الأقليات المسلمة في المعسكر الشيوعي الصيني
د. أحمد الخاني
توزع المسلمين في الصين:
دخل الإسلام إلى الصين عن طريق التجارة البحرية، وهذا ما جعلهم يتوزعون في المناطق الساحلية في المراكز الكبرى مثل كانتون وشنغهاي..
وفي أواسط الصين مسلمون بسبب دخول التجار المسلمين، وقد عمد حكام الصين إلى تفريق المسلمين على مناطق متعددة لأنهم يعرفون رغبتهم في التجمع لإقامة دولة مستقلة تحكم بتعاليم الإسلام.
يكثر المسلمون في مقاطعات كانسو ويونان وهونان إضافة إلى تركستان ومعظم سكانها مسلمون، وهي ليست من الصين الأصلية.
تكثر المساجد في الصين، وفي كل مدرسة دينية أولية يدرس فيها الأطفال الأحرف العربية وبعض قصار السور، ومن العبادات، ما يجب أن يعرفه كل مسلم.
أشهر الأقاليم الإسلامية في الصين:
1- ولاية كانسو:
تتألف من هضبة التيبت، وجبال نان شان الشاهقة
مساحتها 376 ألف كم2،سكانها 23 مليون نسمة 80/100 مسلمون، عاصمتها كاوان.
2- ولاية نينغ هسيا:
أكثر سكانها مسلمون، وكانت جزءًا من كانسو، مساحتها حوالي 7 آلاف كم2 وعدد سكانها 3 مليون نسمة 75/ مسلمون.
3- يونَّان:
تقع بين منطقة التيبت، ومقاطعة ستشوان، مساحتها 437 ألف كم2 ويزيد عدد سكانها على 7 مليون نسمة.
يجتازها نهر يانغ تسي (الأزرق) وهو أهم أنهار الصين الوسطى، ينبع من هضبة التيبت، ويدخل منطقة يونان، وأخيرًا منطقة ستشوان.
4- مقاطعة شنسي:
قامت ثورة في هذه المنطقة عام 1860 م اشتعلت في السهل والجبل شملت أرجاء الصين كافة، وكانت الدائرة فيها على الصينيين، قتلهم المسلمون في كل مكان؛ قام المسلمون فيها قيام رجل واحد، وفر الصينيون أمام المسلمين، والتجؤوا إلى الكهوف، واستمرت الحرب خمسة عشر عامًا، ولكن الشقاق لم يلبث أن وقع بين صفوف المسلمين، فاستطاعت حكومة الصين أن تسيطر على هذه المناطق، وتشرد الثوار تحت كل نجم.
5- شانسي:
مساحتها 157ألف كم2 وعدد سكانها 18 مليون نسمة،نسبة المسلمين فيها 20 /100، وقد أرسل السلطان العثماني عبد الحميد من استنبول، بعثة فأسست مدرسة في نيوكياي، وأقبل عليها المسلمون إقبالًا عظيمًا.
المنظمات الإسلامية في الصين:
من أقدمها جمعية التقدم الإسلامي، ثم أنشئت جمعية الأدب الإسلامي، على يد الحاج هلال الدين تشينج، عام 1925م ومركزها شنغهاي وكان هلال أشعر علماء الصين تلقى تعليمه الإسلامي في الأزهر.
الملتقى الإسلامي للدعوة في بجين:
عقد هذا الملتقى من 13 إلى 17 /4 /1408هـ، وهذا حدث تاريخي في الصين؛ إذ تعرف المؤتمر إلى المسلمين هناك وللمرة الأولى ينفتح المسلمون في الصين على العالم الإسلامي.
أما المساجد؛ فقد ازدهرت في أثناء الحكم الجمهوري في النصف الأول من القرن العشرين، وقد يلغ عدد المساجد في الصين 40327 مسجدًا، وهذا غير مساجد التركستان الشرقية.
الأقلية المسلمة في تركستان الشرقية سينكيانغ:
تبلغ مساحتها 1700000 كم2 تشكل صحراء تاكلامان ثلثها، يقدر عدد سكانها 15 مليون 95/100 مسلمون، أشهر مدنها تهوا وهي العاصمة وكاشغر وتسمى اليوم شوفو.
لهذه المنطقة مكانة خاصة، وذلك أن المسلمين فيها أغلبية لا أقلية، واقعة بين فكي كماشة الصينيين في الشرق والروس في الغرب، ثم ضم هذا الإقليم المسلم إلى الصين.
