عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2013-12-26, 06:55 AM
الكرار،،، الكرار،،، غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-10-14
المشاركات: 9
الكرار،،،
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حارسة السنة بالدم مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...هل كلامكم ينطبق على اولياء الامور من الشيعة على اهل السنة او الذين وضعتهم قوات كافرة...بارك الله بكم ممكن جواب
نحن أمة الدليل وننشد الدليل دائماً ، هذا الرد كنت اعدته أمس لكن بما اني لست واثقاً من فهم السؤال ترددت في إرساله حتى أكون على بينة من أمري .

فالاجابة مختصره كلاهم لا يجوز ولايتهما على مسلم .
ومن المعلوم ان ولاء الشيعة ليس لاوطانهم لذلك ليسوا معنين بالكلام وإنما ولائهم لمرجعيتهم .
وإليك الاسباب والشواهد
الاجابة على السؤال الأول
لا يجوز ولاية الرافضي على المسلم لعده وجوه :-
الأول :- اننا نختلف معهم في مصدر التشريع الأول وهوالقرآن الكريم عند اهل السنة محفوظ وعند الروافض محرف .
ثانياً :- انهم يختلفون معنا في مصدر التشريع الثاني وهو السنة النبوية المطهرة التي كفروا بها ،واستبدلوها بأقوال معمميهم والثقافة الإغرقية واهل الكلام وبعض الروايات المكذوبة على اهل البيت عليهم السلام
ثالثاً :- انهم مشركين والشرك يحبط جميل الأعمل الصالحة .
رابعاً :- عندهم اي الروافض من لم يؤمن بالولي الفقية مرشد الثورة مرتد حتى لو كان شيعي باللسان المتشدد آية الله محمد تقي مصباح يزدي
خامساً :- تكفير للصحابة وبالاخص الخلفاء الثلاثة، أبي بكر وعمر وعثمان، لأنهم كفروا بإمامة علي بحسبهم .
و عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر (ع) جعلت فداك ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها؟ فقال ألا أحدثك بأعجب من ذلك: المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا ثلاثة)
[ الكافي: 2/244] [قال المحشي: المراد بالثلاثة سلمان وأبو ذر والمقداد. كما روى الكشي ص8 بإسناده عن أبي جعفر والباقر (ع) أنه قال: ((الناس ثلاثة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد)). قال الراوي: فقلت: عمار؟ فقال: كان جاض جيضة - أي عدل عن الحق ثم رجع - ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد. وانظر 2/441 ].
سادساً:- لعن الشيخين أبي بكر وعمر من دين الشيعة الإمامية بل جعله اصلاً من أصول دينهم وعلامة بارزة على البراءة ممن يعتقدون أنهم نصبوا العداء لعلي بن أبي طالب وغصبوا حقه، وعلى هذا أساس وضعوا ما سموه بدعاء صنمي قريش، وهو الدعاء الذي لا تخلوا صلاة من صلاة الشيعة، ولا مناسبة من مناسباتهم الدينية إلا ورددوه، ودعوا به على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
سابعاً:- تكفير جميع المسلمين ووصفهم بالنواصب اي الكفار يقول السيد الخوئي في كتابه(المسائل المنتخبة)، ص 56: ((والأظهر أن الناصب في حكم الكافر وإن كان مظهرا للشهادتين والاعتقاد بالمعاد))
يقول السيد محمد باقر الصدر في كتابه (الفتاوى الواضحة) ما ينقله عنه صاحب كتاب (النصب والنواصب) محسن المعلم: (وقال السيد الصدر- طيب الله ثراه – فيمن استثناهم من نجاسة الكافر فَعَد?أهل الكتاب والغلاة ثم ذكر النواصب فقال: (وكذلك النواصب الذين ينصبون العداء لأهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فإن هؤلاء الغلاة و النواصب كفار ولكنهم طاهرون شرعا ما داموا ينسبون أنفسهم إلا الإسلام)
وقد استدل بما رواه ابن أبي يعفور في الموثق عن أبي عبد الله – ع – في حديث قال: وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام، ففيها غسالة اليهودي، والنصراني، والمجوسي، والناصب لنا أهل البيت فهو شرهم فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب، والناصب لنا أهل البيت لأنه أنجس منه). (محمد باقر الصدر كتاب الفتاوى الواضحة، ص: 227)
ثامننا :- انهم يؤولون تفسير القرآن الكريم بما يوافق معتقداتهم الباطلة لانهم كفروا بالسنة النبي المطهرة التي الموضحة للقرآن الكريم .
تاسعاً:- أن ولائهم ليس لإوطانهم وإنما لمراجعهم في ايران فمفهوم المواطنة ليس عندهم . والخمس من المال يذهب للمرجع .
عاشراً:- اباحة دماء واموال المسلمين عند الروافض
يقول نعمة الله الجزائري بعد أن بين معنى الناصب:
والثاني في جواز قتلهم واستباحة أموالهم ، قد عرفت أن أكثر الأصحاب ذكروا للناصبي ذلك المعنى الخاص في باب الطهارة والنجاسات وحكمه عندهم
كالكافر الحربي في أكثر الأحكام، وأما على ما ذكرناه له من التفسير فيكون الحكم شاملا كما عرفت .
روى الصدوق طاب ثراه في العلل مسندا إلى داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام (39) المصدر السابق ص 167 .ما تقول في الناصب ؟
قال : حلال الدم لكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل .
قلت: فما ترى في ماله ؟
قال خذه ما قدرت .
) وسائل الشيعة 18/463، بحار الأنوار 27/ 231.
الحادي عشر :- الاعتداء على النفس عند الروافض قال تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) وقال تعالى ( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
الثاني عشر :- استباحة المحرمات بأسم المتعة ما يسمى زواج المتعة .
وبعد ما استطردنا من موانع الحكم عند القوم نتجه إلى حكم الكافر بالمطلق لا يجوز تولية على المسلمين باي حال من الاحوال
وقد أفتى به بعضهم مؤخَّرًا من جواز تولِّي الكافرِ الولايةَ العظمى في بلاد المسلمين؛ ليكون حاكمًا عليهم، مدبِّرًا لشؤونِهم، متصرِّفًا في أمورهم، وله حقُّ الطاعة عليهم؛ مستدلِّين على ذلك بتولِّي سيدنا يوسف - عليه السَّلام - للولاية في ظلِّ حُكم مَلِكٍ كافر، وبتولِّي الكُفَّار لبعض الولايات الخاصة في بلاد المسلمين بلا إنكارٍ أو تَثريب، مثل رئاسة بعضهم لاتِّحاد مُلاَّك عمارة سكَنية، وقالوا: إن هؤلاء الكُفَّارَ شركاء لنا في الوطن، ومِن ثَمَّ يجب أن يتساوَوْا مع المسلمين في الحقوق والواجبات!
والحَقُّ أن هذا كلام بعيدٌ عن الصَّواب، مُخالف للحقِّ من وجوه، منها:

أولاً: أن وظيفة حُكَّام المسلمين الرئيسة هي إقامة شرع الله وإعلاءُ كلمته، وسياسة الدُّنيا بالدِّين، وحِفظ حدود الله ودينه وحقوق عبادِه، فالخلافة نيابةٌ عن النُّبوة في حراسة الدِّين وسياسة الدُّنيا به، وليست مجرَّد وظيفة.
قال الماورديُّ: "الإمامة موضوعةٌ لِخلافة النُّبوة في حراسة الدِّين وسياسة الدُّنيا، وعقدها لِمن يقوم بها في الأُمَّة واجب"[1].
