الغناء والمعازف جدل الإباحة و أصالة التحريم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أحبتي في الله إثرإغلاق موضوع إباحة الشيخ الكلباني للأغاني أحببت أن أفتح موضوعا آخر
تناقش فيه المسألة بالشروط التالية :
1: أن لا يكون فيه ذكرللشيخ الكلباني بهمز أو لمز لأن ذلك لا فائدة فيه بينما ضرره واضح جلي .
2: أن نبتدئها بذكرالأدلة التي بنى عليها فنناقشها بالكتاب والسنة ,
3: أن لا نوظف أقوال العلماء توظيفا غيرلائق قبل عرضها جميعا على الكتاب والسنة .
وسأمثل على هذا الشرط لشيء في النفس .
وجدت فيما قيل حول الرد على الشيخ العبيكان والكلباني قولا للشيخ محمد بن حسن الدريعي يقول فيه :
( روح بع واشترلك في عتيقة ولا في اسواق التجارة ..... )
فأقول : ينبغي على طلاب العلم أن لا يوظفوا مثل هذا القول في تجريح العلماء إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة فكما أن فتوى الشيخ الكلباني والعبيكان خطأ فهذا أيضا خطأ ومن نسبه إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فقد أخطأوأخطأ والله حسيبه .
نبدء باسم الله
الأدلة التي بنى عليها الشيخ الكلباني فتواه .
من المعلوم أن كل قائل بقول لم يقل به إلا ومستندا على دليل يعود إليه ويعتبره المرجع في ذلك .
لكنني عند الرجوع إلى موقع الشيخ الكلباني
( هـــــــــــــنا )
بغية الإطلاع على الأدلة التي بنى عليها إباحة الأغاني بالجملة وفي مضوع نشرفي موقعه بعنوان
تشييد البناء في إثبات حل الغناء
فوجئت بعدم وجود الأدلة
الكافية لإعتماد إباحة الغناء بمفهومه اليوم غيرماترونه أدناه :
1: قال : (ومن أكبر دلائل إباحته أنه مما كان يفعل إبان نزول القرآن ، وتحت سمع وبصر الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فأقره ، وأمر به ، وسمعه ، وحث عليه ، في الأعراس ، وفي الأعياد .)انتهى ..
وللرد على ذلك يقال :
مثل ماذا يافضيلة الشيخ حفظك الله .
علك تقصد حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها الذي قالت فيه :
" دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث
قال: وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أمزامير الشيطان في بيت رسول الله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا)".
فهل في هذا دليل على إباحة الأغاني بمفهومها اليوم .
أولا : بماذا يغنيان ؟؟ يغنيان بما تقاولت الأنصاريوم بعاث
وفي ذلك إحياء للهمم وتذكيربالبطولات التي تحيي قلوب الشجعان
وتورث فيها حب القتال والجهاد
قالت عائشة رضي الله عنها كما في البخاري :(كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسول صلى الله عليه وسلم
فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملأهم ، وقتلت سرواتهم وجرحوا .
فقدمه الله لرسول صلى الله عليه وسلم في دخولهم في الإسلام)
فهل يصلح هذا دليلا على إباحة ( عذبتني بحبك ) وغيرها من الألفاظ التي تميت القلوب فضلا عن إحيائها ,
ثانيا: على ماذا يدل نكران أبابكررضي الله عنه في قوله : (أمزاميرالشيطان) إذا كان الأمرمباح فلماذا يستغرب أبابكر
رضي الله عنه . أم أنه جاء ليتجرأ على الله بتحريم مباح ..
ثالثا: هل كان من عادة الجاريتين الغناء ..
ذلك بين في بعض ألفاظ الحديث .. حيث جاء فيها .. ( وليستا بمغنيتين) فمافائدة أنهما ليستا بمغنيتين .
فيها دليل على أنهما لم يتعودا عليه ولم يتخذاه مكسبا كما يفعل من يغني اليوم !!!!
رابعا: هل أنكرالنبي صلى الله عليه وسلم على أبابكرنهرهه للجاريتين وزجره لهما
ففي فعله لذلك بيان للإباحة . لكنه لم يفعل صلوات الله وسلامه عليه ولم يزد على قوله دعهما فإنه يوم عيد !!!
