![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() الكاتب: طلعت رميح تاريخ النشر: الثلاثاء، 10/01/2012 هل أصبحت مصر دولة محتلة؟.. أمريكا وأوروبا ترفض إخضاع منظماتهما في مصر للقانون المصري! -المنظمات الغربية والممولة لا يمكن أن تعمل لمصلحة مصر. مغزى تخصيص أمريكا وأوروبا مليارًا و200 مليون جنيه لنشاط سياسي في مصر بعد ثورة 25 يناير! -وزير الدفاع الأمريكي والخارجية والبيت الأبيض والخارجية الألمانية والكندية وأمين عام الأمم المتحدة يرفضون سيادة مصر على أرضها! -إن لم ترفض مصر وجود كيانات غربية على أرضها لا تخضع للقانون المصري.. نكون قد أصبحنا دولة محتلة. انكشفت لعبة المنظمات الممولة خارجيًا، وظهرت الحقيقة عارية حين انتفضت أمريكا وكندا والدول الأوروبية عن بكرة أبيها للدفاع عن تلك المنظمات، وعن حقوقها في تلقي الأموال من الخارج – دون رقابة من الأجهزة المصرية -وحرية نشاطها في داخل مصر، دون رقابة. انكشفت لعبة تلك المنظمات حين ظهر رعاتها الحقيقيون ومن تعمل لخدمة مصالحهم في داخل بلادنا، إذ لم تكتف الدول الغربية بالدفاع عن حق تلك المنظمات في اختراق القانون المصري، بل هاجمت متخذ القرار في مصر، ووصلت إلى حد إهانة بلدنا وشعبنا بالتهديد بوقف المعونات (للأسف اسمها هكذا)، بما أعاد تذكيرنا بالحالة التي كان عليها الأجانب في مصر خلال زمن المستعمر البريطاني، إذ كانوا فوق القانون، وحيث كان الأجنبي في مصر يحاكم أمام محاكم خاصة لا تخضع لسيادة الدولة المصرية (المحاكم المختلطة). والأخطر الآن أن الغرب انتفض هنا دفاعًا عن وجود منظمات غربية، تعمل على الأرض المصرية، وتمارس كل أنواع الأنشطة السياسية وعمليات جمع المعلومات، دون اعتراف – حتى – بحق الدولة المصرية في مطالبة تلك المنظمات بالحصول على ترخيص مزاولة عملها! لقد كان استمرار تلك المنظمات الأجنبية بالعمل في مصر – أيًا كان نشاطها – دون الحصول على ترخيص بممارسة النشاط، بمثابة اختراق للسيادة المصرية، وإهانة لمصر شعبًا وحكمًا وثورة، وهنا تأتي خطورة الاستنفار الغربي الرسمي والتهديد الذي صدر سافرًا بلا مواربة، إذ نحن أمام موقف من الدول الغربية ينتهك السيادة المصرية ويهين مصر، ويثبت سابقة خطيرة في العلاقات الدولية تطلب فيها الدول الغربية حق عمل مؤسساتها في مصر، خارج إطار القانون المصري، وترفض تطبيق القانون المصري على المنظمات الغربية في مصر، وتهدد بقطع العلاقات الاقتصادية إذا فرضت مصر إجراءات سيادتها على أرضها! ما هو الاحتلال إذن؟ أليس هذا هو "قانون" الاحتلال؟ أليس الاحتلال هو في نهاية المطاف يتجسد في قيام الدولة المستعمرة بكل نشاطاتها في داخل الدولة المحتلة باعتبارها هي التي تتحكم في الدولة التي احتلتها؟! أليس الاحتلال هو حرية عمل المحتل في البلاد التي احتلها؟! احتلال حديث! مرت بلادنا وأمتنا بحالتين أو نموذجين للاحتلال، أولهما بات يطلق عليه مصطلح الاحتلال التقليدي أو القديم، والثاني بات يعرف بالاحتلال الحديث. والاحتلال التقليدي أو القديم هو ذاك الاحتلال العسكري المباشر، إذ يأتي جند الغرب لصراع وعدوان عسكري على البلد، ليجري احتلاله بقوة الحديد والنار بعد هزيمة جيش البلاد، وليصبح المحتل هو صاحب القرار السياسي وواضع القوانين في داخل الدولة المحتلة. وذلك ما جرى عبر التاريخ خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حين احتلت مصر بقوة الجيش البريطاني – بعد محاولتين فاشلتين قام بالأولى الجيش الفرنسي بقيادة نابليون، والثانية قام بها الجيش البريطاني فيما سمي بحملة فريزر – واحتلت الجزائر بقوة الجيش الفرنسي، وليبيا بقوة الجيش الإيطالي، وهكذا الحال في مختلف الدول العربية والإسلامية. لكن ثورات شعوب أمتنا، وكثير من التغيرات التي جرت في الوضع الدولي عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية، أضعفت ملامح قوة الاستعمار الغربي وغيرت الأوضاع في بلادنا، فتحقق ما اصطلح على تسميته بمرحلة الاستقلال والتحرر الوطني، التي كانت عنوانًا لتطور نوعي جديد في الحالة الاستعمارية، سمي بالاستعمار الجديد فاستبدلت أدوات الفعل الحربي العسكري بأدوات الاقتصاد والثقافة وكل وسائل القوة الناعمة، وهو ما تعمق وصار حالات احتلال جديدة، إذ بقي من مرحلة التحرر الوطني والاستقلال أعلام الدول وأشكالها وتمثيلها في الأمم المتحدة كدول لها اسم وعلم ورئيس وسجادة حمراء وطائرات رئاسة.. الخ. في المرحلة الاستعمارية الجديدة انتهكت الحدود والسيادة، وصارت الدول وهياكلها السياسية والثقافية والاقتصادية خاضعة للإملاءات الخارجية، إذ صار اقتصادها يجري وتدور دورته الداخلية من خلال أوامر (وروشتات) صندوق النقد الدولي، فيما سمي بالعودة إلى التبعية الاقتصادية، وصارت النظم السياسية يجري تصميمها وتحديد رموزها تحت الضغط الغربي، وسقطت من القاموس الوطني أمور كثيرة، حتى أن الكثير من القيادات السياسية صارت تستمد مصادر قوتها وحمايتها في داخل مجتمعاتها من عوامل الارتباط بالأجهزة الغربية علنًا، أما ثقافة وهوية المجتمعات فقد تعرضت إلى أخطر عمليات التمييع في كل ملامحها. وكان الأخطر في مجال الاستعمار في تلك الحالة التي جمعت بين "وجود شخصيات في داخل البلاد" تمثل المستعمر ويحميها المستعمر، ويربط كل جهده ودوره بما يجري لها في داخل البلاد، حتى يصل بها إلى احتلال مركز القرار والسيطرة داخل أجهزة الدول وفي علاقات وصراعات صدور القرارات السياسية. منظمات من نوعين! لقد عرفت بلادنا وجود هذا النمط من الشخصيات "المحمية" في نشاطها ودورها داخل البلاد، بقوة وضغوط المستعمر الأمريكي (والأوروبي)، حتى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة هددت مصر في كثير من الحالات بوقف المعونة وقامت بممارسة ضغوط شاملة عليها، بعد حدوث ملاحقات قانونية ضد أفراد من تلك الشخصيات "المحمية". لكن مصر شهدت طفرة في النشاط الغربي في داخلها خلال السنوات الأخيرة، إذ ظهرت أشكال منظمة لكيانات في داخل البلاد – ولم يعد هناك أفراد متفرقون