وقال ابن تيميَّة: "فالمقصود الواجب بالولايات: إصلاح دين الخَلْق، الذي متى فاتَهم خسروا خسرانًا مبينًا، ولم ينفعهم ما نعموا به من الدُّنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدِّين إلاَّ به من أمر دنياهم"[2].
فكيف يُظنُّ بكافر لا يؤمن بالإسلام دينًا أن يقوم بهذه الوظيفة؟! وكيف نضع أمانةَ حِراسة الدِّين بين يدَيْ مَن يكفر به؟
ثانيًا: أن النُّصوص الشرعية دلَّت على أن الإمامة لا تنعقد لكافر ابتداءً، وأنَّه لو طرأ عليه الكفر بعد توَلِّيه، فإنه ينعزل وتَسقط ولايته.
قال الله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141].
قال القاضي ابن العربيِّ: "إنَّ الله سبحانه لا يَجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً بالشَّرع، فإن وجد فبِخلاف الشرع"[3].
وقال الله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59]، فدلَّ بقوله: ﴿ مِنْكُمْ ﴾ على أنَّ أولي الأمر يجب أن يكونوا من المسلمين المؤمنين؛ لأنَّ الخِطاب متوجِّه إليهم من بداية الآية.
وقال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118].
قال القرطبيُّ: "نَهى الله المؤمنين بِهذه الآية أن يَتَّخِذوا من الكُفَّار واليهود وأهل الأهواء دُخلاءَ ووُلَجاء يُفاوضونهم في الآراء، ويُسندون إليهم أمورَهم"[4].
فكيف باتِّخاذهم حكامًا وولاةً للأمور؟!
وقال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 144].
قال ابن كثير: "يَنهى تعالى عباده المؤمنين عن اتِّخاذ الكافرين أولياءَ من دون المؤمنين؛ يَعني: مصاحبَتَهم، ومُصادقتهم، ومناصحتهم، وإسرارَ المودَّةِ إليهم، وإفشاءَ أحوال المؤمنين الباطنةِ إليهم"[5].
وقال القرطبيُّ: "أيْ: لا تجعلوا خاصَّتَكم وبِطانتكم منهم"[6].
فإن كانت مصادقتُهم وإفشاءُ أحوال المؤمنين الباطنةِ إليهم، وجعْلُهم من الخَواصِّ - من صور الموالاة التي نَهت عنها الآية، فلا ريب أنَّ توليتهم أمْرَ المسلمين، وجعْلَهم حكامًا عليهم من أظهر صُوَر الموالاة لهم وأشَدِّها تحريمًا.
وعن عُبَادة بن الصَّامت قال: "دعانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فبايَعناه، فكان فيما أخذَ علينا أنْ بايعَنَا على السَّمع والطاعة في منشَطِنا ومَكرهِنا، وعُسرنا ويُسرنا، وأثَرَةٍ علينا، وأن لا نُنازِع الأمر أهلَه، قال: ((إلاَّ أن ترَوْا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان))"[7].
قال القاضي عياض: "فلو طرأَ عليه كُفرٌ وتغيير للشَّرع، أو بدعةٌ، خرجَ عن حكم الولاية، وسقطَت طاعته، ووجب على المسلمين القيامُ عليه وخَلْعُه، ونصب إمام عادلٍ إن أمكنَهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلاَّ لطائفةٍ وجب عليهم القيامُ بِخَلع الكافر"[8].
ثالثًا: أنَّ إجماع المسلمين منعقِدٌ على اعتبار شرط الإسلام فيمن يتولَّى حكم المسلمين وولايتهم، وأنَّ الكافر لا ولاية له على المُسلم بحال.
قال القاضي عياض: "أجمع العلماءُ على أنَّ الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنَّه لو طرأ عليه الكفر انعزل، وكذا لو ترك إقامةَ الصَّلوات والدُّعاءَ إليها"[9].
وقال ابن المنذِر: إنَّه قد "أجمع كلُّ مَن يُحفَظ عنه مِن أهل العلم أنَّ الكافر لا ولايةَ له على المسلم بِحال"[10].
وقال ابن حَزم: "واتَّفقوا أنَّ الإمامة لا تجوز لامرأةٍ ولا لكافر ولا لصبِي"[11].
وقال ابن حجَر: إنَّ الإمام "ينعزل بالكفر إجماعًا، فيَجِب على كلِّ مسلمٍ القيامُ في ذلك، فمَن قوي على ذلك فله الثَّواب، ومَن داهن فعليه الإثم، ومن عَجز وجبَتْ عليه الهجرةُ من تلك الأرض"[12].
رابعًا: رجَّح جمهورُ العلماء أنَّ فِسق الحاكم فسقًا ظاهرًا معلومًا يؤدِّي لِسُقوط ولايته، ويكون مسوِّغًا للخروج عليه عند أمن إراقة الدِّماء وحدوث الفِتَن؛ وذلك لأنَّ فسقه قد يُقْعِده عن القيام بواجباته الشَّرعية؛ من إقامة الحدود، ورعاية الحقوق، وحِفظ دين رعيَّتِه ومعاشهم.
قال القرطبِيُّ: "الإمام إذا نُصِّب ثم فسَق بعدَ انبِرام العقد، فقال الجمهورُ: إنَّه تنفسخ إمامتُه ويُخلَع بالفسق الظَّاهر المعلوم؛ لأنَّه قد ثبت أنَّ الإمام إنَّما يُقام لإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وحِفظ أموال الأيتام والمَجانين، والنظر في أمورهم إلى غير ذلك...، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور والنُّهوض بها.
فلو جوَّزنا أن يكون فاسقًا، أدَّى إلى إبطال ما أقيم لأجلِه، ألا تَرى في الابتداء إنَّما لم يَجُز أن يعقد للفاسق لأجل أنَّه يؤدِّي إلى إبطال ما أقيم له، وكذلك هذا مثله"[13].
فإن كان هذا قولَهم في حاكمٍ له ولاية وبيعة، ثم طرأ عليه الفِسق، فكيف بكافرٍ أصلي لا بيعةَ له ولا ولاية؟ كيف يَستقيم في شرعٍ أو عقل أن تُعطى الولاية وحكم المسلمين ابتداءً لكافرٍ أصلي؟
خامسًا: أنَّ ما استَدلَّ به أولئك المُفتون بِجواز ولاية الكافر لا دلالة فيه مطلقًا، ولا يَصلح معارضًا للأدلَّة الصريحة الصحيحة المُخالفة لهم.
• فقد بنَى بعضُهم استدلالَه على ما جاء في قصة سيدنا يوسُف - عليه السَّلام - حين طلب من الملِك أن يَجعله على خزائن الأرض، كما جاء في قول الله تعالى: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55]، وقالوا: إن يوسف - عليه السَّلام - كان وزيرًا تحت إمرة ملِك كافر، وهذا يدلُّ على جواز ولاية الكافر.
وهذا استدلالٌ مردود من وجوه، منها:
1- أنَّ هذا مِن شرع مَن قبلنا، وقد تقرَّر في الأصول أنَّ شرع من قبلنا ليس بِشَرع لنا، ولا حُجَّة فيه إذا جاء في شرعِنا ما يُخالفه[14].
2- ليس في القصَّة ما يفيد إقرارَ يوسف - عليه السَّلام - لولاية الكافر، وإنَّما جاء فعل يوسف - عليه السَّلام - إقامةً للعدل والقسط، وحفظًا للحقوق، ودفعًا للظُّلم وإضاعةِ المال في غير حقِّه؛ ولذلك علَّل طلبَه للولاية بأنَّه "حفيظ عليم".
فما فعله سيِّدُنا يوسف - عليه السَّلام - هو نوعٌ من تقليص سلطان الكافر واختزالِه؛ جلبًا للمصالِح، ودفعًا للمفاسد، ولا يلزم من ذلك إقرارٌ لولاية ذلك الكافر، أو موافَقةٌ على حكمه.