الموقع:
تشترك في حدودها مع الصين وكشمير وأفغانستان في الجنوب والحدود الشرقية مع الصين والشمال والشمال الشرقي مع منغوليا، وفي الغرب مع الاتحاد السوفييتي،
أرضها جبلية، مناخها قاري، أبرز أنهارها نهر تاريم، منبعه الثلوج المتراكمة على المرتفعات يصب في بحيرة لوب نور طوله 1500كم.
دخلها الإسلام على يد قتيبة بن مسلم يرحمه الله تعالى، وعن طريق التجارة.
المساجد:
لقد كان في تركستان 16 ألف مسجد قبل الحكم الشيوعي الصيني الذي تفنن في تذويب الهوية الإسلامي هناك بكل وسيلة؛ فحُرمت الصلاة والصيام وكل الشعائر الدينية، وتربية الأطفال تربية إلحادية...
وبعد الانفراج الذي حصل أخيرًا، سمح باستخدام الحرف العربي في كتاباتهم الإسلامية.
الصحوة الإسلامية:
وفي الآونة الأخيرة تشهد التركستان صحوة إسلامية كبرى، تتمثل في إنشاء آلاف المساجد والمدارس الإسلامية، ومن ذلك معهد لتدريب الأئمة، منها خطة خمسية لتخريج 1000 إمام، ومستقبل هذه المنطقة أن تكون دولة مستقلة ترفد القوة العربية الإسلامية، التي انكشف عوارها في الدفاع عن فلسطين وعن القدس الشريف أولى القبلتين.
نائب الأمين العام للجامعة الإسلامية في الصين يقول:
المسلمون في الصين يعيشون اليوم أحسن فترات حياتهم) في مئة سنة خضنا أربع ثورات راح ضحيتها مئات الألوف من الشهداء.
الصين تعيش الآن انفتاحًا وحرية، ساعدا على ازدهار الدعوة الإسلامية.
مجالات الدعوة الإسلامية:
شاء الله مع تغير الظروف الدولية التي جاءت كلها لمصلحة المسلمين في الصين، أن يعيشوا أحسن فترات تاريخهم، وقد بنينا في السنوات الماضية عددًا كبيرًا من المساجد، وأصبح عدد الجمعيات الإسلامية 420 جمعية تعمل في مجال الدعوة والإغاثة، كما أننا نعمل على مضاعفة عدد طلابنا في الأزهر والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة والجامعة الإسلامية في باكستان، ونأمل مساعدة إخواننا المسلمين بأن يرسلوا لنا الأئمة والوعاظ الذين يجيدون اللغة الصينية[4].
وتعقيبًا على هذا، مقال بعنوان:
الإسلام يتنامى بين الأسر والعائلات الصينية:
(لم يكن الجميع يواظبون على الصلاة في المسجد، لكن أسرتي كانت تفعل هذا، كما يفعل حاليًا المزيد والمزيد من الناس ديننا يتنامى سريعًا جدًا).
بهذه الكلمات وصف شاب صيني يدعى: هاي نهجًا جديدًا تتبعه الحكومة الصينية بهدف كسب التأييد في الشرق الأوسط الغني بالنفط...
كان المعسكر الغربي ينظر إلى منطقتنا الإسلامية إنها غابة من الظباء على حد تعبير بعضهم، ولما فكرت السياسة العربية بكسر الاحتكار الغربي بالانفتاح على المعسكر الشرقي صار لها بعض الهيبة التي يحسب حسابها، وصارت هذه المنطقة بحيرة بترولية تحرق من يريد المساس بها كثيرًا.
الأقلية المسلمة في التيبت:
يطلق على التيبت: سقف العالم، متوسط ارتفاعها 4آلاف متر، كان فيها الدالات حكامًا، ثم احتلتها الصين وطردت الدلاي لاما سنة 1951 م وأصبحت ولاية صينية.
تقع التيبت جنوب غرب الصين، تشترك حدودها مع كشمير، والجنوبية مع الهند ونيبال، وتشرف باقي حدودها على ولايات صينية أخرى.
تبلغ مساحة التيبت مليون وربع المليون كم2 تحيط بها جبال الهمالايا من الجنوب.
يقدر عدد سكان التيبت 2مليون نسمة.
وصل الإسلام إلى هذه المنطقة عن طريق كشمير، عاصمتها لاهاسا، وفيها اليوم ما يزيد على 3 آلاف أسرة مسلمة، ويزيد عدد المسلمين في التيبت على ربع مليون، في العاصمة مسجدان وبعض المدارس.
يفتقر المسلمون في التيبت إلى الدعم المادي والدعوي.
الأقليات المسلمة في جمهورية منغوليا الشعبية:
دولة داخلية تقع في أقصى شمال الصين، عاصمتها أولان باتور، لغتهم المنغولية. مساحتها أكثر من مليون ونصف المليون كم2، مناخها قاري، عدد سكانها أكثر من3 مليون نسمة.