فقط – تتلقى أموالًا من جهات غربية، وتقوم بإنفاذ أجندات غربية في داخل البلاد، سواء في مجالات حقوق الإنسان أو المرأة أو الثقافة. أما الطفرة الأخطر فكانت في فتح مكاتب لمنظمات غربية المنشأ والعضوية والأهداف، في داخل مصر، دون علم أو ترتيب مع السلطات المصرية، وباختراق فظ للسيادة المصرية والقانون والدستور المصري. تلك الكيانات الغربية صارت "قيادة ميدانية" للمنظمات المصرية المتعاونة مع السلطات والأجهزة الغربية على أرض البلاد. وهو ما اتضح سافرًا بعد قيام قاضي التحقيق في ملف منظمات المجتمع المدني بإصدار أوامر لأحد رجال النيابة العامة للقيام بتفتيش مفاجئ لبعض المقرات، لعدد 10 منظمات أهلية، لنكتشف وجود ثلاث منظمات أمريكية هي "المعهد الوطني الديمقراطي"، و"المعهد الجمهوري الدولي"، و"بيت الحرية" ووجود منظمة ألمانية، ووجود فروع لتلك المنظمات في 7 محافظات! القضية هنا.. لا تتعلق بوجود منظمات أهلية مصرية أو من أفراد مصريين يتلقون أموالًا من الخارج لتحقيق أهداف وأغراض سياسية – هي بطبيعة الحال غربية، فمن يدفع المال هو من يحدد المهمة والأهداف – بل ما كشف النقاب عنه من وجود منظمات غربية "صرف" تعمل دون إذن ولا تصريح ولا اتفاق مع السلطات المصرية! وهنا جاءت الدلالات الأخطر حين وقف الغرب على أقدامه منتفضًا ضد محاولة إعمال وتطبيق القانون المصري على تلك المنظمات – في داخل مصر - إذ أصدر وزير الدفاع الأمريكي بيانًا وأدلى بتصريحات، بما يشير إلى طبيعة الاهتمام والتهديد الموجه ضد مصر، كما أصدرت الخارجية والإدارة الأمريكية بيانات وتصريحات إعلامية، وتحركت السفيرة الأمريكية في مصر تطلب إيضاحات وتبلغ اعتراضات، واستدعت الخارجية الألمانية السفير المصري، وتحرك الاتحاد الأوروبي عبر وزيرة الخارجية الأوربية أشتون، ووصل الأمر أن تحركت منظمات الأمم المتحدة (المفوضية العليا لحقوق الإنسان، ومفوضية اللاجئين) كما تحرك الأمين العام للأمم المتحدة! كل ذلك.. لأن القضاء المصري تحرك وفق إجراءات قانونية وقضائية لتفتيش مقار كيانات غير قانونية موجودة على الأراضي المصرية الخاضعة للسيادة المصرية! مليار و200 مليون! هنا لم يظهر حجم الاختراق للسيادة المصرية فقط، ولم تتضح طبيعة القيادة الميدانية الغربية للمنظمات المصرية الممولة أمريكيًا وغربيًا، بل ظهر كذلك الحجم الحقيقي للتمويل الغربي للنشاط السياسي في داخل مصر ما بعد ثورة يناير! فإزاء الهجوم الغربي على القرار القضائي المصري، عقد وزيرا العدل والتعاون الدولي مؤتمرًا صحفيًا، ذكرا فيه رقمًا ماليًا مرعبًا، إذ قيل إن حجم الأموال التي تم رصدها –التي تم رصدها فما بالنا بما لم يرصد – قد بلغ 200 مليون دولار، أي ما يساوي مليارًا و200 مليون جنيه مصري! مليار و200 مليون جنيه جرى تخصيصها لتلك المنظمات ونشاطها في مصر ما بعد ثورة 25 يناير(!) ماذا يكشف هذا الرقم؟! هذا الرقم يكشف حجم الاهتمام بالتغيير في مصر، وحجم الحرص الغربي على تمرير الأجندة الغربية. وهو يكشف