![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() الوقت والمحافظة عليه للشيخ المحدث : علي الحلبي بسم الله الرحمن الرحيم فقد قال الشاعر قديماً : والوقت أنفس ما عنيت بحفظه ................................وأراه أسهل ما علي يضيع وهذا لا شك من الشعر الحكيم الذي قال فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحراً ) . وهذا الشعر الحكيم الجميل مقتبس من كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم . فالله تعالى يقول : " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا اللذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " وللعلماء في العصر قولان لا يناقض أحدهما الآخر بل يتمم أحدهما الآخر ؛ أن العصر هو الوقت والزمن الذي يمضي وينقضي دون أن نعرف قدره وأثره وكبر قيمته وللأسف الشديد . والقول الثاني : أن العصر هو صلاة العصر التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ) , وفي رواية : ( فكأنما وتر أهله وماله ) أي : كأنما فقد اهله وماله . وكما قلت وأكرر أن هذين القولين لا يناقض أحدهما الآخر بل يكمل أحدهما الآخر . وأما الحديث فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك , وصحتك قبل صقمك , وغناك قبل فقرك , وفراغك قبل شغلك , وحياتك قبل موتك ) خمسٌ بخمس من ضيع واحدة منها فقد ضيع قدراً كبيراً من عمره وقدراً كبيراً من حظه وشأنه والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) أي ؛ لا يعرف كثير من الناس قدرهما ولا مكانتهما ولا منزلتهما . كثير من الناس لا يعرف فضل الله عليه بالصحة إلا بعد أن يصيبه المرض , كثير من الناس لا يعرف نعمة الله عليه بالوقت والزمن الذي آتاه إياه إلا بعد أن يضيق عليه الوقت وأن يشتد عليه الزمن . لذالك ؛ فهذه المعاني الطيبة المباركة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في حياة سلفنا الصالحين واقعاً عملياً ليس فقط كلاماً نظرياً ولا علماً تصورياً بل كانت واقعاً علمياً حقيقياً يمارسونه في حياتهم - رحمهم الله تعالى أجمعين - . كلمتنا في هذا اليوم المبارك متعلقة بإمام من أئمة أتباع التابعين وهو الإمام حماد ابن سلمة – رحمه الله تعالى – من كبار أئمة السنة والحديث وثقاتهم وحفاظهم وهو الموصوف عند الامام الذهبي : بالإمام القدوة شيخ الاسلام . قال أحد أصحابه وهو موسى ابن اسماعيل التبوذكي قال : لو قلت لكم أني ما رأيت حماد ابن سلمة ضاحكاً قط لصدقت , لقد كان مشغولا ؛ إما أن يحدث أو يقرأ أو يسبح أو يصلي . قد قسم النهار على ذلك فلنتخيل هذا النهار نقسمه على الطاعات , نقسمه على الأعمال الطيبات المباركات , بين تسبيح وبين صلاة وبين قراءة وبين علم وبين تعليم هكذا تكون الحياة وهكذا تكون القلوب وهكذا تكون الأعمال . بعكس أولئك الناس الذين يقضون أوقاتهم بالبطالة ويمضون أوقاتهم بتمضية الفراغ كيفما كان الأمر , وقد نقل عن بعض علماء هذا العصر من علماء دمشق وهو جمال الدين القاسمي أنه كان يمر في بداية هذا القرن على مقاهي دمشق أثناء سيره فيرى الناس جالسين يقضون أوقاتهم باللهو وبالألعاب الفارغة التي ما أنزل الله بها من سلطان بل التي قد تسخط الرحمن كالنرد وغيره , كان يقول : لو أن الوقت يباع ويشترى لاشتريت من هؤلاء أوقاتهم . لأنهم لا يعرفون قيمة الوقت ولا يقدرون قيمة الزمن . الإمام البخاري – رحمه الله – كان يقسم ليلته ثلاثة أقسام : قسماً في العلم , وقسماً في النوم والراحة , وقسماً في العبادة . ويجعل عبادته في الثلث الليل الآخر حتى يوافق وقت نزول الرب - سبحانه وتعالى – ذلك النزول الالهي العظيم الذي يقول الله تبارك وتعالى فيه : هل من مستغفر فاغفر له , هل من سائل فأعطيه نزولاً يليق بجلال الله وكماله وعظمته " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " . هكذا كان سلفنا الصالحون وهكذا كان علماؤنا العاملون ؛ يعملون بالعلم والحق أوقاتهم , ويمضون بالتقوى والهدى أعمارهم وأزمانهم لا يضيعون في ذلك قليلاً أو كثيراً . نعم ؛ نحن لا نحرم اللهو البريء , لا نحرم المعاني التي قد يروح الإنسان فيها عن نفسه ؛ في نزهة أو في صيد أو في سفر بشرط أن لا يكون في ذلك مخالفة للشريعة أو ممارسة لما يغضب الله تبارك وتعالى . وهذا أبو الدرداء - رضي الله تعالى - عنه ينصحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( ان لبدنك عليك حقاً وان لاهلك عليك حقاً وان لزورك عليك حقاً – اي زوارك – فأعط كل ذي حق حقه ) والمسلم الحق هو الذي يكون على هذا المعنى الجميل وعلى هذا الأصل الجليل الذي يعرف الحقوق فيؤديها على وجهها ولا يجعل شيء يكون على حساب شيء ولا واجب على حساب واجب ؛ وإنما يعطي للواجب حقه ويعطي للفرح وقته ويعطي للعلم وقته وللعمل وقته وللدعوة وقتها وهو في ذلك كله يستعين بالله تبارك وتعالى والذي يطلب منه آناء الليل وآناء النهار الهداية إلى طريقه المستقيم مقدماً بين يدي ذلك الإعتراف بأن الله تعالى هو المعبود بحق وأن الإستعانة لا تكون إلا به سبحانه وتعالى وهذا هو معنى كلمة لا إله إلا الله محمداٌ رسول الله ؛ أي لا معبود بحق إلا الله ولا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . إن الوقت شئنٌ عظيم يضيعه منا الكثير ويستغله منا القليل بل أقل القليل فلنكن من أولئك القليل الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم " وقليل من عبادي الشكور " . نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وأن لا يحرمنا إتباعهم إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|