القول الأقوم في معجزات النبي الأكرم(10)<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
في عصمة الله تعالى له صلى الله عليه وسلم مـن النـــاس
<o:p></o:p>
الفصل الرابع والعشرون:<o:p></o:p>
في عصمة الله تعالى له صلى الله عليه وسلم مـن النـــاس.
<o:p></o:p>
* قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة: 67 )<o:p></o:p>
-وقال تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (الطور: 48 )<o:p></o:p>
-وقال: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر: 36).<o:p></o:p>
وقيل: بكاف محمداً صلى الله عليه وسلم أعداءه المشركين. و قيل غير هذا.<o:p></o:p>
وقال تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (الحجر: 95 ).<o:p></o:p>
وقال: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال: 30 ).<o:p></o:p>
-أخبرنا القاضي الشهيد أبو علي الصدفي بقراءتي عليه، والفقيه الحافظ أبو بكر محمد عبد الله المعافري قالا: حدثنا أبو الحسن الصيرفي، قال: حدثنا أبو يعلى البغدادي، حدثنا أبو علي السنجي، حدثنا أبو العباس المروزي، حدثنا أبو عيسى الحافظ، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحارث بن عبيد، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن شفيق، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية: (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ـ فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال لهم: "يا أيها الناس، انصرفوا، فقد عصمني ربي عز وجل". <o:p></o:p>
قلت: رواه الترمذي في سننه، قال:<o:p></o:p>
حدثنا عبد بن حميد حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا الحرث بن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان النبي: صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية {والله يعصمك من الناس} فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة فقال لهم: "يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله".. حدثنا نصر بن علي حدثنا مسلم بن إبراهيم بهذا الإسناد نحوه؛ قال أبو عيسى هذا حديث غريب وروى بعضهم هذا الحديث عن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس ولم يذكروا فيه عن عائشة <o:p></o:p>
وقال الشيخ الألباني: حسن، وأخرجه في السلسلة الصحيحة.<o:p></o:p>
-وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلاً اختار له أصحابه شجرة يقيل تحتها، فأتاه أعرابي فاخترط سيفه ثم قال: من يمنعك مني؟ فقال: الله عز وجل.. فرعدت يد الأعرابي، وسقط سيفه، وضرب برأسه الشجرة حتى سال دماغه، فنزلت الآية.<o:p></o:p>
قلت:متفق عليه. <o:p></o:p>
- رواه البخاري في كتاب المغازي، قال: <o:p></o:p>
حدثنا أبو اليمان: حدثنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني سنان وأبو سلمة: أن جابرا أخبر: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد.<o:p></o:p>
حدثنا إسماعيل قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبره: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العصاه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة فعلق بها سيفه. قال جابر: فنمنا نومة، ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال لي: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فها هو ذا جالس). ثم لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.<o:p></o:p>
-و مسلم في كتاب الفضائل<o:p></o:p>
حدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر. ح وحدثني أبو عمران، محمد بن جعفر بن زياد (واللفظ له). أخبرنا إبراهيم (يعني ابن سعد) عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، عن جابر بن عبد الله. قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد. فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه. فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة. فعلق سيفه بغصن من أغصانها. قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن رجلا أتاني وأنا نائم. فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي. فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده. فقال لي: من يمنعك مني؟ قال قلت: الله. ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال قلت: الله... قال فشام السيف. فها هو ذا جالس". ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبو بكر بن إسحاق. قالا: أخبرنا أبو اليمان. أخبرنا شعيب عن الزهري. حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي وأبو سلمة بن عبد الرحمن؛ أن جابر بن عبد الله الأنصاري، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرهما؛ أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد. فلما قفل النبي صلى الله عليه وسلم قفل معه. فأدركتهم القائلة يومًا. ثم ذكر نحو حديث إبراهيم بن سعد ومعمر. <o:p></o:p>
