إنا أمة أمية

[امير عبد القادر]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي أرسل الرسل ليخرجوا الناس من الظلمات الي النور والصلاة والسلام علي من بلغ رسالات ربه وارشد الناس الي الصرط المستقيم وعلي اله وصحبة ومن سار علي نهجه الي يوم الدين
ثم ام بعد
قال تعالي
قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم منَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً
الإسراء
ان الله يرسل الرسل الي القرية ولا بد ان يكون هذا المرسل منهم وبلسانهم وفهمهم والدليل هذه الاية السابقه التي هي ضرب مثال بان يكون هذا الرسل من جنس القوم وبنفس صفاتهم ونفس لغتهم قال تعالي
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
هذا من لطفه تعالى بخلقه أنه يرسل إليهم رسلاً منهم بلغاتهم ليفهموا منهم ما أرسلوا به إليهم، كما روى الإمام أحمد عن أبي ذر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لم يبعث اللّه عزَّ وجلَّ نبياً إلا بلغة قوم)
وهذه هي حكمة الله في خلقه
وأرسل رسول الله في امة فصيحة ولكن لا تجيد ألقراه ولا ألكتابه امة أميه قال تعالي
هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُميينَ رَسُولاً منْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكيهِمْ وَيُعَلمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
سورة الجمعة
يقول الله عز وجل
هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُميينَ رَسُولاً منْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكيهِمْ وَيُعَلمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
والأميون هم العرب و كانت هذه الأمة أمية لا يقرون و لا يكتبون
ونجد آن اغلب التفاسير أشارت ألي ذلك وان أمية الرسول لا تنقص من قدره ولا شانه بل ترفعه علي الناس كافه لانه تعلم من الله عز وجل
ثم قال تعالى
وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ
العنكبوت
وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمنك
ومنذ ان نشأ الرسول صلي الله عليه وسلم وهو امي لا يقراء ولا يكتب كل اهل مكة وغيرهم يعرف أنه رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب وهذه صفته في الكتب المتقدمة
كما قال تعالى
والذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر
وهكذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دائماً إلى يوم الدين لا يحسن القراء ولا الكتابه بل كان له كتّاب يكتبون بين يديه وهو يملي عليهم والرسائل إلى البلدان والدول المجاوره
قال اللّه تعالى وما كنت تتلو والمراد انك لم تكن تعرف القراء من قبله من كتاب وما كنت هي تاكيد النفي ولا تخطه بيمنك تاكيد لتقويه الجمله الاوله وخرج مخرج الغالب،
واذا كان المراد من هذه الاية هي عدم علمه بالكتب الاول من قراء وكاتبه لانها ليس بلغته ولا لسانه ولا يقدر علي تلاوتها لاقتصرت الاية علي هذا وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ ولكن كما اوضحنا ان تمامه الايه جاءت علي التاكيد
وكان الغرض هو التنبيه على اُمّية النبي بأوضح العبارات
وقوله تعالى إذاً لارتاب المبطلون ولو كنت تحسن الكتابة والقراء لكذبوك بعض الجهلة من الناس فيقول إنما تعلم هذا من كتب التي انزلت علي الرسل الذين سبقوك
وقد قالوا ذلك مع علمهم بأنه أمي لا يحسن الكتابة
وعندما جاء رسول الله برسالة ربه قال عنه المشركين شاعر أي يحسن صناعة الشعر نفي عنه الله هذه الصفة قال تعالي (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ )
وقالوا كاهن
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي دَارِ النَّدْوَةِ ، فَقَالَتْ : سَمُّوا هَذَا الرَّجُلَ اسْمًا ، فَصُدُّوا النَّاسَ عَنْهُ ، قَالُوا : كَاهِنٌ ، قَالُوا : لَيْسَ بِكَاهِنٍ . قَالُوا : مَجْنُونٌ ، قَالُوا : لَيْسَ بِمَجْنُونٍ . قَالُوا : سَاحِرٌ ، قَالُوا : لَيْسَ بِسَاحِرٍ . فَتَفَرَّقَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى ذَلِكَ ، حَدِيثٌ الصَّحِيحِ
الكَاهِن : كلّ من يتعاطى علمًا دقيقًا
ومن العرب من كان يُسمِّي المُنَجِّمَ والطبيبَ كاهنًا لأنهم كان لهم شي من العلم
ومن الادلة التي تثبت انه رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله تعالي
) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الاُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوراةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالمَعْرُوفِ وَ يَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي اُنْزِلَ مَعَهُ اُولئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ(.

