الفصل الثاني – من أصول المبتدعة
لبس الحق بالباطل
يشرح المؤلف رحمه الله في هذا الفصل أصلا من أصول الحوار العلمي بين أهل الرأي وهو ضرورة الاتفاق على مدلول المصطلح و معنى اللفظ الذي يستعملونه في النفي أو الإثبات , و لما كان هذا الأصل غائبا في ذهن الفلاسفة في حوارهم أوقعهم في خلافات كثيرة أوقعت المسلمين بعدهم في حيرة.
ثم أخذ المؤلف يشرح طريقة الإمام أحمد بن حنبل في المناظرة التي جرت بينه وبين خصومه في [ بدعة] خلق القرآن.
و قال لهم الإمام أحمد رحمه الله : لابد أن تشرحوا لنا معنى اللفظ الذي تستعملونه , لأنه مجمل و معناه مبهم , فإن كان معناها حقا قبلناه , و إن كان معناه باطلا رددناه عليكم و لا يحق لكم بعد ذلك أن تلزموا المسلمين قبوله , لان في القرآن عناء عنه و أحكم الألفاظ ما تحدث الله به عن نفسه في كتابه , و أخبر به رسوله , ولا يصح ترك هذه الألفاظ المحكمة لجل ما تحدث به هؤلاء من ألفاظ مجملة ألتبس فيها الحق بالباطل .
• هم يعارضون ألفاظ القرآن بألفاظ مجملة :
فإن هؤلاء عبروا عن المعاني التي أثبتها القرآن بعبارات أخرى ليست في القرآن مثل لفظ : القدم , والحدوث , و الجوهر , والجسم , والعرض , و والمتحيز , و غيرها من الألفاظ و العبارات التي تأتي على غير معانيها في لغة العرب .
• المبتدعة يوقعون المسلم في حيرة :
و إذا كانت هذه الألفاظ مجملة فالمخاطب لهم غما أن يفصل و يقول : ما تريدون بهذه الألفاظ ؟ فإن فسروها بالمعنى الذي يوافق القرآن قيلت و إلا ردت عليهم .
و إما أن يمتنع عن موافقتهم في التكلم بهذه الألفاظ نفيا أو إثباتا فإن امتنع عن التكلم بها معهم فقد ينسبوه إلى العجز و الجهل و إن تكلم بها معهم نسبوه إلى أنه أطلق تلط الألفاظ التي تحتمل حقا و باطلا و أوهموا الجهال باصطلاحاتهم .
• منهج الإمام أحمد بن حنبل في مناظرته :
وبهذا ناظر الإمام أحمد رحمه الله الجهمية و صار يطالبهم بدلالة الكتاب و السنة على قولهم فإذا كانت هذه الألفاظ وردت في الكتاب و السنة وافقهم عليها و إن وجد أن اللفظ لا يُدرى مقصود المتكلم به و ليس له أصل في الكتاب و السنة و الإجماع رده عليهم .