خامسا: هل قال النبي صلى الله عليه وسلم .( دعهما فإن المزاميرحلال ) لا بل قال : دعهما فإنه يوم عيد
وهذا إباحة مؤقتة في حالة مؤقتة خارجة عن الأصل وهو التحريم وستأتي الأدلة في ذلك لا حقا بإذن الله!
أوعلك تقصد حديث بريدة رضي الله عنه والذي قال فيه : "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جائت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردّك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدُّفّ وأتغنّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان هي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل عليّ وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف "
فهل في هذا الحديث إباحة مطلقة للأغاني ..
أولا : لماذا أشارت له بأن ذلك نذر فلوكان الأمرمباحا مطلقا لما أحتاجت إلى إخباره بنذرها لذلك ..
ثانيا: هل يتصورقائل أن الغناء نفس الغناء والآلات نفس الآلات حتى نقول الأغاني حلال بالإطلاق .
ثالثا: لماذا أشارالنبي صلى الله عليه وسلم بتركه إن لم يكن نذرا في قوله : (إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، )
رابعا: لما ذا أشارإلى أن الشيطان يخاف من عمرفي قوله :(إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، ) أليس في هذا دليل على أن ذلك من عمل الشيطان فهل من أعمال الشيطان مباح جائز !!!!
2: أخرج أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان وصححاه من حديث محمد بن عبد الله بن زيد قال حدثني أبي لما أمر بالناقوس يعمل به للناس ليجتمعوا للصلاة طاف بي وأنا نائم رجلا يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس قال وما تصنع به فقلت ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت بلى قال تقول الله أكبر فذكره مربع التكبير بلا ترجيع قال ثم استأخر عني غير بعيد فقال تقول إذا قمت إلى الصلاة فذكر الإقامة مفردة وثنى قد قامت الصلاة فلما أصبحت أتيت رسول الله فأخبرته بما رأيت فقال : "إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى منك صوتا فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما أرى".
وللرد على هذا يقال :
هل يصلح هذا دليلا على إباحة المعازف والألحان والطرب والميل يمنة ويسرة
نسأل الله العفو والعافية .
أولا : ماعلاقة نداءة الصوت بالإباحة .
ثانيا: أين صلة السياق بالأعاني فسياق هذا إنما جاء في الأذان والإقامة ولا علاقة له بالأغاني لامن قريب ولا بعيد.
ثالثا: أن هذا لا يقوى على معارضة الأدلة الصحيحة الكثيرة وسنأتي على بعضها بإذن الله .
رابعا: أن الغناء اليوم ليس هو الغناء بالأمس وبينهما فوارق كثيرة لا تخفى .
3: روى ابن وهب عن أسامة وعبد الله ابني زيد بن أسلم عن أبيهما زيد ابن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال : "الغناء من زاد الراكب أو قال زاد المسافر".
وللرد على هذا يقال :
أولا : ماهو الغناء الذي تلكم عنه عمررضي الله عنه هنا .
ثانيا: هلا أعطيتنا صورا منه لنرى هل هو شبيه بالغنى الذي نراه في الحفلات اليوم .
ثالثا: هل قول عمررضي الله عنه ناسخ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سأورده بعد قليل بإذن الله .
فأين هي الأدلة القوية التي يمكن أن يبنى عليها إباحة الغناء بمفهومه اليوم
مع مايصحبه من آلات ومعازف وألفاظ وعبارات . ورقص وعري
ثم أين مايقوى على معارضة هذه الأدلة التي فيها صريح القول والعبارة بالتحريم !!
ومنها :
قوله تعالى : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء )
وفسر بأخبار الأعاجم وملوك الروم والشرك , وفسربأنها عام في كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله ,
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : "ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكها وملوك الروم، ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة ليشغلهم به عن القرآن فكلاهما لهو الحديث" إغاثة اللهفان 1/258,
وقوله تعالى : واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا
وقوله تعالى : والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما
وقوله تعالى : وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه
بماذا فسرالعلماء هذه الآيات وغيرها في الشأن من كتاب الله عزوجل .
