جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
المقامة الآيفونية
المقامة الآيفونية حدثنا راعي الأغنام قال: لما بلغت بي الغربة باب الأبواب ورضيت من الغنيمة بالإياب؛ استخرت الله في القفول راجياً منه القبول. ولما توسطنا البحر وجن علينا الليل؛ غشيتنا سحابة تمد من الأمطار حبالا وريح ترسل الأمواج جبالا. وبقينا لا نملك عدة غير الدعاء ولا حيلة إلا البكاء وقضيناها ليلة نابغية. وفينا شاب لا يخضل جفنه ولا تبكي عينه قد انزوى بناحية وهو يمسك بيده بأداة ويمرر بإصبعه مرة نحو اليمين وأخرى ذات الشمال. وعجبنا منه كل العجب وكيف أمن من العطب؟ فتقدمت نحوه لأكشف سره واسبر غوره وصرخت به قائلا: ليت شعري ما هذا الذي قد شغلك عما شغلنا به؟ وألهاك عن الموت إذ نحن ببابه؟ فأشار إلي بأداته ورد علي ببروده: إنــه الآيفــــون!!! وتصفحت كلام مضر ولغة قضاعة وحمير, فلم أجد فيها آيفون أو فوقه أو من دون قلت: ثكلتك أمك وماهو الآيفون؟ قال: هو أوسط إخوة ثلاثة وأكثرهم سلاسة, لا بالصغير المحتقر, ولا بالكبير المشتهر. إن أطعمته شكر, وان منعته صبر. لايقبل الأحمق من الناس, ولا يألف إلا كل المعي حساس. يأتيك بالمواجز والقصاصات, والأخبار والخلاصات. قلت: وما الخلاصات؟ قال: هي أرماس تأتيك بكل جديد من أخبار الناس قال الراوي و-أرماس- هي من غريب اللغة لدى الايفونيين قلت: قبح الله الخلاصات؛ يسترنا الله وتفضحنا الخلاصات. قال: إن شئت زدتك؟ وإن شئت اكتفيت؟ قلت: بل زدني فاني بعد ما ارتويت! قال: بالايفون نعرف المواقيت, والصلوات والتواريخ, وبه نعرف الطقس والأحوال, والطرقات والتجوال, وكل ما لم يكن لك على بال!! ينشده العالم الفقيه والباحث المحرر النبيه, ويحتاجه الطبيب والأستاذ, والشعراء والنقاد, حتى رعاة الأغنام! لأنه حوا تلك العلوم وطوى تلك الفنون وإذا ما احتجت لشاردة أو واردة فهو يبحر بك في الانترنت بمركب السفاري بدون نوخذة ولا صاري ولا دلال ولا مكاري قلت: ومن عنترنت هذا؟ تنفس بعمق وقال: الانترنت ياهذا بحر كثير الافلاج وموج كأعظم الأمواج, على أن من بالبصرة يعلم مادار بالإسكندرية؟ قلت: والله قد أعظمت الفرية؟ يا ذا الايفون ألا ترى مانحن فيه؟ وأنت بآيفونك تتيه!! فتبسم وقال ياصاح: إن السحابة عما قليل تنقشع, والريح قد أوشكت أن تندفع! وما لبثنا أن كشف الله الغمة وأزال ربنا الظلمة وكان ما قال صاحب الايفون حقا ولما نزلنا من المركب سألته عما قال؟ وهل الايفون يقرا الطالع والفال؟ فقال لي ساخرا: لايدفع الايفون المكتوب! وإنما حسن الظن بالخالق المعبود! واندفع يجري وتركني في حيرة من أمري... وراعي الأنغام هو أحد أعضاء منتدى آخر
__________________
|
أدوات الموضوع | |
|
|