منتدى السنة للحوار العربى
 
جديد المواضيع

 مأذون شرعي بمدينة الرياض   Online quran classes for kids   online quran academy   Online Quran School 





العودة   منتدى السنة للحوار العربى > حوارات عامة > موضوعات عامة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2012-11-09, 11:29 AM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-31
المشاركات: 11
ابو العبدين البصري
افتراضي أمالي الجمع شرح القواعد الأربع

http://www.gulfup.com/?LmGqlP
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2012-11-09, 07:22 PM
أبو رافع أبو رافع غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-07
المشاركات: 2
أبو رافع
افتراضي

بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2012-11-09, 08:52 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-31
المشاركات: 11
ابو العبدين البصري
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو رافع مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
وفيك بارك الرحمن أخي .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2012-11-10, 12:42 AM
الصورة الرمزية أبو جهاد الأنصاري
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المشاركات: 3,499
أبو جهاد الأنصاري تم تعطيل التقييم
افتراضي

أخى أبا العبدين برجاء أن تضع محتوى الكتاب هنا نصا .
__________________
قـلــت :
  • من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )).
  • ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
  • ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )).
  • ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ).
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2012-11-10, 01:07 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-31
المشاركات: 11
ابو العبدين البصري
افتراضي أمالي الجمع شرح القواعد الأربع

سلسلة درس الجمعة (1)
حديث صحيح
"إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل"
رواه البخاري ومسلم.
أملاه الفقير إلى مولاه
أبو زيد
عفا الله عنه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ] (آل عمران :102) .
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا](النساء:1).
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أعمالكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] (الأحزاب : 71).
أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد() ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
إن خير علم يطلب ما كان بيانا للغاية التي لأجلها خلقنا، والمقصود الذي لأجله تبعث الرسل إلى الخلق، فإدراك الحكمة في ذلك هي أجل المطالب، لأنك بذلك تعرف حق الله عليك الذي هو أعظم الحقوق على الإطلاق لما فيه من إعطاء العبودية حقها: محبة وخوفا ورجاء ما تصلُح لأجله القلوب والأبدان، وتستقيم الأديان والبلدان، وتكمل السعادتين، وتتحقق النجاة في الدارين، فما أجله من مطلوب وما أعظمه من مقصود .
لا إله إلا الله، أسهل الكلمات نطقا، وأعذبها لفظا وأجلها معنا، في القلب فاقة لا تملؤها إلا هي، وله حاجة لا يسدها مطلوب سواها، فسبحانك اللهم ما أعظم شأنك، وأجل سلطانك، تعاليت عن الأنداد والشركاء، وتنزهت عن النظراء والأكفاء .
وإن من تمام منة الله العظيم علينا وعلى إخواننا أن يسر لنا أن نتدارس في بيان معنى كلمة التوحيد، وبيان حقوقها، ومكملاتها، ولوازم ذلك، وبيان ما يناقضها أصلا أو كمالا. إذ كما قيل: ( العلم بالتذاكر، والجهل بالتناكر).
وكان ذلك في كتب أئمتنا الأجلاء الذين رفعوا ألوية التوحيد، ومشاعل الإيمان، على مدى الأيام والأعوام، فكان بهم نور الإسلام لا يخبو، وسيفه لا ينبو،{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }.
وقد تم لنا من ذلك شرح القواعد الأربع، فكنا نأخذ في كل جمعة درسا، على طريقة الإملاء لما نرجو من نفعها إذ فيها حفظ للعلوم أن يسري عليها النسيان، ولما فيها من تعويد الطالب على الجلد في مطاولة الأزمان والصبر في التحمل والتحصيل، ومعرفة نفع أخذ القليل بعد القليل، فلله الفضل والمنة والإحسان .
وقد زدته شيئا قليلا وسميته: (أمالي الجُمَع شرح القواعد الأربع)، ضمن سلسلة درس الجمعة الذي شرحُنا هذا باكورة ثمارِها نسألُ الله أن يتم علينا النعمة، ويميتنا عليها .
وأعلم أنه ليس لنا فيه إلا الجمع، وإن لم نعز أكثره حتى لا نشتت القارئ، بكثرة الإحالات والهوامش، بل هو كما قال العلامة مقبل الوادعي – رحمه الله - :"فإننا نحن الآن ننقل من كلام أهل العلم، ومن كتب أهل العلم حتى إن كتبي لو أعطيت كل كلمة جناحا وطارت إلى موضعها لبقيت الصفحات بيضاء ."(إجابة السائل على أهم المسائل،ص565).
فمن وجد خللا فليعذر المقل، وليصلح بالعلم والعدل، فما كان فيه من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان .
اللهم اجعله خالصا لوجهك صحيحا على سنة نبيك، نافعا لي في الدارين، ولمن قرأه من عبادك، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
حرره بعد ما أملاه – في:24/رجب/1430 -، أبو زيد العتيبي
ألَّفَ الإمامُ – رحمَهُ اللهُ – تعالى – هذِهِ الرسالةَ وذَكَرَ فيها القواعِدَ الثابتةَ التي لا تتغيرُ في العقيدةِ، فحريُّ بالمسلمِ أنْ يحرصَ عليها لأنَّهُ يجبُ عليهِ أنْ يتعلمَ العقائدَ التي تنجيهِ في الآخرةِ مِنْ النَّارِ وتسكنهُ منازلَ الأبرارِ.
وقد أصَّلَ المؤلفُ – رحمَهُ اللهُ – تعالى – هذهِ القواعدَ على أدلةِ الكتابِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ الصحيحةِ، وهذا مما يُعْظِمُ في النفسِ شأنَ هذهِ الرسالةِ .
فتتجلى أهميتُها في جوانبَ، منها:
1. موضوعها، إذ العقيدة هي أشرفُ موضوعٍ على الإطلاق لأنها تبحث في حق الله – تعالى – الذي هو إفراده بالعبادة، ولأجله خلق الله الخلائق .
2. أدلتها، إذ هي نصوصٌ قطعيةٌ في دلالاتها مأخوذةٌ من مشكاةِ الوحي كتاباً وسنةً .
3. مؤلفها، إذ هو المجددُ للقرن الثاني عشر الذي أطبقَتْ دعوتُهُ – بفضلِ اللهِ تعالى – الخافقين وسرَتْ حيثُ سَرَى الليلُ والنهارُ .
1)
القواعد : جمعُ قاعدةٍ، وهِيَ :
• لغةً : أساسُ الشيء الذي يبنى عليه غيرُهُ، وتُطلقُ – كذلك – على الشيءِ الذي يلزمُ مكانَهُ ولا يتحركُ، ومنه سُمِّي القواعدُ من النساءِ .
• واصطلاحاً : هِيَ "أَمْرٌ كُلِّيٌّ يَنْطَبِقُ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ كَثِيرَةٍ تُفْهَمُ أَحْكَامُهَا مِنْهَا".
ونفهمُ مِنْ هذا التعريفِ أنَّ القاعدةَ موضوعةٌ لجمعِ الفروعِ الكثيرةِ للضبطِ والحفظِ .
الأربع : أي : هذه أربعُ قواعد ثابتة صحيحة، وهي مما يجب على المسلم أن يتعلمها؛ لأنها بيان لأصل عقيدة المسلمين في توحيد ربِّ العلمين، ومنابذة الشرك والمشركين .
تنبيه (1) : لم يقل: (الأربعة) بتاء التأنيث؛ لأن الأصل في الأعداد من الثلاثة إلى التسعة أنها تخالف المعدود تذكيرا وتأنيثا ، مثل: (ثلاث بنات، وثلاثة أولاد). والقواعد مفردها قاعدة وهي مؤنث .
تنبيه (2) : الأصل في هذا العنوان: (القواعد الأربع) أنه جملة اسمية من مبتدأ وخبر، ومبتدؤها محذوف، تقديره :"(هذه) القواعد الأربع"
2)
ابتدأ المؤلف – رحمه الله – بالبسملة :
1. اقتداءً بكتاب الله – جل وعلا – لأنه مفتتح بها .
2. تأسياً بالنبي – صلى الله عليه وسلم – لأنه يبدأ كتبه ورسائله بها .
3. سيراً على طريقة العلماء من السلف الكرام حيث أطبقوا على البداية بها في مصنفاتهم وكتبهم .
تنبيهٌ : يُرْوى حديثٌ في الحثِ على الابتداء بالبسملة رواه الحافظ عبد القادر الرهاوي، (وهو ضعيفٌ جداً) ضعَّفَهُ عددٌ مِنْ الأئمةِ ، انظر – غير مأمور – تفصيلَ القولِ فيه في :"إرواء الغليل:1/29" للعلامةِ المحدِّثِ الألباني – رحمه الله - .
3)
المعنى الإجمالي:
ابتدأَ المؤلفُ – رحمه الله – رسالتَهُ العلميةَ النافعةَ بهذه المقدمةِ المشتملةِ على الرحمةِ إذ أهل السنة هم أعرف الناس بالحق وأرحمهم بالخلق، وكلما اتسع علم الرجل كلما ازدادت رحمته، حتى أن رسالة النبي – صلى الله عليه وسلم – رسالة العلم والهدى، بدليل قوله: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق}الآية[التوبة:33]، قد وُصِفَتْ بالرحمةِ بقوله:{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}[الأنبياء:107]، فقد أرسلَهُ اللهُ بالعلمِ والعملِ، وجعلَ غايةَ الإرسالِ الرحمةَ فدلَ على أنَّ العلمَ الشرعِيِّ مقتضٍ للرحمةِ .
وقد جمَعَ الله – سبحانه – لنبيه الخَضِر – عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام – بينهما في مقامِ الامتنانِ، فقالَ:{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}.[الكهف:65].
فعلى المسلمين عامةً وطلبةِ العلمِ خاصةً أنْ يتحلوا بهذا الهدي العظيم والسَّمْتِ المتين ليكونوا مفاتيح للخير، ودعاة للسنة، وفق الله الجميع لمراضيه .

المعنى التفصيلي:
قوله:
معاني المفردات:
أ‌- [اسأل]: فعل مضارع يفيد الدعاء، أي: أطلب منه ذلك بتضرع وخضوع.
ب‌- [الله]: لفظ الجلالة علم على الرب - تبارك و تعالى – ومعناه المعبود بحق وحده؛ لذلك علق به سؤاله، ووجه إليه دعائه.
ت‌- [الكريم]: صفة لله – تعالى – في هذا الموضع، ويأتي اسما له – سبحانه – ومعناه:" كثير الخير يعم به الشاكر، والكافر، إلا أن شكر نعمه داع للمزيد منها، وكفرها داع لزوالها"، وبهذا فسره السعدي – رحمه الله - .
ث‌- [رب]: صفة لله – تعالى – في هذا الموضع، ويأتي اسما له – سبحانه – ومعناه : المربي جميع عباده، بالتدبير، وأصناف النعم الدنيوية عموماً، والمربي لأصفيائه، بإصلاح قلوبهم، وأرواحهم بنعمة التوفيق خصوصاً.
