المسلسل الرمضاني صور من حياة السلف - الحلقة الثانية والعشرون

[غريب مسلم]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وعلى أصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله إخوتي وأخواتي الكرام.
نكمل معكم اليوم بإذن الله تعالى سلسلتنا الأدبية القصصية التاريخية، التي تعرض صوراً واقعية لأناس عاشوا وتربوا على أيدي خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، أو على أيدي أصحابه الأبرار رضوان الله عليهم، وعاشوا في خير القرون وأفضلها، وبذلوا لها كل نفيس، فصاروا أعلاماً يقتدى بهم، وكانوا المؤسسين إلى مدرستنا، مدرسة السلف الصالح.
بطل قصتنا لهذا اليوم عابد زاهد، تربى على أيدي الصحابة، وأخذ العلم عن أم المؤمنين الصديقة عائشة بنت الصديق أبي بكر.


عروة بن الزبير
(من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى عروة بن الزبير) [عبد الملك بن مروان]
ما كادت شمس الأصيل (1) تلملم خيوطها الذهبية عن بيت الله الحرام ، وتأذن للنسمات الندية بأن تتردد في رحابه الظاهرة ... حتى شرع الطائفون بالبيت من بقايا صحابة رسول الله وكبار التابعين ، يعطرون الأجواء بالتهليل (2) والتكبير ، ويترعون (3) الأرجاء بصالح الدعاء .
وحتى أخذ الناس يتحلقون (4) زمراً زمراً حول الكعبة المعظمة ، الرابضة (5) وسط البيت في مهابة وجلال .
ويملأون عيونهم من بهائها الأسنى ، ويديرون بينهم أحاديث لا لغو فيها ولا تأثيم .
وبالقرب من الركن اليماني (6) جلس أربعة فتيان صباح الوجوه ، كرام الأحساب (7) معطري الأردان (8) ... كأنهم بعض حمامات المسجد ناصعة أثواب ، وألفة قلوب .
هم عبد الله بن الزبير ، وأخوه مصعب بن الزبير ، وأخوهما عروة بن الزبير ، وعبد الملك بن مروان .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ودار الحديث رهواً (9) بين الفتية الأبرار (10) ، ثم ما لبث أن قال قائل منهم :
ليتمن كل منا على الله ما يحب ...
فانطلقت أخيلتهم تحلق في عالم الغيب الرحب ، ومضت أحلامهم تطوف في رياض الأماني الخضر ، ثم قال عبد الله بن الزبير :
أمنيتي أم أملك الحجاز ، وأنالالخلافة ...
وقال أخوه مصعب :
أما أنا فأتمنى أن أملك العراقين (11) ، فلا ينازعني فيهما منازع .
وقال عبدالملك بن مروان :
إذا كنتما تقنعان بذاك ، فأنا لا أقنع إلا بأن أملك الأرض كلها ... وأن أنال الخلافة بعد معاوية بن أبي سفيان ...
وسكت عروة بن الزبير فلم يقل شيئاً ... فالتفتوا إليه وقالوا :
وأنت ما تتمنى يا عروة ؟
فقال : بارك الله لكم فيما تمنيتم من أمر دنياكم ...
أما أنى فأتمنى أن أكون عالماً عاملاً ، يأخذ الناس عني كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وأحكام دينهم ... وأن أفوز في الآخرة برضى الله وأحظى بجنته ...