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عفان. حدثنا أبان بن يزيد. حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن جابر. قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى إذا كنا بذات الرقاع. بمعنى حديث الزهري. ولم يذكر: ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم.<o:p></o:p>
- وقد رويت هذه القصة في الصحيح، وأن غورث بن الحارث صاحب هذه القصة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه فرجع إلى قومه، وقال: جئتكم من عند خير الناس. <o:p></o:p>
قلت: أخرج البيهقي في دلائل النبوة، قال:<o:p></o:p>
باب عصمة الله عز وجل رسوله عما هم به غورث بن الحارث من قتله وكيفية صلاته في الخوف: <o:p></o:p>
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أن النبي نزل منزلاً وتفرق الناس في العضاة يستظلون تحتها وعلق النبي سلاحه بشجرة فجاء أعرابي فاستل السيف ثم أقبل إلى النبي فقال: من يحول بيني وبينك؟ فقال النبي: الله. من يهزمك مني؟ حتى قالها ثلاثًا والنبي يقول: الله, قال فشام الأعرابي السيف وجاء فجلس عند النبي فدعا النبي أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه… <o:p></o:p>
قال وكان قتادة يذكر نحو هذا ويذكر أن قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي فأرسلوا هذا الأعرابي ويتلو (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (المائدة: 11 ).<o:p></o:p>
رواه البخاري في الصحيح عن محمود <o:p></o:p>
ورواه مسلم عن عبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق دون قول قتادة<o:p></o:p>
قال البخاري وقال إبان حدثنا يحيى بن أبي كثير فذكر الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي قال حدثنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عفان قال حدثنا أبان قال حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا مع رسول الله حتى إذا كنا بذات الرقاع قال كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله قال فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله معلق بشجرة فأخذ سيف نبي الله فاخترطه فقال لرسول الله: أتخافني؟ قال: لا. قال: فمن يمنعك مني؟ قال: الله يمنعني منك. قال فتهدده أصحاب رسول الله فأغمد السيف وعلقه قال فنودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين قال فكانت لرسول الله أربع ركعات وللقوم ركعتان. رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة. <o:p></o:p>
قال البخاري قال مسدد عن أبي عوانة عن أبي بشر اسم الرجل غورث بن الحارث وقاتل فيها محارب خصفة.<o:p></o:p>
أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب قال حدثنا محمد بن معاذ قال حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل عارم (ح).<o:p></o:p>
وأخبرنا أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرنا محمد بن يحيى المروزي قال حدثنا عاصم هو ابن علي قالا حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان بن قيس عن جابر قال قاتل رسول الله محارب خصفة بنخل فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رأس رسول الله بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ قال: الله قال فسقط السيف من يده قال فأخذ رسول الله السيف فقال: من يمنعك مني؟ قال كن خير آخذ. قال: تشهد أن لا إله إلا الله وإني رسول الله. قال: لا ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله فأتى أصحابه وقال جئتكم من عند خير الناس... ثم ذكر صلاة الخوف وأنه صلى أربع ركعات لكل طائفة ركعتين هذا لفظ حديث عاصم.. وفي رواية عارم قال الأعرابي أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك قال فخلى رسول الله يعني عنه فجاء إلى قومه فقال جئتكم من عند خير الناس.. <o:p></o:p>
- وقد حكيت مثل هذه الحكاية، وأنها جرت له يوم بدر، وقد انفرد من أصحابه لقضاء حاجته، فتبعه رجل من المنافقين... و ذكر مثله. <o:p></o:p>
- وقد روي أنه وقع له مثلها في غزوة غطفان بذي أمر، مع رجل اسمه دعثور بن الحارث، وأن الرجل أسلم، فلما رجع إلى قومه الذين أغروه ـ وكان سيدهم وأشجعهم ـ قالوا له: أين ما كنت تقول، وقد أمكنك؟ فقال: إني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري، فوقعت لظهري، وسقط السيف، فعرفت أنه ملك، وأسلمت.<o:p></o:p>
قلت: قال البيهقي في دلائل النبوة قال: <o:p></o:p>
