عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2014-03-26, 05:47 PM
الصورة الرمزية أبو عادل
أبو عادل أبو عادل غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-05
المشاركات: 3,175
أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل
افتراضي

الثَّانِي: وَهُوَ وَجِيهٌ أَيْضًا، أَنَّ الْكَافِرَ يُثَابُ عَنْ عَمَلِهِ بِالصِّحَّةِ وَسَعَةِ الرِّزْقِ وَالْأَوْلَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
كَمَا صَرَّحَ بِهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا يَعْنِي الدُّنْيَا، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ وَبِظَاهِرِهَا الْمُتَبَادِرِ مِنْهَا كَمَا ذَكَرْنَا.
فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ جَرِيرٍ،
وَعَلَى هَذَا فَبُطْلَانُ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِمَعْنَى أَنَّهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا شَرْعًا فِي عِصْمَةِ دَمٍ
وَلَا مِيرَاثٍ وَلَا نِكَاحٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا تُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَلَا تَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [35 \ 10] ، وَلَا تُدَّخَرُ لَهُمْ
فِي الْأَعْمَالِ النَّافِعَةِ وَلَا تَكُونُ فِي كِتَابِ الْأَبْرَارِ فِي عِلِّيِّينَ، وَكَفَى بِهَذَا بُطْلَانًا.
أَمَّا مُطْلَقُ النَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ بِهَا فَهُوَ عِنْدُ اللَّهِ كَلَا شَيْءٍ، فَلَا يُنَافِي بُطْلَانَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ [3 \ 185] .
وَقَوْلِهِ: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [29 \ 64] .
وَقَوْلِهِ: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً - إِلَى قَوْلِهِ - لِلْمُتَّقِينَ [43 33 - 35] ،
وَالْآيَاتُ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى مِنْهَا كَافِرًا
شَرْبَةَ مَاءٍ. ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً الْآيَاتِ.
ثُمَّ قَالَ: أَسْنَدَهُ الْبَغَوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بْنِ مَنْظُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ عَدَلَتِ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا أَعْطَى كَافِرًا مِنْهَا شَيْئًا.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَ الْحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ أَنَّ كِلْتَا
الطَّرِيقَتَيْنِ ضَعِيفَةٌ إِلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَعْتَضِدُ بِالْأُخْرَى فَيَصْلُحُ الْمَجْمُوعُ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا
تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ الطُّرُقَ الضَّعِيفَةَ الْمُعْتَبَرَ بِهَا يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا فَتَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ.
لَا تُخَاصِمْ بِوَاحِدٍ أَهْلَ بَيْتٍ ... فَضَعِيفَانِ يَغْلِبَانِ قَوِيًّا
لِأَنَّ زَكَرِيَّا بْنَ مَنْظُورِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْقُرَظِيَّ وَزَمَعَةَ بْنَ صَالِحٍ الْجَنَدِيَّ كِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا رَوَى مُسْلِمٌ
عَنْ زَمْعَةَ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ لَا مُسْتَقِلًّا بِالرِّوَايَةِ كَمَا بَيَّنَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ أَيْ نُعْطِيهِمُ الْغَرَضَ الَّذِي عَمِلُوا مِنْ أَجْلِهِ فِي الدُّنْيَا،
كَالَّذِي قَاتَلَ لِيُقَالَ جَرِيءٌ، وَالَّذِي قَرَأَ لِيُقَالَ قَارِئٌ، وَالَّذِي تَصَدَّقَ لِيُقَالَ جَوَّادٌ، فَقَدْ قِيلَ
لَهُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِتَوْفِيَتِهِمْ أَعْمَالَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَيَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فِي الْمُجَاهِدِ وَالْقَارِئِ وَالْمُتَصَدِّقِ أَنَّهُ يُقَالُ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: إِنَّمَا عَمِلْتَ لِيُقَالَ، فَقَدْ قِيلَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُطَوَّلًا وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا
قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِصِحَّةِ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُوَ تَفْسِيرٌ مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
لِهَذِهِ الْآيَةِ بِمَا يَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ الثَّالِثِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِلْجِهَادِ لَا يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ
الْغَنَائِمَ فَإِنَّهُمْ يُقْسَمُ لَهُمْ فِيهَا فِي الدُّنْيَا وَلَا حَظَّ لَهُمْ مِنْ جِهَادِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَالْقَسْمُ لَهُمْ
مِنْهَا هُوَ تَوْفِيَتُهُمْ أَعْمَالَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.





منقول للاستفادة.



__________________








رد مع اقتباس