قال القاضي ابن العربي:
"فإن قيل: كيف استجاز أن يَقبلها بتولية كافر، وهو مؤمن نبِي؟
قلنا: لَم يكن سؤالَ ولاية؛ إنَّما كان سؤال تَخلٍّ وتركٍ؛ لينتقل إليه، فإنَّ الله لو شاء لَمكَّنه منها بالقتل والموت، والغلَبة والظُّهور، والسُّلطان والقهر، لكنَّ الله أجرى سُنَّته على ما ذكَر في الأنبياء والأمم، فبعضُهم عاملهم الأنبياء بالقهر والسُّلطان والاستعلاء، وبعضهم عاملَهم الأنبياء بالسِّياسة والابتلاء، يدلُّ على ذلك قولُه: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 56][15].
3- أنَّ مناط الحكم في المسألتين مُختلِف؛ فإنَّ الدولة التي كان فيها يوسف - عليه السَّلام - لم تكن دولةً إسلاميَّة، ولم يكن أهلها مسلِمين موحِّدين، كما أن يوسف - عليه السَّلام - لم يُشارك في تولية ذلك الكافر، ولَم يكن بوسعه أن يخلعه ويعزله وهو المستضعف الذي سُجِن ظلمًا في سجن هذا الملِك.
• ومن استدلالات أولئك المُجيزين لولاية الكافر على المسلمين: قياسُ الولاية العُظمى على ما قد يتقلَّده الكفار في بلاد المسلمين من وظائِفَ ومناصب دنيويَّة خاصَّةٍ ومَحدودة، مثل رئاسة اتِّحادات المُلاَّك في العمارات السَّكنية، أو قيادة مَركبة.
فقالوا: إن كُنَّا نجيز للكافر أن يتولَّى رئاسة اتِّحاد الملاَّك في عمارة سكنية؛ لو كان الأكثرَ قدرةً وكفاءة على إدارتها، فلماذا لا نُجيز له أن يتولَّى حُكم البلاد؟!
وهذا من أعجب الاستدلالات، وأكثَرِها بُعدًا عن القواعد والأصول.
فهل تولِّي الكافر لرئاسة اتحاد ملاَّك يَصلح حُجَّةً يُستدلُّ بها، وأصلاً يُقاس عليه؟
وهل يُمكن قياس الولاية العظمى التي ينبغي فيها إقامةُ الحدود، والجهاد، والفرائض، وتحكيم شرع الله في الدِّماء والأموال والأعراض - على ولايةٍ خاصَّة، في شأنٍ خاص، غايتُه جمعُ الاشتراكات وصيانة المرافق؟ هذا وربِّ الكعبة في القياسِ عجيب.
إنَّ الإمامة العُظمى في بلاد المسلمين كما ذكَرْنا آنِفًا هي وظيفة دينيَّة في الأساس، وهي موضوعة لِخلافة النُّبوة في حراسة الدِّين وسياسة الدُّنيا به؛ ومن ثَمَّ لا يَصلح شرعًا وعقلاً أن تُقاس على وظائفَ دنيويَّة بَحتة؛ كتولِّي قيادة سيَّارة، أو رئاسة اتِّحاد ملاك.
سادسًا: إنَّ الشريعة الإسلامية حين حَرَّمت ولاية الكافر على المسلم فإنَّها لَم تَغمط غير المسلمين أو تَسلبهم حقًّا لهم؛ وإنَّما قد راعَتْ في ذلك تحصيلَ المصالح العظمى للمجتمع كلِّه - المسلمين وغيرهم - لأنَّ الخير والعدل كلَّه في سياسة الدُّنيا بالدِّين، والتَّحاكُم إلى شرع الإسلام، والعيش في ظلِّ شريعته التامَّة، السَّمحة السامية.
ولا جدال أن أوَّل لوازمِ تلك الوظيفة ومقوِّماتها أن يتولاَّها من يؤمن بهذا الدِّين الكامل، ويحرص على حفظه وإعلاء كلمته، ويدين الله تعالى بتطبيق شريعته التامَّة؛ ولذلك كان اشتراطُ الإسلام فيمن يتولَّى الإمامة العظمى طبيعيًّا، يتَّفِق مع قواعد الشرع والعقل.
والشريعة الإسلامية في مقابل ذلك قد أمرَت المسلمين - حُكَّامًا ومحكومين - بالعدل والقسط في أهل الذِّمة، وحرَّمَت ظلمهم، والاعتداءَ عليهم بالباطل، كما أمرَت بالوفاء بعهدهم وذمَّتِهم، وحضَّت على دعوتِهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وشرعت بِرَّهم والإحسانَ إليهم ما استقاموا في عهدهم، وأوفَوْا بذِمَّتِهم.
قال الله - تعالى -: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
وقال: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].
وعن عبدالله بن عمْرٍو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن قتَل مُعاهَدًا لَم يرحْ رائحة الجنَّة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا))[16].
وأخيرًا، فإنَّ مشاركة المسلمين للكفار في وطَنٍ واحد لا تعني بالضرورة تَساوِيَهم في الحقوق والواجبات، وإنَّما تُوجِب إقامة العَدل والقسط على الجميع، والعدل لا يعني المساواة في كلِّ شيء؛ وإنَّما يعني إعطاءَ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، ومطالبتَه بأداء ما عليه من واجبات، والمَرجِع في تحديد الحقوق والواجبات هو شرعُ الله، لا غير.
والناس لا يتساوَوْن في كلِّ شيء حتَّى تكون لهم نفس الحقوق والواجبات؛ وإنَّما يتفاوتون في ذلك، ويَختلفون باعتبارات متنوِّعة متعدِّدة.
فهل من العدل مثلاً أن نُساوي بين المسلمين وغيرهم في الأمر بالخروج لجهاد الطَّلَب، ونأمر غير المسلم بِبَذل روحِه ومالِه؛ من أجل إظهار دينٍ لا يُؤمِن به؟! أم نَترك الأمر بِجهاد الطَّلَب بالكُلِّية، فلا نتوجَّه به للمُسلم، ولا لغير المسلم؟
إنَّنا إنْ قلنا بالمساواة هنا، فسنَقع بين مَطرقة ظُلم غير المسلمين، وسِنْدانِ تعطيل شعيرة الجهاد، والمخرج من ذلك هو تطبيق العدل الربَّاني في تحديد الحقوق والواجبات كما جاءت بذلك شريعةُ الله تعالى.
ومما سبق يظهر جلِيًّا - بحمد الله - خطَأُ ما ذهب إليه أولئك المُفْتُون، وسقوطُ استدلالِهم، وفسادُ قياسهم، ومُخالفتُهم للنُّصوص الشرعية القاطعة، والإجماعِ المنعقِد.
وهكذا دائمًا تجد أهل الباطل لا تستقيم لهم حجَّة، ولا يصحُّ لَهم استدلال؛ لأنَّ الباطل لَجْلج، لن تُقوِّيَه دعاوى المبطِلين، ولن تُقيمَه فتاوى المداهنين.
نسأل الله أن ينوِّر بصائرنا، وأن يرِيَنا الحقَّ حقًّا ويرزقنا اتِّباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابَه، وألاَّ يجعل مصيبتنا في ديننا، ولا يَجعل الدُّنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مبلغَ علمنا، وأن يَستعملنا في خدمة الدِّين، وأن يولِّي أمورَنا خيارنا، ويهيِّئ لنا أمر رُشْد، يعزُّ فيه أهل طاعته، ويذلُّ فيه أهل معصيته، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر.
