لكن العجلاني يرى أن أول كاتب غربي ، وضع كتابا عن تاريخ نجد والوهابيين ، وسماه بهذا الاسم: Histoire Des Wahbis (تاريخ الوهابيين) ، هو الكاتب الفرنسي ( أوليفيه ده كورانسيز ) عام (1810م) الموافق (1225هـ) انظر: (تاريخ البلاد العربية) لمنير العجلاني 1 / 304- 307 . .<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
كما ذكر اسم الوهابية المؤرخ المصري : عبد الرحمن الجبرتي رحمه الله ، مقترنة بحملة : إبراهيم باشا ، ومحمد علي يراجع تاريخه: (عجائب الآثار) ج 4 آخره مع أخبار الحملة المصرية . .
- وقد جاء ذكرها باسم الوهابية ، في كتابات المستشرقين والمؤرخين الغربيين ، مصاحبة لأخبار الحملة التركية المصرية الهادفة إلى القضاء على هذه الدولة الجديدة ، التي نبعت من الجزيرة ، خوفا من المد الإسلامي الذي يجدد للأمة دينها ، فقد تحركت الحملات ، واشتدت في عام 1225هـ .
6 - ولكي يبرهن الداعون إلى التنفير من هذه الدعوة ، على ما يدعون إليه ، خاصة وأن الإعلام عنها وعن أنصارها ضعيف ، ولا يصل للمتطلعين ، إلا ما يبعثه خصوم الدعوة ، وأصحاب الأهواء ضدها وهم الأقدر على الاتصال مع الأمم الأخرى ، فإنه لا بد من إلباس الشيخ سليمان ثوبا يتلاءم مع الهدف الذي تفتقت الحيلة عنه ، لإلباسه أيضا لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو لقب (الوهابية) ليتلازما في خطين متوازيين ، يخدم أحدهما الآخر ، رغم أن دعوة الشيخ محمد ، تتنافر مع الوهابية الرستمية ، من حيث المعتقد والمحتوى . والمكان والطريقة ، وأسلوب الاستشهاد بالدليل الشرعي ؛ لأن الرستمية خارجية أباضية تخالف معتقد أهل السنة والجماعة ، كما هو معروف عنهم ، لدى علماء المالكية ، في شمال أفريقيا والأندلس ، قبل تغلب الإفرنج عليها وذهابها من الحكم الإسلامي الذي هيمن عليها ، قرابة ثمانية قرون . بينما الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، في دعوته لا يخرج عن مذهب أهل السنة والجماعة ، ويدعم رأيه في كل أمر بالدليل الصحيح ، من الكتاب والسنة ، وما انتهجه السلف الصالح ، كما هو واضح النص والقياس في جميع كتبه ورسائله .
أما سليمان فلم يعرف له رأي يخالفه ذلك ، لا في الشيخ ولا في دعوته ، ولم يذكر المخالفون للشيخ محمد وفق الرسائل الكثيرة رأيا للشيخ سليمان يخالف ما سار عليه أخوه ، ولو عرفوا شيئا عنه ، وهم لصيقون به لذكروه كبرهان يستدل به ، ويقوي حجتهم ، لكن العكس هو الصحيح ، كما سوف يرى القراء فيما بعد ، من هذا البحث نموذجا من رسائله المؤيدة لدعوة الشيخ ، والتأسف على ما مضى ، والحث لبعض طلبة العلم بالانضمام إلى هذه الدعوة ، وتبيين محاسنها .
7 - وقرينة أخرى فإن مخالفة الشيخ سليمان بن عبد الوهاب لأخيه الشيخ محمد ، التي تعتبر توقفا ، لا معاداة للدعوة ، كانت كما قلنا في بداية أمر دعوة الشيخ ، وانطلاقها من الدرعية بمؤازرة الإمام محمد بن سعود ، ووقتها لم تتعد الردود الكلام الشفهي . والشائعات التي لا يخلو منها أي مجتمع ، وخاصة في كل أمر مهم كدعوة الشيخ محمد .