وصفة الربوبية تتضمن : الخلق والملك والتدبير، وتستلزم الإلهية بأن يعبد الله وحده لا شريك له – سبحانه - .
ج‌- [العرش]: معناه: السرير.
ح‌- [العظيم]: الذي لا أعظم منه لا في قدره وخطره ولا في سعته وكبره .
وقد جاء في عدد من الآيات وصف العرش بالعظيم منها قوله :{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[سورة التوبة: 129].
الفوائد المنتقاة :
هذه المقدمة من المؤلف – رحمه الله – فيها جمل نافعة وتحمل عدة فوائد، منها :
1. إن تقديم الدعاء لشخص قبل دعوته أسلوب نبوي من أساليب الدعوة إلى الله – تعالى - ، والمؤلف – رحمه الله – يريد أن يدعو الناس إلى هذه القواعد العظيمة فيستعين بالله – سبحانه وتعالى – على ذلك بأن يدعو لهم بالهداية، ولهذا يسلك الشيخ – رحمه الله – الأسلوب النبوي في عرض المسائل وبيانها، فإنه يكثر الدعاء للمدعو في أوائل مصنفاته ورسائله ففي أي رسالة من رسائله الدعوية تجد ذلك.
وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – كما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – في الصحيحين - لما جاء الطفيل بن عمرو الدوسي – رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "إن دوسا قد هلكت، عصت وأبت فادع الله عليهم." فظن الناس أنه يدعو عليهم، فقال : " اللهم اهد دوسا وأت بهم " .
ومثله ما صح عن ابن عمر – رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال:" اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب" ،قال: وكان أحبهما إليه عمر."(صحيح سنن الترمذي للألباني، برقم:3681).
فهذا يعتبر من القيام بالواجب الشرعي، مع طلب معونة الله – عز وجل - كما قال – تعالى - :{إياك نعبد وإياك نستعين}. فهو جمع بين العبادة والاستعانة .
فالجدير بطالب العلم أن يسلك نفس هذا الأسلوب في الدعوة إلى الله – تعالى – بأن يسأله – سبحانه – أن يعينه في هداية المدعوين، قال – تعالى - :{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[القصص:56].
2. إن هذا الصنيع من المؤلف – رحمه الله – جمع بين الهدايتين، هداية البيان والدلالة، وهداية التوفيق والإلهام، فتأليفه لهذه الرسالة من باب البيان والدلالة، ودعاؤه من باب طلب التوفيق لمن يدعوه .
3. صدر المؤلف – رحمه الله – دعاءه بجملة من أسماء الله – تعالى – وصفاته، وهذا فيه فوائد منها :
أ‌- إن هذا التوسل أحد أنواع التوسل الجائز بل أعظمها، وهو التوسل بأسماء الله وصفاته، قال – تعالى - :{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}[الأعراف:180].
ب‌- إن من شروط التوسل بأسماء الله وصفاته أن تكون مناسبة لمقتضى الحال؛ لأنها تدل على معان، فعند طلب الرزق و العطاء تدعو بما يدل على ذلك كالرزاق والوهاب والكريم مثلا، وعند طلب الانتقام تدعو بالعزيز والجبار والقهار مثلا، وعند طلب الرحمة والمغفرة تدعو بالرحمن والرحيم والغفور مثلا، وقس على ذلك . . . .
فإن قلت: (يا رحيمُ عليك بالظالمين) عُدَّ هذا اعتداء في الدعاء فيجب أن تدعو بأسماء الله – تعالى – ما يناسب مقتضى حال ما تدعو إليه .
والمؤلف – رحمه الله – سار على هذا الأدب حيث أنه في معرض الطلب ورجاء حصول الخير للغير ذكر من أسماء الله – تعالى وصفاته ما يناسب مقتضى الحال فجاء بـ(الكريم رب العرش العظيم) .
4. افتتاح المؤلف – رحمه الله – بهذه الصيغة في الدعاء اقتبسها قريبا من لفظ حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي وصححه الألباني من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - قال : "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من مسلم يعود مسلما فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا شفي إلا أن يكون قد حضر أجله " .
وهذا يدل على شدة عنايته – رحمه الله – بالتأسي بالسنة ولذلك وفقه الله في دعوته حتى عمت الأرض .
قوله :
معاني المفردات :
1. [أن]: تفسيرية لتبيين الكلام الذي بعدها، وهي التي يكون ما بعدها يتضمن معنى القول قبلها دون حروفه، كقوله – تعالى - :{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}[النحل:36].
2. [يتولاك]: أي: أن يكون الله – تعالى – مولاك في الدنيا والآخرة، وهو القائم على عبده بالكلأ والحفظ، فيحقق له المطلوب الجالب لسعادة الدارين، ويبعد عنه الشرور فيهما، {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا}[محمد:11].
الفوائد المنتقاة :
1. قوله: (في الدنيا والآخرة) يفيد أن من أدب الدعاء أن يسأل الإنسان ربه خيري الدنيا والآخرة، كما في قوله – تعالى - :{ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}[البقرة:201]، وهذا من أعظم الدعاء .
وفي هذا التفاتة : أنه إذا كان مشروعا أن تسأل الله الخير في الدنيا والآخرة فمعنى ذلك: أن لا تكون معرضا عن الدنيا إعراض غلاة الصوفية المذموم، وعليك أن لا تنس نصيبك من الدنيا، فإنما القدح لمن كانت الدنيا في قلبه لا من كانت في يديه مع قيامه بحق العبودية .
ما أعظم الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
قوله:
معاني المفردات :
1. [مباركا]: من البركة وهي كثرة الخير والعطاء والنماء .
2. [أين ما كنت]: تفيد العموم، الشامل لكل مكان يحل فيه المدعو له .
الفوائد المنتقاة :
1. المؤلف – رحمه الله – يقصد بكون المدعو له مباركا: أي: بركة الأقوال والأعمال، لا بركة الذات؛ لأن هذه خاصة بالأنبياء كما كان الصحابة – رضي الله عنهم – يتبركون بشعر النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وملابسه، ومواضع أكله من الطعام والشراب . . . إلى غير ذلك .
ولم يكونوا يتبركون بمثل ذلك بأحد سواه، وإن كان من الصديقين أو الشهداء أو الصالحين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، إلا أن البركة بالصالحين تكون بعلمهم وعملهم، بأن تكون علومهم صحيحة وأعمالهم مستقيمة فينتفع بهم الخلق تعلما واقتداء .
قوله:
معاني المفردات :
1. [أعطي]: من العطاء، وهو ما يهبه الله لخلقه من النعم الكثيرة في الدين والدنيا.
2. [شكر]: الشكر هو: صرف العبد ما أنعم الله به عليه لما خلق لأجله .
3. [ابتلي]: من الابتلاء، وهو: الاختبار ويكون في الخير والشر، والمراد به هنا ما ينال العبد من المصائب .
4. [صبر]: الصبر: الحبس، وحقيقته: حبس القلب عن التسخط، وحبس اللسان عن التشكي، وحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب .
5. [أذنب]: من الذنب، وهو: الإثم والمعصية، وجمعه: ذنوب .
6. [استغفر]: أي: اطلب المغفرة، وهي مأخوذة من المِغْفَر الذي يوضع على الرأس في الحروب ليستره ويقيه السهام والسيوف، فالمغفرة فيها الستر والتجاوز عن العقوبة.
7. [عنوان]: عنوان الشيء هو: ما به ظهوره، وتميزه.
8. [السعادة]: خِلافُ الشَّقاوةِ، وقد (سَعِدَ) سَعْداً وسَعَادَة فهو: (سَعِيدٌ)، نقيضُ شَقِيٍّ، و(سُعِد) بالضم سَعَادة فهو (مَسْعُودٌ) .
الفوائد المنتقاة :
1. يتلخص ما ذكره المؤلف – رحمه الله – في أنه ذكر التكاليف الشرعية في مقابلة الأقدار الكونية، فالأقدار الكونية لا تخرج عن ثلاثة أنواع :
أ‌- عطايا ومواهب .
ب‌- ومصائب .
ت‌- ومعائب .
ويقابلها من الأحكام الشرعية :
أ‌- الشكر .
ب‌- والصبر .
ت‌- والاستغفار .
فالعطايا والمواهب تقابل بالشكر، والمصائب تقابل بالصبر، والمعائب تقابل بالاستغفار، وبذلك تكمل للعبد مراتب عبوديته، وينال من السعادة منتهاها.
ومن أدلة ذلك: ما جاء عَن صُهَيْب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ- : " عجبا لأمر الْمُؤمن ، إِن أمره كُله لَهُ خير ، وَلَيْسَ ذَلِك لأحد إِلَّا لِلْمُؤمنِ : إِن أَصَابَته سراء شكر فَكَانَ خيرا لَهُ ، وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر فَكَانَ خيرا لَهُ " رَوَاهُ مُسلم .
وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ, وَخَيْرُ اَلْخَطَّائِينَ اَلتَّوَّابُونَ ". أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَحسنه الألباني: (صحيح سنن الترمذي، برقم:2499 ).
ملاحظة : - إن المعائب من الأحكام الشرعية؛ لأنها محرمات، والحرام حكم شرعي تكليفي – كما هو معلوم – إلا أنها تعد من الأقدار الكونية؛ وذلك باعتبار أنها وقعت بدليل قوله: (استَغْفَرَ) والاستغفار يكون بعد وقوع الذنب، وما وقع ومضى فهو قدر كوني لذلك يقابل بالاستغفار، أما قبل الوقوع فالذنوب محرمات، وهو حكمها الشرعي ويقابل بالترك؛ لأن المحرم مطلوب تركه شرعا على وجه اللزوم، فتأمل .
2. إن تحقيق الشكر يكون بتكميل مراتبه، وهي :
أ‌- الإقرار بالنعم في باطن العبد وداخله، وذلك باستشعاره في قلبه أنها من الله – تعالى – ونسبتها إليه .
ب‌- التحديث بنعمة الله – تعالى – وإظهاره في العلن وذلك بإشهارها في لسانه أنها من الله – تعالى – ونسبتها إليه .
ت‌- صرف النعم في مرضاة مسديها وواهبها، وجعلها طوع أمره فيها .
3. إن تحقيق الصبر يكون بتكميل مراتبه، وهي :
أ‌- صبر القلب: وهو حبسه عن التسخط للأقدار، وإن تألم بحصولها .
ب‌- صبر اللسان: وهو حبسه عن شكاية الأقدار إلى الخلق، أو إظهار عيب الأقدار وسبها، والتبرم منها .
ت‌- صبر الجوارح: وهو حبسها عن إظهار الجزع: بلطم الخدود، وشق الجيوب، والضرب على الأفخاذ، والصفق بين اليدين تحسرا، ونحوها .
