![]() |
#1
|
||||
|
||||
![]()
[SIZE="5"]
الفتيا بغير علم [/SIZE]
د. عمر عبدالكافي هذه الآفة جدً خطيرة، وهي الفتيا بغير علم؛ وهو باب يقع فيه كثير من النّاس حيث يفتون النّاس بما لا يعلمون، فالفتوى بغير علمٍ جهل و ضلال مبين، نسأل الله سبحانه و تعالى الهداية و التّوفيق.أحبّتي في الله، النصوص كثيرة تحذّر من هذه الآفة الخطيرة، و هي أن يفتي الإنسان أو يصدر فتاوى بغير علمٍ، و بالذّات في زمننا.انظر إلى ما رواه البخاري، في حديث جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: مرضت، فجاءني النّبي صلّى الله عليه و سلّم يعودني و أبو بكر وهما ماشيان، فأتاني و قد أغمي عليّ. فتوضّأ رسول الله صلىّ الله عليه وسلّم ثمّ صبّ وضوءه عليّ فأفقت. فقلت يا رسول الله: كيف أقضي في مالي؟ كيف أصنع في مالي؟ قال: فما أجابني بشيءٍ حتّى نزلت آية الميراث (1). فالنّبيّ صلى الله عليه و سلّم، و هو المعصوم، و هو المبلّغ عن الله، وهو خير البشر، و هو خير الدّعاة إلى الله، و هو البشير النّذير، ورغم ذلك ما أجاب جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، عمّا سأل؛ لأنّه ما نزل في المسألة وحي من السماء، فسكت حتّى نزل الوحي بآية الميراث. وفي حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: كنت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم في حرثٍ بالمدينة، و هو يتوكّأ على عسيب (يعني: على عود جديد من أعواد النّخل) فمرّ بنفر من اليهود فقال بعضهم: سلوه عن الرّوح، وقال بعضهم: لا تسألوه ليسمعكم ما تكرهون، فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا القاسم، حدّثنا عن الرّوح، فقام ساعة ينظر، فعرفت أنّه يوحى إليه، فتأخّرت عنه حتى صعد الوحي، ثمّ قال: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الإسراء:85) " (2). وعن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنّ رجلاً سأل النّبي صلى الله عليه و سلّم أيّ البقاع شر؟ ( يعني: أيّ الأماكن أسوأ) قال: "لا أدري حتّى أسأل جبريل" (3)، انظر إلى ما يقوله النّبي صلّى الله عليه و سلّم : لا أدري حتّى أسأل جبريل ما أسرع بالفتية.... نحن في زمن إن سألت الرّجل لم يقرأ لا في الفقه، و لا أصول الفقه، والمرأة لم تفتح كتاباً للفقه، و لم تدرس على يد معلّم للفقه و لا أصوله، و لكن ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله، الفتاوى في البيوت، و في الشّوارع، وفي العمل، و في كلّ مكان. وفي جميع التخصصات يجب أن لا يفتي فيها إلا أصحابها: في الطّب لا يتكلّم إلا الطبيب، و في الهندسة لا يتكلّم إلا المهندس، و في أصول التربية لا يتكلّم إلا المتخصص.أمّا في الدّين- وللأسف الشّديد- فالكل أصحاب فتاوى، و الكل أصحاب آراء، و كأنّهم قد علموا بواطن الأمور. و لذلك النّبيّ صلى الله عليه و سلّم إذا سئل عمّا لم ينزل به وحي، يقول: لا أدري حتّى ينزل عليه الوحي صلى الله عليه و سلّم ، سبحان الله! انظر إلى ما قاله صلى الله عليه و سلّم لابن عمر لمّا جاء الرّجل و سأله أيّ البقاع شر في الأرض يا رسول الله؟ قال: "لا أدري حتّى أسأل جبريل".فسأل جبريل فقال: لا أدري حتّى أسأل ميكائيل فجاء فقال : خير البقاع المساجد، وشرّها الأسواق" ((4. انظر إلى هذه الّلفتة العجيبة الّتي يتوقّف الإنسان عندها حتّى لا يتسرّع بالإفتاء في غير ما يعرف، نسأل الله السّلامة. وفي الحديث عن النّبيّ صلى الله عليه و سلّم يقول: "إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالماً اتّخذ النّاس رؤوسا جهّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا و أضلّوا" (5). يعني: العلم يضيع و يقبض بموت حملته، فلمّا يموت حملة العلم يتّخذ النّاس جهّالاً، يحكمون بجهالاتهم، و يفتون بجهالاتهم، فيضلّون النّاس، ويضلّون. و لذلك يقول عليه الصلاة والسلام :"خذوا العلم قبل أن يقبض" يعني: قبل أن يرفع، قال أعرابي:َّ كيف يرفع يا رسول الله؟ قال:"ألا إن ذهاب العلم ذهاب حملته"(6) ولذلك عندما تظهر الفتيا بغير علم يفضي هذا إلى ظهور البدع؛ لأنّه عندما يظهر الجهل يضيع أمامه كم من العلم . وإذا ظهرت بدعة بين النّاس فإن ظهورها يكون على حساب السّنة. وإذا أحدث النّاس شيئاً ليس له أصل في الشّرع، و ابتدعوا أمراً ليس في دين الله عزّ وجل، هنا يرفع شيءٌ بمكانها من السنّة. و هذا حديث غضيف بن الحارث الثّالي رضي الله عنه عندما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه و سلّم قال: "ما أحدث قومَ بدعة إلاّ رفع مثلها من السّنة"(7) . و لذلك نحن مأمورون أن نبتعد عن أهل البدع، و نبتعد عن أهل الأهواء، و نبغضهم في الله حتّى يؤوبوا و يرجعوا ويتوبوا إلى الله سبحانه و تعالى. يقول الله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام:68). و يقول تعالى في سورة الكهف: (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف من الآية:28). والله سبحانه و تعالى يقول في محكم تنزيله في آل عمران: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7). يوضّح الله تعالى للمؤمنين: إن رأيتم الّذين يتّبعون ما تشابه منه، فأولئك الّذين سمّى ربّ العباد فاحذروهم ؛ كما ورد في الحديث الّذي يفسّر هذه الآية: قال صلّى الله عليه و سلّم: "فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى الله فاحذروهم" (8). لا تجالس من يخوض في آيات الله تعالى، يجب عليك أن تترك مجالسته؛ لأنّه إنسان يجاهر بهذا سواء أكان مسلماً أم غير مسلم، يجب على المسلم أن يتّقي الله في هذا الأمر. وكان الفضيل بن عياض، رحمه الله، يقول: "من أحبّ صاحب بدعة أحبط الله عمله، و أخرج نور الإسلام من قلبه، و من زوّج كريمته من مبتدع فقد قطّع رحمها، ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، و إذا علم الله عزّ و جل من رجلٍ أنّه مبغضٌ لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله تعالى له" (9). إذاً المسألة أنّ الإنسان يتّق الله ربّ العالمين في أنه لا يفتي بغير علمٍ، لماذا؟ "لأنّ أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النّار" (10). أيضاً يجب علينا أن الإنسان إذا رأى الّذي يخوض في آيات الله سبحانه وتعالى وجب عليه أن يبتعد فوراً. يقول الله عزّ وجلّ: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (النساء:140). الله عزّ و جل، قال: (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) إذاً القضيّة يجب أن يتّق الإنسان ربّه في أن لا يفتي بغير علم، لا يخوض مع من يخوض إذا رأى من يخوض في آيات الله يجب أن يبتعد لأنّ ثمرات المعصية والعياذ بالله المعصية بعدها ومن حلاوة الطاعة ومن ثمرات الطاعة الطاعة بعدها. نسأل الله أن يجعل أيامنا طاعات وأن يتوب علينا وعليكم من المعاصي وهذه الآفات التي تعصف بحسنات المؤمن إنّ الله على ما يشاء قدير . 1)- أخرجه البخاري في "صحيحه" (5/2139) رقم (5327)، ومسلم في "صحيحه" (3/1235) رقم (1616). 2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/58) رقم (125)، ومسلم في"صحيحه" (4/2152) رقم (2794). 3) انظر:"الإحسان" (4/476)، و"مجمع الزوائد" (2/6)، و"السنن الكبرى" (3/65). 4] )- قال العجلوني في "كشف الخفاء" (1/468):" رواه الطبراني وابن حبان والحاكم وصححاه عن ابن عمر". [5])- أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/50) رقم (100)، ومسلم في"صحيحه" (4/2058) رقم (2673) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما. 6] )- انظر لزاماً "فتح الباري" (13/284)، و"تحفة الأحوذي" (1/29). 7] )- قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13/253):" أخرجه أحمد بسند جيد". 8] )- أخرجه البخاري في"صحيحه" (4/1655) رقم (4273)من حديث عائشة، رضي الله عنها. 9] )- انظر هذا الخبر وغيره في"حلية الأولياء" (8/103). 10] )- أخرجه الدارمي في "السنن" (1/69) رقم (157) من حديث عبيد الله بن أبي جعفر مرسلاً، ومعناه صحيح.
__________________
[SIGPIC][/SIGPIC][align=center]قل للئيم الشاتم الصحابه....ياابن الخنا جهراً ولا تهابه السابقون الاولون كالسحابه....تغيث بلقعاً تهرها كلابه الفاتحون الغر أسود الغابه....الله راضٍ عنهم ولتقرؤا كتابه [/align] |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|