى الفضائل والتحذير من الرذائل ، قال الله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ... ) الآية .
صحيح أن للرجل دائرته وللمرأة دائرتها ، ولكن الحياة لا تستقيم إلا بتكاتف النوعين معاً فيما ينهض بأمتهما .
أجل أيها الإخوة الأحبة والأخوات الكريمات - لقد كرم الله تعالى المرأة أٌمّاً وبنتاً وأٌختاً وزوجةً ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( النساء شقائق الرجال ) رواه أبو داود وغيره من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
وكثيرة هي الآيات والأحاديث في هذا الباب وليس قصدي هو البسط ولكنه التذكير بمكانة المرأة ودورها في المجتمع المسلم .
والله الموفق .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
والحمد لله رب العالمين .
|