*ماهو لهوالحديث ؟
* ماهو اللغووالزور؟
* ماهو صوت الشيطان؟
ثم ماذا عن هذا الأدلة الصريحة القاطعة التي وردت في التحريم ومنها :
1: عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير، والخمر، والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علمٍ تروح عليهم سارحة لهم فيأتيهم رجل لحاجته، فيقولون له: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله عز وجل فيضع العلم عليهم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة). صحيح البخاري : 7/138,
2:عن نافع , قال : كان ابن عمر في سفر ، (فسمع صوت زامر فوضع إصبعيه في أذنيه ، وعدل عن الطريق ، فقال : يا نافع ، أتسمع ؟ قلت : لا ، فراجع الطريق ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل) رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود:10/426,
3: عن المطعم بن المقدام الصنعاني عن نافع قال: كنت ردف ابن عمر إذ مر براعٍ يزمر، فضرب وجه الناقة وصرفها عن الطريق، ووضع أصبعيه في أذنيه وهو يقول: (أتسمع، حتى انقطع الصوت، فقلت: لا أسمع،فردها إلى الطريق، فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل) المعجم الكبيرللطبراني : 11/116,
4: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: صوت مزمارٍ عند النغمة، وصوت اللعن عند المصيبة). رواه البزارفي المسند وحسنه الألباني في السلسلة الصححية : 1/426,
5: عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (سيكون في آخر الزمان خسف، وقذف، ومسخ ، قيل: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال:"إذا ظهرت المعازف والقينات، واستحلت الخمر)المعجم الكبير للطبراني : 5/429,
6: عن عبد الرحمن بن سابط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنه كائن قذف ومسخ وخسف قيل ويشهدون أن لا إله إلا الله قال نعم إذا ظهر فيهم القينات والمعازف والحرير والخمر ) السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها للداني : 3/708,
7: عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى ذاك قال إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي : 5/212,
8: عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يضرب على رؤوسهم بالمعازف والقينات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير) رواه ابن ماجه ,وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب :2/302,
9: عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) رواه الترمذي في السنن وحسنه الألباني في صحيح الترمذي :3/89,
10: عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا استحلت أمتي خمسا فعليهم الدمار إذا ظهر التلاعن وشربوا الخمور ولبسوا الحرير واتخذوا القينات واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ) رواه البيهقي وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب :2/225,
11: عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل شيءٍ يلهو به المؤمن باطل إلا ثلاثة: تأديبه فرسه، ورميه كبد قوسه، وملاعبته امرأته،فإنهن حق). المستدرك : 2/10,
12: عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع، قال: (سألت مالك بن أنس عن ما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء. قال مالك: إنما يفعله عندنا الفساق) .تلبيس إبليس لابن الجوزي : 1/ 244 ,
13: وروى الخلال في مكان آخرقال : سأل فقيل له : أنتم ترخصون في الغناء ؟ فقال"
معاذ الله ما يفعل هذا عندنا إلا الفساق " الخلال في الأمربالمعروف : 1/ \32,
14: سأل القاسم بن محمد عن الغناء ، فقال للسائل : " أنهاك عنه وأكرهه " قال : أحرام هو ؟ قال : " انظر يا ابن أخي : إذا ميز الله الحق من الباطل في أيهما تجعل الغناء ؟ " السنن الكبرى للبيهقي : 10/224,
ثم ماذا لوسألنا المغنين ومحبي الغناء الأسئلة التالية :
* إلى ماذا يدعو كم الغناء وأنتم تستمعون إليه أو تباشرونه .
* هل يدعوا إلى الصدقة والتقرب إلى الله .
* هل يدعوا إلى الزيادة في الصلاة والجماعة .
* هل يدعوا إلى التهجد والقيام في السحر.
* هل يدعوا إلى حب المساكين والفقراء والعطف عليهم .
* هل يدعوا إلى صلة الرحم وترابط الأسر.
* يدعوا إلى البكاء من خشية الله واحتقارالعمل .
ثم ماذا عن باب سد الذرائع وكلكم يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
وقوله لعائشة رضي الله عنها " لولا أن قومك حديثو عهد بشرك ، لهدمت الكعبة , فألزقتها بالأرض,
وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا, وزدت فيها ستة أذرع من الحجر,
فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة "
فماعسى يصحب الغناء بعد إطلاق الفتوى من منكرات وبلاوى لا تخفى على ذي بصيرة ؟
ثم هل اقتصرحل مشاكل الأمة الإسلامية على إطلاق فتاوى بإباحة الأغاني والمعازف ؟؟
أمرمحيرللغاية فنسأل الله العافية والمعافات الدائمة .
وأنتظرإثراء الموضوع بالأدلة وشكرالله للجميع
|