عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2010-05-20, 12:12 PM
مرام صالح مرام صالح غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-01-12
المشاركات: 134
مرام صالح
افتراضي

اقتباس:
القاعدة الثالثة: التبشير وعدم التنفير

وذلك ببناء الكلام في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ على قصد تحبيب العباد في رب العباد. إذ على ذلك ينبني مفهوم الخوف والرجاء. انظر كيف بشر الله من استقام على ذلك بالجنة وبالولاية الربانية الحقة، والنجاة من غضبه وعذابه. إنه شعور جميل جدا. شعور بالأمن الروحي، والسلام الوجداني، يفيض بالقلب المؤمن الصادق. إن العبد ليجد جمال الكرم الإلهي في نفسه، ونور رحمته ينبعث من صدقه، في توجهه وسيره إلى الله، مع خوفه من زوال ذلك؛ مما ينشط حركة سيره، وسرعة إقباله على ربه رغبا ورهبا

فـ(البشرى) هي أعظم ما يحب الإنسان أن يسمع في حياته. وهي أرفع منازل الدعوة إلى الله، وأرقاها غاية ووسيلة. إلا أنه معلوم شرعا وعقلا؛ أن البشرى لا تتحقق؛ إلا إذا لابسها خوف عدم حصول المرتجى. فالتخويف أساس لتحقيق البِشْر؛ ولذلك قلما ذكر الترغيب في القرآن إلا وذكر معه الترهيب. فهما حقيقتان متلازمتان. إلا أن ضابط ذلكم وجماعهما التحبيب. أي لا يجوز أن يفرط المرء في أحدهما، أو يفرط؛ بما يؤدي إلى تنفير النفس عن المقصود، وتيئيسها من الله والعياذ بالله. بل يجب أن يكون التخويف على قدر ما يحبب العباد في رب العباد، فههنا ميزان من الحكمة قل من يحسنه من الناس. ولذلكم قال ابن القيم رحمه الله في عبارة جامعة: (ويندرج الخوف والرجاء في الحب)(1)

فاجعل التبشير بالخير في الدنيا والآخرة جوهر خطابك للناس، واجعل النذارة له مصدقة؛ حتى لا تتواكل الأنفس، وتتراخى عن أداء حق الله. واقصد إلى تعريف الخلق بالله فإنهم إن عرفوه حقا أحبوه؛ فتعلقوا بعبادته آنئذ خوفا وطمعا. ففي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن؛ قال: "يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا" (متفق عليه)، وفي صحيح مسلم: أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذا إلى اليمن. فقال: "ادعوا الناس، وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا"

ومن ألطف النصوص في هذا المعنى ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: (إن رحمتي سبقت غضبي" (رواه البخاري). فهذا رب العالمين يعلمنا أن نجعل خطاب الرحمة سابقا في دعوتنا، ونجعل لذلك النذارة خادمة للبشارة؛ لأن الكل مشمول بقصد المحبة. وما أجمل وصف الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهو سيد الدعاة إليه: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} (التوبة: 128). فأشد الناس خوفا من الله هو أشدهم محبة له. بهذا المنطق وجب أن تبني خطابك الدعوي، فما تفرد النذير في موطن من الكتاب والسنة إلا لحكمة خاصة

جزاك الله كل خير أخي على الموضوع الجميل ..


واسأل أن يجعلنا ممن يستمع للقول ويتبع أحسنه .. و أستغفر الله وأتوب اليه .
رد مع اقتباس