#1
|
|||
|
|||
الغفلة
الغفلة
إن الغفلة من الصفات الذميمة التي ينبغي أن لا يقع فيها المؤمن ، بل عليه أن يتنبه لها، ويحذر من أسبابها، ويخاف عواقبها، ويلازم الطرق التي تقي من الوقوع فيها. قال سيد قطب: "والغفلة أشد ما يفسد القلوب، فالقلب الغافل قلب معطل عن وظيفته، معطل عن الالتقاط والتأثر والاستجابة، تمر به دلائل الهدى أو يمر بها دون أن يحسها أو يدركها، ومن ثم كان الإنذار هو أليق شيء بالغفلة التي كان فيها القوم، الذين مضت الأجيال دون أن ينذرهم منذر، أو ينبههم منبه. فهم من ذرية إسماعيل ولم يكن لهم بعده من رسول، فالإنذار قد يوقظ الغافلين المستغرقين في الغفلة، الذين لم يأتهم ولم يأت آباءهم نذير".( من كتاب فى ظلال القرآن ) لقد تضمنت آيات القرآن الكريم طرقا لعلاج الغفلة، تصريحا أو تلميحا، وأكثر هذه الطرق هي التي جاءت عن طريق التلميح؛ حيث تفهم ضمنا من خلال ذكر الأسباب، وقد نص القرآن الكريم على طريق واحد لعلاج الغفلة، وهو طريق ناجع شامل كما نبينه قريبا إن شاء الله. أما الطرق التي وردت تلميحا فإنها تتمثل في: ترك الأسباب التي تؤدي إلى الغفلة، وتجعل الإنسان ناسيا لما عليه من واجبات، غير مكترث بالعواقب الوخيمة التي ستصيبه، وهي أسباب كثيرة وضرورية لعلاج هذا المرض الملازم له، ويمكن إجمالها في الآتي: الإيمان بالله عز وجل وبآياته، إيمانا يقوم على الرغبة فيما عند الله، والرهبة من عقابه. ويقوم كذلك على التدبر في آياته في الأنفس وفي الكون، والعلم بالأدلة والبراهين التي تقود إلى ذلك، فإن ذلك من شأنه أن يوقظ القلب، ويحيي النفس. وليحرص الإنسان-بالإضافة إلى ذلك- على الابتعاد عن التكبر، والإقلاع عن الظلم والفساد في الأرض، فإن هذه الأمور من أخطر ما يوقع في الغفلة. وليحذر من حب الدنيا وإتباع الهوى. وأما الطريق الوحيد الذي صرح به القرآن لعلاج الغفلة فهو طريق جاء في الأصل لعلاج صفة من صفات النفس الملازمة لها، وهذه الصفة هي النسيان، وهي المرحلة الأولية التي إذا تجاوزها الإنسان دون انتباه فإنه يقع في الغفلة حتما، وهو طريق الذكر الدائم، ولنفصل القول في هذا الطريق فيما يلي: ورد الذكر في القرآن الكريم مقترنا بالغفلة في موضعين فقط، وفي كلا الموضعين نهى الله سبحانه وتعالى عباده وحذرهم من الغفلة. وقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده أن يكونوا غافلين، قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}(الأعراف: 205). ففي هذه الآية أمر الله تعالى عباده بذكره أول النهار وآخره، كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله: {....وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى}(طه: 130). وفي قوله: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}(هود: 114). وقد حض الله عباده على الذكر الكثير في مواضع من كتابه منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً*هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} (الأحزاب: 41 ـ 43). وقوله: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً * مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً}(نوح: 10 ـ 13). وفي السنة النبوية المطهرة روايات كثيرة تحض على الذكر، وتبين فضله، وتشرح أثره الفعال في جعل القلب حاضرا متعلقا بخالقه، متضرعا إليه، راغبا فيما عنده، نذكر منها: عن عبد الله بن بسررضى الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله) " رواه الترمذى " هذا حديث من جوامع الكلم، فقد احتوى- على قلة عباراته- على الخير كله، في بيان بليغ لعلاج الغفلة. وقد حذرنا سبحانه وتعالى من وساوس الشيطان فالله حذرنا منه وقص علينا كل أحواله معنا، ما كان وما سيكون، والحال هو الحال ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ونحن كذلك غافلون عن الموت مع أنه أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، وكل يوم نشيع عزيزا لنا إلى مثواه الأخير وكأن الأمر لا شيء. ونحن غافلون عن عبادة ربنا وقلوبنا لاهية عنه، حتى إن عباداتنا انقلبت مجرد عادات دينية، نؤديها صباح مساء ونحن في أشد الغفلة. نتمتع بنعم الله تعالى التي لا تحصى ولا تعد، ونحن غافلون عن شكر هذه النعم، مع أن الشكر هو سبب دوام هذه النعم وهو سبب الزيادة فيها. والخلاصة أن هذه النصوص التي أوردناها، وأقوال العلماء التي ذكرناها تؤكد حقائق عديدة؛ منها: تلازم النسيان مع الغفلة، واقتران الغفلة بالكثير من الخلال المنبوذة شرعا، ومنها أهمية الذكر في علاج القلب من أمراضه، ومنها أن العلاقة قوية بين الذكر والعبادة، وأن لهما دورا فعالا في علاج الغفلة وفي علاج كثير من الأمراض التي تترتب عليها. ولا بد أن يغفل القلب في بعض الأحيان مهما كان صاحبه منتبها، فالمنهج السديد هو أن يكون المؤمن حاضر القلب، متيقظ الفكر، دائم الذكر، مكثرا من عمل الخير، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}(الأعراف: 201). وقال: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(الحج: 35). منقول بتصرف |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا
__________________
اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك اللهم على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد http://www.facebook.com/profile.php?id=100002979995235 |
أدوات الموضوع | |
|
|