يُعد سرطان الأطفال من الأمراض النادرة، لكنه يشكل تحدياً كبيراً في مجال الرعاية الصحية. وقد لعب العديد من الأطباء والخبراء دوراً مهماً في تحسين العلاجات وتوفير أفضل رعاية للأطفال المصابين بهذا المرض. من بين هؤلاء الأطباء البارزين،
أ. د. عماد عبيد، أستاذ علاج أورام الأطفال في المعهد القومي للأورام بجامعة القاهرة، الذي قدم العديد من الأبحاث والدراسات التي أسهمت في تطوير طرق علاج فعّالة لسرطان الأطفال. في هذا المقال، سنتناول تعريف سرطان الأطفال، الأسباب المحتملة للإصابة به، الأعراض الشائعة، وطرق العلاج المتاحة.
ما هو سرطان الأطفال؟
سرطان الأطفال هو نمو غير طبيعي للخلايا في جسم الطفل، ويحدث في أي عضو من أعضاء الجسم مثل الدماغ، العظام، الكلى، والعينين. يمكن أن يصيب هذا المرض الأطفال في أي مرحلة من مراحل الطفولة، من حديثي الولادة حتى المراهقة. يتميز سرطان الأطفال عن السرطان الذي يصيب البالغين من حيث الأنواع والعوامل المسببة، كما أن استجابة الأطفال للعلاج قد تختلف أيضاً.
أنواع سرطان الأطفال
توجد عدة أنواع من السرطان التي قد تصيب الأطفال، ومن أبرزها:
اللوكيميا (سرطان الدم):
يُعد النوع الأكثر شيوعاً لدى الأطفال. يحدث عندما تنمو خلايا الدم البيضاء بشكل غير طبيعي. يشمل هذا النوع اللوكيميا الحادة الليمفاوية واللوكيميا الحادة غير الليمفاوية.
الورم الدماغي:
من أكثر الأورام السرطانية شيوعاً بعد اللوكيميا. يظهر في الدماغ أو الحبل الشوكي ويمكن أن يؤثر على وظائف الدماغ مثل الحركة والتوازن.
سرطان العقد اللمفاوية (اللمفوما):
يصيب الخلايا اللمفاوية، وينقسم إلى نوعين رئيسيين: اللمفوما هودجكين واللمفوما غير هودجكين.
سرطان العظام (الساركومة العظمية):
يؤثر على العظام أو الأنسجة الرخوة المحيطة بها. الساركومة العظمية هي أحد أشهر أنواع السرطان التي تصيب الأطفال في مرحلة النمو.
سرطان الكلى (ورم ويلمز):
نوع نادر من السرطان يصيب الكلى، ويظهر عادة في سن مبكرة لدى الأطفال.
الورم الشبكي (Retinoblastoma):
هو سرطان يصيب العين، يظهر عادة في الأطفال بين سن 1 و 3 سنوات.
أسباب سرطان الأطفال
على الرغم من عدم وجود سبب واضح للإصابة بسرطان الأطفال، إلا أن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة، منها:
العوامل الوراثية:
تلعب العوامل الوراثية دوراً في زيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان. في حالات نادرة، قد يرتبط سرطان الأطفال بمتلازمات وراثية مثل متلازمة داون أو متلازمة لي-فراوميني.
التعرض للإشعاع:
الأطفال الذين تعرضوا للإشعاع، سواء كان علاجياً أو بيئياً، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.
الاضطرابات الجينية:
الطفرات الجينية قد تزيد من احتمال الإصابة بالسرطان في مراحل مبكرة من الحياة.
العوامل البيئية:
قد يكون لبعض المواد الكيميائية والملوثات البيئية تأثير في زيادة خطر الإصابة بالسرطان، مثل التعرض للتلوث أو المواد السامة.
أعراض سرطان الأطفال
تختلف أعراض سرطان الأطفال حسب نوع السرطان ومكانه في الجسم. ومع ذلك، هناك بعض الأعراض التي يجب الانتباه إليها، مثل:
فقدان الوزن غير المبرر.
الشعور بالتعب الشديد والإرهاق.
تورم أو ظهور كتلة في أي منطقة من الجسم.
ألم غير مفسر في العظام أو المفاصل.
الصداع أو تغيرات في الرؤية، خاصة في حالات السرطان الدماغي.
نزيف غير طبيعي أو ظهور كدمات.
مشاكل في التنفس أو السعال المستمر.
حالات غثيان وقيء غير مبرر.
في حال لاحظت أي من هذه الأعراض، يجب زيارة الطبيب فوراً.
علاج سرطان الأطفال
يتنوع علاج سرطان الأطفال بحسب نوع السرطان ومدى انتشاره. وتشمل العلاجات المتاحة:
العلاج الكيميائي:
هو العلاج الأكثر شيوعاً، حيث يتم استخدام أدوية لقتل الخلايا السرطانية أو تقليل نموها. قد يتطلب العلاج الكيميائي فترات طويلة أو دورات متعددة.
الجراحة:
في بعض الحالات، قد يحتاج الطفل إلى جراحة لإزالة الورم السرطاني من الجسم.
العلاج الإشعاعي:
يستخدم الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية أو منع نموها، ويمكن أن يُستخدم بمفرده أو جنباً إلى جنب مع العلاج الكيميائي أو الجراحة.
العلاج المناعي:
يعزز هذا العلاج قدرة جهاز المناعة على التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها.
زراعة الخلايا الجذعية:
في بعض الحالات، قد يكون من الضروري زراعة الخلايا الجذعية لاستعادة قدرة نخاع العظم على إنتاج خلايا دم جديدة بعد العلاج الكيميائي أو الإشعاعي المكثف.
التشخيص المبكر والوقاية
يُعد التشخيص المبكر عاملاً أساسياً في نجاح علاج سرطان الأطفال. يمكن أن تساعد الفحوصات المنتظمة، مثل فحوصات الدم والفحوصات الطبية للأطفال المعرضين للخطر، في اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة. رغم أنه لا توجد طريقة للوقاية الكاملة من سرطان الأطفال، إلا أنه يمكن تقليل المخاطر عبر تجنب التعرض للإشعاع الضار والحفاظ على بيئة صحية.
خاتمة
سرطان الأطفال هو مرض معقد وصعب، لكنه قابل للعلاج في كثير من الحالات، خصوصاً إذا تم اكتشافه في مرحلة مبكرة. مع تطور الطب والبحوث، تحسنت معدلات الشفاء بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث أصبح من الممكن للأطفال التعافي والعودة إلى حياتهم الطبيعية بعد العلاج. من المهم توعية الأسرة والمجتمع بأهمية الكشف المبكر والتصرف السريع في حال الاشتباه بأي أعراض.