4. إن تحقيق الاستغفار موجب لشروط التوبة، وهي على نوعين :
أ‌- شروط التوبة من حق الله – تعالى - ، وهي:
- الندم على ما مضى من العصيان.
- الإقلاع في الحال عن المعصية .
- العزم على عدم العود بقطع وحزم .
ب‌- شروط التوبة من حق المخلوق، وهي:
- الثلاثة السابقة في شروط التوبة من حق الله – تعالى - .
- مع التحلل من حق المخلوق، برد المظالم، وإرجاع الحقوق، والاستبراء من الأعراض والأموال .
4)
المعنى الإجمالي :
ابتدأ المؤلف – رحمه الله – بتنبيه المدعو ممن تصله رسالته بأسلوب قرآني متين، فقال: (اعلم) ليشعرك بأن ما يلقى عليك هو من الأمور الجديرة بالعلم والعناية فارعي لها سمعك، ثم اتبعها بالدعاء له المشتمل على الرحمة به، ففيها اقتران العلم بالرحمة.
ثم جعل مستهل مطالب هذه الرسالة، المنطلق العام لكل الرسل والأنبياء، فما من نبي ولا رسول إلا كانت بداية دعوته إفراد الله – تعالى – بالعبادة .
وهذا إتباع حقيقي منه للطريق الصحيحة في معالجة الأمم، وإصلاح المجتمعات، طريقة الرسل والأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – لذلك كانت دعوته الإصلاحية الكبيرة مثمرة عم نفعها - بفضل الله – المعمورة، وشملت ما طلعت عليه الشمس .
وبدأ بيان ذلك بذكر الحنيفية ملة أبي الأنبياء، وإمام الموحدين إبراهيم الخليل – عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام – وهي الغاية التي خلق لأجلها العباد: أن لا يعبد إلا الله – سبحانه – فإن إخلاص الدين لله هو أصل الرسالات، ومفتتح الدعوات، وكيف لا يبدأ به وهو حق الله على عبادة بدلالة النصوص الصحيحة والعقول الصريحة والفطر السليمة.
والمتأمل في حال كثير من الخلق أنهم ناقضوا هذه الحقيقة، بارتكاب المخالفات الشركية، فصرفوا العبادات لغير الله – تعالى – فاستغاثوا بالأموات، وشيدوا المزارات، وصرفوا لها النذور والقربات، حتى صارت عندهم أعظم من رب الأرض والسماوات، فلا إله إلا الله، لا رب غيره، ولا معبود سواه .
المعنى التفصيلي :
قوله :
معاني المفردات :
1. [اعلم]: العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً .
2. [أرشدك]: من الرشد، وهو: سلوك طريق الاستقامة .
3. [لطاعته]: الطاعة هي: الامتثال بفعل الأوامر واجتناب النواهي .
4. [الحنيفية]: مأخوذة من الحنف، وهو: الإقبال، فالحنيف: المقبل على الله المعرض عما سواه.
5. [ملة]: أي: دين .
6. [مخلصا]: الإخلاص هو: أن يبتغي المرء بعمله وجه الله – تعالى – رغبة ورهبة.
7. [الدين]: العمل الذي يريد عليه الجزاء.
الفوائد المنتقاة :
1. إن قوله: ( اعلم )، ثم ذكره بعدها للحقيقة الكبرى، وهي إخلاص العبادة لله – تعالى – يعد هذا الأسلوب من أساليب القرآن الكريم، كما في قوله:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد:19]، وقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[هود:14]. وفائدته العناية والاهتمام بما بعد (اعلم) لأنه مما ينبغي أن يعلم.
وفيه بيان لعناية الإمام – رحمه الله – بالتقيد في طريقة تعليمه بما أستطاع من طرق القرآن في الهداية والدلالة، وهذا له الأثر البالغ في نجاح الداعية وبلوغه الغرض المقصود .
2. قوله: (أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين) هذه الحقيقة هي خلاصة الرسالات وهي قطب رحى دعوة الأنبياء، ولأجلها أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل، وبها علقت النجاة في الدارين، وبها أنيطت السعادة في الدنيا والآخرة ، وسيأتينا تفصيل أدلة ذلك بعد قليل – إن شاء الله – تعالى - .
قوله:
معاني المفردات :
1. [و]: الواو هنا استئنافية، أي أن هذه الآية جملة لبداية كلام .
2. [ما]: نافية غير عاملة .
3. [خلقت]: (خلق) فعل ماضي دال على حصول الخلق وتحققه، و(التاء) ضمير الفاعل، وهو المتكلم – سبحانه – ففيه نسبة الخلق إلى الله – تعالى - .
وأصل معنى (الخلق): التقدير، ومنه قولهم :
ولأنت تفري ما خلقت وبعض الناس يخلق ثم لا يفري
أي: تفعل ما قدرته .
4. [الجن]: مفعول به، أي: هم من وقع عليهم الخلق، فهم مخلوقون خلقهم الله .
والجن في اللغة: مأخوذ من الستر والخفاء .
والجن: هم عالم غيبي مخلوقون لعبادة الله – تعالى - .
5. [والإنس]: الواو هنا عاطفة، فالإنس معطوفون على الجن، فكلاهما وقع عليهم الخلق، فهم مخلوقون خلقهم الله .
والإنس في اللغة: مأخوذ من الأُنس، سموا بذلك؛ لأن بعضهم يأنس ببعض، والمقصود بهم هنا بنو آدم .
6. [إلا]: أداة استثناء .
7. [ليعبدون]: اللام – هنا – لام التعليل، أي: أن العلة والغاية من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وحده، وتقدير الآية: وما خلقت الجن والإنس لأي شيء من الأشياء إلا لشيء واحد، وهو عبادة الله – تعالى – لذلك فإن معناها: (لآمرهم وأنهاهم)، وأعظم المأمورات التوحيد، وأعظم المنهيات الشرك .
الفوائد المنتقاة :
1. مسألة: في بيان أن الغاية من إنزال الكتب، وإرسال الرسل هي: عبادة الله وحده لا شريك له .
بيان ذلك يتم في أمرين:
الأمر الأول/ أن تعلم أن النصوص الشرعية من كتاب الله – تعالى قد تضافرت على أن الغاية من إنزال الكتب على الرسل والأنبياء كان لأجل إفراد الله – تعالى – بالعبادة، ودلالة هذه النصوص على نوعين:
أ‌- الدلالة المجملة .
منها: قوله – تعالى - :{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}[النحل:2].
ب‌- الدلالة التفصيلية .
- منها: قوله – تعالى – عن القرآن -:{ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ}[هود:1].
- ومنها: قوله – تعالى – عن التوراة - :{وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا}[الإسراء:2].
الأمر الثاني/ أن تعلم أن النصوص الشرعية من كتاب الله – تعالى قد تضافرت على أن الغاية من إرسال الرسل والأنبياء كان لأجل إفراد الله – تعالى – بالعبادة، ودلالة هذه النصوص على نوعين:
أ‌- الدلالة المجملة .
- منها: قوله – تعالى - :{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:25].
- ومنها: قوله – تعالى - :{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:36].
ب‌- الدلالة التفصيلية .
- منها: قوله – تعالى – عن نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - :{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:64].
- ومنها: قوله – تعالى – عن إبراهيم الخليل - عليه السلام - : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الزخرف:26-28].
- ومنها: قوله – تعالى – عن نوح – عليه السلام - :{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[هود:25-26].
- ومنها: قوله – تعالى عن هود – عليه السلام - :{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}[الأعراف:65].
- ومنها: قوله – تعالى – عن صالح – عليه السلام - :{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:73].
- ومنها: قوله – تعالى – عن شعيب – عليه السلام - :{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:85].
وهذه النصوص من باب المثال لا الاستيعاب، لأنه يطول ومحله الرسائل الكبار، وأعلم أن فائدة حشد الأدلة: زيادة الإيمان، وتعزيز الأدلة لإلزام المخالف، فأحفظها بتدبر .
5)
المعنى الإجمالي :
وجه مناسبة هذه الجمل من رسالة المؤلف – رحمه الله – لما قبلها: أنه لما ذكر أصل الحنيفية التي هي أصل دعوة كل الرسل والأنبياء، والتي تعني: إفراد الله – تعالى – بالعبادة أراد أن يؤكد هنا أن عبادتك لله وإن جئت بها فإنها لن تقبل منك حتى تكون مفردا لله بالعبادة فمن عبد الله وعبد معه غيره من الأولياء والصالحين فإنه قد جاء بما يحبط العمل وينقض العبادة فلا تقبل كما أن الصلاة لا تقبل إلا مع الطهارة وسائر شروط قبولها.
ولأن الجهلة يستشنعون أن يكون من قال لا إله إلا الله وصلى وصام أن يقع في الشرك، وهذه الشبهة مما أثارها خصوم الدعوة على الإمام – رحمه الله – لذلك جعل ردها كالمقدمة للرسالة .
وقد دلت على هذا المعنى جملة من نصوص الكتاب والسنة منها:
1. قوله – تعالى - :{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر:65].
2. وقوله – تعالى -: { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأنعام:88] .
3. وما جاء عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله - تبارك وتعالى - :"أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".( رواه مسلم ).
المعنى التفصيلي :
معاني المفردات :
1. [العبادة]: هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ،كالدعاء والذبح والإيمان بالله ومحبته .
وللعبادة ركنان، لا تكون العبادة عبادة إلا باجتماعهما، وهما:
أ‌- الركن الأول: غاية المحبة .
ب‌- الركن الثاني: غاية الذل .
ولهذا يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في "النونية":
وعبـادة الرحمن غاية حبه ... مع ذلُّ عـابده هما قطبان
وعليهما فَلَك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القطبان
2. [التوحيد]: لغة: مصدر وحد يوحد توحيدا، أي: جعل الشيء واحدا.
وله ركنان لا يتم إلا بهما:
أ‌- الركن الأول: النفي ، ومعناه نفي الحكم عما سوى الموحَّد .
ب‌- الركن الثاني: الإثبات ، ومعناه إثبات الحكم للموحَّد .
مثال في توضيح ذلك:
فلو أردنا أن نفرد زيدا بالقيام فإننا نأتي بالنفي والإثبات، فنقول: لا قائم إلا زيد.
فلو ذكرنا الإثبات وحده لم يكن توحيدا؛ لأنه لا يمنع من مشاركة الغير، فعندما نقول: (زيد قائم) بالإثبات فقط فقد يكون معه من هو قائم – أيضا - .
ولو ذكرنا النفي وحده لم يكن توحيدا؛ لأنه تعطيل محض، فلو قلنا: (لا أحد قائم) بالنفي فقط فقد عطلنا كل أحد عن القيام .
فالتوحيد حقيقته: نفي الحكم عما سوى المذكور وإثباته له؛ ولهذا جاءت كلمة التوحيد مشتملة على الركنين، وهي قول: (لا إله إلا الله).