يعملون بالزراعة وتربية الماشية والرعي.
وصل الإسلام إلى هذه المناطق عن طريق التجارة عدد المسلمين فيها حوالي 200ألف.
خضعت للصين ثم للسوفييت ثم استقلت.
نتيجة لسياسة الانفتاح التي سادت الكتلة الشرقية في السنوات الأخيرة تنفس المسلمون في منغوليا بعض أنسام الحرية .
ومنغوليا هي الموطن الأصلي للمغول.
انتشار الإسلام في بلاد المغول:
(يحيط الغموض بتاريخ الوجود الإسلامي في منغوليا قبل عهد جنكيز خان وبعده إلى زمن دخولهم في الإسلام.
دخول حكام المغول في الإسلام:
أسس جوجي خان بن جنكيز خان القبيلة الذهبية، نسبة إلى لون الخيام الذهبية، وبعد وفاته تولى ابنه بركة خان إمارة المغول أ وأعلن إسلامه ودخل معه معظم شعبه في الإسلام ، ولقي الآخرون على الديانة البوذية.
كان إسلام هذا الأمير، وهو حفيد جنكيزخان، أول نصر حقيقي عظيم للإسلام في تاريخ المغول، وهو الذي أعلن الحرب على ابن عمه هولاكو حفيد جنكيز خان.
يشير إلى ذلك الكاتبان الفرنسيان بنجمين ولو مرسيه في كتابهما (المسلمون المنسيون في الاتحاد السوفييتي) بقولهما: لقد تحول الغازي المغولي من عدو للإسلام إلى مدافع عن الإسلام وناشر له؛ عندما اهتدى سلاطين المغول إلى نور الإسلام منذ عهد الأمير بركه خان، مما أعطى ذلك قوة كبيرة لانتشار الإسلام في بلاد آسيا الوسطى.
وبعد إسلام هذا الأمير الذي له من اسمه أوفر الحظ والنصيب، دخلت مناطق نهر الفولغا كلها في الإسلام.
أحوال المسلمين في منغوليا:
لقد وقع الجزء الغربي من بلاد منغوليا تحت سيطرة الروس والجزء الشرقي تحت سيطرة الصين.
بقيت الأخبار عن أحوال المسلمين في منغوليا في سرية تامة بسبب نظام الحكم الشيوعي الذي استمر سبعين عامًا ثم تفكك عام 1990.
إن كتب التاريخ المعاصر، لا تذكر لنا شيئًا عن أحوال المسلمين في منغوليا في القرن العشرين الميلادي، ولكن هناك دراسة فردية، منها دراسة الدكتور محمد رحمت خان الأستاذ في معهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم المنغولية، تلقي بعض الضوء على أحوال المسلمين في عهد الحكم الشيوعي؛ فعمليات القتل والتعذيب للمسلمين، وأن كثيرًا منهم فروا إلى مجاهل سيبريا وبعض البلاد المجاورة.
وفي الفترة الأخيرة سنة 1990 أخذ المسلمون يستعيدون نشاطهم ، وهم بحاجة إلى الدعم الكبير)[5].
الأقلية المسلمة في تايوان:
ظلت تايوان تابعة للصين، وعندما زاد النفوذ الشيوعي الصيني هاجر إليها قسم من الجيش الصيني بقيادة الجنرال شيانج كاي شيك سنة 1950م وتكونت بزعامته جمهورية الصين الوطنية.
كان اسمها: جزيرة فورموزا، مساحتها مع بعض الجزر 370 ألف كم2 وعدد سكانها 20 مليون نسمة.
الزراعة فيها متقدمة، إلى جانب بعض الصناعات. عاصمتها تيبيه.
وصلها الإسلام حديثًا بعد سيطرة الشيوعيين، حيث هاجر 20 ألف مسلم إليها من الصين الشيوعية عام 1949م وازداد عدد المسلمين حتى وصل إلى 50 ألفًا.
المسلمون فيها في وضع جيد بسبب الحرية الدينية.
يوجد فيها 5 مساجد موزعة على المدن.
[1] الفتوح الإسلامية عبر العصور د. عبد العزيز بن إبراهيم العمري.
[2] الإسلام في الصين فنغ جين يوان تعريب محمود يوسف لي هواين ط في بكين ص 1.
[3] من كتاب : المسلمون في المعسكر الشيوعي د. علي المنتصر الكتاني ط 1393.
[4] مجلة الدعوة العدد 2082 ، 11 صفر 1428هـ 1 مارس 2007.
[5] الرابطة العدد 491 ربيع الثاني 1428 ه الموافق إبريل 2007م .