فرجع عن غيه وأعلن خطأه ، وأظهر توبته عما سلف ، وكتب في هذا رسالة هذا نصها المصدر السابق ، ص 73 . ، ثم أورد الرسالة السابقة .<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
- كما حرص الشيخ فوزان في رده على الملحد الحاج مختار بن الحاج أحمد باشا ، المؤيد العظمى ، من أهل الشام برسالته المسماة :(جلاء الأوهام عن مذاهب الأئمة العظام) التي وصلت إليه في مصر عام (1331هـ) أن يتابع مثل هذه الأشياء ، وشبهاتهم في ردودهم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب .
وكانت من بين الشبهات علاوة على رد سليمان على أخيه المنوه عنه ، قوله عن الشيخ محمد : بأنه كان يميل لمطالعة أخبار من ادعوا النبوة ، ويكتم هذا الفكر في نفسه .
وقوله : وكان والده يتفرس في ابنه هذا- يعني الشيخ محمدا - الشقاوة . قال الشيخ فوزان : فهذه دعوى كاذبة باطلة مرذولة ، تحكي دين وأمانة من اخترعها ، فإن الشيخ عبد الوهاب رحمه الله قد أثنى على ولده محمد ثناء جميلا بقوله فيه : لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام ، وقد كتب الشيخ عبد الوهاب رسالة إلى بعض إخوانه ، نوه فيها بشأن ابنه محمد ، وما هو بحائز عليه من الفهم ، والحفظ والإتقان الذي يعد فيه آية من آيات الله ، قال: وقد تحققت أنه بلغ الاحتلام قبل إكماله اثنتي عشرة سنة ، فرأيته أهلا للإمامة في الصلاة بالجماعة ، فقدمته لمعرفته بالأحكام . . . إلى آخر ما ذكره المصدر السابق ، ص 56 . .
ثالثا - وقد أورد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن (1225 - 1293هـ) ، هذه الرسالة من الشيخ سليمان إلى المشايخ الثلاثة في المجمعة ، في كتابه : (مصباح الظلام) وقال عنها : وقد رأيت له- يعني سليمان - رسالة يعترض فيها على الشيخ محمد ، وتأملتها فإذا هي رسالة جاهل بالعلم والصناعة ، مزجي التحصيل والبضاعة ، لا يدري ما طحاها ، ولا يحسن الاستدلال بذلك وسواها انظر: هامش (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر 1 / 71 . . إلى أخر ما ذكر .<o:p></o:p>
وكأنه بذلك يستنكر نسبتها إليه ؛ لأن سليمان عالم ، ورسالته السابقة ، تدل على مستواه وقدرته العلمية ، وفهمه لكيفية الاستدلال ، فقد قال بعد ذلك : هذا وقد من الله وقت تسويد هذا ، بالوقوف على رسالة لسليمان ، فيها البشارة برجوعه عن مذهبه الأول ، وأنه قد استبان له التوحيد والإيمان ، وندم على ما فرط من الضلالات والطغيان ، ثم أورد نص الرسالة السابقة انظر: أيضا هامش (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر 1 / 71 . ، ولا استبعد أن تكون الرسالة التي انتقدها الشيخ عبد اللطيف مكذوبة على الشيخ سليمان .
وقد أوردنا عن ابن بشر في حوادث عام (1190هـ) أن سليمان بن عبد الوهاب قدم إلى الدرعية مع وفد من أهل الزلفي وأهل منيخ على الشيخ محمد في الدرعية ، وأن الشيخ قد استقدمه ، وأسكنه هو وأهله في الدرعية ، وقام بما ينوبه ، ويعتازه من النفقة حتى توفاه الله سبحانه انظر: (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر 1 / 128 . .