قال الواقدي حدثني محمد بن زياد بن أبي هنيدة قال أخبرنا زيد ابن أبي عتاب قال الواقدي وأخبرنا الضحاك بن عثمان قال وحدثني عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عن عبد الله بن أبي بكر وزاد بعضهم على بعض في الحديث وغيرهم قد حدثني أيضا قالوا بلغ رسول الله أن جمعا من غطفان من بني ثعلبة بن محارب بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله معهم رجل منهم يقال له دعثور بن الحارث بن محارب فندب رسول الله المسلمين فخرج في أربعمائة رجل وخمسين رجلاً ومعهم أفراس فذكر الحديث في مسيره إلى أن قال وهربت منه الأعراب فوق ذرى من الجبال ونزل رسول الله ذا أمر وعسكر به فأصابهم مطر كثير فذهب رسول الله لحاجته فأصابه ذلك المطر فبل ثوبه وقد جعل رسول الله وادي ذي أمر بينه وبين أصحابه ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف وألقاها على شجرة ثم اضطجع تحتها والأعراب ينظرون إلى كل ما يفعل رسول الله فقالت الأعراب لدعثور وكان سيدها وأشجعها قد أمكنك محمد وقد انفرد من أصحابه حيث إن غوث بأصحابه لم يغث حتى تقتله فاختار سيفا من سيوفهم صارمًا ثم أقبل مشتملًا على السيف حتى قام على رأس رسول الله بالسيف مشهورًا فقال: يا محمد من يمنعك مني اليوم؟ قال: الله عز وجل, ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده فأخذه رسول الله وقام على رأسه فقال: من يمنعك مني؟ قال: لا أحد وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لا أكثر عليك جمعًا أبدًا. فأعطاه رسول الله سيفه ثم أدبر ثم أقبل بوجهه ثم قال: والله لأنت خير مني, قال رسول الله: أنا أحق بذلك منك. فأتى قومه فقالوا: أين ما كنت تقول وقد أمكنك والسيف في يدك؟ قال: قد كان والله ذلك رأيي ولكن نظرت إلى رجل أبيض طويل فدفع في صدري فوقعت لظهري فعرفت أنه ملك وشهدت أن محمدًا رسول الله والله لا أكثر عليه وجعل يدعو قومه إلى الإسلام ونزلت هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم) الآية قال وكانت غيبته إحدى عشرة ليلة واستخلف على المدينة عثمان بن عفان..<o:p></o:p>
كذا قال الواقدي وقد روي في غزوة ذات الرقاع قصة أخرى في الأعرابي الذي قام على رأسه بالسيف وقال من يمنعك مني فإن كان الواقدي قد حفظ ما ذكر في هذه الغزوة فكأنهما قصتان والله أعلم..<o:p></o:p>
وفيه نزلت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (المائدة: 11 ). <o:p></o:p>
قلت: قال القرطبي:<o:p></o:p>
قال جماعة: نزلت بسبب فعل الأعرابي في غزوة ذات الرقاع حين اخترط سيف النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يعصمك مني يا محمد؟.. وفي البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس فاجتمعوا وهو جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبه. وذكر الواقدي وابن أبي حاتم أنه أسلم. وذكر قوم أنه ضرب برأسه في ساق شجرة حتى مات. وفي البخاري في غزوة ذات الرقاع أن اسم الرجل غورث بن الحارث (بالغين منقوطة مفتوحة وسكون الواو بعدها راء وثاء مثلثة) وقد ضم بعضهم الغين، والأول صح. وذكر أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، وأبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي أن اسمه دعثور بن الحارث، وذكر أنه أسلم كما تقدم. وذكر محمد بن إسحاق أن اسمه عمرو بن جحاش وهو أخو بني النضير. وذكر بعضهم أن قصة عمرو بن جحاش في غير هذه القصة. والله أعلم. وقال قتادة ومجاهد وغيرهما: نزلت في قوم من اليهود جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية فهموا بقتله صلى الله عليه وسلم فعصمه الله منهم. قال القشيري: وقد تنزل الآية في قصة ثم ينزل ذكرها مرة أخرى لادكار ما سبق. "أن يبسطوا إليكم أيديهم" أي بالسوء. "فكف أيديهم عنكم" أي منعهم.<o:p></o:p>
-وفي رواية الخطابي أن غورث بن الحارث المحاربي أراد أن يفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يشعر به إلا وهو قائم على رأسه منتضياً سيفه، فقال: اللهم اكفنيه بما شئت، فانكب من وجهه من زلخة زلخها بين كتفيه ونذر سيفه من يده. الزلخة: وجع الظهر. وقيل في قصته غير هذا، وذكر فيه نزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (المائدة: 11). <o:p></o:p>
قلت: قال القرطبي عند تفسيره لقول الله تعالى:( وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) (النساء 102).<o:p></o:p>
