عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2014-01-08, 06:01 PM
الصورة الرمزية أبو عادل
أبو عادل أبو عادل غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-05
المشاركات: 3,175
أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل
مهم رتبة السنة النبوية في التشريع.





رأي وجيه في المساواة بين القرآن والسنة في القيمة التشريعية:
ويقول الدكتور عبد الغني عبد الخالق مبينا أن السنة صنو الكتاب من حيث القيمة التشريعية:" من المعلوم أنه لا نزاع في أنه قد جاء في الكتاب آيات تدل علي حجية السنة فهي – بهذا المعني- فرع عنه فرعية المدلول علي الدال.
ولكن هذا لا يستلزم تأخرها عنه في الاعتبار والاحتجاج بها، بل يوجب المساواة فإن إهدارها – للمحافظة علي ظاهر آية معارضة لها- يوجب إهدار الآيات التي نصت علي حجيتها فنكون قد فررنا من إهدار آية- بل عدم المحافظة علي ظاهرها – الي إهدار آيات أخري كثيرة تدل مجموعها دلالة قاطعة علي حجية جميع ما يصدر عنه .
ولو سلمنا أن الفرعية تستلزم تأخر الفرع عن الأصل في الاعتبار فلا نسلمه علي عمومه بل:إذا لم يكن لذلك الفرع إلا ذلك الأصل، فأما إذا كان له أصل آخر يستقل بإثبات حجيته فلا استلزام ، وحجية السنة لا يتوقف ثبوتها علي الكتاب، بل يكفي في إثبات حجية جميع ما يصدر عنه عصمته الثابتة بمعجزات كثيرة في غير القرآن: شاهدها الصحابة وتواتر إلينا القدر المشترك منها"
ثم إن التحقيق عند علماء الكلام : أن الرسول لا يشترط في رسالته نزول كتاب بل: الشرط إنما هو نزول شريعة ليبلغها الأمة وإظهار المعجزة علي يده(1)
ويدل على ذلك أيضا : أن الله تعالى أرسل موسى عليه السلام إلي فرعون:ليأمره بالإيمان به والاهتداء بهديه وإرسال بني إسرائيل معه ، ولم يكن قد نزل عليه – في ذلك الحين- التوراة لأنها نزلت بعد هلاك فرعون وخروج بني إسرائيل من مصر كما هو معلوم ، ومع ذلك قامت الحجة علي فرعون بهذا الأمر: لما أقام موسى(عليه السلام) المعجزة ، فلما خالفه اعتبر عاصيا ربه ، مستحقا اللعنة والعذاب.
فحجية الوحي الغير المتلو لا تتوقف على ورود المتلو بها ،لأن كلا منهما من عند الله فكل منهما مستقل في الحجية ، والمهم في الأمر: ثبوت أن كل واحد منهما من عند الله وهذا تثبتها المعجزة- قرآن أو غيره- المثبتة لعصمة الرسول في تبليغ ما جاء به من الله تعالى .
ولو سلمنا استلزام الفرعية للتأخر مطلقا قلنا: إنه قد ورد في السنة أيضا ما يفيد حجية الكتاب إذ لا شك أنه قد تواتر معنويا أمره وحثه على التمسك به كما في نحو قوله:" إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض"(2)
بل قلنا: إن ما كان أقل من سورة لم تثبت قرآنيته إلا بقوله : هذا كلام الله.
فعلى هذا يقال: إن الكتاب متأخر عنها في الاعتبار.
بل الحق: أن كلا مهنما معضد للأخر ومساو له: في أنه وحي من عند الله وفي قوة الاحتجاج به ، وأنه لا يؤثر في ذلك نزول لفظ الكتاب ولا إعجازه ولا التعبد بتلاوته ولا أنه قد ورد فيه ما يفيد حجيتها.
وحيث إنهما من عند الله: فلا يمكن الاختلاف بينهما في الواقع ويستحيل أن يوجد كتاب وسنة- كل منهما قطعي الدلالة والثبوت- بينهما تعارض مع الاتحاد في الزمن وغيره : مما يشترط لتحقق التعارض في الواقع.
وأما أنهما قد يتعارضان في الظاهر- إذا كانت دلالتهما أو دلالة أحدهما ظنية أو كانت دلالتهما قطعية ولم يتحد الزمن-: فهذا أمر جائز واقع كثيرا وحينئذ يجب علي المجتهد اعتبارهما كما لو كان آيتين أو سنتين : حيث إنهما متساويان :فينسخ المتقدم منهما المتأخر إذا ثبت له تأخره ، ويرجح أحدهما علي الأخر بما يصلح مرجحا، ويجمع بينهما إن أمكن ، وإلا توقف إلي أن يظهر الدليل.
فأما أن نقول بإهدار أحدهما مباشرة- بدون نظر في أدلة الجمع والترجيح والنسخ: فهذا لا يصح بحال أن يذهب ذاهب إليه.
ولذلك نجد علماء الأصول والفقه : يقولون بتخصيص السنة لعام الكتاب ، وتقييدها لمطلقه ، ونسخها له ، وأنها تؤوله وتوضح مجمله ، وتبين أن المراد منه خلاف ظاهره كما يحصل من الكتاب ذلك بالنسبة للسنة .
نعم في بعض هذه المسائل خلافات كثيرة ولكن يجب أن يعلم أن مرجعها إلي مدارك أخري وذلك: كظنية الطريق في خبر الواحد وقطعية القرآن ، وليس مرجعها إلي السنة من حيث ذاتها ومن حيث إنها متأخرة عن الكتاب ، بدليل أن من يمنع نسخ القرآن بخبر الواحد مثلا ، يمنع نسخ السنة المتواترة به أيضا ، ويجوز نسخ القرآن بالخبر المتواتر وبالعكس ، ولو كان المدرك التأخر : لما قال إلا بنسخ السنة بالقرآن(3)
ويقول الأستاذ عباس حماده ناصراً هذا القول:" لقد أثبت الله الاعتداد بالسنة في كثير من آيات القرآن الكريم من غير أن ترشدنا أية منها إلي تأخر السنة في الرتبة عن كتاب الله ، بل دلت آيات الكتاب الكريم علي الاعتداد ببيانها ووجوب طاعتها بمختلف الأدلة والدلالات(4)
.................

(1) الرسالة ص33 والآية من سورة الأنبياء /23.
(2) الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك(1/93) وسكت عنه الذهبي
(3) حجية السنة ص486- 488
(4) السنة ومكانتها في التشريعص88 بتصرف



المصدر.



__________________








رد مع اقتباس