ومن هذه اfلرسالة ، وما ذكرنا حولها ، نستنتج أمورا دلت عليها القرائن المستمدة من هذه الرسالة المفيدة ، والتي كان من الممكن أن تكون أوضح دلالة ، لو حفلت بتاريخ (الجزء رقم : 60، الصفحة رقم: 283)
التحرير ، ولا شك أن الرسالة وكذا الرد أو على الأصح الرسائل التي بعث للمشايخ الثلاثة في المجمعة ، ومن ثم ردودهم عليه ، والتي ذكر في هذه الرسالة : أن هناك رسالتين سبقتا منه إليهم بعث هذه الرسالة ، وقد يكون تلاها غيرهما ؛ لأن الرابطة بينهم كانت وثيقة .
ولعل إسقاط التأريخ من الناقلين نسخا ، لعدم اهتمامهم به ، وإلا فهو عند الباحثين يعني قرائن ومقارنات بأحداث ووقائع ينظر أيضا: مصباح الظلام للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ص 104- 108 . بإشراف سعد بن عتيق . . كل ذلك لو توفر الاطلاع عليه لفتح أفقا أوسع في تجلية الأمر .<o:p></o:p>
تكملة قرائن النفي :
مع هذا فإننا نستنتج من هذه الرسالة ما يلي : زيادة على ما ذكرناه سابقا من شواهد على تزكية الشيخ سليمان ونفي ما نسب إليه .
10 - أن أسلوب الشيخ سليمان في هذه الرسالة ، يميل إلى اللغة العامية في نجد ، وهي اللهجة التي حرص الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن يخاطب بها الناس ، لأنها أقرب للفهم ، وأدعى للإدراك ، فهي عربية في النطق ، ودارجة في التحدث باللسان . وأسلوبه هذا يخالف الرسائل المنسوبة إليه .
11 - أن الذي يقرأ رسالة الشيخ سليمان ، كأنه يقرأ رسائل الشيخ محمد ؛ لأن هذا هو السائد في البيئة ، وقد يكون الشيخ سليمان ،
(الجزء رقم : 60، الصفحة رقم: 284)
ممن يساعد أخاه محمدا في تحرير بعض الرسائل ، أو لعله تأثر به ، بحكم المخالطة ودوام العشرة خاصة وأنه قد ارتبط به منذ عام (1190هـ) في الدرعية ، فلا بد أنه يحضر مجالسه .<o:p></o:p>
12 - كانت عودة الشيخ سليمان عن مخالفة أخيه مبكرة ، وقبل أن يتسع محيط الدعوة ، بدليل استجابة بعض العلماء منهم الشيخ العفالقي الذي نزل المدينة المنورة ، واستجابة علماء المجمعة الثلاثة الذي كاتبهم الشيخ سليمان ، لما بينهم وبينه من رابطة سابقة ، وأنهم مثله كانوا نافرين من الدعوة في بداية أمرها ، وهذا غير مستغرب في أي دعوة ، بأن الناس لا يستجيبون دفعة واحدة ، إلا بعد رؤية وجلاء للأمور ، عن سلامة الداعي وصدقه ، وصحة المدعو إليه وعدم تعارضه مع نص شرعي . والمجمعة وحرمة والزلفى ، وما حولها من مناطق سدير ومنيخ ، وأهل اليمامة في الخرج ، كلهم لم يفدوا على الشيخ في الدرعية إلا ما بين سنتي 1190- 1192هـ . والأولى هي السنة التي وفد فيها سليمان مع أهل الزلفي على أخيه بعدما استدعاه في الدرعية يراجع تاريخ ابن بشر (عنوان المجد) ج 1 حوادث عامي (1190- 1191هـ) 1 / 128 ، 129 . كما ذكر ابن بشر ، كما أن أهل القصيم لم ينقادوا إلا عام (1189هـ) يراجع تاريخ ابن بشر (عنوان المجد) ج 1 حوادث عام (1189 هـ) 1 / 127 . .
