نحو تفسير أسهل/سورة الطارق//د.عائض القرني

[Nabil]

نحو تفسير أسهل

الدكتور عائض القرني

سورة الطارق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)
أقسم قسما بالسماء والنجم الذي يطرق العالم ليلا، ويختفي في النهار، فكأن زائرا ليلا يخفيه الظلام.

وَمَاأَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2)
ومايعلمك - يا محمد - ما الطارق؟ إنه نجم عظيم ثاقب النور، تام الضوء، تخترق أشعته الظلام كأنه يطرق السماء.

النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)
هذاالنجم المضيء المتوهج، يثقب ثوب الليل بنوره، وينفذ بضوئه بين حجب الظلام.

إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)
كل نفس عليها حافظ من الله، موكل بحراستها وحفظها مما يؤذيها، وإحصاء عملها، وكتابة سعيها،ومراقبة تصرفاتها.

فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)
فلينظرالإنسان باعتبار وتفكر من أي مادة خلقه ربه، وما أصله، وما أول هذا الخلق. إنه من ماء حقير من موضع مهين.

خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6)
خلق من مني يصب في الرحم، فمن أصله من هذا الأصل لا ينبغي له أن يتكبر ولا يتجبر، بل يتواضع لتفاهة أصله.

يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)
هذاالماء المهين والمني الحقير يخرج من ظهر الرجل وصدر المرأة، يلتقي في موضع يحتشم من ذكره ليكون الإنسان.

إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)
إن الله على رد الإنسان حيا بعد موته للحساب لقادر، فبعد الموت حياة، وبعد البعث حساب، وبعدالنشور جزاء.

يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9)
ذاك اليوم تُختبر السرائر، ويُكشف عما في الضمائر، وتظهر المكنونات، وتبدو الخفيات،ويخرج ما أكنته النيات.

فَمَالَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ (10)
فمالجاحد اليوم الآخر، وهو الكافر، من قوة تحميه، ولا ناصر ينقذه مما هو فيه، فلا دافع ولا نافع ولا شافع له.

وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)
وأقسم قسما بالسماء ذات الغيث الذي يرجع بخارا من الأرض فتعيده السماء إلى الأرض مطرا هنيئا مباركا.

وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12)
وأقسم قسما بالأرض التي تتشقق بالنبات، وتتصدع لخروج جذوع الأشجار من بين طبقاتها.

إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13)
إن هذا القرآن قول يفصل بين الحق والباطل، ويفرق بين الرشد والغي، ويميز بين الصلاح والفساد.

وَمَاهُوَ بِالْهَزْلِ (14)
وليس القرآن لهوا، ولكنه جد لا لعب فيه، وحق لا باطل معه، وهدى لا ضلال معه.

إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15)
إن الكفار يخفون كيدهم لمحاربة المؤمنين، ويحبكون الخطط لحرب الإسلام، فهم في تدبير الحرب الخفية.

وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)
ويقابل الله تدبيرهم بتدبير أحكم منه وأخفى وأقوى،فيبطل كيدهم ويفل جدهم ويحبط مكرهم.

فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
فانتظر - يا محمد - الكفار بعض الانتظار؛ لترى ماذايفعل بهم القهار؟ ولا تستعجل هلاكهم، فكل ما هو آت قريب، فسوف ترى مصارعهم ونهايتهم المرة المذلة إذا حان موعد أخذهم.

عن الشرق الأوسط