وحسين بن غنام رحمه الله ، ممن رصد ذلك بتاريخه ، وقد عاصرهما سويا ، وتوفي بعدهما بزمن في عام 1225 هـ . ولم يذكر من ذلك شيئا ، رغم أنه ذكر كثيرا من أسماء المخالفين للشيخ محمد في دعوته ، كما أنه لم يذكر : المشايخ أحمد بن محمد التويجري ، وأحمد بن عثمان الشبانة ، ومحمد بن عثمان بن شبانة . وهم ممن بينهم وبين الشيخ سليمان مكاتبات حول الدعوة ، وكانوا متوقفين في البداية ، حتى عرفوا صدقها وسلامة ما يدعو إليه الشيخ محمد فأيدوها ، كما يتضح من رسائلهم المتبادلة . وسوف نورد نموذجها في حدود ما تنجلي به الشبهة . ولا غيرهم من علماء نجد في مدنها العديدة ، ممن توقف حتى يتحقق أمامهم صدق الدعوة . وهذا ليس بغريب ، بل إن كثيرا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تأخروا في الاستجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم ، وعادوه وآذوه ، فصبر حتى أظهر الله الأمر ، وفتح مكة ، فانساقوا للدعوة جماعات كما قال سبحانه : سورة النصر الآية 1 إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ سورة النصر الآية 2 وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا .<o:p></o:p>
8 - ومن جانب أخر فإن كلمة الوهابية ، في وضعها اللغوي الصحيح تكون نسبة لوالدهما عبد الوهاب سويا ، ولا يمكن أن يكون لسليمان الابتداع في إطلاق هذا المسمى على دعوة أخيه ، لأنه يعرف دلالة اللغة العربية ، كما لم يعرف أن والدهما عبد الوهاب ، قد اكتسب اسم هذه النسبة ، ومن جهة أخرى ، فإنه لم يرد على والده ، وهو يدرك أن النسبة خطأ ، لأنها من نسبة الشيء إلى غير أصله ، فلا يمكن أن نقول للمكي إنه شامي ، ولا للمصري إنه عراقي ، ولا للهندي إنه مغربي ، وهكذا .
وإن أطلقت الوهابية تجوزا فإن محمدا وسليمان مشتركان فيها ، الراد والمردود عليه ، وهذا مما لا ينطلي على الشيخ سليمان بن عبد الوهاب ، إن كان هو صاحب الرد حقيقة ، أما إذا كان الرد مدسوسا عليه ، وهذا هو الأرجح عندي ، فإن جهالة المفتري تجعله يقع في مزالق أبلغ من ذلك .
9 - وقلنا في القرينة الرابعة ما يدل على أن كل من كتب عن الشيخ ، كان لسبب دفع إليه ، وهدف قصده هو أو وجه نحوه ، لتحقيق غاية مقصودة حول هده الدعوة ، إذ يرى أصحاب هذا الاتجاه : أن من أهم ما يجب إبرازه ، معارضة المحيطين بالشيخ من أهل نجد ، ففي العراق ، وفي الشام ، وفي مصر وفي غيرها تلقف الناس ، أقوال أشخاص ناوءوا الدعوة ، كما يظهر من الردود : عند ابن جرجيس ، وابن حداد العلوي وغيرهما . بل نموذج ذلك مربد التميمي الذي ذهب من نجد لليمن عام 1170هـ ، ثم رجع إلى مكة ، وصادف قبولا عند المتخوفين من الدعوة بعد سماع أخبارها ، فوضع في وظيفة محدث في الحرم المكي . وقال عنه الشيخ عبد الله بن بسام : والقصد أن هذا الرجل وأمثاله ممن ناوءوا الدعوة الإصلاحية ، هم الذين شوهوا سمعتها وألصقوا بها الأكاذيب ، وزوروا عليها الدعاية الباطلة ، حتى اغتر بهم من لا يعرف حقيقتها ، ولا يخبر حالها ، فرميت بالعداء عن قوس واحد ، إما من الحاسدين الحاقدين ، وإما من المغرورين المخدوعين ، وإما من أعداء الإصلاح والدين ، حتى غزتها الجيوش العثمانية في عقر دارها ، فأوقفت سيرها ، وشلت نشاطها ، بالقضاء على دعاتها ، وإبادة القائمين عليها من ملوك الحكومة السعودية الأولى ، ورجال العلم من أبناء الشيخ محمد وأحفاده انظر كتابه ( علماء نجد خلال ثمانية قرون) 6 / 419 . .