13 - أن المشايخ الثلاثة الذين كاتبهم الشيخ سليمان وهم من المجمعة ، ذكروا في رسالتهم الجوابية للشيخ سليمان ، والتي ستأتي بنصها فيما بعد : أنهم كانوا في جهل ، وقاموا مع أهل الشرك ثلاثين عاما .
ولذا فإن من المحتمل أن الشيخ محمدا ، لم يدعهم إلا بعدما استقر في الدرعية ، واستجابت الرياض بعد هروب دهام بن دواس منها عام (1187هـ) ، وتكون الاستجابة متقاربة مع وفود الشيخ سليمان على أخيه في الدرعية ، أو بعده بقليل ، خاصة وأن سليمان في تلك الفترة عندهم في سدير .<o:p></o:p>
14 - من يقارن بين أسلوب هذه الرسالة ، وتركيباتها اللغوية واللفظية ، وبين الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ، الذي طبع في القاهرة بتحقيق إبراهيم بن محمد البطاوي : الطبعة الأولى عام 1407هـ ، يناير (1987م) ، يرى بونا شاسعا بينهما ، مما يوجب وضع علامة استفهام كبيرة من حيث :
- الأسلوب الإنشائي ، فهذا الكتاب صياغة حديثة . والرسالة متناسبة مع عصرها .
- الألفاظ والتراكيب بينهما تباعد ، كتباعد الزمنين ، وما يقوله نقاد الأدب من خصائص كل عصر ، وزيادة على ذلك ففكر كاتبها كأنه معنا في هذا الزمن ، أي أنها من أسلوب عصر النهضة الحديثة .
- الصواعق الإلهية ، جعلت بأنها الطبعة الأولى ، بينما العجلاني يرى طباعتها قبل هذا الوقت بزمن ، قدره بثمانين عاما .
- عبارة الوهابية ، لم تكن معروفة في حياة الشيخ سليمان ، بل ولم يعرف أن أحدا في نجد أطلق هذا اللقب على دعوة الشيخ محمد لا من أنصار الدعوة ، ولا خصومها .
- لو كان سليمان هو الذي ألفها لتبرأ منها في رسالته هذه ، أو أشار إليها كما أشار إلى غيرها ، مما يذكر به زملاءه ، وما حصل لهم قبل الاستجابة للدعوة .
فهذه بعض القرائن التي تقوي النفي ، خاصة وأنها وفصل الخطاب يوزعان مجانا ، مما يبرهن على أن وراء ذلك مقصدا لا يختلف مساره الآن عن مسار الأول الذي صاحب الغزو ضد الدرعية .
والثاني : الذي صاحب دخول الملك عبد العزيز رحمه الله ، مكة والمدينة ، وما يحرك ذلك من عوامل وأهداف ، حيث المقصود في ذلك هو الدين نفسه ، وإبعاد الناس عن سلامة العقيدة المرتبطة بالله سبحانه ، ونفي ما يعبد من دونه جل وعلا ، وهذا ما لا يريده المبتدعة ولا أصحاب الأهواء ، ولا أعداء الإسلام الذين يحركون في الخفاء .<o:p></o:p>
15 - أن الطريقة المتبعة في منطقة نجد ، ذلك الوقت كما قلنا ، وما تلاه إلى عهد قريب ، أن المخالفة في الرأي أو العقيدة يتم التعبير عنها بالمشافهة ، والمناظرة في المجالس ، أو بالمراسلة لا بالتأليف ، والتأليف لا يتم إلا في نطاق ضيق- لعدم توفر وسائله - فعندما يصلهم كتاب فإنهم يردون عليه فقط بجزئيات قال : وقلنا كما نلمس هذا في رسائل الشيخ ، ورسائل من يخالفونه .
والمراسلات تعني رابطة فكرية ؛ وصلة علمية ، وتناصحا بين المتراسلين .
