الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اما بعد :
ما اجمل الإعتقاد الصحيح ، وما أروع التوحيد ، ولم لا ، وهو السعادة فى الدارين ، فى موقف يجل فيه الخطب ، ويعظم الهول به والكرب ، فى يوم العرصات يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم ، يوم الميزان ، يوم تطاير الصحف والصراط والقنطرة ، مع شدة هذا اليوم فان التوحيد ينفع صاحبه ، ويذب عنه ، حتى يدخل الجنة بفضل الله ، مات ولم يشرك بالله ، فكان حقا على الله ان يدخله الجنة ، حياة اخروية وراحة دنيوية ، والاولى مبنية على الثانية ، ولا يعرف الراحة فى الدنيا الا من عاش التوحيد وخر راكعا لرب العبيد ، معفرا وجهه تواضعا للمتكبر العظيم ، واضعا انفه فى ذل وانكسار يوم تكبر المتكبرون وتعالى الجبارون .
سعادة الدنيا واي سعادة هذه ؟ انظر الى الموحدين كيف رفعوا انفسهم وتقاتل الناس على رؤيتهم ، ولكن كيف ذلك ؟ لما مجدوا الله بالتوحيد واخلصوا له سبحانه ووحدوه باسمائه وصفاته ، بصرف العبادة له وحده لا شريك له فى ملكه وعبوديته، علموا ان الها اخر لا ينفع ولا يضر ، لا يصنع بل يقل ، فلما كان ذلك ، وكانوا عقلاء اصحاب تدبر وتفكير ، وتمحيص وتشمير ، فلا خالق الا الله ولا معبود بحق الا الله ولا رحمن الا الله .
التوحيد والذى هو حق الله على العبيد ، وقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ اتدرى حق الله على العباد ، فكان الجزاء من الله منه واحسان ، الا يعذب من مات لا يشرك به شيئا .
التوحيد ثمرة دعوة الانبياء والمرسلين ، هى القضية العامة التى من اجلها ارسل الله الاولين والاخرين من المرسلين ، اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ، وقاتل من اجلها الانبياء والصالحون حتى زلزلوا وأوذوا ، حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله ، الا ان نصر الله للامة قريب بعد ان تعمل مقتضى التوحيد .
يتبع ان شاء الله