التوحيد شرعا :
هو: إفراد الله – تعالى – بما يجب له ويختص به من الإلهية والربوبية والأسماء والصفات .
أقسام التوحيد :
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
أ‌- توحيد الإلهية: وهو إفراد الله بأفعال عباده (أي: العبادة).
ب‌- توحيد الربوبية: وهو إفراد الله بأفعاله، من الخلق والملك والتدبير.
ت‌- توحيد الأسماء والصفات: وهو إفراد الله بأسمائه وصفاته الثابتة في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل .
دليلها :
ودليل هذا التقسيم هو: (التتبع والاستقراء)؛ فإن علماء التوحيد تتبعوا نصوص الكتاب والسنة فلم يجدوا غير هذه الأقسام .
3. [الشرك]: هو صرف العبادة لغير الله – تعالى - .
الفوائد المنتقاة :
1. قوله: (أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد)، هذه مسألة في بيان شرط صحة العبادة :
ومعنى الشرط : ما يلزم من عدمه العدم .
مثال ذلك: "لا صلاة بغير طهور" ، لزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة .
ومعنى صحة العبادة: فعل العبادة على وجه تبرأ به الذمة ويسقط به الطلب .
ومعنى هذه المسألة :
أن قبول العبادة له شروط صحة بحيث يلزم من عدم وجود هذه الشروط عدم صحة العبادة، وحينئذ يبقى المكلف مشغول الذمة بها مطالب بفعلها .
وأشار المؤلف – رحمه الله – في هذه المسألة إلى أهم هذه الشروط، وهو التوحيد، ودليله قوله – تعالى - :{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}[النساء:124]، وقوله – سبحانه - :{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:97].
فاشترط مع العمل الصالح، وهو العبادة أن يكون مؤمنا، وهذا هو شرط التوحيد.
وهناك شرطان آخران لصحة العبادة – نذكرهما تتميما للفائدة - :
أ‌- الإخلاص : وهو أن يقصد بالعبادة وجه الله .
ب‌- المتابعة : وهو أن توافق العبادة السنة النبوية قولا وعملا وقصدا.
فتصبح عندنا شروط صحة العبادة ثلاثة .
مثال في تقريب الصورة :
ذكر المؤلف – رحمه الله – مثالا لتقريب هذه الصورة أن الصلاة عبادة ومن شروط صحتها الطهارة، فلا تصح الصلاة إلا بالطهارة، فلو صلى مصل بدون طهارة فلن تقبل صلاته .
وكذلك التوحيد شرط لصحة العبادة فمن فعل العبادة ولم يكن موحدا لم تقبل منه العبادات ولو كانت أمثال الجبال .
وعليه فالصلاة إذا دخل في شرطها ما ينقضه فسد الشرط وفسدت به الصلاة، كدخول الحدث على الطهارة التي هي شرط للصلاة فإنه يفسد الطهارة ومعه تفسد الصلاة، والفاسد من العبادات ما لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب، فيبقى الإنسان مطالبا بها .
وشرط قبول العبادة : التوحيد، إذا دخله الشرك فإنه يفسد كما قال – تعالى - :{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر:65].
وبفساد التوحيد يفسد الإسلام فلا يقبل من صاحبه أي عمل، وإن صلى وصام، نسأل الله العافية.
6)
المعنى الإجمالي :
بين المؤلف – رحمه الله - أن أهم الواجبات على العبد أن يعرف ما يفسد العبادة ويحبطها ويوجب الخلود في النار وهو الشرك ، ليحذره .
وأن الحذر من الشيء لا يكون إلا بعد تصوره تصورا صحيحا، فهو يعرف ليحذر، وقيل في ذلك :
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
وكان حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - يقول : "كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني" .(متفق عليه).
فكلما عظمت معرفة الإنسان بالشرك عظم ابتعاده عنه، لذلك قال إبراهيم – عليه السلام - :{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ}[إبراهيم:35]. فكأنه يقول: اجعلني في جانب، واجعلها في جانب آخر بعيدا عني .
وكذلك فإن معرفة الشرك تُطلب ليكمل تحقيق التوحيد؛ لأن اتضاح التوحيد وتحقيقه لا يكون إلا بمعرفة نقيضه وهو الشرك الأكبر أو نقيض كماله وهو الشرك الأصغر والخفي ومنه قيل: وبضدها تتميز الأشياء .
ويقرر هذا الأصل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بقوله : "يوشك أن تُنْقَض عُرى الإسلام عُروة عُروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية".(منهاج السنة).
المعنى التفصيلي :
قوله:
معاني المفردات :
1. [الشبكة]: من آلات الصائد في البر والبحر وجمعها شبك وشباك، واشتقاقها من (الشَّبَك) وهو: تشابُك الأمر وتداخله.
والمراد بها – هنا – (شَرَك) الشيطان، أي: مصائده، ومنه الحديث [ أعوذُ بك من شَرِّ الشيطان وشِرْكِه ] أي: ما يَدْعو إليه ويُوَسْوِسُ به من الإشْرَاك باللّه تعالى . ويُرْوى بفتح الشين والراء : أي حَباَئِله ومَصاَيده التي يفتتن بها الناس. واحدها شَرَكة .
الفوائد المنتقاة :
1. هذه جملة رجاء ، فهو يطلب شيئا ممكنا حصوله إلا أن السياق يوحي بأن حصول هذا الأمر عزيز في الأمة، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :" ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟ الشرك الخفي : أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل" ( حسنه الألباني: في صحيح الجامع، رقم : 2607 ).
فالشرك مداخله دقيقة ومتشعبة، وقد يدخل على الإنسان من حيث لا يشعر فكان من أهم الواجبات معرفته .
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. إن هذه الآية هي في بيان من لم يتب من الشرك وسائر الذنوب، فإن كان ذنبه الشرك؛ فإنه لا يغفر، وإن كان ذنبه دون الشرك فهو تحت المشيئة، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه.
وأما مع التوبة فكل الذنوب يغفرها الله كما قال – تعالى - :{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }. [سورة الزمر: 53].
2. إن الشرك الذي لا يغفره الله كما في الآية إلا بتوبة نصوح هو الشرك الأكبر و الأصغر على الصحيح؛ لأنه جاء في الآية: (أن يشرك) وهو مصدر مؤول، تقديره: إشراكا، فيكون معنى الآية: إن الله لا يغفر إشراكا به .
و(إشراكا) نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، ومعنى العموم: أن كلمة إشراكاً تشمل كل نوع من أنواع الشرك سواء كان شركا أكبر أو أصغر أو خفيا .
المعنى الإجمالي :
إن فهم هذه القاعدة من ضروريات الإسلام ومن الواجبات العلمية التي لابد من معرفتها فإن جهل كثير من الناس بها قد أوقعهم في الشرك الصريح المناقض للإسلام .
وسبب ذلك: أن الكثير من الناس يظنون أن المشركين الذين بعث فيهم النبي – صلى الله عليه وسلم – من كفار قريش ومشركي العرب في مكة وما حولها كانوا لا يعرفون الله – سبحانه – ويظنون أنهم يعتقدون في الأصنام التي يصنعونها من الحجارة أو الطين أو التمر - أحياناً - هي التي تخلقهم وترزقهم وتدبر أمرهم ويظنون أنهم لذلك يصرفون لها العبادات من الدعاء والاستغاثات والذبائح والنذور والقربات . . . الخ
ولهذا نشأ عند هؤلاء فهم خاطئ للإسلام والتوحيد فظنوا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بعث ليبين لهم أن الخالق هو الله – سبحانه – وأن هذه الأصنام لا تخلق ولا ترزق ولا تدبر الأمر . ونتيجة لهذا الفهم السقيم الفاسد ظنوا أن التوحيد هو إثبات: (أن الله قادر على الاختراع والخلق) فافنوا في ذلك أعمارهم دون إفراده بالعبادة.
وكل هذه الظنون فاسدة فإن من عرف حقيقة رسالة النبي – صلى الله عليه وسلم – علم يقينا أنه بعث يدعوهم إلى إفراد الله – سبحانه – بالعبادة بأن لا يدعوا إلا الله، ولا يحلفوا إلا به، ولا ينذروا إلا له، ولا يلجؤوا إلا إليه . . . الخ
بدليل أن كلمة الإسلام هي: (لا إله إلا الله)، والإله هو: المعبود .
قال – تعالى - : :{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:25].
ولم تأت بنفي الربوبية للأصنام مثل: (لا رب إلا الله) لأن المشركين كانوا يقرون أن الله هو الخالق والرازق والمدبر للأمر ولا شيء من ذلك للأصنام، بل كانوا يتقربون بها إلى الله.
قال – تعالى - :{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}[الزمر:3]..
ففي قوله: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ }.
إثبات أنهم كانوا يعبدونهم، وأن هذه العبادة كانت غايتها أنهم يطلبون القرب من الله – تعالى - ففيها دليل أنهم يقرون بالله – سبحانه - ، وأن شركهم في عبادتهم لغير الله .
لذلك استدل المؤلف – رحمه الله – بآية قاطعة للنزاع وهي "قوله تعالى: { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ } أي: من السماء بالمطر، ومن الأرض بالنبات، { أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَار } أي: من إعطائكم السمع والأبصار، { وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } يخرج الحي من النطفة والنطفة من الحي، { وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ } أي: يقضي الأمر، { فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ } هو الذي يفعل هذه الأشياء، { فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ } أفلا تخافون عقابه في شرككم؟ وقيل: أفلا تتقون الشرك مع هذا الإقرار؟."(تفسير البغوي:4/132).
المعنى التفصيلي :
معاني المفردات :
1. [الكفار]: جمع كافر، مشتق من الكفر .
والكفر لغة: الستر والتغطية، ومنه قيل للزُّرَّاع: كفار، لأنهم يغطون البذرة تحت الأرض ويسترونها، كما في قوله: { أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ }[الحديد:20]، أي: الزُّرَّاع .
والكفر شرعاً: جحد شيء مما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – أو تكذيبه وإنكاره، أو الاستكبار عليه، أو معاندته، أو الشك فيه، أو الإعراض عنه .
فالكافر الخارج عن ملة الإسلام هو كل من وقع في واحد من هذه الأنواع الستة، بمعنى: أن من جحد شيئا مما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – أو كذبه أو استكبر عليه أو عانده أو شك فيه أو أعرض عنه، فهو كافر كفرا أكبر .
ويستوي في ذلك من لم يدخل في الإسلام ابتداء لتلبسه بواحد منها، ومن دخل في الإسلام ثم طرأ عليه أحد هذه الأنواع فإنه ينتقض إسلامه بذلك .
تنبيه بالغ الأهمية :
إن للتكفير إضافة لهذه الأسباب شروطا وموانع، فلا يتحقق الكفر في شخص معين إلا بوجود أسبابه وتحقق شروطه وانتفاء موانعه .