أ- ومن هؤلاء المناوئين سليمان بن محمد بن سحيم ، الذي جاء ذكره في كثير من رسائل الشيخ ، بأنه يكتب للأقطار في النيل من الشيخ محمد ، ومهاجمة دعوته ، ويصور للناس في رسائله أشياء لم تقع من الشيخ ، بل ليس لها أصل ، وقد كان من علماء الرياض ، وعند قرب سقوط الرياض في يد الدولة السعودية الأولى ، وتتالي هزائم دواس ثم ابنه دهام بن دواس ، غادر المذكور للأحساء ثم الزبير بالعراق ، وقد توفي هناك سنة 1181هـ وفيها أولاده تراجع ترجمته في المصدر السابق 2 / 381 ، 382 . . ولم نعلم له كتابا في الرد على الشيخ ، وإنما يحرك بالكلام وبالرسائل لأنه ممن يحضر الموالد .<o:p></o:p>
ب- ومنهم محمد بن عبد الله بن فيروز النجدي أصلا ، الأحسائي مولدا ، كان من العلماء ، وجاء ذكره في رسائل الشيخ ، وقد اهتم به والي البصرة العثماني: عبد الله أغا ، لما انتقل إليها وسكنها حيث بقي بها حتى آخر حياته عام (1216هـ) تراجع ترجمته في المصدر السابق 6 / 236- 245 . .وقد وجد فيه والي البصرة ، ما يعينه على تحريض السلطان العثماني محمود ، على القضاء على هذه الدعوة على الشيخ ومن يناصره من آل سعود ، وقد أيده في هذا المسلك بعض تلاميذه ما عدا الشيخ : محمد بن حسن بن رشيد العفالقي الذي توقف في البداية وهاجر للمدينة ، فعرف بعد ذلك حقيقة الدعوة ، وصار يدعو لها ، كما هي حال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب ورفقائه الثلاثة الذين مر ذكرهم .
ولما دخل الإمام سعود بن عبد العزيز المدينة أكرم الشيخ محمد العفالقي كعادته في إكرام العلماء ، وجعله على قضاء المدينة ، وقد ظهرت جهوده في تعريف الناس بهذه الدعوة ، وخاصة في مصر بعد أن سكنها ، فأحبه الناس هناك ، حيث ظهر دوره الكبير في تعريف الناس بالسلفية في مصر ، وقد توفي بالقاهرة عام (1257) تراجع ترجمته في (مشاهير علماء نجد وغيرهم) لعبد الرحمن آل الشيخ ص 228 ، ويسميه أحمد . .
جـ- ومنهم عبد الله بن عيسى المويسي ، قاضي حرمة الذي جاء ذكره في رسائل الشيخ كثيرا ، وحذر الشيخ محمد الناس منه ، وبين أعماله ، وقد توفي ببلده عام (1175هـ) قبل انتشار الدعوة ، واتساع دائرتها في الجزيرة العربية تراجع ترجمته في (مشاهير علماء نجد خلال ثمانية قرون ) لابن بسام 4 / 364-369 . .<o:p></o:p>
د- ومنهم عثمان بن منصور ، الذي درس في العراق ، ومن أشهر مشايخه داود بن جرجيس ، ومحمد بن سلوم وهما من أشد خصوم الدعوة . وبين ابن جرجيس وعلماء نجد ، ردود ومنافرات حول هذه الدعوة . وقد قال ابن بسام في ترجمة عثمان بن منصور : والمترجم له متردد في اتجاهه العقدي ، فمرة يوالي الدعوة السلفية وينتسب إليها ، وأخرى يبتعد عنها ، ويوالي أعداءها ، وذلك لما وصل داود بن جرجيس نجدا ، أخذ يقرر استحباب التوسل بالصالحين من الأموات ، والاستعانة بهم ونحو ذلك مما يخالف صافي العقيدة ، ناصره عثمان بن منصور وصار يثني عليه ، ويمدح طريقته ، وقرظ كتابه ، وأثنى عليه ونهجه بقصيدة بلغت ستة وثلاثين (36) بيتا ، وقد رد عليه جماعة من علماء نجد بقصائد مماثلة بالوزن والقافية ، زاد عددهم عن سبعة . وكان قاضيا لسدير ، توفي هناك عام (1284هـ) .
- كما أن منهم إبراهيم بن يوسف : الذي تعلم في دمشق وسكنها ، وهو من أشيقر ، وكان له حلقة في الجامع الأموي ، وقتل في ظروف غامضة هناك عام (1187هـ) ، وقال ابن بسام بالطاعون عام (1205هـ) تراجع ترجمته في (مشاهير علماء نجد خلال ثمانية قرون) لابن بسام 1 / 264- 267 . .
- وغيرهم كثير ممن جاءت أسماؤهم في ردود الشيخ محمد وتلاميذه ، ولكن لم يتضح لنا فيها ما يشير إلى تمادي الشيخ: سليمان بن عبد الوهاب في معاداته للدعوة ، ولا إشارة لرد حصل منه على الشيخ ، مما يدل على أن الرد المزعوم ، المسمى بعنوان: (الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية) ، وما تبعه من ردود افتريت على الشيخ سليمان ، بقصد تقوية حجة من وراء ذلك العمل . بصعود على سلم يريدونه أقرب طريق يوصلهم لغاياتهم ، ولكي يحتجوا بالشيخ سليمان في تقوية شبهاتهم ، وتعزيز باطلهم .
خاصة وأننا نلمس تجدد هذا العمل ، وإبراز مثل هذه الردود ، التي تتجدد وتتلون مع كل مؤثر سياسي ، وأطماع يراد بها زعزعة الأوضاع ،وبلبلة العقول ، ولراغب الفائدة العودة إلى مجلة المنار لمحمد رشيد رضا . وصحف أهل الحديث ، وأخبار محمدي ، وزميندار بالهند وغيرها .
فقد صاحب قيام الملك عبد العزيز - رحمه الله- بتوحيد المملكة ، أشياء كثيرة ، من هذا النوع ، لا تقل عما حصل أيام الدولة السعودية الأولى . بتكرار الأكاذيب السابقة . وبزيادات يقصد منها الحماسة ضد الملك عبد العزيز - رحمه الله- بعدما دخل مكة عام (1343هـ) ، حتى بلغ من شدة العداء استعداء الدول الأجنبية ضده رحمه الله .
ولما كان صدى هذه الدعوة ، في دورها الأول ، قد تعدى محيطها المحدود ، بعدما بدأت في التوسع من الجهات الأربع ، ودخلت العراق والشام ، مما خوف الخلافة العثمانية ، وتناقلت صحف الغرب الحديث عنها ، وجند من يستقصي أخبارها ، فجاءت كتابات مؤيدة ، من مفكري ومستشرقي الغرب في فرنسا وألمانيا ، وبلجيكا وسويسرا ، وهولندا وغيرها .<o:p></o:p>
الغاية تبرر الوسيلة :
وبعد دراسة أصحاب المصالح ، والمستعمرين لكثير من ديار المسلمين ذلك الوقت ، من دول الغرب ، لما ينجم عليهم من خسارة عندما تنتشر هذه الدعوة التي هي صحوة إسلامية ، ودعوة للسير على المنهج الأول وتعاليمه .
خاصة وأن الحجاج الذين أعجبوا بها ، قد بدءوا ينقلونها لبلادهم ، وينشرون الطريقة المثالية في الدعوة ، لتجديد ما اندثر من تعاليم الإسلام ، ومحاربة البدع والأضاليل المنسوبة للإسلام .
شعر أولئك بهذا المد الجديد ، الذي سيقضى على مصالح المستعمرين والمنتفعين ، من جراء