قيل: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم يوم بطن نخلة لما انهزم المشركون وغنم المسلمون؛ وذلك أنه كان يومًا مطيرًا وخرج النبي صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجته واضعًا سلاحه، فرآه الكفار منقطعًا عن أصحابه فقصده غورث بن الحارث فانحدر عليه من الجبل بسيفه، فقال: من يمنعك مني اليوم؟ فقال: (الله) ثم قال: (اللهم اكفني الغورث بما شئت). فأهوى بالسيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليضربه، فانكب لوجهه لزلقة زلقها. وذكر الواقدي أن جبريل عليه السلام دفعه في صدره ...، وسقط السيف من يده فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (من يمنعك مني يا غورث )؟ فقال: لا أحد. فقال: (تشهد لي بالحق وأعطيك سيفك)؟ قال: لا؛ ولكن أشهد ألا أقاتلك بعد هذا ولا أعين عليك عدوًا؛ فدفع إليه السيف.<o:p></o:p>
-وقيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاف قريشاً، فلما نزلت هذه الآية استلقى، ثم قال: من شاء فليخذلني.<o:p></o:p>
-وذكر عبد بن حميد، قال: كانت حمالة الحطب تضع العضاه ـ وهي جمر ـ على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما يطؤها كثيباً أهيل. <o:p></o:p>
-وذكر ابن إسحاق عنها أنها لما بلغها نزول: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (المسد: 1)، وذكرها بما ذكرها الله مع زوجها من الذم ـ أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد ومعه أبو بكر، وفي يدها فهر من الحجارة. فلما وقفت عليهما لم تر إلا أبا بكر، وأخذ الله تعالى ببصرها عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا أبا بكر أين صاحبك؟ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه. <o:p></o:p>
قلت " قال القرطبي عند تفسيره لسورة المسد:<o:p></o:p>
قوله تعالى: "تبت يدا أبي لهب" في الصحيحين وغيرهما (واللفظ لمسلم) عن ابن عباس قال: لما نزلت "وأنذر عشيرتك الأقربين" [الشعراء: 214] ورهطك منهم المخلصين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا، فهتف: يا صباحاه! فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد. فاجتمعوا إليه. فقال: (يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب) فاجتمعوا إليه. فقال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي)؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). فقال أبو لهب: تبا لك، أوما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام، فنزلت هذه السورة: "تبت يدا أبي لهب وقد تب" كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة. زاد الحميدي وغيره: فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وفي يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترى إلا أبا بكر. فقالت: يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، والله إني لشاعرة: مذممًا عصينا***وأمره أبينا***ودينه قلينا, ثم انصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ قال: (ما رأتني، لقد أخذ الله بصرها عني). وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم مذممًا؛ يسبونه، وكان يقول: (ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش، يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد).<o:p></o:p>
وقال البيهقي في دلائل النبوة:<o:p></o:p>
باب قول الله عز وجل (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا) وما جاء في تحقيق ذلك: <o:p></o:p>
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الوليد بن كثير عن ابن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر قالت لما نزلت (تبت يدا أبي لهب) أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول: مذممًا أبينا, ودينه قلينا, وأمره عصينا.. والنبي جالس في المسجد ومعه أبو بكر رضي الله عنه فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك. قال النبي: "إنها لن تراني", وقرأ قرآنًا فاعتصم به كما قال وقرأ (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا) فوقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله فقالت: يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني, فقال: لا ورب هذا البيت ما هجاك قال فولت وهي تقول قد علمت قريش أني ابنة سيدها...<o:p></o:p>
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين قال حدثنا منجاب هو ابن الحارث قال حدثنا ابن مسهر عن سعيد بن كثير عن أبيه قال حدثني أسماء بنت أبي بكر أن أم جميل دخلت على أبي بكر وعنده رسول الله فقالت يا ابن أبي قحافة ما شأن صاحبك ينشد في الشعر فقال والله ما صاحبي بشاعر وما يدري ما الشعر فقالت: أليس قد قال في جيدها حبل من مسد فما يدريه ما في جيدي فقال النبي: "قل لها ترين عندي أحدا فإنها لن تراني" قال جعل بيني وبينها حجاب, فسألها أبو بكر فقالت: أتهزأ بي يا ابن أبي قحافة والله ما أرى عندك أحدًا.. <o:p></o:p>