قد وصف سبحانه نبيّه في هذه الآية بالاُمّي
مكتوب اسمه في التوراة والانجيل بانه اُمّي إذن الاُمّي كما ورد في معناها هو من لا يقدر على القراءة ولا يحسن الكتابة كما يقول سبحانه وَتعالي
مِنْهُم اُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ
قوله سبحانه لا يعلمون الكتاب توضيح لقوله اُمّيون أي منهم اُمّة لا يعرفون كتابهم لا يعلمون منه إلاّ اكاذيب يتلوها عليهم علماؤهم الذين يحرفون كتاب اللّه وكلماته ويحسب هؤلاء الأميون أنّه الكتاب المنزل إليهم من ربّهم
وان كل كتب التفسير والعلماء لم يختلفوا في كون رسول الله امي
ورد في لسان العرب ان الأُمِّيّ: الذي لا يَكْتُبُ، قال الزجاج: الأُمِّيُّ الذي علـى خِـلْقَة الأُمَّةِ لـم يَتَعَلَّـم الكِتاب فهو علـى جِبِلَّتِه، وفـي التنزيل العزيز: ومنهم أُمِّيُّون لا يَعلَـمون الكتابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ
قال أَبو إِسحٰق: معنى الأُمِّيّ الـمَنْسُوب إِلـى ما علـيه جَبَلَتْه أُمُّه أَي لا يَكتُبُ فهو فـي أَنه لا يَكتُب أُمِّيٌّ لأَن الكِتابة هي مُكْتَسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلـى ما يُولد علـيه أَي علـى ما وَلَدتَه أُمُّهُ علـيه
وكانت الكُتَّاب فـي العرب من أَهل الطائف تَعَلَّـموها من رجل من أَهل الـحِيرة وأَخذها أَهل الـحِيرة عن أَهل الأَنْبار.
وفـي الـحديث: إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُب ولا نَـحْسُب أَراد أَنهم علـى أَصل ولادة أُمِّهم لـم يَتَعلَّـموا الكِتابة والـحِساب
فهمْ علـى جِبِلَّتهم الأُولـى. وفـي الـحديث: بُعِثتُ إِلـى أُمَّةٍ أُمِّيَّة قـيل للعرب الأُمِّيُّون لأَنَ الكِتابة كانت فـيهم عَزيزة أَو عَدِيمة ومنه قوله (عز وجل): {بَعَث فـي الأُمِّيِّـين{ رسولاً منهم}
وفي قاموس المحيط والأُمِّيُّ مَن لا يَكْتُبُ، أو مَن على خِلْقَةِ الأُمَّةِ لم يَتَعَلَّمِ الكِتابَ،

وقال البيضاوي الاُمّي لا يكتب ولا يقرأ ، وصفه به تنبيهاً على أنّ كمال علمه مع حاله هذا ، إحدى معجزاته

ونجد ان هذه المعاني تصب في مفهوم واحد انه باقياً على الحالة التي ولد عليها
وبالرغم من ذلك كان التحدي انه اتي بالقران وهو الذي حواء كل المعارف والعلوم والاخبار بالذين سبقونا وبما هو اتي اخرس العلماء في عصره وحتي قيام الساعه فيه من المعارف الالهية والحقائق العلمية والدساتير والقوانين الاجتماعية والاقتصادية
ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين
البخاري
ونجد في هذا الحديث توضيح من الرسل صلي الله عليه وسلم في قوله انا اشاره أمة مشار اليه
أمية صفه
لا لنفي
فقد قال (نكتب ولا نحسب ) نفي عنهم القراء الكتابه
فقد قال (الشهر هكذا وهكذا )تاكيد لصفه الاوله
واما الادلة التي وردت في تعليمه القراء والكتابه هي احاديث ضعيفه
واما رواية كتابته اسمه في الوثيقه فكل امي يعرف رسم اسمه بالتكرار ويعرف مبادي الجمع والطرح فيه من المسلمات
نسال الله عز وجل ان يلحقنا بهم ويجعلنا في صحبتهم وانه القادر علي ذلك
وصلي اللهم وبارك علي رسولك وحبيبك محمد بن عبد الله وعلي اله وصحبه ومن سار علي دربه الي يوم الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته