الشفاعة

[امير عبد القادر]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسوله الامين ثم اما بعد
قال تعالي
{يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً * وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً * لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }
قال تعالي يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً *
الشفاعة وهي السُّؤَالُ فـي التَّـجاوُزُ عن الذنوب والـجَرَائِمِ.
والـمُشَفِّعُ: الذي يَقْبَل الشفاعة
والـمُشَفَّعُ: الذي تُقْبَل شَفَاعَتُه.
فالشفاعه التي نحن نتحدث عنها هنا هي تكون في يوم الحشر وهي التي تخص الانسان الذي ملك التوحيد قلبه قال تعالي {يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً * وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً * لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }
والعهد هنا هي كلمة لا اله الا الله وهي كلمة التوحيد التي توجب دخل الجنة

فالشفاعة تنقسم الي قسمان
شفاعة حسنة وشفاعة سيئه
قال تعالي مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ منْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُل شَيْءٍ مُّقِيتاً *
وهي قسمان :
القسم الأول : الشفاعة التي تكون في أمور الدنيا وهي في مصالح العباد في أمورهم الشخصية

القسم الثاني : .
الشفاعة التي تكون في يوم القيامة. وهي لتجاوز الذنوب والتخفيف من هول يوم القيامة عن الخلق
فهي نوعان :
النوع الأول: الشفاعة الخاصة، وهي التي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة لا يشاركه فيها غيره من الخلق وهي أقسام :
الشفاعة العظمى ـوهي في قوله تعالى: وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا(79)
سورة الإسراء
هي عندما يكون الخلق في ارض المحشر وتدنوا الشمس من روس الخلق ويكون الناس في الكرب العظيم الذي لا يطوقونه فيأتي الناس إلى الأنبياء فيقول كل واحد منهم لست لها، حتى إذا أتوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، أنا لها. فيشفع لهم في فصل القضاء ، فهذه الشفاعة العظمى، وهي من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث الدالة على هذه الشفاعة كثيرة في الصحيحين وغيرهما و منها ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثاً، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود".
ثانيها : الشفاعة لأهل الجنة لدخول الجنة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك " رواه مسلم
والشفاعة لامته من اصحاب الذنوب وادخلتهم الناروقد وردت فيها احاديث كثيرة منها حديث
أنس بن مالك في البخاري «إذا كان يومُ القيامةِ ماجَ الناسُ في بعضٍ فيأتون آدمَ فيقولون: اشْفَع لنا إلى ربك فيقولُ: لستُ لها، ولكن عليكم بإِبراهيمَ فإِنه خليلُ الرحمن، فيأتونَ إبراهيمَ فيقولُ لستُ لها، ولكن عليكم بموسى فإِنَّه كليمُ اللَّهِ فيأتون موسى. فيقول: لستُ لها ولكن عليكم بعيسى فإِنه رُوح اللَّه وكلمتُهُ، فيأتون عيسى فيقول: لستُ لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيأتوني فأقولُ: أنا لها، فأستأذِنُ على ربي فيؤذَنُ لي ويُلهمني مَحامِد أَحمدُهُ بها لا تحضُرُني الآن فأحمدُهُ بتلك المحامِدِ وأخرُّ له ساجداً، فيقال: يا محمدُ ارفع رأْسكَ، وقُل يُسمَع لك، وسَلْ تُعطَ واشفَع تُشفَّعْ، فأقولُ: يا ربِّ أُمَّتي أُمتي! فيقال: انطلق فأخرجْ منها من كان في قلبه مثقالُ شعيرةٍ من إيمانٍ فأنطلِقُ فأفعلُ ثم أعودُ فأحمدُهُ بتلك المحامِدِ ثم أَخرُّ له ساجداً، فيقال: يا محمد ارفَعْ رأسك، وقُل يسمع لك، وسل تُعطَ، واشفَع تُشفع، فأقول: يا رب أُمَّتي أُمَّتي فيقال: انطلق فأخرجْ منها من كان في قلبه مِثقال ذرَّةٍ أو خردَلةٍ من إيمانٍ، فأنطلقُ فأفعَلُ ثم أعودُ فأحمده بتلك المحامِدِ ثم أخِرُّ له ساجداً، فيقال: يا محمدُ ارفع رأسك، وقل يُسمع لك، وسَل تُعط واشفَع تشفَّعْ، فأقول: يا رب أمتي أمَّتي فيقول انطلِق فأَخرج من كان في قلبه أدنَى أدنَى مثقال حبَّةِ خردَلٍ مِن إيمان فأخرِجه من النار
ثم أعودُ الرابعَةَ فأحمدُهُ بتلك، ثم أخِرُّ له ساجداً، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقُل يسمع، وسل تُعطَ، واشفَع تُشفَّع، فأقول: يا رب ائذَن لي فيمن قال لا إله إلا اللَّهُ، فيقول: وعزَّتي وجلالي وكِبريائي وعظمتي لأخرِجَنَّ منها من قال لا إله إلا اللَّهُ.
وهنلك امور تجلب الشفاعة لصاحبها ومنها
القرآن الكريم وهو يشفع لصاحبه يوم القيامة

وايضا الصيام وقد ورد في الحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في المستدرك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفّعني فيه، فيشفعان

ورد في البخاري ومسلم انه من سال منزلة الوسيلة عقب الأذان لرسول الله صلي الله عليه وسلم حلت له الشفاعة ونجد ذلك في رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلّت له شفاعتي يوم القيامة.
وايضا من الامور التي تجلب الشفاعة الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم
ورد في ذلك حديث أبي الدرداء رضي الله عنه في الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلّى عليّ حين يصبح عشراً، وحين يمسي عشراً، أدركته شفاعتي يوم القيامة
وايضا الصبر علي موت الاولاد الصغار ورد في البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم
ورد في الموطا عن أبي النضر السلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فيحتسبهم: إلا كانوا له جنة من النار
فقالت امرأة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اثنان؟
فقال أو اثنان
وكذلك صلاة الجنازه وكثرة المصلين في حديث مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من ميّت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلّهم يشفعون له إلا شُفّعوا فيه.
التوكل علي الله وعدم طلب الرقية من الناس وترك الطيرة والاكتواء ابنُ عباس قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: عُرضت عليَّ الأممُ، فجعلَ النبيُّ والنبيان يَمرون معَهمُ الرهط، والنبي ليس معهُ أحد، حتى رُفع لي سواد عظيم، قلتُ: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه. قيل: انظرْ إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق. ثم قيل لي: انظر ها هنا وها هنا ـ في آفاق السماء ـ فإذا سواد قد مَلأ الأفق، قيل: هذه أمَّتُك، ويدخُلُ الجنَّةَ من هؤلاء سبعونَ ألفاً بغير حساب. ثم دَخلَ ولم يُبينْ لهم، فأفاضَ القومُ وقالوا: نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسولَه فنحن هم، أو أولادُنا الذينَ ولدوا في الإسلام، فإنا وُلِدنا في الجاهلية. فبلغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فخرجَ فقال: هُم الذين لا يَسْترْقون، ولا يَتطيرون، ولايَكتوُون، وعلى ربهم يتوكلون. فقال عُكاشةُ بن محصن: أمِنهم أنا يارسول الله؟ قال: نعم. فقام آخرُ فقال: أمِنهم أنا؟ قال: سبَقكَ بها عكاشة رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.

نسال الله عز وجل ان يدخلنا في شفاعته
اللهم تقبل منا انك سميع الدعاء وأخر دعونا ان الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[أم معاوية]

نفع الله بعلمكم أخي الفاضل وجزاكم الله كل خير.