عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2012-11-06, 05:18 AM
الطواف الطواف غير متواجد حالياً
عضو من أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-02-23
المشاركات: 1,948
الطواف الطواف الطواف الطواف الطواف الطواف الطواف الطواف الطواف الطواف الطواف
افتراضي

[align=center]
من أسباب تسلط الذل: محاولة الاحتيال على الشريعة



قلت في مطلع كلمتي هذه: إن الرسول صلوات الله وسلامه عليه ذكر في طرف الحديث الأول بيع العينة على سبيل المثال لا التحديد؛ وذلك لأن بيع العينة إنما يستباح بشيء من الاحتيال، وبشيء من تغيير الأسماء، كما أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مثل هذا في الحديث الصحيح حين قال: (ليكونن من أمتي أقوامٌ يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها

فبيع العينة يسمونه بيعاً، لكن هذه تسمية غير شرعية؛ لأن البيوع منها ما هو محرم ومنها ما هو مباح، فكون هذا بيعاً لا يستلزم أن يكون مباحاً، ما دام أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ذكره سبباً من الأسباب التي إذا أخذ بها المسلمون ذلوا. نأتي بمثال آخر مما يسمونه بمثل هذه التسمية، وهو -أيضاً- محرم في الإسلام، ومع ذلك فهو مسطور في بطون الكتب حتى اليوم، ألا وهو ما يسمى بلغة الشرع بنكاح التحليل.. لقد قال الرسول عليه السلام، ولعلكم على علمٍ بهذا الحديث جميعاً: (لعن الله المحلل والمحلل له)، فكان نكاحاً باطلاً؛ لأن اللعنة في خصوص الشيء نهي عنه وزيادة، لذلك يقول العلماء:
إن من الأدلة التي تدل على كون الشيء من الكبائر أن يكون صاحبه ملعوناً في الكتاب أو في السنة، أما النهي عن الشيء فيستلزم التحريم وليس دائماً، ولكن ليس نصاً في أن هذا الشيء من الكبائر، بخلاف ما إذا لعن فاعله فذلك يكون دليلاً واضحاً على أن هذا الفعل من الكبائر، فعندما قال الرسول عليه السلام: (لعن الله المحلل والمحلل له)، معنى ذلك أن نكاح التحليل منهي عنه نهياً شديداً بليغاً، بحيث أنه جعله من الكبائر، حيث لعن المحلل والمحلل له،
ومع ذلك فلا يزال اليوم كثيرٌ من علماء المسلمين يبيحون نكاح التحليل ويصرحون بصحة عقده، ولا يأمرون بإبطال هذا النكاح مع هذا الوعيد الشديد الذي سمعتموه من الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا أمر واقع، ونكاح التحليل واقع، وغير ذلك كثير وكثير جداً مما لا أريد أن أطيل عليكم؛ لأن الوقت ضيق.......




اختلاف المسلمين في الأصول والفروع


ننتقل إلى مسألة أخرى، أو بعض المسائل الأخرى التي تتعلق بالعقيدة، فالمسلمون مختلفون حتى في العقيدة،
وليس كما يقول جماهير المشايخ اليوم: إن الخلاف بين المسلمين إنما هو في الفروع وليس في الأصول، (هذه شنشنة نعرفها من أخزم) ولا تكاد تقرأ مجلة دينية إلا وتجد الضرب على هذه الوتيرة وعلى هذه النغمة فيها، وهي أن الخلاف بين المسلمين إنما هو في الفروع وليس في الأصول، ثم يزيدون على ذلك فيقولون: والاختلاف في الفروع رحمة، وهذا كله خطأ من ناحيتين:
الناحية الأولى: أن الاختلاف يتعدى الفروع إلى الأصول، بل إن الخلاف وقع في أس الأصول كلها، ألا وهو الإيمان بالله تبارك وتعالى، فما أظنكم يخفى عليكم الخلاف بين الماتريدية -مثلاً- وأهل السنة جميعاً في الإيمان، هل يقبل الزيادة والنقص أم لا؟ وهل من مسماه الأعمال الصالحة أم لا؟ فالجمهور ونصوص الكتاب والسنة تثبت أن الإيمان يزيد وينقص، وأن العمل الصالح من الإيمان، أما الماتريدية فلا يزالون يقولون: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وكل إيمان يقبل الزيادة فهو كفر؛ لأنهم يعتقدون أن الإيمان شيء لا يقبل الزيادة والنقص أبداً، وهذا المذهب حتى اليوم مسيطر وربما يكون مسيطراً على أكبر رقعة من العالم الإسلامي.......