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسولِه محمدٍ خير الأنام، وعلى آله وأزواجه وأصحابِه ومَن تَبِعهم بإحسان.
[1] "الأحكام السُّلطانية"، ص5.
[2] "السياسة الشَّرعية"، ص13.
[3] "أحكام القرآن" (1/ 641)، وانظر: تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 421).
[4] تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (4/ 179).
[5] "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (1/ 867).
[6] تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 425).
[7] "مسلم" (3427).
[8] "شرح صحيح مسلم" للنووي (6/ 314).
[9] "شرح صحيح مسلم" للنووي (6/ 315).
[10] نقله عنه ابن القيم في "أحكام أهل الذِّمَّة" (2/ 787).
[11] "مراتب الإجماع" ص208، ولم يتعقبه ابن تيميَّة في نقد مراتب الإجماع؛ مما يدلُّ على موافقتِه له.
[12] "فتح الباري" (13/ 123).
[13] "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 271).
[14] انظر: "المستصفى في أصول الفقه" للغزالي (1/ 133)، ولا يُلتفت لقول البعض: "إنَّ هذا ليس مما يقع فيه النَّسخ"؛ لأنَّها مسألةٌ لا تَدخل في الثوابت العقَدِيَّة التي اتَّفقتْ عليها الرسالات الإلهيَّة، كالقول في ذات الله وصفاته وكتبه ورسُلِه، هذا إنْ سلَّمْنا بصحة الاستدلال، ونحن لا نسلِّم به.
[15] "أحكام القرآن" (60).
[16] أخرجه البخاري (2930).
المرجع
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/spotlight/1092...#ixzz2oQgZbZKo
جواب السؤال الثاني : -
فقد وجدت فتوى معده لرد على من قال ولاية الحاكم المسلم صحيحة لو كلفه بها الكافر :-
للشيخ حاكم المطيري كويتي الجنسية ، نفع الله به وفي علمه :-
ما صحة الفتوى بوجوب السمع والطاعة للحاكم الذي نصبه العدو الكافر في بلد إسلامي، بدعوى أن النبي يوسف كان وزيرا لملك مصر، وهو الذي ولى يوسف أمر خزائن الأرض كما جاء في القرآن؟ وما حكم من يفتي بذلك؟ وهل يسوغ تقليده؟ وما الذي يجب على المسلمين إذا استقر الأمر لمثل هذا الحاكم على القول ببطلان ولايته؟
* * *
الجواب:
الحمد لله ولي المؤمنين، وصلى الله وسلم على إمام الموحدين، محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فقد كثر السؤال عما أثاره بعض الشيوخ في وسائل الإعلام من شبه هدمت من الدين الفرع والأصل، وصادمت من الأدلة الشرع والعقل، ومنها هذه القضية التي طرحها ذلك الشيخ على الناس ولم يسبقه إليها أحد من الأئمة، ولا سلف الأمة، بل صادم بها قطعيات النصوص الشرعية، وأحكامها القطعية، وهذا بيان وجه بطلان هذا القول أصلا وفرعا:
أولا: وجه بطلان هذا القول أصلا:
فمن المعلوم بالأدلة القطعية أن السمع والطاعة إنما هما فرع من فروع أصل المولاة، وهي - أي المولاة - أصل من أصول الإسلام، وركن من أركان الإيمان، وقد نص القرآن على هذا الأصل العظيم في آيات كثيرة، ورتب عليه أحكام خطيرة، ومن ذلك:
1) أن الله جعل نفسه ولي المؤمنين، وجعل الطاغوت ولي الكافرين، كما قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا... والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت} (البقرة 257) والولي هو النصير والظهير.
2) وحصر الولاية وقيدها فقال سبحانه: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} (المائدة 55).
3) وحرم مولاة غير المؤمنين تحريما قاطعا فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} (الممتحنة 1)، وقال: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء} (آل عمران 28)، وقال أيضا: {يأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم} (الممتحنة 13).
4) وقطع كل أشكال وصور المولاة معهم فقال: {لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان} (التوبة23).
5) وجعل حكم من تولاهم كحكمهم، فقال في شأنهم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} (المائدة 51).
6) وشرط لتحقق الإيمان عدم المولاة لهم فقال سبحانه: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء} (المائدة 81)، فدل على أن من اتخذهم أولياء لم يتحقق له الإيمان بالله والرسول والكتاب.
7) وأوجب المولاة بين المؤمنين، كما جعل الظالمين والمشركين أولياء للظالمين والشياطين، فقال جلا وعلا: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (التوبة 71)، وقال في شأن الظالمين: {وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين} (الجاثية19)، وقال أيضا: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} (الأنفال73)، وقال: {إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون} (الأعراف 27).
8) وحرم على المؤمنين طاعتهم واتباعهم وجعل طاعتهم من الشرك به فقال: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} (الأنعام 121)، وقال أيضا: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء} (الأعراف3).
9) وأوجب على المؤمنين جهاد المشركين أولياء الشياطين فقال سبحانه: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} (النساء 76)، وقال أيضا: {واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا} (النساء 89)، وجعل الغاية من قتالهم أن لا تكون فتنة وأن يكون الدين والطاعة كلها لله، فقال: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} (الأنفال39).
10) وأجب على المؤمنين البراءة منهم وعداوتهم حتى يؤمنوا بالله وحده، فقال سبحانه: {لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده... لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول الله فإن الله هو الغني الحميد} (الممتحنة 4 - 6).
11) وجعل الله سلطان الشياطين والكافرين على أوليائهم ولم يجعل لهم على المؤمنين سلطانا ولا سبيلا، فقال سبحانه: {فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} (النحل 98 - 100) وقال أيضا: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} (النساء 141)، بل وأوجب على المسلمين الهجرة من أرض الكفر - قبل الفتح - ولم يجعل لهم ولاية مع المؤمنين حتى يهاجروا إلى أرض الإسلام، كما قال تعالى: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} (الأنفال 72).
12) وكتب الله العزة والنصر في الدنيا والآخرة له ولأنبيائه ولأوليائه المؤمنين فقال سبحانه: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون *الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} (يونس62 - 64)، وقال: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} (المائدة 56)، وقال أيضا: {الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فلله العزة جميعا} (النساء 139).
فإذا كان أمر الولاية على النحو المذكور - من كون الله سبحانه وتعالى هو ولي المؤمنين، كما أن الطاغوت هو ولي الظالمين، ومن كون الولاية هي لله ولرسوله وللمؤمنين، وأنه يحرم على المسلم أن يوالي غير المؤمنين ولو كان أبا أو أخا، وأن من تولاهم كان منهم ومثلهم في كفرهم، وأن دعوى الإيمان بالله ورسوله وكتابه لا تتحقق مع اتخاذ غير المؤمنين أولياء، وأنه يحرم طاعتهم واتباعهم، بل يجب عداوتهم وجهادهم حتى يكون الدين كله لله، وأن طاعتهم وتوليهم واتباعهم هو من الشرك بالله والكفر به.... الخ - فكيف يسوغ في دين الله القول بمشروعية السمع والطاعة لهم التي تقتضي النصرة مع أن الولاية - التي تعني النصرة - محرمة بينهم وبين المسلمين، بل وتقتضي الردة عن الدين، والخروج عن سبيل المؤمنين؟!
وكيف يستقيم القول بوجوب السمع والطاعة لمن هو عدو لله ورسوله ممن أوجب الله على المؤمنين جهاده من الكفار والمنافقين كما قال تعالى: {يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} (التوبة 73) ؟!