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ثم دارت الأيام دورتها ، فإذا بعبد الله بن الزبير يبايع بالخلافة عقب موت يزيد بن معاوية (12) فيحكم الحجاز ، ومصر واليمن وخراسان والعراق ...
ثم يقتل عند الكعبة غير بعيد عن المكان الذي تمنى فيه ما تمنى .
وإذا بمصعب بن الزبير يتولى إمرة العراق من قبل أخيه عبد الله ، ويقتل هو الآخر (13) دون ولايته أيضاً .
وإذا بعبد الملك بن مروان تؤول (14) إليه الخلافة بعد موت أبيه وتجتمع عليه كلمة المسلمين بعد مقتل عبد الله بن الزبير وأخيه مصعب على أيدي جنوده ... ثم يغدو (15) أعظم ملوك الديا في زمانه .
فما كان من أمر عروة بن الزبير ؟
تعالوا نبدأ قصته من أولها .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ولد عروة بن الزبير لسنة واحدة بقيت من خلافة الفاروق رضوان الله عليه في بيت من أعز بيوت المسلمين شأناً ، وأرفعها مقاماً .
فأبوه ، هو الزبير بن العوام حواري (16) رسول الله ، وأول من سل سيفاً في الإسلام ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة .
وأمه ، هي أسماء بنت ابي بكر الملقبة بذات النطاقين (17) (18) .
وجده لأمه ، هو أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ، وصاحبه في الغار .
وجدته لأبيه ، هي صفية بنت عبد المطلب (19) (20) عمة رسول الله .
وخالته هي أم المؤمنين عائشة عليها رضوان الله .
فقد نزل إلى قبرها حين دفنت بنفسه ، وسوى عليها لحدها بيديه .
أفتظن أن بعد هذا الحسب حسباً ...
وأن فوق هذا الشرف شرفاً غير شرف الإيمان وعزة الإسلام ؟.

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ولكي يحقق عروة أمنيته التي تمناها على الله عند الكعبة المعظمة أكب (21) على طلب العلم وانقطع له ، واغتنم البقية الباقية من صحابة رسول الله ... فطفق يؤم (22) بيوتهم ، ويصلي خلفهم ، ويتتبع مجالسهم ، حتى روى عن علي بن أبي طالب ، وعبد الرحمن بن عوف (23) ، وزيد بن ثابت ، وأبي أيو ب الأنصاري ...
وأسامة بن زيد ، وسعيد بن زيد (24) ، وأبي هريرة (25) ، وعبد الله بن عباس (26) ، والنعمان بن بشير ...
وأخذ كثيراً عن خالته عائشة أم المؤمنين ، حتى غدا أحد فقهاء المدينة السبعة الذين يفزع (27) إليهم المسلمون في دينهم .
ويستعين بهم الولاة الصالحون على ما استرعاهم الله جل وعز من أمر العباد والبلاد .
من ذلك أن عمر بن عبد العزيز (28) حين قدم المدينة والياً عليها من قبل الوليد بن عبد الملك جاءه الناس فسلموا عليه ... فلما صلى الظهر دعا عشرة من فقهاء المدينة ، وعلى رأسهم عروة بن الزبير ...
فلما صاروا عنده رحب بهم ، وأكرم مجالسهم ، ثم حمد الله جل وعز وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال :
إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون لي فيه أعواناً على الحق ...
فأنا لا اريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم ، أو برأي من حضر منكم .
فإن رأيتم أحداً يتعدى على أحد ، أو بلغكم عن عامل لي مظلمة فأسألكم بالله أن تبلغوني ذلك .
فدعا له عروة بن الزبير بخير ، ورجا له من الله السداد (29) والرشاد .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وقد جمع عروة بن الزبير العلم إلى العمل ، فقد كان صواماًفي الهواجر (30) ... قواماً في العتمات ، رطب اللسان دائماً بذكر الله تعالى .
وكان إلى ذلك خديناً (31) لكتاب الله جل وعز ، عاكفاً على تلاوته ...
فكان يقرأ ربع القرآن كل نهار نظراً في المصحف ...
ثم يقوم به الليل تلاوة عن ظهر قلب ...
ولم يعرف عنه أنه ترك ذلك منذ صدر (32) شبابه إلى يوم وفاته غير مرة واحدة لخطب نزل به سيأتيك نبؤه بعد قليل .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ولقد كان عروة بن الزبير يجد في الصلاة راحة نفسة ، وقرة عينه ، وجنته على الأرض ، فيحسنها كل الإحسان ، ويتقن شعائرها أتم الإتقان ، ويطيلها غاية الطول .
روي عنه أنه رأى رجلاً يصلي صلاة خفيفة ، فلما فرغ من صلاته دعاه إليه وقال له : يا بن أخي ، أما كانت لك عند ربك جل وعز حاجة ؟!...
والله إني لأسأل الله تبارك وتعالى في صلاتي كل شيء حتى الملح .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وقد كان عروة بن الزبير رضوان الله عليه سخي اليد سمحاً جواداً ...
ومما أثر عن جوده أنه كان له بستان من أعظم بساتين المدينة ...
عذب المياه ، ظليل الأشجار ، باسق النخيل ...
وكان يسور (33) بستانه طوال العام ، لحماية أشجاره من أذى الماشية وعبث الصبية ، حتى إذا ىن أوان الرطب (34) وأينعت الثمار وطابت ، واشتهتها النفوس ... كسر حائط بستانه في أكثر من جهة ليجيز للناس دخوله ...
فمانوا يملون (35) به ذاهبين آيبين ، ويأكلون من ثمره ما لذ لهم الأكل ، ويحملون منه ما طاب لهم الحمل .
وكان كلما دخل بستانه هذا ردد قوله جل وعز :
وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (36)