-وعن الحكم بن أبي العاصي: تواعدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا رأيناه سمعنا صوتاً خلفنا ما ظننا أنه بقي بتهامة أحد، فوقعنا مغشياً علينا، فما أفقنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله. <o:p></o:p>
ثم تواعدنا ليلة أخرى، فجئنا حتى إذا رأيناه جاءت الصفا والمروة، فحالت بيننا وبينه. <o:p></o:p>
-وعن عمر رضي الله عنه: تواعدت أنا وأبو جهم بن حذيفة ليلة قتْل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئنا منزله، فسمعنا له، فافتح وقرأ: ( الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ *سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ *(الحاقة.).<o:p></o:p>
فضرب أبو جهم على عضد عمر، وقال: انجُ،وفرا هاربين، فكانت من مقدمات إسلام عمر رضي الله عنه. <o:p></o:p>
-ومنه العبرة المشهورة، والكفاية التامة عندما أخافته قريش، وأجمعت على قتله وبيتوه، فخرج عليهم من بيته، فقام على رؤوسهم، وقد ضرب الله تعالى على أبصارهم، وذر الترابَ على رؤوسهم، وخلص منهم. <o:p></o:p>
قلت: روى البيهقي في دلائل النبوة، قال:<o:p></o:p>
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محبور الدهان قال أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون قال أخبرنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد قال حدثنا يوسف بن بلال قال حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل (وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا) قال كفار قريش سدا غطاء فأغشيناهم يقول ألبسنا أبصارهم وغشيناهم...<o:p></o:p>
وقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال وأقام رسول الله ينتظر أمر الله حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت به وأرادوا به ما أرادوا أتاه جبريل عليه السلام فأمره أن لا يبيت في مكانه الذي كان يبيت فيه دعا رسول الله علي بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتسجى ببرد له أخضر ففعل ثم خرج رسول الله على القوم وهم على بابه وخرج معه بحفنة من تراب فجعل يذرها على رؤوسهم وأخذ الله عز وجل بأبصارهم عن نبيه وهو يقرأ ( يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ *) وروي عن عكرمة ما يؤكد هذا...<o:p></o:p>
-وحمايته عن رؤيتهم في الغار بما هيأ الله له من الآيات، ومن العنكبوت الذي نسج عليه، حتى قال أمية بن خلف ـ حين قالوا: تدخل الغار: ما أربكم فيه، وعليه من نسج العنكبوت ما أرى أنه قبل أن يولد محمد. ووقفت حمامتان على فم الغار، فقالت قريش: لو كان فيه أحد لما كانت هناك الحمام. <o:p></o:p>
قلت: أخرج البيهقي في دلائل النبوة، قال:<o:p></o:p>
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ببغداد قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البري قال حدثنا مسلم بن إبراهيم ح وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو صادق محمد بن أحمد العطار قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن علي الوراق قال حدثنا مسلم قال حدثنا عون بن عمرو القيسي قال: سمعت أبا مصعب المكي قال أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي ليلة الغار أمر الله عز وجل بشجرة فنبتت في وجه النبي فسترته وأمر الله العنكبوت فنسجت في وجه النبي فسترته وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وهراويهم وسيوفهم حتى إذا كانوا من النبي بقدر أربعين ذراعًا فجعل رجل منهم لينظر في الغار فرأى حمامتين بفم الغار فرجع إلى أصحابه فقالوا له ما لك لم تنظر في الغار فقال رأيت حمامتين بفم الغار فعلمت أنه ليس فيه أحد فسمع النبي ما قال فعرف أن الله عز وجل قد درأ عنه بهما فدعاهن النبي فسمت عليهن وفرض جزاءهن وانحدرن في الحرم..<o:p></o:p>
-وقصته مع سراقة بن مالك بن جعشم حين الهجرة، وقد جعلت قريش فيه وفي أبي بكر الجعائل، فأنذر به، فركب فرسه واتبعه حتى إذا قرب منه دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فساخت قوائم فرسه، فخر عنها، واستقسم بالأزلام، فخرج له ما يكره. ثم ركب ودنا حتى سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يلفت، وأبو بكر رضي الله عنه يلتفت فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: أتينا. فقال: لا تحزن إن الله معنا، فساخت ثانية إلى ركبتها وخر عنها، فزجرها فنهضت ولقوئمها مثل الدخان، فناداهم بالأمان، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم أماناً، كتبه ابن فهيرة، وقيل أبو بكر، وأخبرهم بالأخبار، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم ألا يترك أحداً يلحق بهم. فانصرف يقول للناس: كفيتم ما ها هنا. وقيل: بل قال لهما: أراكما دعوتما علي، فادعوا لي. فنجا، ووقَع في نفسه ظهور النبي صلى الله عليه وسلم