حجم الاختراق الواقع في مصر، إذن نحن نتحدث عن إنفاق جرى في مدة لا تصل إلى العام (ما بعد 25 يناير وحتى إعداد تقرير لجنة تقصي الحقائق خلال حكومة د. عصام شرف). وهو يكشف حجم التأثير على الأحداث التي جرت في مصر خلال تلك الفترة، يظهر سر هذا الدفاع والاندفاع الذي شاهدناه لدى من تلقوا المال الغربي، إذ مثل هذا المبلغ يحل لغزًا محيرًا، إذ كان المتابعون يلاحظون استقتالًا من قِبَل من عملوا على تنفيذ الأجندة الغربية، دون إجابة واضحة أو مرضية. وهذا المبلغ ووجود منظمات غربية تعمل في الميدان، يكشف للجميع سر كل المشاهدات التي ذكرت حول وجود أجانب ومشاركتهم في توجيه أعمال ميدانية في مختلف المناطق الملتهبة بالأحداث في مصر خلال تلك الفترة. فإذا أضفنا للبعد المالي هذا التحرك والهجوم السياسي الأمريكي والأوروبي والتهديد والوعيد الذي أطلق ضد مصر، نكتشف طبيعة المؤامرة التي تتعرض لها مصر، وثورة 25 يناير، كما هو يفسر كل تلك الحالة المضطربة التي تعيشها البلاد، ويقدم أسبابًا لما كان الجميع يحتار في فهمه من أحداث وفتن داخلية، وأعمال مسلحة جرت دون تفسير واضح لها، إذ السؤال البديهي الذي يطرح الآن هو: ما العلاقة بين حالة الاضطراب والفوضى والأحداث الخطيرة التي جرت، وعمليات التمويل الأجنبي الذي يأتي من خارج الأطر القانونية أو من خلف ظهر أجهزة الدولة أو من خلف الأجهزة الأمنية والإدارية للدولة؟! الاحتلال.. الاحتلال يبقى الأمر الخطير هنا وفي كل ذلك، هو إصرار الغرب واستنفاره وتشدده في الضغط على الدولة المصرية، على بقاء منظمات غربية في مصر، تعمل خارج إطار الدولة والقانون والدستور، إذ ذلك يعني بالدقة إصرارًا على استثمار حالة ضعف الدولة المصرية ما بعد ثورة 25 يناير، لتحويل البلاد إلى حالة الاحتلال. الأمر الخطر يتعلق بتحويل مصر إلى بلد خاضع للقرار الغربي في داخلها ومن داخلها، لتعمل منظماته وفق أهدافه في داخلها، ويصبح هؤلاء ومن يتعاون معهم في حالة حماية من الملاحقة القانونية في داخل مصر! فإذا لم تقم الدولة المصرية في وضعها الراهن بالإصرار على مواجهة تلك الحالة بكل السبل، حتى لو أدى ذلك إلى تغييرات في السياسة الخارجية، نكون قد أصبحنا في حالة احتلال من نمط الاحتلال الحديث! هي الحرب! يبقى أن نلفت النظر إلى نمط الحروب الحديثة، التي تحقق الاحتلال الحديث! ما نعيشه الآن هو حرب على مصر، بكل معنى الكلمة! مصر تعيش حالة حرب تدافع فيها عن استقلالها، وعن حرية قرارها الداخلي والخارجي، فإذا لم تستطع مصر إنفاذ قانونها في داخل أراضيها، وإذا لم تمتلك حرية قرارها الخارجي المعبر عن مصالح شعبها وأمتها، تكون قد أصبحت في مصاف الدول المحتلة! نحن لا نعيش معركة من أجل وقف عمل هيئات غربية على الأراضي المصرية، ولا نعيش معركة حول استقلال القرار القضائي في إنفاذ القانون، بل نحن نعيش معركة لتخليص مصر من حالة احتلال جارية بالفعل!
__________________
![]() ![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|