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وفي ذات سنة من خلافة الوليد بن عبد الملك (37) شاء الله عز وجل أن يمتحن عروة بن الزبير امتحاناً لا يثبت له إلا ذوو الأفئدة التي عمرها الإيمان وأترعها (38) اليقين .
فلقد دعا خليفة المسلمين عروة بن الزبير لزيارته في دمشق ، فلبى دعوته ، وصحب معه أكبر بنيه ... ولما قدم على الخليفة رحب بمقدمه أعظم الترحيب ، وأكرم وفادته أوفى الإكرام ، وبالغ في الحفاوة به .
ثم شاء الله سبحانه بأن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
ذلك أن ابن عروة دخل على إصطبل (39) الوليد ليتفرج على جياده الصافنات (40) ، فرمحته (41) دابة قاضية أودت بحياته .
ولم يكد الأب المفجوع ينفض يديه من تراب قبر ولده ، حتى أصابت إحدى قدميه الآكلة (42) .
فتورمت ساقه ، وجعل الورم يشتد ويمتد بسرعة مذهلة .
فاستدعى الخليفة لضيفه الأطباء من كل جهة ...
وحضهم على معالجته بأي وسيلة ...
لكن الأطباء أجمعوا على أنه لا مندوحة (43) من بتر ساق عروة قبل أن يسري الورم إلى جسده كله ، ويكون سبباً في القضاء عليه ...
فلم يجد بداً من الإذعان لذلك .
ولما حضر الجراح لبتر الساق ، وأحضر معه مباضعه (44) لشق اللحم ، ومناشيره لنشر العظم ، قال الطبيب لعرون : أرى أن نسقيك من مسكر لكي لا تشعر بآلام البتر المبرحة .
فقال : هيهات (45) ... لا أستعين بحرام على ما أرجوه من العافية .
فقال له : إذن نسقيك المخدر ، فقال :
ما أحب أن أسلب عضواً من أعضائي دون أن أشعر بألمه ، وأحتسب (46) ذلك عند الله .
ولما هم الجراك بقطع الساق ، تقدم نحو عروة طائفة من الرجال فقال :
ما هؤلاء ؟! فقيل له :
لقد جيءبهم لمسكوك ، فلربما اشتد عليك الألم ، فجذبت قدمك جذبة أضرت بك .
فقال : ردوهم ...
لا حاجة لي بهم ، وإني لأرجو أن أكفيكم (47) ذلك بالذكر والتسبيح ...
ثم أقبل عليه الطبيب ، فقطع اللحم بالمبضع ... ولما بلغ العظم ، وضع عليه المنشار وطفق ينشره به ، وعروة يقول :
لا إله إلا الله والله أكبر .
وما فتئ الجراح ينشر ، وعروة يهلل ويكبر حتى بترت الساق بتراً .
ثم أغلي (48) الزيت في مغارف الحديد ، غمست به ساق عروة لإيقاف تدفق الدماء ، وحسم الجراح ، فأغمي عليه إغماءة طويلة حالت دونه ودون أن يقرأ حصته من كتاب الله ذلك اليوم ...
وكانت المرة الوحيدة التي فاته فيها ذلك الخير منذ صدر شبابه .
ولما صحا عروة ، دعوة بقدمه المبتورة ، فناولوه إياها ...
فجعل يقلبها بين يديه وهو يقول : أما والذي حملني عليك في عتمات الليل إلى المساجد ، إنه ليعلم أنني نا مشيت بك إلى حرام قط ...
ثم تمثل بأبيات لمعن بن أوس (49) يقول فيها :
لعمرك ما أهويت كفي لريبة (50) ** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
واعلم أني لم تصبني مصيبة ** من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وقد شق على الوليد بن عبد الملك ما نزل بضيفه الكبير من النوازل ...
فقد احتسب ابنه ، وفقد ساقه في أيام معدودات ، فجعل يحتال لتعزيته وتصبيره على ما أصابه .
وصادف أن نزل بدار الخلافة جماعة من بني عبس فيهم رجل ضرير ، فساله الوليد عن سبب كف بصره ، فقال :
يا اميرالمؤمنين لم يكن في بني عبس رجل أوفر مني مالاً ، ولا أكثر أهلاً وولداً .
فنزلت مع مالي وعيالي في بطن واد من منازل قومي ، فطرقنا سيل لم نر مثله قط ...
فذهب السيل لما كان لي من مال ، وأهل ، وولد ...
ولم يترك لي غير بعير واحد ، وطفل صغير حديث الولادة .
وكان البعير صعباً (51) فند (52) مني ...
فتركت الصبي على الأرض ولحقت بالبعير ...
فلم أجاوز مكاني قليلاً حتى سمعت صيحة الطفل ...
فالتفت ... فإذا رأسه في فم الذئب وهو يأكله ...
فبادرت إليه ، غير أنني لم أستطع إنقاذه إذ كان قد أتى عليه ...
فلحقت بالبعير فلما دنوت منه رماني برجليه على وجهي حطمت جبيني ، وذهبت ببصري ...
وهكذا وجدت نفسي قد غدوت في ليلة واحدة من غير أهل ، ولا ولد ، ولا مال ، ولا بصر ... فقال الوليد لحاجبه :
انطلق بهذا الرجل إلى ضيفنا عروة بن الزبير ، ليقص عليه قصته ، ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ولما حمل عروة بن الزبير إلى المدينة وأدخل على أهله ، بادرهم قائلاً : لا يهولنكم ما ترون ... فلقد وهبني الله عز وجل أربعة من البنين ، ثم أخذ منهم واحداً وأبقى لي ثلاثة ...
وأعطاني اربعة من الأطراف ، ثم أخذ منها واحداً وأبقى لي ثلاثة ...
فلله الحمد ...
وأيم (53) الله ، لئن أخذ الله مني قليلاً ، فلقد أبقى لي كثيراً ...
ولئن ابتلاني مرة ، فلطالما عافاني مرات ...

