مع الرئيس العراقي
قد اتفق لي ان اشاهد اليوم برنامجا تلفزيونا ، استضافت فيه مقدمته الرئيس العراقي ، و انا رجل لا يحب التدخل في امور الدول الاخرى ، الا ما كان من كتابة تحليل يظهر لي ، او الدفاع عن بلد مسلم و عربي ، و حتى في الذي اكتبه اليك الان فسأكتفي بالابانة عن اشياء حملتها تلك الحلقة في طياتها ، و قد اعجبني ما رايته اليوم و سمعته من كلام فخامته و اسلوبه، و قدح ذلك زناد نشوتي ، و انت يا صاحبي اعلم مني بما يحدثه الكلام في النفس و انه احيانا يزري عندك بعقود الجمان على جيد الحسان ، و احب ان انصح كل مهتم بمناهج السياسة و اساليب الكلام فيها ، ان يعود الى برنامج " مع جيزال" و يشاهد ذلك الحوار ، الذي اظهر فيه فخامته على سعة في الفهم و قوة في الادراك.
ان الذي عجبت له من الرجل ، ليس كلامه ،و انما الذي ادركه من قصد محاورته و ما تصبو لدفعه اليه ،فكأني بها مكشوفة الاوراق امامه ، و خاصة حين بلغ بهما الكلام الى الحديث عن ايران ، و علاقتها بالعراق ،و الدور العراق بالمنطقة ،فقد قطع عليها الطريق قبل بلوغ مبتغاها ، و حبسها دون الوصول الى مرادها ، و قد كان منه كل ذلك مرفوقا بشدة خفيفة و ابتسامة لطيفة ، تصدر عن حنكة سياسية .
و قد خيل الي ساعتها ، من كلام الرجل و ما عبر عنه ، سواء بالكلام او بالايحاء ، انه يقتفي اثر المغرب في سياسته ، الذي اتخذها سبيلا له عبر سنوات من الزمان ، و التي بسببها بادلنا الاشقاء الصداقة بالعداء ، و ناصبوا لنا عوض المودة البغضاء .
هذا ، و مما داعب فكري و طار بي و بذاكرتي سنوات الى الوراء ، و زاد عن نشوة الاولى نشوة ثانية ممزوجة بالحسرة و بالذي عافه كل ذي عقل سليم و فكر مستقيم ، سؤالها له عن العلة في حيدة زوجته ، و هي تستقبل بابا الفاتكان ، عن اللباس التقليدي العراقي الى اللباس التقليدي الكردي ، و جوابه اياها بان اللباس الكردي هو جزء من اللباس العراقي .
فالذي زاد النشوة الثانية على الاولى ، هو ظهور علامات و اثار ما حذرت منه قبل حين ، بخصوص النظرية الاقليمية ، حين سالت الاقلام المتحمسة مؤيدة لتقسبم العراق الى اقاليم ثلاث ، و بلغت ساعتها قلوبنا الحناجر و نحن نبين تاريخ هذه الدعوة ، و انها نظرية ادبية تحولت الى دعوى سياسية ، و اثبتنا علاقتها بمخطط قديم لتقسيم المقسم و تفتيت المفتت.
و اما الذي جعل النشوة الثانية ممزوجة بالحسرة و بما عافه الفكر و العقل هو الترويج للبضاعة الكاسدة حتى تثبت في عقول الناس و تنزل منهم منزلة البديهية العلمية و المسلمة العقلية ، و قومي من كل هذا و ذاك في سباتهم يتلذذون و في حيرتهم ضائعون.
كتب : الاحد 7 شعبان 1443 ( 21/03/2021)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
|