ولذا كان الشيخ سليمان على صلة ببعض العلماء ، كما بان من رسالته هذه مع علماء المجمعة ، لتبادل وجهات النظر بالمخالفة ، ثم بالموافقة والائتلاف ، بعدما فتح الله عليهم .
16 - ولو كانت الهوة بعيدة بين الشيخين الأخوين : محمد وسليمان ، ومدة الخلاف طويلة ؛ لطال معها الأخذ والرد ، خاصة مع الأقران غير هؤلاء الثلاثة الذين راسلهم ، ولكان للمخالفين - الذين زاد خلافهم خاصة في بدء الدعوة ، واستمروا في مناوأة الشيخ ودعوته - ذكر له عندهم ، ولربطوا مع الشيخ سليمان تقاربا وتبادل رسائل ؛ لأن هذا مما يقوي مراكزهم ويفرحهم بهذا الخلاف الذي دخل طرفه أخو الشيخ محمد صاحب الدعوة ، كخصم له ، ولنوهوا على رده هذا ، أو ردوده في رسائلهم نصرة لمخالفتهم الشيخ ؟!
ولما لم نجد قرينة تؤصل هذا الأمر ، قوي الترجيح بأن الخلاف مع الشيخ محمد من جانب أخيه سليمان من باب النفرة ، وليس جوهريا ، مثل ما يحصل عادة من الزعل والنفرة في البيت الواحد لأي سبب .
17 - وهذا مما يقوي احتمال أن التوقف مبدئيا ، لا يعتبر خلافا - بمفهومه العام - يوجب مثل هذا الرد ، والتباعد بين الأخوين في المنهج والعقيدة التي هي محور الأعمال ، ولكن ما تم بينهما - ما هي إلا حيرة تدعو لإجالة الفكر ، والتبصر ، وتتبع الأمور والمشاورة مع الأقران ؛ لأن موافقة العالم لا تتم في الغالب ، إلا بعد القناعة ، وجلاء الأمور ، عن كل شيء يثير التساؤلات حيث تتم بعد ذلك القناعة ، ومن هنا ندرك أثر المكاتبات بين الشيخ سليمان ، وهؤلاء العلماء الثلاثة ، الذين وصل إلينا خبرهم ، حيث الجميع يبحثون عن الحقيقة ، ويتلمسون الصواب ، لينحازوا إليه .
وهذا ما يتبادر من سطور رسائلهم المتبادلة . التي هي نموذج يطرح أمام القارئ ، ممثلة من جانب الشيخ سليمان بالرسالة السابقة منه إليهم ، ومن جانبهم في ردهم عليه ، والتي سنوردها فيما بعد ، كما ندرك من هاتين الرسالتين ، صدق النوايا ، وحسن الاستجابة ؛ لأن المقصد الوصول للحقيقة ، والمرجع في ذلك كتاب الله ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ما درج عليه سلف الأمة ؛ لأن : ((ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن ، وما رآه المؤمنون قبيحا فهو قبيح)) . يقول الشيخ سليمان في رسالته : وأذكركم ما من الله به علينا وعليكم ، من معرفة دينه ، ومعرفة ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من عنده ، وبصرنا من العمى ، وأنقذنا من الضلالة .<o:p></o:p>
ثم يذكرهم بعدما جاءوا إلى الدرعية ، لمقابلة الشيخ والعلماء بابتهاجهم وثنائهم على الله تعالى ، الذي أنقذهم . . . ثم في دأبهم في سائر مجالسهم في الدرعية ، وبعد عودتهم إلى المجمعة ، حيث يصل الثناء عليهم . ويقولون هم في ردهم على الشيخ سليمان : فنحمد الله الذي فتح علينا ، وهدانا لدينه ، وعدلنا عن الشرك والضلال ، وأنقذنا من الباطل والبدع المضلة . وبصرنا بالإسلام الصرف ، الخالي عن شوائب الشرك ، فلقد من الله علينا وعليكم ، فله الفضل والمنة ،