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ولما عرف أهل المدينة بوصول إمامهم وعالمهم عروة بن الزبير تسايلوا (54) على بيته ليواسوا ويعزوا ...
فمان من أحسن ما عزي به كلمة إبراهيم بن محمد بن طلحة ، حيث قال له :
أبشر -يا أبا عبد الله- فقد سبقك عضو من أعضائك ، وولد من أبنائك إلى الجنة .
والكل يتبع البعض إن شاء الله تعالى ...
ولقد أبقى الله لنا منك ما نحن إليه فقراء وعنه غير أغنياء من علمك ، وفقهك ، ورأيك ... نفعك الله وإيانا به ...
والله ولي ثوابك والضمين بحسن حسابك .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

ظل عروة بن الزبير للمسلمين منارة هدى ، ودليل فلاح ، وداعية خير طوال حياته ...
ولقد اهتم أكثر ما اهتم بتربية أولاده خاصة ، وسائر أبناء المسلمين عامة ، فلم يترك فرصة لتوجيههم إلا اغتنمها ، ولم يدع سانحة (55) لنصحهم إلا أفاد منها .
من ذلك أنه داب على حض (56) بنيه على طلب العلم ، إذ كان يقول لهم :
يا بني تعلموا العلم ، وابذلوا له حقه ...
فإنكم إن تكونوا صغار قوم ، فعسى أن يجعلكم الله بالعلم كبراءهم .
ثم يقول : واسوأتاه (57) ، هل في الدنيا شيء أقبح من شيخ جاهل ؟!!.