وكيف يسعى المؤمن في نصرة من يريدون أن يطفئوا نور الله، ويعطلوا شريعته، يبطلوا أحكامه، في الوقت الذي أوجب الله عليه الجهاد في سبيله حتى يكون الدين كله لله؟!
وكيف يبرأ المؤمن من المشركين والكافرين ويعاديهم ويبغضهم ولو كانوا عشيرته وفي الوقت نفسه يجب عليه طاعتهم وتوليهم ونصرتهم؟!
والمقصود أن أصل الولاية لله ولرسوله وللمؤمنين، وأصل البراءة من المشركين والظالمين، يتناقضان كلية مع القول بوجوب السمع والطاعة للمشركين وأولياء المشركين أو لمن يوليه العدو على المؤمنين، إذ الولاية - التي تعني النصرة والتي هي خاصة لله ولرسوله وللمؤمنين - تتناقض مع الطاعة - التي تقتضي النصرة - التي يوجبها صاحب هذه الفتوى!!
ثانيا: وجه بطلان هذا القول فرعا:
وإذا كان ما سبق بيانه قاض ببطلان هذا القول أصلا، لمناقضته لأصول الإيمان، وقطعيات القرآن، فإنه باطل أيضا فرعا، لمصادمته لأحكام فقهية فرعية قطعية أيضا، ومن ذلك:
1) أن السمع والطاعة لولي الأمر من الأحكام الشرعية:
وقد جعل الله السمع والطاعة له، ولرسوله، ولأولي الأمر من المسلمين، كما قال تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} (النساء).
فجعل الطاعة لله ورسوله مطلقة، وجعل الطاعة لولي الأمر (منا) أي من المسلمين، فليس لغير الإمام المسلم سمع ولا طاعة بالإجماع، كما جعل طاعة ولي الأمر المسلم مقيدة بطاعة الله ورسوله، فإذا اختلف المسلمون مع ولي أمرهم وجب عليهم جميعا التحاكم إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء في الحديث: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وجاء أيضا: (إنما الطاعة بالمعروف)، قد نص على ذلك الصديق بعد البيعة له مباشرة في خطبته الصحيحة حيث قال: (أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم)، وجاء في الصحيح: (اسمعوا وأطيعوا وإن كان عبدا حبشيا ما قادكم بـ - أو أقام بكم - كتاب الله).
وقد أجمع المسلمون على أنه يشترط في الإمام الذي يجب له السمع والطاعة: الإسلام والعدالة، كما أجمعوا على وجوب طاعة الإمام العدل - وهو من تولى الأمر بالرضى والشورى - فيما كان من طاعة الله ورسوله كما إذا أمر بالجهاد، وإقامة الحدود، والفصل بين الناس.... الخ.
فإن طرأ عليه فسق أو ظلم يخرجه من حد العدالة، فقد اختلف السلف في وجوب طاعته.
فمنهم من لا يرى إمامته أصلا، ولا يرى له طاعة، ويوجب الخروج عليه؛ كالحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، وكل من خرج على الحجاج من علماء العراق كسعيد بن جبير، وحجتهم في ذلك قوله تعالى: {قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهد الظالمين} (البقرة)، فقالوا الظالم لا يكون إماما أبدا.
ومنهم من لا يرى إمامته، ولا يرى طاعته، ولا يوجب الخروج عليه، ولا يمنع منه؛ كمالك بن أنس، وأبي حنيفة، وسفيان الثوري، وحجته قوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}، فحرموا الركون والميل إليهم، وإن لم يوجبوا الخروج عليهم، ولم يحرموه أيضا، وقد سئل مالك عن القتال مع الأئمة لمن خرج عليهم، فقال إن كان الإمام كمثل عمر بن عبد العزيز فقاتل معه، أما إن كان مثل هؤلاء الظلمة فلا، دع الله ينتقم من الظالم بمثله.
ومنهم من يرى إمامته، وطاعته في طاعة الله ورسوله فقط، ويرى الصبر، ويحرم الخروج عليه؛ كأحمد، كما هو مفصل في كتب الفقه، وهؤلاء إنما راعوا المصالح الكلية التي قد تتعطل بالخروج عليه كوحدة الأمة، وإقامة أمر الجهاد، وحماية البيضة من العدو، وإقامة مصالح الناس.... الخ.
فإذا اختلف الناس على إمامين - كما حدث في عهد ابن الزبير - فهو زمن فتنة، ولم يروا البيعة لواحد منهما، ولا السمع والطاعة لهما، حتى يكون الناس جماعة على إمام واحد، وهو مذهب الإمام أحمد فقد سئل - كما في أحكام أبي يعلى [ص 23] - عن حديث (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)؟ فقال للسائل: (أتدري من ذاك؟ هو الذي يجمع المسلمون عليه كلهم يقول هذا الإمام).
أما إذا كفر الإمام، وارتد عن الإسلام، فقد أجمعوا على سقوط إمامته وطاعته، بل ووجوب الخروج عليه وخلعه، إذ المقصود من الإمامة أصلا إقامة الدين، وسياسة الأمة، وإقامة الجهاد في سبيل الله، وتحكيم شرعه... الخ.
وقد نقل هذا الإجماع كثير من العلماء كالقاضي عياض - كما في شرح النووي على مسلم [12/229] – وعبارته: (أجمع العلماء على أنه لو طرأ عليه كفر أو تغيير للشرع أو بدعة - أي مكفرة - خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة منهم وجب عليهم القيام بخلع الكافر)، وكذا نقل الإجماع على ذلك الحافظ ابن حجر كما في الفتح [3/123].
فالقول بوجوب السمع والطاعة لمن جاء به العدو الكافر ونصبه في دار الإسلام يصطدم بالنصوص القطعية، والإجماع القطعي على وجوب الخروج على الإمام إذا طرأ عليه كفر، أو كان كافرا أصليا، للحديث الصحيح: (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان)، أي فنابذوا الأمراء حينئذ بالسيف.
والمقصود أن السمع والطاعة - المجمع عليها بين الأئمة وسلف الأمة - إنما تكون للإمام المسلم العدل، كما أنه مجمع على أنه لا سمع ولا طاعة للكافر، أو لمن طرأ عليه الكفر، ولا خلاف بين الأمة في ذلك، وأما الإمام الجائر أو الفاسق فقد اختلف الأئمة، وسلف الأمة في السمع والطاعة له اختلافا كبيرا، وهذا كله في الإمام الذي يصدق عليه أنه ولي أمر ليس فوقه من هو أعلى منه سلطة وسيادة، وهو من يطلق عليه في الفقه الإمام العام أو الإمام الأعظم وهو الخليفة.
أما من يأتي به العدو الكافر الغازي وينصبه على المسلمين فإنه خارج عن محل الخلاف بلا خلاف، إذ الحاكم في واقع الأمر هو العدو الكافر الذي نصبه إماما، وهو ولي أمره، فمن أوجب له السمع والطاعة فإنما يوجبها للعدو الغازي، ويرى أنه يدخل في عموم الآية {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} ومن يرى مثل الرأي الباطل، إنما يرد على الله ورسوله حكمهما، وينقض إجماع الأمة على أن السمع والطاعة لا تكون إلا للإمام المسلم وليس لكل إمام، إذ الكافر أو المنافق الذي يحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادا واجب على الأمة جهاده، لا طاعته أو السمع له.
وقد قال الله: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}، وإذا كان الله سبحانه لم يجعل للكافر على ابنته إذا أسلمت ولاية ولا سبيلا، فلا يعقد نكاحها، ولا يحل له ميراثها، ولا يتصرف في مالها، فكيف يكون له ذلك على الأمة كلها يتصرف في دمائها وأرضها وشئونها؟!!