وأعلم أن التكفير حكم شرعي ليس من شأن الجهلة وعوام الناس وأشباه المتعلمين وطلبة العلم، وإنما هو راجع للعلماء الراسخين والقضاة الشرعيين .
2. [رسول الله]: المراد به نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - .
والرسول في اللغة : كل من بعث برسالة .
وشرعاً: إنسان ذكر حر أوحي إليه بشرع جديد .
وأما النبي: فهو إنسان ذكر حر أوحي إليه لتجديد شرع من قبله .
3. [السمع]: إدراك الأصوات .
4. [الأبصار]: جمع بصر، وهو: إدراك المرئيات .
5. [الحي]: الإنسان الحي والأنعام والبهائم الأحياء .
6. [الميت]: النطفة .
ومعناها على ما استصوبه الطبري – رحمه الله - : :"يخرج الإنسان الحيّ والأنعام والبهائم الأحياءَ من النُّطف الميتة، وذلك إخراجُ الحيّ من الميت، ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي والأنعام والبهائم الأحياء، وذلك إخراج الميت من الحيّ".
وذلك أن كل حيّ فارقه شيء من جسده، فذلك الذي فارقه منه ميت. فالنطفة ميتة لمفارقتها جسد من خرجت منه، ثم ينشئ الله منها إنسانًا حيًا وبهائمَ وأنعامًا أحياءً. وكذلك حكم كل شيء حيّ زايله شيء منه، فالذي زَايله منه ميت. وذلك هو نظير قوله:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[سورة البقرة: 28]." (تفسير الطبري:6/309).
الفوائد المنتقاة :
1. قوله: ( قاتلهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ).
من الأدلة على أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد قاتل الكفار، قوله :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [سورة التوبة: 73 / سورة التحريم: 9].
وقوله:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}.[البقرة: 193].
والفتنة هي الشرك .
ومنه ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" .
2. قوله: (يُقِرُّون بأنّ الله تعالى هو الخالِق المدبِّر).
اعلم أنه يرد في عبارات بعض العلماء أن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية أو أنهم يقرون أن الله هو الخالق المدبر كما في عبارة المؤلف – رحمه الله – فليس هو الإيمان الكامل لأنه ليس إقراراً بالربوبية الكاملة، وإنما هو إقرار بمطلق الربوبية، أي: بشيء منها، ومن الأدلة على ذلك :
أ‌- أنهم لو كان إيمانهم بالربوبية إيمانا كاملا للزم منه أنهم لا يعبدون إلا الله، فلما وقعوا في الشرك دل على أن إقرارهم بالربوبية فيه نقص .
ب‌- أنهم ينكرون بعض خصائص الربوبية فليس إيمانهم بها كاملا، كإنكارهم البعث بعد الموت، قال الله – تعالى - :{فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}[ق:2-3].وغيرها من الآيات .
3. ذكر الأدلة التي تعضد القاعدة من كون المشركين يقرون بأن الله هو الخالق والرازق والمدبر؛ لتتضح القاعدة، وتتجلى الحجة، وليست من باب الاستقصاء .
أ‌- قال – تعالى - :{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ }[سورة الزمر: 38].
ب‌- وقال – تعالى - :{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}.[سورة لقمان:25].
ت‌- قال – تعالى - :{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}[العنكبوت:61].
ث‌- قال – تعالى - :{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف:9].
ج‌- قال – تعالى - :{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}. [سورة الزخرف: 87].
ح‌- قال – تعالى - :{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:106]، قال ابن عباس:"من إيمانهم، إذا قيل لهم: مَن خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله . وهم مشركون."(تفسير الطبري:16/286).
خ‌- قال – تعالى - :{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}[العنكبوت:63].
د‌- قال – تعالى - :{ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة:22]. قال ابن عباس – رضي الله عنهما - :"لا تشركوا بالله غيرَه من الأنداد التي لا تَنفع ولا تضرّ، وأنتم تعلمون أنه لا ربّ لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه." (تفسير الطبري:1/370).
ذ‌- قال – تعالى - :{ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}[سورة المؤمنون].
ر‌- قال – تعالى - :{ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}[العنكبوت:65].
فكونهم يدعون الله في الشدة دليل على اعترافهم بربوبيته في الخلق والتدبير .
4. قوله: (وأنّ ذلك لم يُدْخِلْهم في الإسلام).
كون هذا الإقرار لم يدخلهم في الإسلام هو من ضروريات دين المسلمين؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – مع إقرارهم هذا قد قاتلهم واستحل دماءهم واستباح ذراريهم ونساءهم ؛ لأنه أمر بذلك كما في الأدلة السابقة .
5. مما يستفاد من هذه القاعدة أنه لا يحكم بإسلام من تلفظ بما يدل على الربوبية كإقراره بوجود الله – تعالى - ، أو نسبة وقوع الأشياء إلى قدر الله، أو أن الخالق هو الله ، حتى يضم إلى ذلك توحيد العبادة بأن لا يعبد إلا الله – سبحانه - .
المعنى الإجمالي :
جاء المؤلف – رحمه الله – بهذه القاعدة في هذا الترتيب لمناسبة ظاهرة، وذلك أن من كان يعتقد أن الشرك الذي حرمه الله وأوجب لصاحبه الخلود في النار، هو جعل الأصنام والأوثان خالقة ورازقة ومدبرة للأمر، وهي شبهة عظيمة أوغل أصحابها في الشرك بسبب جهلهم بحقيقة الرسالة النبوية، وقد فندها وبين بطلانها في القاعدة الأولى .
جاء على إثرها سؤال هنا، هو في حقيقته اعتراض على القاعدة الأولى مفاده: إذا كان المشركون يقرون بأن الخالق لهم والرازق ومدبر الأمر هو الله وحده، ولا نصيب في ذلك للأصنام والأوثان فكيف كفرهم واستباح دماءهم ؟!
وهل من يفرد الله بالخلق والرزق والتدبير يكفر ويستباح الدم والمال؟!
فوضع الإمام – رحمه الله – هذه القاعدة الثانية تلو الأولى لترفع مثل هذا اللبس وتبين حقيقة شرك المشركين الذي أوجب لهم الخزي في الدارين، وأنه كان بعبادتهم غير الله ، وذلك متمثل في صورتين (طلب القربة)، و(طلب الشفاعة).
وبهذه القاعدة يتضح أن الإقرار بكون الله – تعالى – وحده الخالق والرازق والمدبر للأمر لا يعصم الدم والمال ولا يوجب النجاة حتى يضم معه حق العبودية لله بأن لا يعبد إلا الله – سبحانه - ، وأن يتخلص من مظاهر الشرك جميعا، والمعصوم من عصم الله .
المعنى التفصيلي :
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. هذه القاعدة تُوضِّح حقيقة شرك المشركين، بأنه صرف العبادة لغير الله وهي مأخوذة من قوله عنهم: (ما دعوناهم وتوجهنا إليهم)، وذلك محصور في أمرين أثنين هما:
- طلب القربة .
- طلب الشفاعة .
فهذان الأمران هما مقصد الشرك، فإن المشركين لما صرفوا العبادات لغير الله تعالى كان مقصودهم التقرب إلى الله واتخاذ الشفعاء والوسطاء إليه – سبحانه -، ولم يكن قصدهم مطلقا أن هذه الآلهة تخلق أو ترزق أو تدبر الأمر .
والأدلة على ذلك ما جاء في قول المؤلف – رحمه الله - :
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. بيان أن مقصد أهل الشرك هو: (طلب القربة إلى الله) لقوله:{لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ}.
2. إن اتخاذ الأولياء من دون الله بصرف العبادة إليهم شرك أكبر سواء كانوا أشجارا أو أحجارا أو قبورا أو أنبياء أو ملائكة أو صالحين، تؤخذ من قوله: { اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} .
3. إن حقيقة شرك الأولين كانت متحققة فيمن صرف العبادة لغير الله – تعالى – وهي تشمل الدعاء والذبح والنذر والمحبة والخوف والرجاء والرغبة والرهبة والخشوع والإنابة والاستسلام . . . .الخ ، تؤخذ من قوله:{ نَعْبُدُهُمْ}.
4. إنهم كانوا يعترفون بالله أي: بأنه الخالق الرازق المدبر – كما سبق – بدليل أنهم يصرفون العبادة لغيره ليقربوهم – بزعمهم – إليه، وتأمل قوله: {لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ}.
5. اعتقاد أن أحداً يقرب إلى الله إذا صرفت له العبادة كذب وافتراء، فلا حقيقة لذلك؛ لأن الله يقول:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ} فوصفهم بالكذب .
6. اعتقاد أن أحدا يقرب إلى الله إذا صرفت له العبادة كفر، بدليل قوله – تعالى - :{كَفَّارٌ}
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. بيان أن مقصد أهل الشرك هو: (طلب الشفاعة) لقوله: {شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}.
2. في هذه الآية بيان لحقيقة الشرك الذي وقع فيه الأولون، وهو صرف العبادة لغير الله من دعاء ورجاء ونحوهما لقوله – تعالى - :{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
3. إن المعبودات من دون الله – عز وجل - لا تضر ولا تنفع من دعاها وعبدها لقوله – تعالى - :{مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}، ومثله قوله – تعالى - :{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر:14]، وقوله – تعالى - :{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الأنعام:17]، وقوله – تعالى - :{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[يونس:107].
4. أن المشركين يقرون بوجود الله – تعالى – لقوله :{عِنْدَ اللَّهِ}.
قوله:
معاني المفردات :
1. [الشفاعة]: لغة: من الشفع وهو ضد الوتر .
ومعناها: التوسط عند الغير بضم جاه شخص مع آخر في طلب حاجة .
والحاجة: إما تحصيل منفعة أو دفع مضرة .
الفوائد المنتقاة :
1. الشفاعة بصورة عامة تنقسم على قسمين :
- القسم الأول/ شفاعة عند المخلوق :
وهي التي تكون بين الخلق في أن يشفع بعضهم لبعض عند بعض .
وهي نوعان:
أ‌- شفاعة حسنة: هي التوسط عند شخص لآخر في جلب منفعة له أو دفع مضرة عنه .
وهي: إما جائزة أو مستحبة أو واجبة كما لو توقف عليها استرداد حق أو دفع حيف ونحوه، ودليلها قوله – تعالى-:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}[النساء:85].
ب‌- شفاعة سيئة: هي التوسط عند شخص لآخر بما يوجب ظلما للغير أو تضييع حقه .
ودليلها قوله – تعالى - :{وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا}[النساء:85].
- القسم الثاني/ شفاعة عند الخالق : وهي المرادة في هذه القاعدة وهي شفاعتان :
شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة .
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. قوله: (ما كانت تطلب من غير الله)، وذلك مثل قولهم: (اشفع لنا يا رسول الله)، أو (اشفع لنا يا علي)، أو (اشفع لنا يا عبد القادر) . . . ونحو ذلك .