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وكان يدعوهم إلى عد الصدقة هدية تهدى لله جل وعز ، فيقول :
يا بني ، لا يهدين أحدكم إلى ربه ما يستحي أن يهديه إلى عزيز قومه ...
فإن الله تعالى أعز الاعزاء ، وأكرم الكرماء ، وأحق أن يختار له .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وكان يبصرهم بالناس ، وينفذ بهم إلى جوهرهم فيقول :
يا بني غذا رايتم من رجل فعلة خير رائعة فأملوا به خيراً ، ولو كان في نظر الناس رجل سوء ، فإن لها عنده أخوات ...
وإذا رأيتم من رجل فعلة شر فظيعة فاحذروه ، وإن كان في نظر الناس رجل خير ، فإن لها عنده أخوات أيضاً .
واعلموا أن الحسنة تدل على أخواتها ...
وأن السيئة تدل على أخواتها أيضاً .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وكان يوصيهم بلين (58) الجانب ، وطيب الكلام ، وبشر (59) الوجه فيقول :
يا بني ، مكتوب في الحكمة ، لتكن كلمتك طيبة ، ليكن وجهك طلقاً ، تكن أحب الناس ممن يبذل لهم العطاء .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وكان إذا رأى الناس يجنحون (60) إلى الترف ، ويستمرئون (61) النعيم يذكرهم بما كان عليه رسول الله من شظف العيش ، وخشونة الحياة .
من ذلك ما حكاه محمد بن المنكدر (62) قال :
لقيني عروة بن الزبير فأخذ بيدي وقال : يا أبا عبد الله .
فقلت : لبيك .
فقال : دخلت على أمي عائشة رضي الله عنها فقالت :
يا بني ...
فقلت : لبيك .
فقالت : والله إن كنا (63) لنمكث أربعين ليلة ما نوقد في بيت رسول الله بنار مصباحاً ولا غيره .
فقلت : يا أمه ، فيم كنتم تعيشون ؟!.
فقالت بالأسودين ... التمر والماء .

http://www.quicklook4u.com/gallery/d...ails/22/28.gif

وبعد ... فقد عاش عروة بن الزبير واحداً وسبعين عاماً مترعة (64) بالخير ، حافلة بالبر ، مكللة بالتقى .
فلما جاءه الأجل المحتوم أدركه وهو صائم ...
ولقد ألح عليه أهله أن يفطر فأبى ...
لقد أبى ، لأنه كان يرجو أن يكون فطره على شربة من نهر الكوثر (65) في قوارير من فضة ...
بأيدي الحور العين (66) ...
ونلتقي غداً إن شاء الله في قصة جديدة لتابعي جليل اسمه الحسن البصري.

http://files2.fatakat.com/2010/12/12927003501249.gif

(1) الأصيل : بين العصر والمغرب .
(2) التهليل : قول لا إله إلا الله .
(3) يترعون : يملأون .
(4) يتحلقون : يجلسون على هيئة الحلقة .
(5) الرابضة : المستقرة .
(6) الركن اليماني : أحد أركان الكعبة المعظمة .
(7) الأحساب : الأنساب .
(8) الردن : طرف الكم الواسع ، وجمعه أردان .
(9) رهواً : ليناً هادئاً .
(10) (غريب مسلم) في هذه القصة نظر، فالفرق في العمر بين عبد الله بن الزبير وأخيه عروة يعادل تقريباً 22 سنة.
(11) العراقين : الكوفة والبصرة .
(12) يزيد بن معاوية : ثاني خلفاء بني أمية .
(13) يقتل دون ولايته : يقتل دفاعاً عن ولايته .
(14) تؤول إليه الخلافة : تصير إليه الخلافة .
(15) يغدو : يصبح .
(16) حواريو الرسل : الخاصة من أصحابهم .
(17) ذات النطاقين : لقبت بذلك لأنها شقت نطاقها يوم الهجرة شقين لتربط بأحدهما مزود رسول الله وبالثاني سقاه ... انظرها في "صور من حياة الصحابيات" للمؤلف .
(18) (غريب مسلم) انظر قصتها في الحلقة السادسة من مسلسلنا هذا .
(19) صفية بنت عبد المطلب : انظرها في كتاب "صور من حياة الصحابيات" للمؤلف .
(20) (غريب مسلم) انظر قصتها في الحلقة الثالثة عشرة من مسلسلنا هذا .
(21) أكب على طلب العلم : عكف على طلب العلم ، وانقطع له .
(22) يؤم بيتهم : يأتي بيوتهم .
(23) (غريب مسلم) انظر قصته في الحلقة الخامسة عشرة من مسلسلنا هذا .
(24) (غريب مسلم) انظر قصته في الحلقة الحادية عشرة من مسلسلنا هذا .
(25) (غريب مسلم) انظر قصته في الحلقة الخامسة من مسلسلنا هذا .
(26) (غريب مسلم) انظر قصته في الحلقة السادسة عشرة من مسلسلنا هذا .
(27) يفزع إليه المسلمون : يلجأون إليه ، ويلوذون به .
(28) عمر بن عبد العزيز : انظره ص 80 ، 255 ، 326 .
(29) السداد : الصواب والاستقامة .
(30) الهاجرة : شدة القيظ ، والجمع هواجر .
(31) خدينا : مصباحاً .
(32) صدر شبابه : أول شبابه .
(33) يسور بستانه : يحعل لبستانه سوراً .
(34) الرطب : تمر التخيل : قبل أن يصير تمراً .
(35) يلمون به : يدخلونه .
(36) سورة الكهف: أية 39
(37) الوليد بن عبد الملك : سادس خلفاء بني أمية وقد بلغت دولة الإسلام في عهده أوج عزها .
(38) أترعها : ملأها .
(39) الإصطبل : مربط الخيل ونحوها من الدواب .
(40) الجياد الصافنات : الجياد التي تقف على ثلاث وترفع الرابعة ، وهي صفة من صفات الجياد الكريمة .
(41) رمحته : رفسته .
(42) الآكلة : داء يصيب العضو فيأتكل منه .
(43) لا مندوحة : لا بد ولا مفر .
(44) المبضع : آلة يشق بها الطبيب الجلد .
(45) هيهات : اسم فعل بمعنى بعد ، [أي لا أفعل] .
(46) احتسب الشيء : نوى به وجه الله .
(47) أكفيكم ذلك : أغنيكم عن ذلك .
(48) أغلي الزيت : حمي الزيت على النار .
(49) معن بن أوس : شاعر مخضرم من بني مزينة .
(50) الريبة : الشك والتهمة .
(51) البعير الصعب : الجمل العسر .
(52) ند : شرد .
(53) أيم الله : أحلف بالله .
(54) تسايلوا على بيته : تواردوا عليه من كل جهة .
(55) لم يدع سانحة : لم يترك فرصة .
(56) حض بنيه : حث أولاده .
(57) واسوأتاه : أسلوب يستعمل لاستقباح الأمر .
(58) لين الجانب : سهولة المعاشرة .
(59) بشر الوجه : طلاقة الوجه ، وبشاشته .
(60) يجنحون : يميلون .
(61) يستثمرون النعيم : يستطيبون النعيم .
(62) محمد بن المنكدر : تابعي من أهل المدينة توفي سنة 130 هـ .
(63) إن كنا : لقد كنا .
(64) مترعة : مملوءة .
(65) نهر الكوثر : نهر في الجنة .
(66) للاستزادة من أخبار عروة بن الزبير انظر :
1- الطبقات الكبرى لابن سعد : 1 / 406 و 2 / 382 ، 387 و 3 / 100 و 4 / 167 و 5 / 334 و 8 / 102 .
2- حلية الأولياء لأبي نعيم : 2 / 176 .
3- صفة الصفوة لابن الجوزي : 2 / 87 .
4- وفيات الأعيان لابن خلكان : 3 / 255 .
5- أنساب الأشراف للبلاذري : (انظر الفهارس) .
6- جمهرة أنساب العرب لابن حزم : (انظر الفهارس) .