فهذا لا يقوله من يعلم عن الله كتابه، ولا من يفهم عن الشارع خطابه، ولا يصدر عمن يعرف الفقه، وأحكامه، ومقاصده، وهذا يدخل في القول على الله بلا علم، وهو كالشرك به، كما قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (الأعراف 33).
2) أن العدو الكافر الذي نصب هذا الحاكم له أحول وهي:
الحال الأولى: أن يكون قد تدخل في تنصيب هذا الحاكم أو فرضه على بلد إسلامي دون أن يدهم أرضها، ودون أن يستحلها، أو يسفك دماء أهلها:
فهذا الحاكم ليس ولي أمر على فرض إسلامه، بل هو مولى من جهة العدو الكافر الذي هو ولي أمره في حقيقة الحال، فالسمع والطاعة في واقع الأمر ليست له، بل للعدو الذي نصبه واختاره، ولا يتصور حدوث مثل ذلك إلا في بلد لم تعد الكلمة والشوكة فيها للمسلمين، وحينئذ يكون حكم الدار حكم دار الكفر، لا حكم دار الإسلام، على قول عامة أهل الفقه، إذ إن دار الإسلام عندهم جميعا هي التي تكون الشوكة والكلمة فيها للمسلمين، والحكم فيها للشريعة الإسلامية، فإن تخلف شرط الشوكة والكلمة، وصار الأمان فيها للكفار بشوكتهم وقوتهم لا بأمان المسلمين لهم، فليست بدار إسلام بلا خلاف.
وهذا قول مالك كما في "المدونة" [2/22]، وقول الحنفية كما في "بدائع الصنائع" [7/130]، وقول الحنابلة كما في "الإنصاف" [4/121].
وقال الشوكاني في "السيل الجرار على حدائق الأزهار في فقه الشيعة الزيدية" [4/575]: (الاعتبار بظهور الكلمة فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا بإذن له من أهل الإسلام، فهذه دار إسلام لأنها لم تظهر بقوة الكفار ولا بصولتهم، وإذا كان بالعكس فالدار بالعكس). أي تكون دار كفر لظهور شوكة الكفار وكلمتهم فيها.
وقال محمد بن الحسن الشيباني كما في "شرح السير" [5/2190]: (دار الشرك إنما تصير دار إسلام بإجراء حكم المسلمين فيها، وأهل الشرك إنما يصيرون أهل ذمة بإجراء حكم المسلمين عليهم) أي بتنفيذ أحكام الشريعة عليهم لكون الشوكة والكلمة للمسلمين.
وقد كانت الدور في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقسام:
القسم الأول: دار الكفر والحرب؛ وهي مكة التي أوجب الله الهجرة منها مع كونها بيت الله الحرام، ومع وجود النبي صلى الله عليه وسلم وخيرة أصحابه فيها، وذلك أن الشوكة والكلمة والسلطان فيها للمشركين الذين يحاربون الله ورسوله والمؤمنين.
القسم الثاني: دار كفر وسلم؛ كالحبشة، وهي التي تكون الشوكة فيها للكفار، غير أن المؤمنين فيها يأمنون على أنفسهم، ودينهم، وأعراضهم، فالهجرة إليها جائزة، ومع أن النجاشي وهو ملك الحبشة قد أسلم سرا، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب - كما ثبت في الصحيح - إلا إن الحبشة لم تصبح دار إسلام بذلك، إذ الشوكة فيها والكلمة للنصارى لا للمسلمين، ولم يؤثر في هذا الحكم كون الملك أسلم سرا.
القسم الثالث: دار إسلام؛ وهي المدينة النبوية التي وجبت الهجرة إليها، وإنما صارت دار إسلام لظهور شوكة المسلمين وظهور كلمتهم فيها، وإقامة شعائر الإسلام وشرائعه عليها.
وهذا حكم الدور ابتداء، أما الدار التي كانت دار إسلام ثم احتلها العدو الكافر، فإن بسط عليها سلطانه، ورضي بذلك أهلها، واستقر له بها الأمر، فهذه دار كفر كالأندلس، والهند في هذا العصر، وكالجمهوريات الإسلامية الروسية التي كانت تحت حكم الروس بالأمس، فلما تحررت من قبضتهم عاد لها حكم دار الإسلام.
وإن لم يستقر للعدو الكافر بها الأمر، ولم يرض أهلها به، بل دافعوه، واستمروا على حربه، وجهاده، ودفعه، فهي أرض جهاد، ورباط، وثغر من ثغور المسلمين.
ولا تظل دار إسلام بظهور العدو عليها، وإن كان أكثر أهلها مسلمين، إذ العبرة بالشوكة والظهور، والكلمة.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن جزيرة ماردين - لما استولى عليها الروم النصارى وأخذوها من أيدي المسلمين - فقال عن حكم مثل هذه الأرض كما في الفتاوى [28/240]: (أما كونها دار حرب أو دار سلم فإنها مركبة فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه).
فلم يحكم لها بأنها دار إسلام وسلم مع كون أهلها مسلمين، لأنه لا تجري فيها أحكام الإسلام، التي تقام عادة في الأرض التي جندها مسلمون والشوكة والظهور والكلمة فيها للمسلمين، وكذلك لم يحكم لها بأنها دار حرب من كل وجه، لكون أهلها مسلمين، وجعلها قسما ثالثا فيها شبه من دار الإسلام فيما يخص أهلها المسلمين، كعصمة دمائهم وأموالهم، وفيها شبه بدار الحرب من جهة جواز غزوها وفتحها، وتقسيم أرضها، أو وقفها على المسلمين.
والمقصود أن شيخ الإسلام - وإن خالف أكثر الفقهاء في هذا الرأي - فقد وافقهم في أنها ليست دار إسلام، بل هي نوع آخر له حكم خاص.
الحال الثانية: أن يكون العدو الكافر قد نصب ذلك الحاكم في البلد الإسلامي، بعد أن دهمها، واحتل أرضها، وجعل من هذا الحاكم درءا يدرأ به، ويقاتل معه، ومن ورائه:
فالحاكم والحال هذه محكوم بردته وكفره بالإجماع القطعي، لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم}.
قال ابن حزم في "المحلى" [11/138]: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين).
وقد نص القرطبي في تفسيره [6/217] على أن الآية دليل على ردة من يتولاهم، وأن المقصود بالمولاة هنا أي النصرة.
وقال ابن جرير الطبري في تفسيره عند تفسير قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين...}: (ومعنى ذلك؛ أي أنصارا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر... {إلا أن تتقوا منهم تقاة}؛ بأن تكونوا في سلطانهم، فتخافونهم على أنفسكم، فتظهرون لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تعينوهم على مسلم بفعل).
وقد نص شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب على أن نصرتهم ومظاهرتهم على المسلمين من نواقض الإسلام واستدل بالآية كما في "الدرر السنية" [10/92].
وقال الشيخ ابن باز في فتاواه [1/274]: (أجمع علماء الإسلام أن من ظاهر الكفار على المسلمين، وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم) واحتج بالآية.
وقال الشيخ أحمد شاكر عن حكم التعاون مع الإنجليز والفرنسيين إبان العدوان الثلاثي على مصر كما في "كلمة حق" [126]: (أما التعاون بأي نوع من أنواع التعاون قل أو كثر، فهو الردة الجامحة والكفر الصراح، لا يقبل فيه اعتذار، ولا ينفع معه تأول، سواء من أفراد أو جماعات، أو حكومات أو زعماء، كلهم في الكفر والردة سواء إلا من جهل وأخطأ ثم استدرك فتاب).
فمثل هذا الحاكم الذي يقاتل المسلمين، ويقف بصف عدوهم، ويستحل دماءهم، وأرضهم، ليتسلط عليهم عدوهم، كافر خارج عن الملة بإجماع المسلمين يجب قتاله وقتله، وهو أشد كفرا من الكافر الأصلي، حتى وإن ادعى أنه يريد إرجاع حكمه، أو حماية بلده، فقد نص أئمة الدعوة النجدية كالشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، وإبراهيم بن عبد اللطيف، وسليمان بن سحمان، على حرمة الدخول تحت حماية الكفار كالإنجليز حيث أفتوا بأن: (الدخول تحت حماية الكفار ردة عن الإسلام)، كما في "الدرر السنية" [10/435].
وقال عبد الله بن عبد اللطيف في شأن أهل الخليج الذين دخلوا تحت الحماية البريطانية في القرن الماضي كما في "الدرر السنية" [8/11]: (وانتقل الحال حتى دخلوا في طاعتهم، واطمئنوا إليهم، وطلبوا صلاح دنياهم بذهاب دينهم، وهذا بلا شك أنه من أعظم أنواع الردة)، واستدل بقوله تعالى: {ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون} (المائدة 80)، ثم قال في آخر فتواه رحمه الله: (كل من دخل في طاعتهم وأظهر موالاتهم، فقد حارب الله ورسوله، وارتد عن دين الإسلام، ووجب جهاده ومعاداته).
ولا يعتذر عن مساعدتهم ومظاهرتهم على المسلمين بالضعف وعدم القدرة على الامتناع عن ذلك.
وقد سئل عن ذلك شيخ الإسلام فقال - كما في الفتاوى [28/240]: (ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرمة عليهم، ويجب عليهم الامتناع من ذلك بأي طريق أمكنهم، من تغيب، أو تعريض، أو مصانعة، فإذا لم يمكن - أي الامتناع عن مظاهرتهم - إلا بالهجرة تعينت).
أي صارت الهجرة فرض عين على من لم يستطع الامتناع عن مساعدة عدو المسلمين لضعفه، ولا يحل له مساعدتهم بدعوى الضعف أو الخوف منهم، فليس دمه أشد حرمة من دماء المسلمين الذين يظاهر الكفار عليهم، فتجب عليه الهجرة، فإن لم يفعل وأعانهم على المسلمين كان محكوما عليه بالردة.
فمن أوجب على المسلمين السمع والطاعة لمثل هذا الحاكم - الذي يحارب الله ورسوله والمسلمين، تحت شعار الكفر ولوائه - فقد نقض الإجماع القطعي ورد على الله ورسوله حكمهما الظاهر بردة من هذا حاله ووجوب قتاله.
ومن أفتى بمثل ذلك فقد اقتحم باب ردة، وخلع ربقة الإسلام من عنقه، فليس أشد مظاهرة للعدو الكافر وأوليائه من تحريف دين الله ورسوله مجاراة لأهواء الملوك والرؤساء، والافتراء على الله ورسوله بالفتوى مشايعة للمشركين وأوليائهم، وقد قال تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب}، وقال: {ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب}.
أما الاستدلال على وجوب طاعة الحاكم الذي يوليه العدو الكافر أمر المسلمين بقصة يوسف وتوليه على خزائن الأرض تحت حكم فرعون:
فاستدلال باطل من كل وجه وهو من باب تحريف الكلم عن مواضعه وذلك للآتي:
أولا: أن شرع من كان قبلنا من الأنبياء ليس شرعا لنا إذا عارض شرعنا بإجماع الأمة، بل وأكثر الفقهاء على أنه ليس شرعا لنا حتى ولو لم يعارض شرعنا، ومن احتج به شرط له شروط وهو أن يثبت في شرعنا، وألا يعارض شرعنا، فالاحتجاج بهذه القصة باطل بالإجماع لكونه يخالف المجمع عليه في شرعنا، من تحريم تولي العدو الكافر ومظاهرته على المسلمين، بل والحكم بردة من يفعل ذلك كما سبق بيانه.
ثانيا: أن هذه القصة حدثت في أرض مصر في عهد ملك كافر من ملوك مصر، فليست داره دار إسلام أصلا، فقد يجوز للمسلم - قياسا عليها - أن يتولى ولاية في بلد غير إسلامي، بقصد إقامة العدل والحق والإنصاف بين الخلق كما فعل يوسف، ولا يقاس عليها بأي حال من الأحوال تولي الولاية للعدو الكافر الذي يحتل أرض المسلمين وديارهم، ويسفك دماءهم، ويسلب ثرواتهم، وينتهك أعراضهم، فمن جوز مثل هذه الولاية قياسا على ولاية يوسف على خزائن الأرض في مصر في ذلك العهد، فقد افترى بهتانا وإثما عظيما.
وحال هذا المفتي كحال من يجوز الربا في أرض الإسلام قياسا على قول من قال من الفقهاء بجواز الربا في دار الحرب! أو من يسقط إقامة الحدود في دار الإسلام قياسا على قول من قال من الفقهاء أنه لا تقام الحدود في أرض الحرب! ومثل هذه الأقيسة باطلة بالإجماع، إذ لدار الإسلام من الأحكام بالإجماع ما ليس لدار الكفر فلا يساوى بينهما فيها.
والمقصود أن هذا القياس على قصة يوسف هو من القياس فاسد الاعتبار على فرض جوازه لمعارضته النصوص القطعية على تحريم تولي الولاية للعدو الكافر في أرض الإسلام، إذ الواجب بالإجماع على المسلمين كافة دفعه عن أرض الإسلام وجهاده بكل وسيلة، وقد أجمعت الأمة على أن جهاده إذا دهم دار الإسلام يكون فرض عين، فكيف يسوغ موالاته، ونصرته، والدفع عنه، والقتال معه، والتمكين له؟!
ثالثا: أن هذه القصة استدل بها شيخ الإسلام ابن تيمية على جواز أن يتولى المسلم الصالح الولاية تحت حكم الإمام المسلم الجائر، إذا كان يستطيع الصالح دفع مفسدة أكبر، أو جلب مصلحة أكبر للمسلمين، إذ كان أكثر الفقهاء قديما يرون تحريم تولي الولايات لأئمة الجور من المسلمين حتى لا يتلبسوا بظلمهم، ولا يشتركوا بإثمهم، فاستدل شيخ الإسلام بقصة يوسف في جملة ما استدل به من النصوص والقواعد الشرعية، لكون هذا الاستدلال بالقصة لا يتعارض مع شرعنا، بل في شرعنا ما يدل على مشروعية العمل للإمام الجائر بقصد الإصلاح ورفع الظلم أو تخفيفه.
ولهذا لم يتخلف الأئمة ولا سلف الأمة عن الجهاد مع أئمة الجور من المسلمين، وقد كان الصحابة، وآل البيت، والعلماء، يغزون، ويجاهدون معهم لما في ذلك من إعزاز الدين، وحماية المسلمين، بخلاف تولي الولاية للكافر الذي يحتل أرض المسلمين، ففيها مظاهرة له، وإعزاز لكلمته، وتقوية لشوكته، وكل ذلك مضادة لحكم الله ورسوله إذ مراد الله هو أن يكون الدين كله لله وأن تكون {كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا} (التوبة 40).
ومن لم يفرق بين الأمرين كان كمن يجوز القتال مع العدو الكافر، ويجوز مظاهرته على المسلمين، قياسا على مشروعية الجهاد مع الإمام الجائر إذا غزا الكفار!
رابعا: أنه ليس في قصة يوسف أي مظاهرة لملك مصر على المسلمين، إذ لم يكن فيها مسلم أصلا، بل وليس فيها مظاهرة له على أحد من الخلق، بل ولايته لخزائن مصر كانت رحمة بأهل مصر، حيث أقام بينهم العدل والقسط والإصلاح، كما كان يدعوهم إلى الإسلام والوحدانية.
فمن قاس حال من جاء مع جيوش العدو الكافر - يناصرهم على المسلمين، ويشايعهم، ويؤيد كفرهم، ويزين إلحادهم، ويفرض قوانينهم، ويبشر بفلسفتهم - على حال يوسف مع أهل مصر، فقد قال قولا عظيما، وقاس حال ابن العلقمي والطوسي اللذين شايعا التتار حين غزو بغداد في القرن الهجري السابع وتوليا لهم الولايات على حال النبي يوسف الصديق حين تولى الأمر لملك مصر!
أما السؤال عن جواز تقليد من يفتي بمثل هذا القول، فجوابه:
هذه الفتاوى - وما شابهها مما ثبت معارضتها للكتاب والسنة وإجماع الأمة - يحرم بالإجماع العمل بها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير من الأئمة المضلين كما في الحديث الصحيح: (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون)، وقال عنهم: (دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها)، وقال عنهم: (فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل)... الخ
وكما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور العلماء بل يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوهم بغير علم فضلوا وأضلوا)
ولهذا لم يوجب الله على المسلمين طاعة أحد مطلقا غير طاعته وطاعة رسوله، وقيد طاعة أولي الأمر فيما كان طاعة لله ولرسوله، ولم يأمر الله عز وجل قط عباده بطاعة العلماء بل أمرهم بسؤالهم فقط عما لا يعلمون {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} من أجل معرفة العلم الذي هو قول الله ورسوله، لا من أجل تقليد العالم، إذ العلماء ليسوا معصومين عن الخطأ والهوى.
ولهذا لم يجعل الله وصف العلم سببا في دخول الجنة، بل قال تعالى: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} (النساء 69)، إذ من العلماء من هم علماء سوء كعلماء بني إسرائيل، يحرفون الكلم عن مواضعه، ويأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، كما وصفهم القرآن في آيات كثيرة.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن إتباع أمته سنن اليهود والنصارى حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه، ومن أظهر سنن أهل الكتاب تحريفهم الكلم عن مواضعه، واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله بطاعتهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، كما قال صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم حين قال: (ما عبدناهم يارسول الله!)، فقال له (ألم يكن يحلون لكم الحرام ويحرمون الحلال فتطيعونهم) قال: (بلى!)، قال صلى الله عليه وسلم: (فتلك عبادتهم).
والمقصود أنه لا طاعة للعلماء ولا للأمراء، بل الطاعة لله ولرسوله، فإن أمروا بما هو طاعة لله ورسوله كالجهاد، وتحكيم الشرع، وإقامة العدل، ودفع الظلم... الخ، وجبت طاعتهم لكونهم أمروا بما أمر الله ورسوله به، فإن أمروا بما هو معصية أو بما فيه شبهة حرمت طاعتهم ووجبت معصيتهم، بل طاعتهم حينئذ كفر وشرك بالله، ومن اتخاذهم أربابا من دون الله.
وقد أفتى شيخ الإسلام بوجوب قتال التتار، لما غزو الشام، وأخذ يحرض المسلمين على جهادهم، ويرد على من أفتى بحرمة قتالهم بدعوى أنهم دخلوا الإسلام، حتى قال شيخ الإسلام لمن معه إن رأيتموني في صفهم فاقتلوني! تأكيدا منه رحمه الله أن قتال التتار لا شبهة فيه البتة، وأن رجوعه عن رأيه فيما لو رجع لا يغير من حكم الله ورسوله شيئا في وجوب جهادهم، بل الواجب على المسلمين حينئذ لو رجع شيخ الإسلام عن فتواه ووقف في صف التتار أن يقاتلوه معهم ولا يغتروا به، إذ الحي لا تؤمن عليه الفتنة، ودين الله لا يعرف بالرجال، بل بالآيات البينات، فإذا دهم العدو أرض الإسلام فقد وجب بالإجماع دفعه، وصار الجهاد حينئذ فرض عين على أهل البلد التي دهمها العدو وفرض كفاية على من يليهم من المسلمين، فإن عجزوا عن دفعه صار فرض عين على من يليهم حتى يعم الحكم جميع المسلمين - كما بيناه وفصلناه في فتوى ببطلان اشتراط الراية والإمام للجهاد –
ومثل هذا الحكم الذي هو فرض عين بالإجماع لا يكون محلا للاجتهاد، ولا يحتاج المسلمون في معرفته إلى العلماء، ولا يستطيع العلماء أن ينسخوا الحكم المجمع عليه، ويحرم على المسلمين طاعتهم في ذلك، وإنما هذا الأمر من المعلوم من الدين بالضرورة القطعية، فمن قدر عليه من أهل الحرب والنجدة والبأس قام به، ومن لم يستطع وجب عليه أن يعد العدة حتى يقدر عليه، وإنما يجتهد المسلمون في فروض الأعيان وفروض الكفاية في كيفية أدائها على الوجه المطلوب.
وهذا يرجع فيه إلى أهل الخبرة والمعرفة والدراية في هذه الفروض لا إلى الفقهاء، فما كان من فروض الجهاد كان معرفة كيفية القيام به على الوجه المطلوب راجعا للعسكريين وأهل الحرب والمقاتلين.
وإنما يجب الرجوع إلى الفقهاء لمعرفة حكم الله في النوازل التي لا يعرف حكمها من حيث الحل والحرمة والوجوب، أما القضايا التي أجمع عليها المسلمون، ويشترك في معرفتها العامة والخاصة، مما هو معلوم من الدين بالضرورة القطعية، فلا يجب على المسلمين الرجوع فيها إلى أحد لمعرفة حكمها.
وكذا القضايا الخلافية التي اشتهرت فيها أقوال الأئمة وسلف الأمة، فمن أخذ بقول بعضهم بدليله طاعة لله ورسوله، لم يجب عليه الرجوع إلى الفقهاء المعاصرين، إذ سؤالهم واجب على من لا يعرف الحكم أما من عرفه بدليله فلا يجب عليه السؤال.
أما ما الذي يجب على المسلمين إذا عجزوا عن دفع عدوهم عجزا كليا بالقوة والقتال، واستقر الأمر للعدو الكافر في أرضهم، أو لمن نصبه العدو الكافر من أوليائه وحزبه، فالواجب الصبر وإعداد العدة، إذ الخطاب الشرعي يظل متعلقا بحال القدرة، ولا يسقط عنهم فرض دفعه ومقاومته، بل يجب العمل بكل وسيلة أخرى غير القتال كالمقاومة السلمية، والعصيان المدني، والعمل السري، حتى تتحرر أرضهم، كما في الحديث: (من لم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية).
ويكون الحاكم في هذا الحال سلطانا وحاكما بحكم الأمر الواقع لا بحكم الشارع، وحال المسلمين معه كحالهم تحت سلطان الكافر، فالخضوع لسلطانه ليس لكونه ولي أمر شرعي تجب موالاته ونصرته، بل هو ذو سلطان قهري يتقي المسلمون منه تقاة، حتى يفرج الله عنهم، فإن استطاعت طائفة منهم مقاومته فالواجب نصرتها، ومن لم يستطع نصرتها، فلا يقاتلها معه.
هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى إله وصحبة ومن اتبعهم إلى يوم الدين
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
__________________

فوارق عاشوراء
يرقص اليهود ويفرحون
ويبكي الرافضة ويلطمون
ويصوم أهل السنة ويستغفرون
الحمدلله الذي فضلنا على كثير
ممن خلق تفضيلاً وجعلنا مسلمين
رد مع اقتباس