المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطاء الله
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أخي (أبا عبيدة)، و رزقكم الله - عز و جل - دوام نعمته عليكم باستنارة البصيرة و صدق الفراسة، فإن ملاحظاتك النيرة تشع و تشرق بنور ملهم و رأي محكم.
أخي (أبا عبيدة)، هذه الحياة فانية و متاعها زائل، و الأكدار و المنغصات لا تفارق يوماً من أيامها المرة، فضلاً عن المصائب و الكربات المقدورة على الإنسان فيها من حيث لا يشعر و لا يحس بين الفينة و الفينة، و إن آلم ما قد يتحسر المرء على فواته بعد مضي القدر الأكبر من سنوات حياته أن يجد نفسه كالمنبت الذي لا أرضاً قطع و لا ظهراً أبقى، فإن أخشى ما أخشاه أن يمضي شطر واسع من عمري و أجدني عندئذ جاهلاً بما لا يسع المسلم جهله من شئون دينه، بل و خالياً من علم نافع أنشره متقرباً إلى الله - سبحانه و تعالى - و أظفر من خلاله بأرجى الأعمال الثلاثة الدائمة بعد انتهاء الأجل و انقطاع العمل و الأمل، و هو (العلم الذي ينتفع به)، و لا يخفى عليكم أنه أدوم بإذن الله من صدقة جارية ما تلبث أن تنفد، أو دعاء ولد صالح سرعان ما يزهد.
و إجابة لسؤالكم الكريم أخي (أبا عبيدة) حول كيفية طلب الفقه، فإنه من حقكم عليّ في إطار المناصحة، و من واجبي إزاءكم في سياق المصارحة، الاعتراف الشخصي بما يمليه واقع الحال لديّ، و إن وقع لي معكم فيه خلاف، و بناءً على ذلك يتحتم عليّ إخباركم بأنني ممن يحبذون طلب العلم في بطون الكتب، سواءً الفقه أم سواه من العلوم؛ بالنظر إلى أنني لست أهلاً لثني ركبي عند العلماء و المشايخ، لعلتين: إحداهما مقترنة بي، و الأخرى بالعلماء و المشايخ في زماننا هذا، فكلانا عليل من حيث يدري و لا يدري، و ضعف الطالب و المطلوب!
|