المفهوم الصحيح للدين



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حتى ترجعوا إلى دينكم) فمعنى الرجوع إلى الدين ليس الرجوع إلى الخلافات القائمة منذ القديم بين المسلمين، مع وجود شيء من الاتفاق بين المسلمين اليوم، وإنما الرجوع إلى الدين بالمفهوم الصحيح، أقول هذه الكلمة: (بالمفهوم الصحيح) فما هو المفهوم الصحيح للدين؟ الأمر كما قيل:
وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
هؤلاء مثل الماتريدية حينما يفهمون أن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقص، ويعتقدون أن هذا هو الصواب، فإذاً هم يدعون المسلمين اليوم جميعاً إلى أن يشاركوهم في هذه العقيدة،
وهم يعتقدون بصحة نكاح التحليل، فهم إذاً يدعون المسلمين إلى اعتقاد اعتقادهم، مع أن هذه العقيدة وهذا الفقه يخالف الكتاب والسنة، قلت: لا أريد أن أكثر من الأمثلة، وإنما هي ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين،
إنما غرضي فقط أن أنبه إلى أن الدين الذي جعله الرسول عليه الصلاة والسلام علاجاً للمسلمين، لا يمكن أبداً أن يكون هو هذا الدين بالمفاهيم المتعددة حتى في الأصول وليس في الفروع فقط. إذاً: ما هو المفهوم الصحيح؟ وما هو الطريق لمعرفة هذا المفهوم الصحيح للدين؟ حتى إذا عزمنا أن نهتدي بهدي الله وأن نتعظ بموعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرجع إلى الدين، فما هو المفهوم الصحيح؟ هذا هو بيت القصيد -كما يقال- من هذه الكلمة.......





فهم الدين على طريقة السلف الصالح


المفهوم الصحيح للدين لا يمكن أخذه من واقع المسلمين اليوم؛ لأنهم مختلفون أشد الاختلاف، وإنما يجب أن نأخذ المفهوم الصحيح للدين مما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة، وما كان عليه السلف الصالح، لقد أشار الرسول عليه السلام إلى هذه الحقيقة في الحديث السابق،


لكن مع الأسف قل من يتنبه لهذه الإشارة، وهي في الواقع أن تسمى: صريح العبارة، أولى من أن يقال: إنها إشارة، حين قال جواباً للسائل: من هي الفرق الناجية؟ قال: (هي الجماعة) .. (هي ما أنا عليه وأصحابي) كذلك تأكيداً لهذا المعنى قال عليه الصلاة والسلام في حديث العرباض بن سارية المعروف -فيما أظن- لديكم، وفيه يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور) ... إلى آخر الحديث. نجد في هذا الحديث وفي ذاك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على أن يقول: عليكم بسنتي فقط بل قال: (تمسكوا بسنتي وعضوا عليها بالنواجذ)، ولكننا نجده يضم شيئاً آخر إلى هذا الأمر بالتمسك بما كان عليه الصلاة والسلام، هذا الشيء الآخر هو التمسك بالجماعة، وبما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، وبما كان عليه الخلفاء الراشدون، وهذا الذي ذكره الرسول عليه السلام في الحديثين كليهما معاً، من الحض على التمسك بشيء -ولو من الناحية التعبيرية- غير ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم -شيء زائد- حيث قال: (ما أنا عليه وأصحابي) وحيث قال أيضاً: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)، وهذا التعبير وهذا الذكر في الشيء الآخر مع الرسول عليه الصلاة والسلام هو أسلوب قرآني، فالله عز وجل يقول في صريح القرآن:

وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً


[النساء:115] الشاهد أن الله عز وجل ذكر هنا في الآية بالإضافة إلى قوله: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ قال بعد ذلك: وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، لماذا جاء بهذه الجملة وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ لماذا لم تكن الآية على النحو الآتي: ((وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى)) إلى آخر الآية؟ لماذا جاء بجملة وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ إن في ذلك لعبرة بالغة جداً؛ ذلك لأن كل فرقة وكل طائفة على وجه الأرض اليوم، والتي بلغ عددها ثلاثاً وسبعين أو أكثر أو أقل، لا يهمنا، لكن الطوائف كثيرة وكثيرة جداً، كل طائفة من هذه الطوائف تدعي أنها على الكتاب والسنة، حتى آخر طائفة جديدة كمذهب يدعون أنهم على الإسلام وعلى الكتاب والسنة، مع أنهم من الذين يقولون بأن النبي عليه الصلاة السلام ليس خاتم الأنبياء، وإنما هناك أنبياء كثر، حتى هؤلاء يقولون: نحن على الكتاب والسنة، وقس على ذلك سائر الفرق قديماً وحديثاً، فما هو الحكم بين هذه الفرق كلها وكلها تدعي أنها على الكتاب والسنة؟ الجواب في الآية وفي الحديثين السابقين: الآية تقول: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ [النساء:115] أي: إن أية طائفة تتبع غير سبيل المؤمنين الأولين الذين كانوا على هدى وعلى بصيرة من دينهم، وإن زعمت هذه الطائفة أنها على الكتاب والسنة، فمادام أنها تخالف طريق المسلمين وجماعة المسلمين فهذا دليل على أنها من الفرق الضالة. كذلك الحديث: (ما أنا عليه وأصحابي)، فكل عقيدة تأتي من طائفة لا يستطيعون إثبات أنها عقيدة الجماعة، أو عقيدة الصحابة، أو عقيدة السلف الصالح؛ فذلك دليل على أن هذه الطائفة هي من الفرق الاثنتين والسبعين من فرق الضلالة التي هي من فرق النار، وحينئذٍ حين قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق: (لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) إذاً: يجب أن يُفهم أن الدين ليس فقط كما هو الشائع عند إخواننا أهل الحديث في كل بلاد الدنيا، سواءً الذين يسمون بـأهل الحديث أو يسمون بـأنصار السنة، أو يسمون بالسلفيين .. أو غير ذلك من أسماء كلها تدل على حقيقة واحدة.. ليس الأمر كما هو الشائع عند كثير من إخواننا هؤلاء أن دعوتنا تنحصر في الاعتماد على الكتاب والسنة فقط، ليس هذا فقط، لابد من ضميمة ثالثة قد سبق ذكرها في الحديثين السابقين وأخيراً في الآية المذكورة، هذه الضميمة الثالثة بعد الكتاب والسنة هي عمل السلف الصالح أو منهج السلف الصالح ثالثاً وأخيراً، وإن لم تتمسك طائفة تدعي الاعتماد على الكتاب والسنة بهذه الضميمة الثالثة، فذلك دليل على انحرافها مهما زعمت أنها على الكتاب والسنة، من هنا جاء قول ابن قيم الجوزية رحمه الله:
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
لم يقتصر ابن القيم تبعاً لما أشرنا إليه من نصوص على قوله: أن العلم الصحيح هو قال الله قال رسول الله -الكتاب والسنة- لم يقتصر على هذا، بل عطف على ذلك، فقال: (قال الصحابة) وهذا أمر لابد منه، وعدم التمسك بهذه الضميمة الثالثة باعتقادي هو سبب دمار كل الفرق القديمة والفرق التي تَجِدُّ في كل يوم، فكل يوم نسمع أقوالاً عن طائفة تدعي أنها على الكتاب والسنة، وفعلاً إذا رأيتها رأيتها تصلي على الكتاب والسنة، لا تعرف تعصباً لحنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي، ولكن عندما لم يتقيدوا في فهمهم لنصوص الكتاب والسنة على ما كان عليه السلف الصالح، خرجوا عن دائرة أهل السنة والجماعة، وهم يزعمون أنهم على الكتاب والسنة.


[/align]
رد مع اقتباس