عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2015-01-19, 07:23 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

رابعاً: التفاضل بين أهل الإيمان يكون تارة بالهجرة ، وتارة أخرى بالنّصرة .
للعبد من الفضل والشرف بحسب نصرته للنبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ فالتفاوت في مضمار السباق بين المؤمنين يكون بالسبق إلى النُّصرة ؛ ولا يتقدم عليها شيء إلا إذا اقترنت بها الهجرة ؛ كما قال تعالى: [ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا] {الأنفال:72}.
وقد جعلت النصوص الشرعية تكميل الإيمان وتحصيل المحاسن والفضائل بالسبق إلى الهجرة والنُّصرة معاً، قال تعالى: [ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {التوبة:100} .
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الفتح :[لا هجرة بعد الفتح ،ولكن جِهادٌ ونيّةٌ ، وإذا اْستُنْفِرْ تُم فاْنِفِرُوا] ([15]).
ومعنى: الاستنفار : الاستنجاد والاستنصار : أي إذا طلب منكم النُّصرة فأجيبوا وانفروا خارجين إلى الإعانة . ونفير القوم : جماعتهم الذين ينفرون في الأمر ([16]).
وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال : (خيرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الهجرة والنصرة فاخترت النُّصرة) ([17]).
قال أبو جعفر الطحاوي – بعد أن ساق الحديث بسنده-:" وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو اختار لنفسه النُّصرة وترك الهجرة صار الناس جميعاً أنصاراً ، ولم يبق أحد منهم مهاجراً ، فلم يجعل نفسه من الأنصار لتبقى الهجرة ولتبقى النصرة جميعاً" ([18]).
وقد كان تفضيل بعض الصحابة على بعض على أساس النُّصرة ؛ يقول ابن القيم في تفضيل خديجة -رضي الله عنها- :" واختلف في تفضيلها على عائشة -رضي الله عنها- على ثلاثة أقوال ثالثها الوقف ؛ وسألت شيخنا ابن تيمية رحمه الله فقال : اختص كل واحدة منها بخاصة فخديجة كان تأثيرها في أول الإسلام وكانت تسلي رسول الله وتثبته وتسكنه وتبذل دونه مالها فأدركت عزة الإسلام واحتملت الأذى في الله وفي رسوله وكانت نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها ، وعائشة -رضي الله عنها- تأثيرها في آخر الإسلام فلها من التفقه في الدين وتبليغه إلى الأمة وانتفاع نبيها بما أدت إليهم من العلم ما ليس لغيرها هذا معنى كلامه " ([19]).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكافئ من نصره ولو كان كافراً كما جاء في السيرة؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما انصرف عن أهل الطائف ولم يجيبوه إلى ما دعاهم إليه من تصديقه، بعث إلى المطعم بن عدي فأجابه على ذلك ثم تسلح المطعم وأهل بيته وخرجوا حتى أتوا المسجد، ثم بعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ادخل؛ فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطاف بالبيت وصلى عنده، ثم انصرف إلى منزله.
وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الفعل كما أخرج البخاري عن محمد بن جبير عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في أسارى بدر: [لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له] ([20]).
وقد دلّ هذا الحديث على ثلاث فوائد :
أولها: جواز الدخول في جوار الكافر عند الحاجة.
الثانية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكافئ المحسن إليه بإحسانه، وإن كان كافرًا([21]).
الفائدة الثالثة : أن نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإحسان الذي يحفظ للكافر ويكافأ عليه.
ومن هذا النوع من الإحسان ـ أيضًا ـ تخفيف العذاب الأُخروي على الكافر بسبب نصرته للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومعونته للدين؛ كما جاء في حديث العباس بن عبد المطلب –رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: [ما أغنيت عن عمك؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار] ([22]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس