جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الأدب مع الله/مهم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه واتبع هداه واستن بسنته وسار على طريقته إلى يوم أن نلقاه .
أما بعد { فعن نافع - رحمه الله - قال : خرج ابن عمر - رضي الله عنه - في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له ، ووضعوا سفرة له ، فمر بهم راعي غنم ، قال : فسلم ، فقال ابن عمر- رضي الله عنه - : « هلم يا راعي ، هلم » ، فأصب من هذه السفرة ، فقال له : إني صائم ، فقال ابن عمر : « أتصوم في مثل هذا اليوم الحار شديد سمومه وأنت في هذه الجبال ترعى هذا الغنم ؟ » فقال له : أي والله أبادر أيامي الخالية ، فقال له ابن عمر وهو يريد يختبر ورعه : « فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها فتفطر عليه ؟ » فقال : إنها ليست لي بغنم ، إنها غنم سيدي ، فقال له ابن عمر : « فما عسى سيدك فاعلاً إذا فقدها ، فقلتَ : أكلها الذئب » فولى الراعي عنه وهو رافع أصبعه إلى السماء وهو يقول : أين الله ؟!، قال : فجعل ابن عمر- رضي الله عنه - يردد قول الراعي وهو يقول : قال الراعي : فأين الله ؟ قال : فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه فاشترى منه الغنم والراعي فأعتق الراعي ، ووهب له الغنم } (المعجم الكبير للطبراني/ 12878) (شعب الإيمان للبيهقي/ 5059) (سير أعلام النبلاء 3/216) (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/328 وقال محققيه الحافظين الجليلين: العراقي وابن حجر رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن الحارث الحاطبي وهو ثقة) الورع : في الأصْل : الكَفُّ عن المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه، ثم اسْتُعِير للكفّ عن المُباح والحلال . وهكذا يكون المؤمن مراقبًا لله على الدوام، فلا يُقْدم على معصية، ولا يرتكب ذنبًا؛ لأنه يعلم أن الله معه يسمعه ويراه. وهناك آداب يجب أن يلتزم بها المسلم مع الله - سبحانه وتعالى - ومنها: 1- عدم الإشراك بالله تعالى: فالمسلم يعبد الله - سبحانه - ولا يشرك به أحدًا، فالله - سبحانه - هو الخالق المستحق للعبادة وحده بلا شريك، يقول تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} [النساء: 36]. أي اعبدوا الله تعالى وحده وانقادوا له وحده, ولا تجعلوا له شريكًا في الربوبية والعبادة . وضد الشرك التوحيد وهو في اللغة: الحكم بأن الشيء واحد، والعلم بأنه واحد، وفي اصطلاح أهل الحقيقة: تجريد الذات الإلهية عن كل ما يتصور في الأفهام، ويتخيل في الأوهام والأذهان، وهو ثلاثة أشياء: معرفة الله تعالى بالربوبية، والإقرار بالوحدانية، ونفي الأنداد عنه جملة. (التعريفات/23) قال الله تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (النحل/36) قال الله تعالى : {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } (المؤمنون/117) قال الله تعالى : { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ{59} أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ{60} أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{61} أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ{62} أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{63} أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{64} (سورة النمل) قال الله تعالى : {قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (سبأ/27) 2- إخلاص العبادة لله سبحانه: الإخلاص في اللغة: ترك الرياء في الطاعات. وفي الاصطلاح: تخليص القلب عن شائبة الشوب المكدر لصفاته . وتحقيقه: أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره، فإذا صفا عن شوبه، وخلص عنه يسمى: خالصاً، ويسمى الفعل المخلص: إخلاصاً، قال الله تعالى: { مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً } (النحل/66) فإنما خلوص اللبن ألا يكون فيه شوب من الفرث والدم. وقال الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجلهم شرك، والإخلاص الخلاص من هذين؛ وألا تطلب لعملك شاهداً غير الله. وقيل: الإخلاص تصفية الأعمال من الكدورات. وقيل: الإخلاص: ستر بين العبد وبين الله تعالى لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوًى فيميله. والفرق بين الإخلاص والصدق: أن الصدق أصل، وهو الأول، والإخلاص فرع، وهو تابع. وفرق آخر: الإخلاص لا يكون إلا بعد الدخول في العمل. (التعريفات/3) قال تعالى : {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (الزمر/3) وقال تعالى : {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } (الأعراف/29) وقال تعالى : {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } (غافر/14) وقال تعالى : {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (غافر/65) وقال تعالى : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } (البينة/5) فالإخلاص شرط أساسي لقبول الأعمال، والله - سبحانه - لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه، بعيدًا عن الرياء، يقول تعالى: { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } [الكهف: 110]. 3- مراقبة الله عز وجل: فالله - سبحانه - مُطَّلع على جميع خلقه، يرانا ويسمعنا ويعلم ما في أنفسنا، ولذا يحرص المسلم على طاعة ربه عز وجل في السر والعلانية، ويبتعد عمَّا نهى عنه سبحانه . يقول سبحانه : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (المجادلة/7) وقد سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإحسان، فقَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » (البخاري/ 50 ،4499) ( مسلم/102 ، 106) 4- الاستعانة بالله تبارك وتعالى: المسلم يستعين بالله وحده، ويوقن بأن الله هو القادر على العطاء والمنع، فيسأله سبحانه ويتوجه إليه بطلب العون والنصرة. فالمسلم يقول في كل ركعةٍ من صلاته : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ{5} (سورة الفاتحة) ويقول سبحانه عن عبده وكليمه موسى - عليه السلام - وهو يثبت قلوب أصحابه أمام طغيان فرعون : {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } (الأعراف/128) ويقول سبحانه لعباده المؤمنين :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } (البقرة/153) ويقول صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ) (صحيح ) (الترمذي/2516) 5- محبة الله عز وجل: المسلم يحب ربه سبحانه من كل وجه، ويأنس بالقرب منه ، ويفرح بمناجاته سبحانه يقول تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ } (البقرة/165) ويقول سبحانه عن عباده المتمسكين بدينه رغم تخلي بعضهم عنه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (المائدة/54) 6- تعظيم شعائره تبارك وتعالى: المسلم يعظم أوامر الله، فيسارع إلى تنفيذها، وكذلك يعظم حرمات الله، فيجتنبها، ولا يتكاسل أو يتهاون في أداء العبادات، وإنما يعظم شعائر الله عز وجل، لأنه يعلم أن ذلك يزيد من تقواه لله، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } (الحج/32) ويقول سبحانه مادحاً عباده الذين يعظمون شعائره بذبح أحسن الهدي قربة له عز وجل : {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } (الحج/37) 7- الغضب لله إذا انتُهكت حرمات الله: فالمسلم إذا رأى من يفعل ذنبًا أو يُصر على معصية، فإنه يغضب لله، ويُغيِّر ما رأى من منكر ومعصية، ومن أعظم الذنوب التي تهلك الإنسان، وتسبب غضب الله، هو سب دين الله، أو سب كتابه، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، والمسلم يغضب لذلك، وينهى من يفعل ذلك ويحذِّره من عذاب الله عز وجل. روى مسلم عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاَةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلاَةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. فَقَالَ قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ». (مسلم/ 186) فهذا الرجل غضب لله تعالى فقام لينكر على مروان مخالفته لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأيده على ذلك الصحابي الجليل أبوسعيد الخدري - رضي الله عنه - وينبغي أن يُعلم أن الغضب للّه محمود ومشكور من فاعله، ولا يدخل في الغضب المذموم ، فالغضب المحمود يكون من أجل الله عندما ترتكب حرمات الله ، أو تترك أوامره ويستهان بها ، وهذا من علامات قوة الإيمان ، ولكن بشرط أن لا يخرج هذا الغضب عن حدود الحلم والحكمة ، وقد كان رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يغضب للّه إذا انْتُهِكت محارمه ، وهذا لا ينافي الحلم والحكمة ، بل الغضب للّه في حدود الحكمة من صميم الحلم والحكمة . 8- التوكل على الله سبحانه : المسلم يتوكل على الله في كل أموره. لأن التوكل هو: الثقة بما عند الله، واليأس عما في أيدي الناس. (التعريفات/23) يقول الله عز وجل: {وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } (آل عمران/122) يقول الله عز وجل: { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } (آل عمران/159) يقول الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } (الفرقان/58) ويقول تعالى: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } (الطلاق/3) و عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا). (صحيح) (الترمذي/2344) (ابن ماجة/4164) تغدوا خماصاً : أي تصبح جائعة . وتروح بطاناً : أي ترجع آخر النهار شبعانة ممتلئة البطون . والتوكل على الله تعالى يريح النفس، ويطمئن الروح، ويذهب اليأس، ويجلب السعادة، لأن الإنسان يعرف أن له رباً يعطي ويمنع، ويقدر ما يشاء، ويفعل ما يريد، فيرضى عن الله، وعن قضاء الله تعالى وقدره ، فيتوكل عليه سبحانه في كل ما يريده، ويعتمد عليه، ويثق به سبحانه . 9- الرضا بقضاء الله: المسلم يرضى بما قضاه الله؛ لأن ذلك من علامات إيمانه بالله وهو يصبر على ما أصابه ولا يقول كما يقول بعض الناس: لماذا تفعل بي ذلك يا رب ؟ نعوذ بالله من هذه الأقوال . لأن الرضا : هو سرور القلب بمُرِ القضاء. فهو لا يعترض على قَدَر الله، بل يقول ما يُرضي ربه عز وجل . بأن يقول قدَّر الله وما شاء فعل وإنا لله وإنا إليه راجعون . يقول الحكيم الخبير :{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } (البقرة/155، 156) ولقد روى الإمام مسلم - رحمه الله - عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : « ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ».(مسلم/ 160) وروى الإمام مسلم أيضاً عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ». فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ أَعِدْهَا عَلَىَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ ثُمَّ قَالَ « وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ». قَالَ وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».(مسلم/ 4987) يقول الكريم المتعال : {قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (المائدة/119) يقول الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة : هذا يوم الجزاء الذي ينفع الموحدين توحيدهم ربهم, وانقيادهم لشرعه, وصدقهم في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم, لهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار, ماكثين فيها أبدًا, رضي الله عنهم فقبل حسناتهم, ورضوا عنه بما أعطاهم من جزيل ثوابه. ذلك الجزاء والرضا منه عليهم هو الفوز العظيم. (التفسير الميسر/127) ويقول العزيز الرحيم : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (التوبة/100) يبن لنا سبحانه أن: الذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام, والأنصار الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعدائه الكفار, والذين اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى, أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله, ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم وإيمانهم, وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا, ذلك هو الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم- وتعديل لهم, وثناء عليهم; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان. (التفسير الميسر/203) ويقول جل شأنه : {جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } (البينة/8) يوضح لنا سبحانه مدى شعور المؤمنين عندما ينالون جزاؤهم عند ربهم يوم القيامة وهم في جنات إقامة واستقرار في منتهى الحسن, تجري من تحت قصورها الأنهار, خالدين فيها أبدًا, رضي الله عنهم فقبل أعمالهم الصالحة, ورضوا عنه بما أعدَّ لهم من أنواع الكرامات, ذلك الجزاء الحسن لمن خاف الله واجتنب معاصيه. 10- الحلف بالله تعالى: المسلم لا يحلف بغير الله، ولا يحلف بالله إلا صادقًا، لأن الحلف تعظيم للمحلوف به ولا عظيم في هذا الكون إلا الله تعالى فيجب تعظيمه سبحانه بالحلف به وحده دون سواه كائناً من كان . يقول سبحانه وتعالى : {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً } (الإسراء/110) أي نادوا الله تعالى في دعائكم بأسمائه وصفاته وكذلك عندما نريد أن نحلف ونقسم لابد أن نقسم بالله تعالى أو بصفة من صفاته سبحانه . وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وعن أبيه وعن سائر الصحابة أجمعين - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَعُمَرُ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ».(البخاري/ 5757) (مسلم/ 4346) 11- شكرُ الله سبحانه على نعمه: الله -سبحانه- أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى. يقول الله تعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }(إبراهيم/7) فيجب على المؤمن أن يداوم على شكر الله بقلبه ولسانه وجوارحه. يقول الشاعر : أفَادَتْكُمُ النّعْمَاء منِّي ثَلاثةً ... يدِي، ولَسَاني، وَالضَّمير المُحَجَّبَا . وقال تعالى عن داود - عليه السلام - : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا } (سبأ/13) أي: وقلنا لهم اعملوا شكرًا على ما أنعم به عليكم في الدنيا والدين .أي : اعملوا شكرًا لله على ما أعطاكم, وذلك بطاعته وامتثال أمره, وقليل من عبادي من يشكر الله كثيرًا, وكان داود و آله من القليل. قال سفيان يعني ابن عيينة : على كل مسلم أن يشكر الله في نصره ببدر يقول الله : {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (آل عمران/123). (تفسير ابن أبي حاتم/ 4139) لذلك نقول إن كانت نعمة الله على المسلمين يوم بدر تحتاج إلى شكر لله تعالى ، فنعم الله تعالى المتوالية تحتاج إلى شكر دائم ومستمر بأن يلهج الإنسان بذكر ربه الرحمن صباح مساء وليل نهار . وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « التحدث بنعم الله شكر ، وتركها كفر ، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير » .( شعب الإيمان للبيهقي/ 4247) وعن أبي عبد الله عمرو بن عثمان المكي ، قال : « رأيت العلماء بهذا الشأن يرتبون الشكر في أحوال العبادة ، فيلزمون كل أهل حال شكراً من جنس حالهم ، ولا أعرف له معنى إلا أن الذي يجب على الشاكر أن يشكر الله من جنس النعمة ما كانت ، فإن كانت نعمة من جهة الدنيا بدل الله منها شكراً عليها ، وإن كانت من جهة الدين عمل لله زيادة في ذلك العمل شكراً لله على إنعامه عليه بذلك ، ولقد رأيتُ رجلا من أهل مصر وهو محمد بن عبد الحكيم يصلي الضحى ، فكان كلما صلى ركعتين سجد سجدتين ، فسأله من يسأله ممن يأنس به عن السجدتين اللتين يسجدهما من كل ركعتين فماذا يريد بهما . قال : شكرُ الله على ما أنعم به عليَّ من صلاة الركعتين » (شعب الإيمان للبيهقي/ 4392) وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب » (صحيح الترغيب والترهيب للألباني/976 وقال حسن صحيح ) 12- التوبة إلى الله سبحانه وتعالى: التوبة هي :الرجوع إلى الله بحل عقدة الإصرار عن القلب، ثم القيام بكل حقوق الرب. والتوبة النصوح: هي توثيق بالعزم على ألا يعود لمثله . قال ابن عباس، رضي الله عنهما: التوبة النصوح الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع بالبدن، والإضمار على ألا يعود. وقيل: التوبة في اللغة: الرجوع عن الذنب، وكذلك التوب، قال الله تعالى: " غافر الذنب وقابل التوب " . وقيل التوب، جمع توبة. والتوبة في الشرع: الرجوع عن الأفعال المذمومة إلى الممدوحة، وهي واجبة على الفور، عند عامة العلماء، أما الوجوب فلقوله تعالى:" وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون " . وأما الفورية، فلِمَا في تأخيرها من الإصرار المحرم، والإنابة قريبة من التوبة لغةً وشرعاً، وقيل: التوبة النصوح: ألا يبقي على عمله أثراً من المعصية سرًّا وجهراً، وقيل: هي التي تورث صاحبها الفلاح عاجلاً وآجلاً، وقيل: التوبة: الإعراض والندم والإقلاع، والتوبة على ثلاثة معان: أولها الندم، والثاني: العزم على ترك العود إلى ما نهى الله تعالى عنه، والثالث: السعي في أداء المظالم. (التعريفات/22) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (التحريم/8) ويقول تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (النور/31) وعن ابْنَ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ». (مسلم/ 7034) وهكذا يكون أدب المسلم مع ربه؛ فيشكره على نعمه، ويستحي منه سبحانه، ويصدق في التوبة إليه، ويحسن التوكل عليه، ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، ويرضى بقضائه، ويصبر على بلائه، ولا يدعو سواه، ولا يقف لسانه عن ذكر الله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يستعين إلا بالله، ودائمًا يراقب ربه، ويخلص له في السر والعلانية. اللهم ارزقنا الأدب كله معك ومع رسولك - صلى الله عليه وسلم - ومع عبادك أجمعين . |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: الأدب مع الله/مهم | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |