#1
|
|||
|
|||
إحـــــــــــذر السيف البتار
بسم الله الرحمن الرحيم طرق على الباب، وصوت الجد من الداخل: والوقتُ أنفسُ ما عنيت بحفظه- تفضل ... تفضل. عماد يفتح الباب، ويدخل على جده قائلاً له: السلام عليكم ورحمة الله. الجد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أين ياسر وعبد العزيز؟ عماد: لا أدري يا جدي. فلقد كنت أعود صديقي أحمد شفاه الله وعافاه، وجئت حسب الموعد المحدد. الجد: اجلس يا ولدي بارك الله فيك. لقد أردت أن نتدارس خلقًا من أخلاق الإسلام. عماد: أحسنت يا جدي فنحن في أمس الحاجة إلى من يبصرنا بأمور ديننا. الجد: لا بد من الحرص على الخير والحفاظ على الوقت. فها هو ياسر وعبد العزيز قد تأخرا عن الموعد. عماد: يبدو أنهما نسيا الموعد. الجد: نسيا الموعد!! هذا موعد لا ينسى يا ولدي. عماد: هذا مجرد ظن وتخمين. والله أعلم بهما. الجد: عشر دقائق مرت بعد الموعد المحدد ... ولم يأتيا ولم يتصلا بالهاتف ليعتذرا. عماد: وفي أي موضوع كنت تريد أن تحدثنا فيه؟ الجد: كنت أريد الحديث عن الإخلاص لله عز وجل ، فبه تصح الأعمال والأقوال. طرق على الباب عماد: يبدو أنهما ياسر وعبد العزيز. الجد يتنهد ويقول: يبدو ... والله المستعان. صوت ياسر وعبد العزيز من خلف الباب: - السلام عليكم ورحمة الله. يفتح الباب، ويرد الجد عليهما قائلاً: - وعليكم السلام ورحمة الله ... تفضلا. سكت الجد قليلاً ثم قال: - ما هذا التأخير يا أولاد؟! وما الذي حدث؟! عبد العزيز: لا شيء ... لا شيء. الجد: هل نسيتما الموعد؟ ياسر: لا. لم ننس، ولكن مررنا بصديقنا سعد فوقفنا معه بعض الوقت. الجد في عتب ولوم يقول: - إيه!! وقفتم معه تتسامرون وتضحكون. عبد العزيز: ولكن يا جدي لم نرتكب حرامًا. الجد: وبماذا تعد تخلفكما عن الموعد؟! عماد: أخشى أن يكون عملكما هذا شعبة من النفاق ... «إذا وعد أخلف». عبد العزيز: ولكن يا عماد لقد جئنا ... و. الجد يقاطع كلام عبد العزيز فيقول له: - اجلس يا ولدي. وأنت يا ياسر اجلس كذلك. عبد العزيز: آسف يا جدي على التأخير. ياسر: وأنا كذلك آسف. الجد: لقد قال الفاروق – رضي الله عنه -: إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللاً. لا في عمل دنيا ولا في عمل الآخرة. عماد: وما معنى سبهللاً؟ الجد: سبهللاً يا ولدي أي فارغًا. عماد: هذا والله يا جدي واقع كثير من شباب اليوم،حياتهم كلها عبث ولهو،لا همَّ لهم ولا شغل إلا ضياع الوقت. الجد: صدق الشاعر الناصح إذ يقول: وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ عماد: لقد وصل الأمر ببعض الشباب إلى عداء مع الوقت فتراهم حريصين على قتل الوقت. والله ما طلعت شمس ولا غربتالجد: رحم الله الشافعي حين قال: صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين: الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك، ونفسك إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل. عماد: كيف لو رأى الشافعي الشباب اليوم وهم يتسكعون في الشوارع ويضيعون الأوقات ويؤذون الناس. الجد: المؤلم حقًا أن أولئك الشباب الذين يستخدمون نعم الله في معاصيه ... يفحطون بالسيارات فيقتلون أنفسهم وغيرهم. عبد العزيز: ولكن يا جدي لسنا من هؤلاء الشباب فنحن والحمد لله نحافظ على الصلاة ومجتهدون في الدراسة. ياسر: نعم يا جدي نحن كذلك بحمد الله. الجد: لا يا أولادي لا تزكوا أنفسكم، وانظروا دائمًا إلى تقصيركم ومواطن الخلل فيكم، فهذا حري بكم أن يدفعكم للأحسن والأفضل. عبد العزيز: صحيح يا جدي ما فعلناه اليوم خطأ، ولكن لعل هذا الخطأ يكون دافعًا إلى مزيد من الحرص على الخير واغتنام الصالحات. الجد: هذا ما أرجوه وأتمناه لكم. إلا وحبكم مقرونٌ بأنفاسي ولا جلست إلى قوم أحدثهم إلا وأنتم حديثي بين جُلاَّسي عماد: هذا ما نعرفه منك يا جدنا العزيز. إذا كان يؤذيك حرُّ المصيفِعبد العزيز: نعم. لا نشك في ذلك. ياسر: ونعلم أيضًا أنك حريص علينا أكثر من حرصنا على أنفسنا. الجد: من أجل ذلك لا أحب أن تضيع أوقاتكم أو أراكم في صحبة البطالين الفارغين. عماد: أرى أن موضوع جلستنا هذه يدور حول قيمة الوقت وحسن استغلاله. عبد العزيز: فلو حدثتنا عن قيمة الوقت لعلنا نستفيد منه. ياسر: صدق رسول الله r حين قال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». الجد: نعم يا ولدي ... فالصحة والفراغ من أعظم النعم عليكم. فحذار حذار يا أولاد أن يضيعا عليكم. عماد: وما السبيل إذن للمحافظة على هذا الكنز الثمين؟ الجد: أن تعلم يقينًا أن ضياع الوقت أشد من الموت،فإن الموت انقطاع عن الخلق وضياع الوقت انقطاع عن الله، وشتان ما بينهما. عبد العزيز: لو بينت لنا الوسائل لحفظ الوقت. الجد: أولاً: أن تعلم أن لكل وقت وظيفة، وأن تجمع همتك لشغل ذلك الوقت بتلك الوظيفة. ياسر: وماذا أيضًا يا جدي؟ الجد: إياكم ثم إياكم. وحذار ثم حذار من مخالطة البطالين المضيعين للوقت. فهؤلاء خلطتهم نقمة، والجلوس معهم بلية. ياسر: وماذا نفعل؟ الجد: يا ولدي. ألم تعلم أن قرناء السوء هم الذين منعوا عم الرسول من النطق بالشهادة عند الموت فحرموه من الخير أبد الآبدين. عبد العزيز: ولكن يا جدي قد لا يستطيع الواحد منا أن يعتزل الناس. الجد: لا تعتزل الناس كلهم. ولكن اعتزل البطالين الفارغين. سكت الجد قليلاً ثم قال: - لقد قيل: الحكمة عشرة أجزاء. تسعة منها في الصمت، والعاشرة في عزلة الناس. عماد: هذا كلام جميل ومفيد، ولكن الواقع لا يساعد الواحد منا على ذلك. الجد: إن كان ولا بد من الخلطة، فلا بد منها في الخير فقط مثل: صلاة الجماعة والجمعة وتعليم العلم وعيادة المريض وتشييع الجنازة والجهاد والتزاور في الله وصلة الأرحام. عبد العزيز: قد يضطر الواحد منا إلى مخالطة الناس في أمور، لا هي طاعة ولا هي معصية. الجد: تقصد في فضول المباحات؟ عبد العزيز: نعم. الجد: إن كان الأمر كما ذكرت فلا بد أن تقلب هذه المجالس إلى طاعة لله – عز وجل. عماد: ولكن يا جدي قد يسوّل الشيطان للواحد منا أن هذا يدخل فيه الرياء والرغبة في إظهار فضيلة. الجد: هذا خاطر شيطاني فلا بد أن تدفعه عن قلبك، ولا تدع مجالاً للشيطان أن يصدك عن الخير. ياسر: وإذا عجز الواحد منا عن هذا المطلب، ولم يفلح في هذا الغرض. الجد: كن معهم بجسدك فقط، وقلبك هناك في الملأ الأعلى، يسبح الله ويذكره وأنت معهم حاضر غائب، قريب بعيد، نائم يقظان، ينظر إليهم ولا يبصرهم، يسمع كلامهم ولا يعيه. عماد: لقد تعودنا يا جدي أن نسمع منك بعض نماذج الخير التي تدفعنا إلى الأمام وتقوي فينا العزيمة. الجد: على الرحب والسعة، فتاريخ أمتنا المجيد ناصع بالمواقف العامرة والنماذج الطيبة. ولو جلسنا طيلة النهار لما انتهينا من سرد بعضها. عماد: والله يا جدي إن كثيرًا من شباب اليوم ليعدون معاول هدم ونماذج سوء. الجد: الله المستعان. كن أنت وإخوانك اللبنة الأولى في بناء صرح الدين الشامخ. وليكن أحدكم أمَّةً. عبد العزيز: لقد اشتقنا إلى النماذج البينة وأمثلة النجاح والفلاح، لعلنا نستضيء بنورهم. الجد: هذا مجد الدين أبو البركات ابن تيمية – رحمه الله – كان إذا دخل الخلاء قال لولده: اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك حتى أسمع. عماد: سبحان الله! إلى هذا الحد! الجد: نعم وأكثر من ذلك، فهذا عبيد بن يعيش شيخ البخاري ومسلم يقول: أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل. كانت أختي تلقمني وأنا أكتب الحديث. وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي إمام العربية يقول: أثقل الساعات علي ساعة آكل فيها. الأولاد: سبحان الله! سبحان الله!! الجد: لا تتعجبون يا أولاد فهذه هي حقيقة علماء أمتكم، وهذه هي حياتهم وهم قدوتكم. فهذا ابن جرير الطبري إمام المفسرين مكث أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة. عماد: وماذا بعد يا جدي؟ الجد: أتسعمون عن ابن عقيل الحنبلي؟ الأولاد: صاحب كتاب الفنون. الجد: أكبر كتاب في الدنيا. لقد قيل: إنه بلغ ثمانمائة مجلد. كان يقول رحمه الله: وأنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي ، حتى أختار سفّ الكعك وتحسيه بالماء على الخبز، لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ توفرًا على مطالعة أو تسطير فائدة لم أدركها فيه. وإن أجلَّ تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو الوقت، فهو غنيمة تنتهز فيها الفرص، فالتكاليف كثيرة والأوقات خاطفة. عماد: وبماذا تنصح أيها الجد المبارك؟ الجد: أنصحكم يا أولادي بألا تضيعوا دقيقة من حياتكم في غير طاعة وإقبال على الله – عز وجل – وتمثلوا دائمًا قول الشاعر: ويُبسُ الخريف وبردُ الشتا ويلهيك حسنُ زمان الربيع فأخذك للعلم قل لي متى
__________________
أخوكم في الله السيف الذهبي السيف أصدق أنبائا من الكتب.. في حده الحد ما بين الجد واللعب ليبيابلد الاسلام والسنة..أرض الأحرار والأبطال..ومقبرة الشهداء.. عذرا يا رسول الله هم خذولكـــ...ولكننا نحن ناصروكــــــــ أنصر حبيبنا صلى الله عليه وسلم بنشر سنته و سيرته والتعلم منه http://www.rasoulallah.net/v2/index.aspx?lang=ar |
#2
|
||||
|
||||
رد: إحـــــــــــذر السيف البتار
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
__________________
|
أدوات الموضوع | |
|
|