ومن هذا نفهم أنها لو طلبت من الله لكانت جائزة، مثل أن تقول: (يا الله شفع فيَّ نبيك).
2. قوله: (فيما لا يقدر عليه إلا الله)، وذلك كدخول الجنة، والخروج من النار، أو الرزق من الأموال والأولاد، أو دفع البلاء والضراء . . . ونحو ذلك .
ومن هذا نفهم أنها إذا كانت تطلب من (حي حاضر، غير غائب أو ميت، ومن قادر، غير عاجز) فإنها مشروعة وجائزة.
- فإن شفع له عند الله وهو حاضر غير غائب ولا ميت، فهو من باب الدعاء، والتوسل بدعاء الرجل الصالح الحي الحاضر ثابت بدليل الكتاب والسنة .
- وإن شفع له عند مخلوق، فإن كان في مباح فجائزة، وإن كانت في محرم فممنوعة، على ما مر بيانه في الشفاعة الحسنة والشفاعة السيئة .
3. وجه الدلالة من الآية على الشفاعة المنفية، قوله: { وَلَا شَفَاعَةٌ}،فـ(لا) هنا نافية . أي: أن الله ينفي الشفاعة التي تطلب من غيره فيما لا يقدر عليه سواه، وهي التي كان يطلبها المشركون من آلهتهم، والتي تكون بغير إذن الله وبغير رضاه .
ومثل ذلك قوله – تعالى - :{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر:48]، وقوله – تعالى- :{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}[البقرة:123].
الفوائد المنتقاة :
1. قوله: (هي التي تطلب من الله)؛ لأنها من خصائص الربوبية، فهي لا تطلب إلا ممن بيده الأمر، والملك ، العالم بعباده، الذي هو أرحم بهم من أنفسهم، قال – تعالى - :{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[الزمر:43-44].
2. قوله: (الشافع مكرم بالشفاعة)، أي: أن الله – سبحانه وتعالى – عندما يأذن بالشفاعة ويقبلها من عباده الصالحين إنما يقبلها لأجل إكرامهم وإظهار منزلتهم بين العالمين، وإلا فالأمر كله لله وحده .
ودليل هاتين النقطتين ما ثبت في الصحيحين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث الشفاعة العظمى – قال:" فأقول أنا لها وأنطلق فاستأذن على ربي فيؤذن لي فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه الله ثم أخر له ساجداً فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع".
3. شروط الشفاعة المثبتة :
أ‌- شروط المشفع فيه: يشترط في المشفع فيه حتى تقبل الشفاعة أن يرضى الله عنه، والدليل قوله – تعالى - :{وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى}.[سورة الأنبياء: 28].
ب‌- شروط الشافع: يشترط في الشافع حتى تقبل شفاعته في غيره أمران:
- أن يرضى الله عنه .
- أن يأذن الله له .
والدليل قوله – تعالى - :{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}[النجم:26].
المعنى الإجمالي :
جاء المؤلف – رحمه الله – بهذه القاعدة على هذا الترتيب لأن الحجاج الشرعي يقتضي ذلك فإنه :
• في القاعدة الأولى بين: أن المشركين يقرون بأن الله – تعالى – هو الخالق والرازق والمدبر . . . الخ، وهنا يرد سؤال: إذا كانوا يقرون بذلك كيف كانوا مشركين مستباحي الدم والمال .
• فجاءت القاعدة الثانية ترد على هذا السؤال: بأن شركهم الذي أباح دماءهم وأموالهم كان بصرفهم العبادة لغير الله بطلبهم القربة والشفاعة .
وهنا يرد اعتراض آخر ممن وقع في الشرك في هذه الأزمان، بأن يقول: أن هذا كان شركا لأنهم طلبوها من الأصنام والأوثان، أما نحن فنطلبها من الأولياء والصالحين الذين ثبتت لهم الشفاعة بأدلة الكتاب والسنة .
• فجاءت القاعدة الثالثة لترد على هذا الزعم وتبين: أن الشرك، هو: صرف العبادة لغير الله أيا كان المعبود ملكا مقربا أو نبيا مرسلا أو صالحا مبجلا فضلا عن غيرهم من الأحجار والأشجار . . . الخ .
المعنى التفصيلي :
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. قوله: [ظهر] مقتبسة من قوله – تعالى - :{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:33]. ففي هذه اللفظة تظهر براعة المؤلف – رحمه الله – وشدة إتباعه للألفاظ الشرعية، لأنه ذكر هذه اللفظة في سياق البعثة والإرسال للنبي – صلى الله عليه وسلم – إلى قوم يعبدون الأوثان فأختار لفظ الظهور دون غيره لأنه علة إرساله – عليه الصلاة والسلام – لقوله:{لِيُظْهِرَهُ}.
2. قوله: [أناس] يريد بهم المؤلف – رحمه الله – من كانوا على الشرك ومن بقوا عليه؛ فإن هؤلاء يقال عنهم: (أناس) أو (الناس) فقط بخلاف من دخل في دين الله، فإنه يقال عنه: (مؤمن) أو (مسلم) وهذه هي طريقة القرآن كما في قوله – تعالى - :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:21]، وقوله – سبحانه - :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}[الحج:73]. وهذا في الغالب .
3. قوله: [متفرقين] ودليلها قوله – تعالى - :{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم:31-32]. وهذه العلامة هي من أهم الأوصاف المبينة لأهل الشرك والباطل: أن أقوالهم مختلفة وآراءهم مضطربة وقلوبهم مشتتة، وإن كنت تراهم في صف واحد، كما قال – تعالى - :{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}[الحشر:14].
وذلك ناتج من أن مصدر الباطل هو الأهواء، وهي مصادر مخلوطة .
أما أهل الحق فمصدرهم الوحي وهو قول الله الخالق، قال – تعالى - :{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}.[سورة النساء: 82].
4. قوله: [في عباداتهم] يقصد بها معبوداتهم، بدليل ما بعدها .
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. هذا بيان للواقع الذي كان عليه المشركون، وفيه رد للشبهة القائلة: أن المشركين عبدوا الأصنام والأحجار، وأما من وقع في الشرك في هذه الأزمان فإنهم طلبوا الشفاعة من الأولياء والصالحين فكيف تجعلون الصالحين كالأصنام.
ويغلوا بعضهم ويقول: أنتم تنكرون شفاعة الأولياء، وتبغضون الصالحين حتى روجوا الشرك بين الجهلة والعوام، وهذا من أعظم البهتان، وأكبر الضلال، فإن محبة الأولياء والصالحين تكون بمتابعتهم والإقتداء بهم لا في عبادتهم وسؤالهم.
ولهذا جاءت هذه القاعدة مبينة فساد هذا الظن، وكاشفة عن حقيقة الشرك الذي حرمه الله وأنه كان في عبادة الأنبياء والملائكة والصالحين، كما هو في عبادة الأشجار والأحجار والشمس والقمر لا فرق بين هذا وهذا .
2. قوله: [الملائكة]: جمع ملك، مأخوذ من الألوكة، وهي: الرسالة .
وهم أجسام نورانية خلقهم الله لعبادته وطاعته وتنفيذ أوامره، فكل منهم موكل بعمله.
ومن مراتب الإيمان بهم .
أ‌- المرتبة الأولى/ أن نؤمن بوجودهم وصفاتهم على الإجمال كما ورد ذلك في الكتاب والسنة .
ب‌- المرتبة الثانية/
- أن نؤمن بأسماء من ذكرت أسماؤهم، أو ذكروا بأوصافهم على التفصيل، كجبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت وملك الأرحام .
- وأن نؤمن بصفات من ذكرت صفاتهم على التفصيل، كجبريل – عليه السلام – أن له :" له ستمائة جناحٍ" (متفق عليه).
- وأن نؤمن بأعمال من ذكرت أعمالهم على التفصيل، وأعظمهم ثلاثة – وهم الموكلون بالحياة -:
1) جبريل – عليه السلام – موكل بحياة القلوب لأنه مبلغ الوحي للرسل والأنبياء .
2) ميكائيل – عليه السلام – موكل بحياة الحيوان والنبات لأنه مرسل بالقطر .
3) إسرافيل – عليه السلام – موكل بحياة الأبدان عند البعث لأنه النافخ في الصور .
3. قوله: [الأنبياء]: جمع نبي، ولغة له معنيان:
- أصله: النبأ، أي: الخبر، فالنبي مخبر بوحي الله .
- أصله: نبا ينبوا إذا أرتفع، فالنبي مرتفع برتبة النبوة .
وأما شرعا فسبق بيانه، ومن مراتب الإيمان بهم :
أ‌- المرتبة الأولى/ الإيمان المجمل بهم: بأنهم صادقون لا يَكْذِبُون، ومخلوقون لا يُعْبَدُون، وإنما يبلغون وحي الله – تعالى – لأممهم وأقوامهم، وأن على من أرسلوا إليه إتباعهم .
ب‌- المرتبة الثانية/ أن نؤمن بالتفصيل بأسماء من ذكرت لنا أسماؤهم، وهم خمسة وعشرون، جمعوا في هذا النظم :
فِي " تِلْكَ حُجَّتُنَا " مِنْهُمْ ثَمَـانِيَةٌ ... مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ وَيَبْقَى سَبْعَةٌ وَهُـمُ
إِدْرِيسُ هُودٌ شُعَيْبٌ صَالِحٌ وَكَذَا ... ذُو الْكِفْلِ آدَمُ بِالْمُخْتَارِ قَدْ خُتِمُوا
وخاتمهم نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – فهو الذي ختمت شريعته كل الشرائع، فلا عذر لأحد بلغته رسالته إلا أن يؤمن به ويتبعه من الإنس والجن العرب والعجم .
4. قوله [الصالحين]: جمع صالح، وهو كل من امتثل شرع الله بفعل أوامره واجتناب زواجره. وله حق أن يوالى، ويحب في الله قدر صلاحه، ولكنه لا يعبد ولا يحلف به ولا يلجأ عند الشدائد إليه .
5. قوله [الأشجار والأحجار . . . الشمس والقمر]: هذه الأشياء معلومة .
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. لقد قاتل النبي – صلى الله عليه وسلم – المشركين بعد الهجرة مدة عشر سنين لم يفرق بين ملل الكفر، فَالْغَزَوَاتُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ، قَاتَلَ مِنْهَا بنفسه فِي تِسْعٍ : بَدْرٍ، وَأُحُدٍ، وَالْخَنْدَقِ، وَقُرَيْظَةَ، وَالْمُصْطَلِقِ، وَخَيْبَرَ، وَالْفَتْحِ، وَحُنَيْنٍ، وَالطّائِف ِ .
وَأَمّا سَرَايَاهُ وَبُعُوثُهُ فَقَرِيبٌ مِنْ سِتّينَ، أنفذها جميعا لإقامة الملة العوجاء وإرجاعها إلى الحنيفية السمحاء، لا فرق في ذلك بين من عبد ملكا، أو نبيا، أو صالحا، أو شجرا، أو حجرا، أو شمسا، أو قمرا .
2. القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ }
"قال أبو جعفر: يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: وقاتلوا المشركين الذين يقاتلونكم حتى لا تكون فتنة يعني: حتى لا يكون شركٌ بالله، وحتى لا يُعبد دونه أحدٌ، وتضمحلَّ عبادة الأوثان والآلهة والأنداد، وتكونَ العبادة والطاعة لله وحده دون غيره من الأصنام والأوثان، كما قال قتادة."(تفسير الطبري:3/570).
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. إن الليل والنهار والشمس والقمر من آيات الله – تعالى - ، أي: العلامات الدالة على ربوبيته المستلزمة ألا يعبد غيره ولا يدعا أحد سواه.
[align=center]وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد[/align]
2. في قوله – تعالى - :{لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ} دليل على أن هذه الآيات العظيمة قد عبدت من دون الله – تعالى – لذلك جاء النهي عن هذا الفعل لكونه شركا، وهذا هو موطن استدلال المؤلف – رحمه الله – على أن كل من صرفت له العبادة كالسجود مثلا فهو إله يعبد من دون الله – تعالى – وليس ذلك خاصا بالأصنام كما يظنه الجهلة.
3. قوله – تعالى - :{الَّذِي خَلَقَهُنَّ} صفة كاشفة تفيد التعليل، أي: لأنه خلقهن، وهذا من الاستدلال بالربوبية على استحقاقه الإلهية والإنفراد بالعبودية .
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. إن كل من صرفت له العبادة فهو إله يعبد من دون الله، ومنهم الملائكة بدليل قوله:{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا}، وهذا هو موطن استدلال المؤلف – رحمه الله – في رده على الشبهة المثارة عند عباد الأولياء من الأنبياء والصالحين: أن الشرك هو عبادة الأصنام، فأبطلت الآية شبهتهم؛ لأن الملائكة من الصالحين والأولياء وصرف العبادة لهم شرك يخرج عن دائرة الإسلام .
2. في قوله – تعالى - :{أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ} دليل على أن صرف العبادة للملائكة و الأنبياء كفر؛ لأنه شرك بالله – تعالى - .
3. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :" فَإِذَا جُعِلَ مَنْ اتَّخَذَ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا كَافِرًا فَكَيْفَ مَنْ اتَّخَذَ مَنْ دُونَهُمْ مِنْ الْمَشَايِخِ وَغَيْرِهِمْ أَرْبَابًا وَتَفْصِيلُ الْقَوْلِ : أَنَّ مَطْلُوبَ الْعَبْدِ إنْ كَانَ مِنْ الْأُمُورُ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى : مِثْلُ أَنْ يَطْلُبَ شِفَاءَ مَرِيضِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ أَوْ وَفَاءَ دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ عَافِيَةَ أَهْلِهِ وَمَا بِهِ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَانْتِصَارَهُ عَلَى عَدُوِّهِ وَهِدَايَةَ قَلْبِهِ وَغُفْرَانَ ذَنْبِهِ أَوْ دُخُولَهُ الْجَنَّةَ أَوْ نَجَاتَهُ مِنْ النَّارِ أَوْ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَالْقُرْآنَ أَوْ أَنْ يُصْلِحَ قَلْبَهُ وَيُحَسِّنَ خُلُقَهُ وَيُزَكِّيَ نَفْسَهُ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ : فَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُطْلَبَ إلَّا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِمَلِكِ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا شَيْخٍ - سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا - اغْفِرْ ذَنْبِي وَلَا اُنْصُرْنِي عَلَى عَدُوِّي وَلَا اشْفِ مَرِيضِي وَلَا عَافِنِي أَوْ عَافِ أَهْلِي أَوْ دَابَّتِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَمَنْ سَأَلَ ذَلِكَ مَخْلُوقًا كَائِنًا مَنْ كَانَ فَهُوَ مُشْرِكٌ بِرَبِّهِ مَنْ جِنْسِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالتَّمَاثِيلَ الَّتِي يُصَوِّرُونَهَا عَلَى صُوَرِهِمْ وَمِنْ جِنْسِ دُعَاءِ النَّصَارَى لِلْمَسِيحِ وَأُمِّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } الْآيَةُ وَقَالَ تَعَالَى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }."(مجموع الفتاوى:26/68).
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. إن صرف العبادة لشيء أيا كان يصيره إلها معبودا من دون الله، لقوله – تعالى -:{اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ}[المائدة:116].
2. ومما يستفاد أن النبي مهما عظم قدره وعلت منزلته فهو مخلوق مربوب لا يُعْبَد، فعيسى ابن مريم – عليهما السلام – هو نبي عظيم، ورسول جليل ومع ذلك فهو عبد لا يعبد .
3. في هذه الآية رد على شبهة عباد الأولياء من الأنبياء والصالحين: بأن الشرك عبادة الحجر والشجر، وأما صرف العبادة للأنبياء والصالحين فهو توسل بهم لا عبادة.
فهذا مردود؛ لأن الله – سبحانه – جعل صرف العبادة لنبيه عيسى ابن مريم – عليه السلام – يجعله إلها يعبد من دون الله – تعالى - ، وهذا موطن استدلال المؤلف – رحمه الله – في الرد على الشبهة السابقة .
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. قوله – تعالى - :{يَدْعُونَ} تحتمل: دعاء العبادة، ودعاء المسألة .
فسواء صرفت لهم عبادة، أو طلبت منهم حاجة مما لا يقدر عليه إلا الله فقد اتخذتهم آلهة تعبد من دون الله – تعالى - .
2. إن الدعاء عبادة ويوضحها الآية التي قبلها:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا}، ويدل عليه قوله – تعالى - :{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا}[مريم:48]، ثم قال – جل وعلا – بعدها :{فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[مريم:49]، فدل ذلك على أن الدعاء عبادة، وكذلك قوله – تعالى - :{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.[سورة غافر: 60].
3. إن أصح قولي أهل العلم في سبب نزول هذه الآية، هو ما أختاره ابن جرير الطبري – رحمه الله - ، وأقره ابن كثير – رحمه الله – عليه: ما رواه البخاري – رحمه الله – بسنده، عن ابن مسعود – رضي الله عنه – في قوله – تعالى - :{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ... }الآية [الإسراء:57]. :"قال: "أناس من الجن كانوا يعبدون فاسلموا" وفي رواية – قال -: "ناس من الأنس يعبدون ناس من الجن فاسلم الجن، وتمسك هؤلاء بدينهم". (تفسير ابن كثير:5/88).
4. إن معنى الوسيلة: القربة، قال ابن كثير – رحمه الله - :"والوسيلة هي: القربة، كما قال قتادة، ولهذا قال – تعالى - :{أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}." (تفسير ابن كثير:5/89 ).
5. في قوله – تعالى - :{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} الجمع بين الخوف والرجاء، وهي أكمل حال يكون عليها العبد لذلك وصف الله – تعالى – بها أنبياءه، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء:90].
قال ابن كثير – رحمه الله - :" لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء، فبالخوف ينكف عن المناهي، وبالرجاء يكثر من الطاعات ." (تفسير ابن كثير:5/89 ).
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. وجه الدلالة من هذه الآية على قصد المؤلف – رحمه الله – بالاستدلال بها: أن اللات صخرة، والعزى شجرة، ومناة صنم، وتوضيح ذلك ما ذكره ابن كثير – رحمه الله - في "تفسير:سورة النجم(7/455-456)" :
أ‌- "اللات: صخرة بيضاء منقوشة، وعليها بيت بالطائف، وله أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش."
ب‌- العزى: "وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، كانت قريش يعظمونها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزَّى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم".
ت‌- مناة: "كانت بالمُشَلَّل - عند قُدَيد، بين مكة والمدينة - وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويُهلّون منها للحج إلى الكعبة. وروى البخاري عن عائشة نحوه."
قال ابن كثير – رحمه الله - :"وقد كانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر تعظمها العرب كتعظيم الكعبة غير هذه الثلاثة التي نص عليها في كتابه العزيز، وإنما أفرد هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها."(التفسير:7/456).
2. موطن الشاهد من استدلال المؤلف – رحمه الله – بهذه الأدلة: أن صرف العبادة لأي شيء حتى لو كان شجرا كالعزى والشجرة التي ينوط المشركون بها أسلحتهم، أو حجرا كاللات، أو صنما كمناة فإنه يصيرها آلهة تعبد من دون الله – سبحانه - .
3. قوله: "ونحن حدثاء عهد بكفر" فيه استحباب ذكر الإنسان للعذر الذي يبرؤه من تعمد الوقوع في الخطأ صيانة لعرضه .
4. إن من الأعمال التي تصير الشيء إلها يعبد من دون الله: العكوف عنده واعتقاد أن البركة تنزل حوله، لذلك كان مظهر الشرك عند أولئك أنهم يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم طلبا للبركة .
5. حديث أبي واقد الليثي رواه الترمذي برقم: (2180)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، وفي صحيح ظلال الجنة ( 76 ) ، والمشكاة ( 5369 ).
المعنى الإجمالي :
جاء المؤلف – رحمه الله - بهذه القاعدة في هذا الترتيب لمناسبة ظاهرة، فيها دقة في توضيح الحق، فإنه في القواعد الثلاث السابقة بين صورة الشرك من جهة المشابهة والمطابقة، أي: أن أهل الزمان ممن وقع في الشرك مستحق لوصف الشرك من باب المساواة لكونهم ساووا المشركين الأولين في المعتقدات والأعمال .
وأما هذه القاعدة فبينت أن أهل الزمان ممن وقع في الشرك مستحق له ممن باب أولى لغلظ الشرك عندهم .
وشرح ذلك: أن الواقعين في الشرك في هذه الأزمنة يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق والمدبر للأمر، وهذا مشابه لما كان عليه المشركون الأولون.
وأهل هذا الزمان صرفوا العبادات للأولياء من الأنبياء والصالحين لطلب القرب من الله وليشفعوا لهم، وهذا مشابه لما كان عليه المشركون الأولون .
وأهل هذا الزمان منهم من يعبد الأنبياء والصالحين ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ومنهم من يعبد الملائكة، وهذا مشابه لما كان عليه المشركون الأولون .
وفي هذه القاعدة زيادة تقرير لبيان أن ما يفعله أهل هذا الزمان أنه الشرك الصراح الذي حرمه الله ولعن فاعله، وأوجب له الخلود في النار. وهذا البيان من باب اللزوم بالأولى، فإن المشرك في الزمن الأول يخلص في الشدة ويشرك في الرخاء، وأهل هذا الزمان يشركون في الرخاء والشدة، فهم أحق بوصف الشرك من الأولين مع اشتراكهم في الوصف، فكيف يزعمون أنهم غير مشركين ؟!.
المعنى التفصيلي :
قوله:
الفوائد المنتقاة :
1. جواز إطلاق وصف الشرك على من تلبس من المسلمين بأفعال شركية، وذلك باعتبار ظاهر حاله لا باعتبار إنزال الحكم عليه إلا بعد إقامة الحجة؛ لأن القاعدة في إنزال الحكم على المعين كالآتي: [الحكم المعلق على الأوصاف لا ينطبق على الأشخاص إلا بتحقق شروطه، وانتفاء موانعه].
وتوضيح ذلك :
أ‌- (الحكم): هو كل ما حكم به الله ورسوله، كالكفر والشرك والبدعة والفسق .
ب‌- الوصف الذي عُلِّق عليه الحكم، كدعاء غير الله الذي عُلِّق عليه الكفر، أو إحداث أمر في الدين لم يكن عليه النبي – عليه الصلاة والسلام – ولا صحابته، كالجهر بالصلاة على النبي بعد الأذان الذي علق عليه الابتداع، أو شرب الخمر الذي علق عليه الفسق، وفي الصور الثلاث ما ذكرناه أمثلة يقاس عليها غيرها .
ت‌- (الشخص): المقصود به كل من تلبس بوصف من الأنواع الثلاثة السابقة .
ث‌- (تحقق الشروط): أي: الشروط المقيمة للحجة المانعة للعذر، كالعلم، والقصد للفعل .
ج‌- (انتفاء الموانع): أي: لا بد في إقامة الحجة من زوال ما يمنع منها، وهي أربعة أشياء: (الجهل، والنسيان، والتأويل والإكراه).
ح‌- أن هذه المهمة، وهي تنزيل الأحكام على المعينين لا يقوم بها إلا العلماء الراسخون في العلم، أو القضاة الشرعيون .
2. قوله:[أغلظ]: نستفيد منه أن الشرك دركات بعضها أشد من بعض، كما أن الإيمان درجات بعضها أعلى من بعض .
3. تنبيه : المراد بالمقارنة – هنا – في جانب حقيقة الشرك، الذي هو: صرف العبادة لغير الله. لا المقارنة من كل وجه إذ من المعلوم أن الأولين قاتلوا النبي – صلى الله عليه وسلم – ووأدوا البنات . . . وغيرهما مما لم يفعله أهل زماننا .
4. من الوجوه التي تدل على أن شرك أهل الزمان أغلظ من الأولين غير ما ذكره:
أ‌- أن الأولين يعرفون معنى لا إله إلا الله، وأهل الزمان لا يعرفونها .
ب‌- أن الأولين يقرون بمجمل الربوبية، وأهل الزمان منهم من يشرك بالربوبية، كاعتقاد علم الأولياء للغيب، وأن بيدهم الضر والنفع، بل صرح بعضهم بأن لهم ولاية تكوينية يسيطرون بها على ذرات الكون .
ت‌- أن الأولين ينكرون القرآن لحماية شركهم، وأهل الزمان يجعلون القرآن داع للشرك بتحريف معناه، وتأويله التأويل الفاسد .
الفوائد المنتقاة :
1. قال ابن كثير – رحمه الله - :"أخبر تعالى عن المشركين أنهم عند الاضطرار يدعونه وحده لا شريك له، فهلا يكون هذا منهم دائما، { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } كقوله { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } [الإسراء: :67] . وقال هاهنا: { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } .
وقد ذكر محمد بن إسحاق، عن عكرمة بن أبي جهل: أنه لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ذهب فارًّا منها، فلما ركب في البحر ليذهب إلى الحبشة، اضطربت بهم السفينة، فقال أهلها: يا قوم، أخلصوا لربكم الدعاء، فإنه لا ينجي هاهنا إلا هو. فقال عكرمة: والله إن كان لا ينجي في البحر غيره، فإنه لا يُنَجّي غيره في البر أيضا، اللهم لك عليَّ عهد لئن خرجتُ لأذهبن فلأضعَنّ يدي في يد محمد فلأجدنه رؤوفًا رحيما، وكان كذلك."(تفسير ابن كثير: 6/294-295).
2. الآية دلت على أحد طرفي المقارنة، وهم المشركون الأولون، وأما مشركوا زماننا فقد دل عليهم شاهد الحال، وما دل عليه الواقع فما له من دافع .
قوله:
معاني المفردات :
1. [تمت]: تَمَّ الشَّيْءُ يَتِمُّ بِالْكَسْرِ تَكَمَّلَتْ أَجْزَاؤُهُ وَتَمَّ الشَّهْرُ كَمَلَتْ عِدَّةُ أَيَّامِهِ، وتتمة كل شيء ما يكون تمام غايته.
2. [صلى الله]: صلاة الله على عبده: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى .
ومن الملائكة: الاستغفار، ومنا: الدعاء .
3. [آله]: لها معنيان :
أ‌- عند التجرد: بأن لا يضم معها غيرها تكون بمعنى أتباعه على دينه .
ب‌- عند الاقتران بالصحب تكون بمعنى من حرمت عليه الصدقة من قرابته – صلى الله عليه وسلم – ممن آمنوا به .
4. [صحبه]: جمع صاحب، كركب جمع راكب، والصحابي: كل من لقي النبي – صلى الله عليه وسلم – مؤمنا به ومات على ذلك، وإن تخللته رده على الصحيح.
5. [وسلم]: التسليم: التخلص من الشر والسوء، والمعنى أنك تدعو بأن يسلمه من كل الشرور، وهو في مقابلة الصلاة التي هي إعطاء الخير، ففي الجمع بينهما يكون تحصيل المحبوب، ودفع المكروه .
[align=center]والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك[/align]
فهرست الموضوعات
1. المقدمة .................................................. .........................2
2. أهمية الرسالة .................................................. ..................4
3. شرح العنوان........................................... ...........................5
4. البداية بالبسملة .................................................. ................6
5. اسأل الله ...المعنى الإجمالي .................................................. ......7
6. معاني المفردات .................................................. .................8
7. الفوائد المنتقاة .................................................. ..................9
8. أن يتولاك ...معاني المفردات .................................................. ...11
9. الفوائد .................................................. .......................11
10. وأن يجعلك ... معاني المفردات والفوائد المنتقاة ....................................12
11. ممن إذا أعطي ...معاني المفردات والفوائد المنتقاة ...................................13
12. أعلم أرشدك الله ...المعنى الإجمالي ................................................16
13. معاني المفردات والفوائد المنتقاة .................................................. .17
14. وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ومعاني المفردات ..............................18
15. الفوائد المنتقاة .................................................. ................19
16. أن الله خلقك لعبادته والمعنى الإجمالي .............................................21
17. معاني المفردات .................................................. ...............22
18. الفوائد المنتقاة .................................................. ................23
19. أن الشرك إذا خالط العبادة والمعنى الإجمالي ........................................25
20. يخلصك من الشبكة ومعاني المفردات والفوائد المنتقاة ...............................26
21. إن الله لا يغفر أن يشرك به والفوائد المنتقاة ........................................27
22. القاعدة الأولى والمعنى الإجمالي .................................................. ..28
23. معاني المفردات .................................................. ...............30
24. الفوائد المنتقاة .................................................. ................31
25. القاعدة الثانية .................................................. .................34
26. المعنى الإجمالي .................................................. .................35
27. المعنى التفصيلي وفوائده .................................................. ........36
28. الشفاعة المنفية .................................................. ................39
29. الشفاعة المثبتة .................................................. ................40
30. القاعدة الثالثة .................................................. .................41
31. المعنى الإجمالي .................................................. .................43
32. المعنى التفصيلي وفوائده .................................................. ........44
33. القاعدة الرابعة .................................................. ................54
34. المعنى الإجمالي .................................................. .................54
35. المعنى التفصيلي وفوائده........................................... ................55
36. الخاتمة .................................................. ........................58
37. الفهرست .................................................. ....................59
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب


 اشتراك falcon iptv   جهاز كشف الذهب   تأمين زيارة عائلية   Best Advocate in Dubai   خبير تسويق الكتروني   افضل اشتراك ‏iptv‏ بدون تقطيع   سطحة شمال الرياض   سطحة بين المدن   سطحه شرق الرياض   شحن السيارات   سطحة هيدروليك   شركة نقل السيارات بين المدن   أرخص شركة شحن سيارات   شركة شحن سيارات   شراء سيارات تشليح   بيع سيارة تشليح 
 الاسطورة   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   شركة عزل شينكو بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة كشف تسربات المياه 
 متجر نقتدي   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد   yalla shoot   يلا شوت   yalla shoot   سوريا لايف 
 اشتراك hulk iptv   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   برشلونة مباشر   فني سخانات مركزية   عقارات   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   يلا كورة 
 تطبيقات ألعاب   فني سيراميك   شركة صيانة افران بالرياض   best metal detector for gold   جهاز كشف الذهب   شركة مكافحة الحشرات   شركة سياحة في روسيا   بنشر متنقل   شركة تصميم مواقع   Online Quran Classes 
 صيانة غسالات خميس مشيط   صيانة غسالات المدينة   صيانة مكيفات المدينة   صيانة ثلاجات المدينة   صيانة غسالات الطائف   صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات مكة المكرمة   صيانة ثلاجات مكة المكرمة   صيانة مكيفات مكة   صيانة مكيفات جدة   صيانة مكيفات المدينة   صيانة مكيفات تبوك   صيانة مكيفات بريدة   سباك المدينة المنورة 
 اسعار مظلات حدائق   شركة تنظيف المنازل بجدة   شركة تنظيف بجدة   شركة رش الحشرات بجدة   شركة تنظيف فلل بجدة 
 شركة مقاولات   اسعار تنسيق حدائق   غسيل اثاث في الرياض   كشف تسربات المياه مجانا   لحام خزانات فيبر جلاس بالرياض   شركة تخزين عفش بالرياض   برنامج ارسال رسائل الواتساب   شركة تسليك مجاري بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   yalla shoot english   اشتراك hulk iptv   اشتراك كاسبر 
 certified translation office in Jeddah   حسابات تيليجرام   سنابات السعودية   نشر سنابات السعودية   شركة تنظيف خزانات بمكة   شركة نقل عفش بمكة   شركة كشف تسربات المياه بالرياض   خدمة مكافحة النمل الأبيض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف بخميس مشيط   الاسطورة لبث المباريات   yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   مباريات اليوم مباشر   Koora live   تشليح   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة 
 اشتراك كاسبر الرسمي   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 

شركة صيانة افران بالرياض

 كشف تسربات المياه    شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   شركة مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تسليك مجاري بالرياض   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة عزل اسطح بجدة   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف   دعاء القنوت 
معلوماتي || فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| شو ون شو

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
الساعة الآن »11:53 AM.
راسل الإدارة -الحوار العربي - الأرشيف - الأعلى