جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الشيخ محمود غريب في ذمة الله/د. أكرم عبدالرزاق المشهداني
الشيخ محمود غريب الذي تخرج على يديه آلاف الشباب المؤمن في العراق.. في ذمة الله الدكتور أكرم عبدالرزاق المشهداني بمزيد من الحزن والأسى نعت الأخبار إلينا وفاة الأستاذ الداعية والمربي الشيخ محمود غريب الذي وافته المنية أثر مرض عضال.. عرفته بغداد وسائر مدن العراق واعظاً ومربياً وخطيباً ومرشدا، سنوات السبعينات من القرن الماضي، حيث كان خطيبا وإماما بجامع آل بنية في الكرخ بين عامي 1974 و 1981 وكانت دروسه المتميزة تستقطب الآلاف من الرجال والنساء كبارا وصغارا، كانت أمنيته قبل أن يموت في صلالة بسلطنة عمان أن يدفن في بغداد التي أحبها وعشقها.
عرفته مساجد العراق من البصرة إلى زاخو خطيبا وواعظا، بارعاً وداعيةً واعياً ومربياً فريداً، عاش محباً للعراق وفياً لأهله دائم الدعاء للعراق وللعراقيين حتى بعد أن (أخرج) عنوة من العراق بدسيسة من جهة ما، بالقصة المعروفة، وكان يجيد الدعابة ومن دعاباته أنه كان يدعو الله فيقول ((اللهم إنّ العراق مريض بالكرم... أسألك اللهم أن لا تشافيه منه!!)).. ولئن رحل عنا الشيخ الجليل محمود غريب فإن آثاره الطيبة خالدة لا تمحى، منهج دعوي طيب، وكتب قيمة خطها بقلمه، وترك لنا آثاراً طيبة في جيل كامل تربى على يديه في حب القرآن، وآلاف المحاضرات المسجلة ومكتبة صوتية ثمينة من الدروس المتنوعة في التفسير والسيرة النبوية يتداولها العراقيون من سبعينات القرن الماضي حتى اليوم. أسير بحب بغداد وأهلها: كان شيئا يبعث على السرور والإنشراح أن تقوم قناة فضائية عراقية (هي الرافدين) بإستذكار فضائل الشيخ المجاهد محمود غريب على أهل بغداد وأهل العراق، من خلال نشاطه الدعوي الإسلامي الذي أدى إلى هداية وإرشاد المئات بل الآلاف من العراقيين نساء ورجالا، من خلال دروسه ومواعظه التي كان يلقيها في سبعينات القرن الماضي في جامع آل بنيّة بالكرخ، حتى صار الجامع مقصداً لعشرات الألوف من الافراد والعوائل من جميع أنحاء بغداد بل ومن جميع أنحاء العراق لما وهبه الله لهذا الشيخ الجليل من قدرة رائعة على الوعظ والإرشاد والإفتاء والنصيحة والأمر الطيب أن القناة اطلقت عليه وعلى سلسلة لقاءاته التافزيونية (أسير بغداد) لأنه مأسور بحب بغداد وأهل بغداد يرحمه الله.. محنة الشيخ في تهمة باطلة: ربما كان هناك من جيل الشباب من لا يتذكر قصة محنة الشيخ محمود غريب الذي أطلقت عليه القناة تسمية (أسير بغداد) وهي نعم التسمية، ليس لما لاقاه من عنت التعذيب على أيدي الأجهزة الأمنية آنذاك بسبب وشاية كاذبة، بل لأنه أسير بحب بغداد وأهل بغداد، وأهل العراق رغم كل مالاقاه من عنت وعذاب الأجهزة التي أغضبتها وأقلقتها هذه الحشود الهائلة من الشباب والصغار والرجال والنساء التي تفد إلى جامع إبن بنية لتستمع الى الشيخ الجليل محمود غريب، وتأثر به الآلاف من العراقيين ممن كانوا آنذاك بأعمار صغيرة وتعلموا دروس القرآن وحفظوا القرآن على يدي هذا الداعية المجاهد. وكانت باصات تنطلق من وإلى المسجد لإيصال المئات من الأطفال من مختلف أنحاء بغداد وعلى نفقة ميسورين أخيار ومجانا من أجل حضور دروس تحفيظ القرآن التي يقيمها الشيخ الراحل. كان الشيخ غريب أول من فتح باب تعليم القرآن للصغار وللنساء في المساجد، بعد أن لم تكن من قبل، ويعتبر هو صاحب أعظم حملة ايمانية في العراق منذ سبعينات القرن الماضي، وكان ذلك في جامع آل بنيه في منطقة العلاوي، ولكن للاسف كان هناك من أغاضهم تجمّع الشباب والصغار والكبار في حلقات القرآن لدى الشيخ في جامع بنية، فإتهموه بالتواطؤ مع إيران وأنه ينتمي لحزب الدعوة (!!) وهي تهمة سخيفة بل ومضحكة، وهم يعلمون أنه أبعد ما يكون عن إيران وطائفيتها. حتى قاموا بأمر دُبِّر بليل من جهاز الامن.. واستطاع الشيخ رحمه الله الخروج من العراق عن طريق الموصل ثم الى الخارج بمساعدة الأخيار من العراقيين الذين لم يذكرهم الشيخ الا بعد سقوط النظام السابق خشية عليهم... ماذا يقول الشيخ الراحل في أهل العراق؟ يقول الشيخ في إبتداء حديثه: الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، ثم اما بعد ، سلام على أهل العراق في رخاءه ومحنته، وعلى كل تلميذ من تلاميذ القرآن في جامع إبن بنية، يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حياً، اعرف ان في كل بلد أوفياء يُزينون شعوبهم، اما أن يخلق الله شعباً كاملاً على خلق الوفاء.. شعباً كاملا.. مليئاً بالكرم .. فهذا ما يخضع لقانون الندرة في الاخلاق. من هو الشيخ محمود غريب ؟ الشيخ الجليل محمود محمد غريب، مواليد 12-11-1940، زوج لامرأة رحلت الى ربها وآثرت جواره الكريم في 28-3-2001 وقد اكرمه الله منها بمصطفى وتيسير. كان في صغره صانعا للمفاتيح متفرغاً لهذا العمل 17 سنة، درس خلال هذه المدة بالازهر الشريف حتى أتم الدراسات العليا وهو يعمل صانعا للمفاتيح. وقد جعله ذلك يتحمّل الجمع بين مشقة العمل في الصنعة والدراسة وحبه للدعوة الى الله. وكان يؤمن أن الدعوة لا بد أن تكون على علم (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )). لأن الله سبحانه امرنا ان نأمر بالمعروف ولم يبين لنا ما هو المعروف وان نعمل الخير { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } بدأ الشيخ غريب حياته العلمية واتجاهه الخطابي البارع وكان الاول في دورته في الخطابة على مصر ومن أبرز اساتذته كان كل من الشيوخ: عبد العال احمد عبد العال، والامام محمد ابوزهرة، والامام محمدالغزالي، والشيخ محمد عبد الله مصطفى ناجي والشيخ منصور عويس - رضي الله عنهم اجمعين- ويرى الشيخ أنه لم يستطع ان يعطي تلاميذه ما اعطاه له اساتذته. بدأت حياة الشيخ في الدعوة في 17-3-1957 وكان طالبا بالثانية اعدادي بمعهد الزقازيق الديني. وحصل بفضل الله على اولوية الازهر الشريف للخطابة في 24-4-1966 على مستوى المعاهد الازهرية والبحوث الاسلامية وعلى شباب متنافسين جاءوا من 73 دولة اسلامية يدرسون في مصر. أما عن أبرز العلماء الذين تأثر بهم الشيخ غريب في الخطابة وفي الدعوة في مصر والعراق فقال: أبرز العلماء الذين تأثرت بهم في الخطابة الشيخ خلف السيد وكيل الازهر الشريف كان يسمحلي ان اشاركه الندوات وانا صانع مفاتيح وطالب بالقسم الاعدادي. ثم الاستاذالامام محمد الغزالي الذي رشحني للعمل في العراق واصر في اختياري لهذا العمل الكبير -رضي الله عنه- وقصة هذا الامر بينه وبين الرجل الكريم الحاج عبد الوهاب محمود جاسم البنية حفظه الله. حكاية الشيخ محمود غريب في بغداد: وحين سُئل الشيخ غريب عن شعوره بعد أن تم عقد عمله في بغداد وهو لم يرها من قبل، وهل كان يراوده شيء للعمل الدعوي في بغداد؟ قال الشيخ محمود غريب: يعلم الله اني رأيت العراق وجامع بنية - كما هو- في رؤيا بالمنام... وقيل لي لماذا تخاف؟ انت هناك ستخدم 12 الف مسلم فسألته: هل يوجد في العراق مطاعم ((فول مدمس وفلافل)) قال لي: بل يوجد (كبّة !!)، ((عرضت الرؤيا على احد شيوخي فقال: فول وفلافل و12 الف مسلم سافر يا محمود، فهي رحلة واسعة في الدعوة ضيقة في الدنيا، ولكن اقسم بالله انها كانت دنيا ودين- والحمد لله- . دخلت بغداد في 24-4-1974 وفتحنا جامع البنية 29-5-1974 وفي هذاالشهر كلفني استاذي الدكتور محمد السيد ندا استاذي بالدراسات العليا بكلية اصول الدين وكان يخطب الجمعة بالشيخ عبد القادر الجيلاني كلفني بخطبة الجمعة بالشيخ الجيلاني رضي الله عنه. كان لي درس يومي الاثنين والخميس درس الاثنين كان تفسيراً موضعياً للقرآن الكريم لان القرآن يجمع كل الطوائف في العراق، ودرس الخميس للنساء، سلام على تلميذات القران لقد بدأت بخمس من الاخوات الدارسات ويوم خرجت من العراق كان جامع بنية وحده يسع الف امرأة. يقول الشيخ الراحل: (ويحسن هنا ان اؤكد ضرورة وجود النساء في المسجد فمن يربي اولادنا على العمل الاسلامي الحركي اذا لم تربيّه أُمّه المؤمنة الفاهمة لدينها. إن احدى تلميذات القران حدثتني هذا الاسبوع عن فخرها باستشهاد ولدها في بطولات الفلوجة واعتقال اخيها وابنتها الكبيرة، سلام على تلميذات القران، وسلام على اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما فهي ام المجاهدات الصابرات. ). الحاج رشيد الهجو: وعن من يتذكر من الرجال في تلك الفترة ؟ يقول الشيخ أشهد بالله ان رجلا واحد مثل رشيد عبد الرزاق الهجو يزن في حياتي كل رجال الدنيا، والله اعلم بما قدم لي يوم ان خطط لهروبي ولكن الله رزقني ان اعتصم به، واستغني بالله، واعيش امدح ذكرى هذا الرجل العظيم سبعاً من السنوات الخضر بينكم زرعتها وأبو الغيث ينهمر. وبقية من الرجال لا يتكرر مثلهم في دنيا الناس، ورحم الله اخي احمد مهدي الحلي الذي جند نفسه في خدمتي. والشاب الشيخ محمود علي الفلاحي الذي كان خلف كل نجاح لي في الدعوة، جاءني في الايام الاولى من وجودي ببغداد وقال لي: (( هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا )) قلت له: (( انك لن تستطيع معي صبرا )) قال: (( ستجدني ان شاء الله صابرا ولا اعصي لك امرا )) وكان كما وعد. حفظ الله تلاميذ القرآن الدكتور فؤاد خليل العاني الذي سمعني في اخر درس القيته في 23-11-1981 عن قوله تعالى (( ان المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم انهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا.... )) ووقفت على قوله تعالى (( كانوا قليلا )) فوقف الطالب فؤاد في انفعال شديد: من اين اتيت بهذا الوقف العظيم؟ فقلت له من كتاب ((زاد المسير في علم التفسير)). وفي العراق من فضل الله استطاع الشباب الجاد ان يحافظ على اكثر من الف شريط عندما وضعوها في صندوق كبير ووضعوها في حديقة في بيت احد الرجال حتى مضت المحنة .... وعادت كلمة الله الى الشعب الوفي شعب العراق العظيم. لماذا فزعت أجهزة الأمن من محمود غريب؟ يقول جوابا على سؤال: كيف تعاملت معك الدولة آنذاك خاصة مع قوة انتشار الدعوة وكثرة مرتادي دروسك في جامع بن بنية؟ بعد افتتاح جامع بنية باسبوعين فـَزَعت احدى الصحف اليومية، ونشرت مقالا لكاتب طائفي يُحَذّر من جامع البنية ومن تجمّع آلاف الشباب فيه ... فخدمتني هذه الجريدة اعلاميا خدمة كبيرة. لقد كانت دورات تحفيظ القرآن الكريم في جامع البنية في العطلة الصيفية ؟ فقد كانت دارا آمنة للشباب المسلم الذي يريد خدمة القران، كانوا يخلعون ملابسهم ونغسل مدرسة التربية الاسلامية في المنصور ولو أردنا عمالا للنظافة لجاءنا الكثير، ولكن الشباب الجامعي يريد خدمة الاسلام. انها فرحة العمل الاسلامي وحماس الشباب لخدمة الاسلام الذين يملكون طاقات لا غنى للامة عنها وعن كرم أهل القرى والأرياف يتحدث الشيخ محمود غريب: كرم اهل القرى او مبالغتهم في الكرم كانت تجذب الجموع للعمل الاسلامي في القرى والعلماء يقولون: يسقط الطير عندما ينثر الحب،وكان لنا في كل قرية بيت أهله يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة ممااوتوا. سلسلة كتب ياولدي! يقول الراحل ((الحمد لله وصلت سلسلة يا ولدي لعدد من الرسائل اسأل الله ان ينفع به،هذه عقيدتك يا ولدي، هذا نبيك يا ولدي، كتاب الله يا ولدي، شريعة الله ياولدي. وسلسلة التفسير الموضوعي صدر منها: سور الواقعة ومنهجها في العقائد، حتى لا نخطى فهم القران، سلم اخلاق النبوة، تعدد الزوجات، الطلاق تحسبونه هيّنا وهوعند الله عظيم... وكتب اخرى تنتظر النور. )). وعن شعوره بعد سقوط النظام الذي آذاه في بغداد يقول: اقول دائما أمريكا تعرف من تصطاد وماذا تفعل بصيدها، ان العراق رأس النعامة، ان النعامة تصل الى ستين كيلو من اللحم، ورأسها نصف كيلو، ولكن رأسها يتبصر العدو على بُعد طويل، فتحذّر الحيوانات، فهي انذار مبكر. فجاء الثعلب واشترى رأس النعامة من الكلاب. أخذ رأس النعامة وترك لهم الجسد الكبير ينعمون به فاصبحت الغابة بدون (جهاز انذار)!!.، لقد خسر العرب والمسلمون بسقوط العراق وغزوه قلعة حصينة ضد الأعداء. آخر كلمة من الشيخ الراحل لأهل العراق: سلامي على اهل العراق وسلامي على تلاميذ القرآن، ونحن على العهد نرعى الوداد. وختاما: نسأل الله سبحانه أن يغفر للشيخ الجليل الراحل ويرحمه يكتبه عنده في الصالحين وأن يلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.. عن موقع الرابطة العراقية |
#2
|
||||
|
||||
الشيخ محمود غريب
الشيخ محمود غريب أول صانع يحصل على الشهادة العالية من الأزهر حازم ناظم فاضل التقيت به أول مرة في صيف عام 1977 في محافظة كركوك وهو في طريقه عائداً الى بغداد بعد القاءه محاضرات على شباب جامعة الموصل. ودام اللقاء معه ما يقرب نصف الساعة في حديقة ساحة المحافظة ، ودار حديثه عن التأمل الايماني في مخلوقات الله ، وكانت كلماته تخرج من القلب وتوصل الى القلب.
وقد وفق الله سبحانه وتعالى الشيخ بالعمل في العراق مدة سبع سنوات وكنا نتابع ما تنشر له مجلة التربية الاسلامية الصادرة ببغداد من مقالات ، قبل ان تطبع هذه المقالات وتشكل كتيبا باسم : ( حتى لا نخطىء فهم القرآن).. ونستمع الى الاشرطة المسجلة لخطبه ومحاضراته والتي بلغت الالف شريط . وقد رشحه الشيخ محمد الغزالي للعمل في العراق في اواسط السبعينات من القرن المنصرم . يقول الشيخ محمود غريب : يعلم الله اني رأيت العراق وجامع بنية - كما هو- في المنام وقال لي : لماذا تخاف ؟ انت هنا ستخدم 12 الف مسلم فسألته : هل يوجد في العراق مطاعم ((فول مدمس وفلافل)) قال لي : يوجد ((كبّة)) عرضت الرؤيا على احد شيوخي فقال : فول وفلافل و12 الف مسلم سافر يا محمود ، فهي رحلة واسعة في الدعوة ضيقة في الدنيا،ولكن اقسم بالله انها كانت دنيا ودين - والحمد لله- .(1) والشيخ محمود محمد غريب ،من مواليد 1940 ، واب لولدين مصطفى وتيسير . لقد كان الشيخ صانعا للمفاتيح متفرغا لهذا العمل ، واستطاع بكفاحه وصبره أن يجمع بين الدراسة بالأزهر الشريف.. وصناعة المفاتيح سبعة عشر عاماً.. درس خلال هذه المدة بالازهر الشريف حتى اتمم الدراسات العليا .وعمل بمركز السلطان قابوس للثقافة الاسلامية . يتحدث الشيخ محمود غريب عن نفسه : وقد جعلني اتحمل الجمع بين مشقة العمل في الصنعة والدراسة وحبي للدعوة الى الله.وكنت اؤمن ان الدعوة لا بد ان تكون على علم: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (يوسف:108) . والله سبحانه أمرنا ان نأمر بالمعروف ولم يبين لنا ما هو المعروف وان نعمل الخير: { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (آل عمران:104) ..ولم يبين لنا الخير،تركنا لنجتهد فالله يريد عقولاً تعمل لتتسع الدعوة لكل ما يستجد من مشاكل الامم ذات الحضارات التي تدخل في الاسلام. لا بد ان تكون الدعوة على علم ، حتى يعرف الداعي آراء المذاهب في ما هو المنكر الذي ينهى الناس عنه ، فعلماؤنا قالوا : المسألة ان دخلت في باب الخلافات المذهبية خرجت من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . من هنا كان لابد للداعية ان يدرس حتى يخدم الاسلام على علم(2) . يقول الأديب حديوي حلاوة (إمام وخطيب مسجد معالي الوزير الشنفري بصلالة ) عن الشيخ : أستاذنا الموقر الشيخ محمود غريب.. خطيب ندىُّ الصوت.. بليغ الأسلوب.. عذب الحديث.. واسع الأفق.. ثاقب الفهم.. طلق اللسان.. عميق النظرة.. فخم العبارة.. دقيق التصوير.. بسيط الكلمة.. صادق الإنسانية.. دمث الخلق.. شفيق الجوهر.. سليم الفطرة.. ينقب عن الحكمة ويتفانى في تمجيدها.. ويعشق الفضيلة ويشدو بمحاسنها.. يميل إلى دراسة الحياة وفهمها عن طريق خيال الأديب.. ورهافة الشاعر.. وتمهل الفيلسوف.. وفكر الداعية.. وحكمة المجرب.. وحنكة الواعظ.. وذكاء الخطيب..! يتخذ الأدب سميراً.. ويسمع الشعر منشداً.. ويشرب العلم رحيقاً.. ويلبس البيان ثوباً.. له أسلوب في الحوار حكيم.. ومنهج في الكلام قويم.. وحديث على السمع جميل.. يتقن النسج.. ويجهد البيان في الوصف.. والفكر في التنسيق.. والذوق في اختيار الكلمات.. لتقصيه الدقيق.. وغوصه العميق.. وتمييزه الدقيق.. فيجلى غوامض الأفئدة.. ويسير غور الضمائر.. ويحسن الذوق في البيان..!(3). يقول الشيخ محمود غريب : عندما قرأت رسالة الأديب الكبير حديوي حلاوة شكر الله له. تذكرت قول السلف: إن صدق مادحوك فالفضل لمن منحك ، وليس لمن مدحك. ورجوت الله أن يجعلني خيراً مما يظنون. وكانت هذه الكلمات تُنير لي الطريق وأنا أعمل صانعا للمفاتيح ، وطالباً بالأزهر الشريف شكر الله لأصحابها(4). أبرز اساتذته : يقول الشيخ : اهم اساتذتي عبد العال احمد عبد العال ، والامام محمد ابو زهرة ، والامام محمد الغزالي ، والشيخ محمد عبد الله مصطفى ناجي والشيخ منصور عويس - رضي الله عنهم اجمعين- ولم استطع ان اعطي تلاميذي ما اعطاه لي اساتذتي. وما نجحت في شيء في حياتي إلا كان رحمه الله أستاذي الدكتور عبد العال أحمد بعد الله سببا في هذا النجاح (5). أما الفقيه الذي نفعني الله بمصاحبته فهو الأستاذ الدكتور أحمد محمود كريمة - أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف والمدرس بجامعة السلطان قابوس بصلالة- وقد جاورته ولازمته عدة أعوام مباركة يحضر لي درس التفسير الموضوعي للقرآن الكريم كل أسبوع ثم نذهب في رفقة طيبة إلى البحر - في صلالة - فننتفع بكل ما يقول حتى مداعباته وإشاراته وتعليقاته على الأحداث. نفع الله به وبمثله من الفقهاء(6). حياته الدعوية والخطابية: يقول الشيخ : حياتي في الدعوة بدأت في 17-3-1957 وكنت طالبا بالثانية اعدادي بمعهد الزقازيق الديني. وحصلت بفضل الله على اولوية الازهر الشريف للخطابة في 24-4-1966 على مستوى المعاهد الازهرية والبحوث الاسلامية وعلى شباب 73 دولة اسلامية يدرسون في مصر. وكنت في مصر موجها دينيا لشباب جامعة القاهرة ، وشباب جامعة احمد عرابي بالشرقية ، وتنوّع عقول الشباب من طب الى زراعة وحقوق ان اعرض الموضوع الواحد في كل كلية بما يتفق مع دراسة الطلاب بها. وفي يوم الجمعة اخطب الجمعة لطلاب المدينة الجامعية لجامعة القاهرة ولنماذج من كل كلية. وابرز العلماء الذين تأثرت بهم في الخطابة الشيخ خلف السيد وكيل الازهر الشريف كان يسمح لي ان اشاركه الندوات وانا صانع مفاتيح وطالب بالقسم الاعدادي. ثم الاستاذ الامام محمد الغزالي الذي رشحني للعمل في العراق واصر في اختياري لهذا العمل الكبير -رضي الله عنه-. تجاربه في فندق: يقول الشيخ : كان النزيل "ع. م. ا. ع" يقيم إقامة كاملة بالفندق وكان في سلوكه طيب لا يخالط أحداً وفوجئت برجوعه يوماً في حالة سكر شديد - على غير عادته. والتف حوله عمال الفندق وبعض النزلاء الشباب يصفقون ورجل الأعمال يرقص!! حتى تطاول عليه أحد الشباب وأراد أن يسقط "البنطال" عنه واعتبروها سهرة سعيدة. وفي الصباح لقينى وألقى عليّ التحية. وتعمدت عدم الرد بصوت يسمعه ولما راجعني عرضت عليه الشريط المؤلم الذي سجلته له. كاد لا يصدقني لولا وضوح الصوت وضحك الشباب واستخفافهم به. إنه تاجر الذهب بوسط القاهرة. وهو صاحب اليد السخية على العمال وبعض النزلاء. كيف تجعله زجاجة الخمر في هذه المهانة ؟ - إنها المرة الأخيرة يا شيخ محمود مرَّتْ سنوات أنهيت فيها دراستي الجامعية. وذهبت لزيارة أستاذي الدكتور كمال شلال بالفندق - عليه رحماتُ الله - وفاء لما كان يخصني به من خلاصات عبقريته وأنا طالب. وشاهدت الأخ الكريم ساجداً بين يد الله يطيل السجود. الضراعة. لقد تاب توبة أسعدتني. فلو سجلنا لمن يغيب عقله بالسكر ما يحدث منه في سكره فلن يقبل لنفسه أن يعود. هذه تجربتي. التسجيل لعلاجه في منح الشريط بعد أداء دوره فلا حاجة لنا في الحفاظ عليه(7). اسلام خمسة من علماء اوروبا على يده : وقد أسلم على يدي المؤلف خمسةٌ من علماء أوربا في فترة السبعينيات من القرن المنصرم . يقول الشيخ : فقد ناقشت الدكتور لينو. أينو. ليناثوري. خبير الآفات الزراعية في الشرق الأوسط ، ناقشته حول قوله تعالى { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } (الانعام :38) ..وبعد ساعة من الحديث مع الآية الكريمة ، وقف الدكتور لينو. ليناثوري وضمّ يديه ، وحنى رأسه ، وقال : محمد يستمع إلى صوت السماء. فقال له الدكتور المترجم "شلال" من جامعة بغداد : تعني أنَّ محمد رسول الله ؟ قال : هذه المعلومات عرفتها وأنا أُعدُّ رسالة الدكتوراه. فمن عرّفها لرجل البادية محمد ؟!! واعتنقت ابنته "هيلين" الإسلام بعد عدّة جلسات مباركة. وكان إسلامها - والحمد لله - آخر عمل لي ببغداد 11/1981م - والتي شهدت إسلام خمسة من علماء أوربا وسيدتين في بيتي (8). الغزالي وكشك : يقول الشيخ محمود غريب : الشيخ محمد الغزالي : كان ينحت من الطير وينفخ فيه فيصبح طائرا بإذن الله ، هذا فيما يكتبه ويقوله.فهو كالمسك الذي يبقى في المكان طويلاً . الشيخ عبدالحميد كشك : داعية حاول الكثير ان يسد فراغه فلم يستطع ، لون لم يتكرر ، فهو كالعطر الذي يملأ المكان في حديثه (9) . تجربته في بغداد مع المرأة المسلمة : يقول الشيخ : إن تجربتي في بغداد مع المرأة المسلمة يذكرها كلّ مسلم هناك.ومازالت ثمارها - والحمد لله - لقد بدأ العمل الإسلامي مع المرأة مع افتتاح مؤسسة البُنِّيَّة 1974م. وكان عدد النساء المحجبات من السُّنَّة لا يزيد على خمس.أعرف أسماءهن وعوائلهن. وقبيل خروجي من بغداد قال لي المرحوم الشيخ عبد الرحمن السنجري إمام بمساجد الموصل "نينوى" إن مسجده بالموصل غلبت النساء فيه على الرجال فضحكت ، وقلت له:اجعل مسجدك للنساء فقط. ونسميك الإمام النسائي- النَّسائي بفتح النون - نجحتْ دعوتي مع المرأة في بغداد. لأنَّ علماء العراق هم أوَّل من استجاب لدعوتي ، وكانت نساؤهم أوَّل الرائدات ، في بغداد وفي الرمادي ، وفي الموصل. دَرَس النساءُ القرآنَ وأحكام التجويد ، وكتاب (فقه السنة). ودرَّست لهن التفسير. حتى كنت أذكر رأياً للمفسرين في الآية فتقول إحدى بناتي : الآية تحتمل رأياً آخر. دَرَسْنَ القرآن ثم قمن بتدريسه للأبناء والبنات.(1350 تلميذاً ، 950 تلميذةً) يدرسون في الصيف. في المرأة خير إذا أحسنا تربيتها على منهج الإسلام ، في كل بلد ، وفي كل عصر(10). وهذه ... أعدتها الجماعات الشيوعية لما تريد. أعدوها لتحضر في درس النساء بجامع البنية ، وتوجّه لي أسئلة حرجة أعجز عن الإجابة عليها. فتثبت الشُبهة في عقول البنات ، ولا تثبت إجابتي. وشاء الله أن يجندها لما يريد. وتتحول تحولاً كبيراً. فتقدّم بحث السَّنَة النهائية بالجامعة - كلية الاقتصاد - عن الاقتصاد الإسلامي. ومع أن الأستاذ كان شيوعيا منظماً إلا أنه قد أعطاها حقها "امتيازاً بدرجة عالية" . لقد سألتني في يوم : هل يمكن أن تقرأ القرآن في أيام الحيض ؟ فلما قلت لها : لا. تنهَّدت،وقالت: كيف تعيش المرأة أسبوعا لا تقرأ القرآن ؟!!! ثم هاجرت إلى بلد عربي مسلم ، وفتحت داراً نموذجياً للحضانة الإسلامية. فليعمل كل إنسان في حدود من عنده ، وعلى الدعاة أن يركزوا على قضية المرأة ، في النساء خير. والآية الكريمة التي سبق أن ذكرتها تؤكد ضرورة أن تأمر المرأة المسلمة بالمعروف وأن تنهى عن المنكر.{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } (التوبة: 71) (11). قالوا عنه : جادت قرائح الشعراء بوصفه كأول صانع يحصل على الشهادة العالية من الأزهر.. وكأس الأزهر في الخطبة عام 1966 م : يقول شاعر الشرقية "عبد الله محسن" : محمود غريب موهبة * من عند الرب الفتاح يعطيك الهدى بموعظة * ويتيه بصنعه مفتاح وقال عنه شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون حين سلمه كأس الخطابة عام 1966م : ( إذا خَرَّج الأزهر في كل عام خطيباً واحداً مثل محمود غريب فقد أدى الأزهر رسالته ) . وقال عنه الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر : (إن الله رزق محمود غريب أن يفهم أكثر مما يقرأ ) (12) . وقد صور الدكتور صابر عبد الدايم يونس مراحل حياة الشيخ محمود غريب ، والصناعات التي عمل بها ، وما حصل عليه وهو صانع من سبق علمي فقال في قصيدة طويلة (13) : محمود عهدي بالإله يمدكم * في كل آونة بكل رباح فاهنأ فإن الدهر ينطق باسماً * إن السعادة رهن كل كفاح فخزائن الأرزاق قد فتحها * بالعلم ثم بصنعه المفتاح وصنعت أقفاصاً لكل مغرد * ما قيدت حرية الصداح غنَّت بلابلها فكان غناؤها * وصفا لأخلاق لكم وسماح وجماعة الخطباء كنت عميدها * كالبدر يشرق بالسنا اللماح كم من قلوب أنت فوق عروشها * متمكن كالنور بالمصباح كأس الخطابة نلته عن عالم الإسلام * هذا من أعذب الأقداح ما فيه خمرّ ، إنما فيه التقى* ممزوج بالنور السني الضاحي مُهجُ المنابر صفّقت لقدومكم * وتمايلت كالمنتشي بالراح مؤلفاته : (1) المال في القرآن (2) سورة الواقعة ومنهجها في العقائد (3) سُلَّم أَخْلاقِ النُّبُوَّة ( دراسة قرآنية ) (4) تعدُّد الزوجات بين حقائق التنزيل وافتراءات التضليل (5) الطَّلاق تَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيم (6) حتى لا نخطىء فهم القرآن (7) شريعة الله ياولدي (8) هذا نبيك يا ولدي (9) هذه عقيدتك يا ولدي (10) كتاب الله يا ولدي المصادر : (1) مجلة الرائد ، العدد الحادي عشر ، بغداد 2006 (2) المصدر نفسه . (3) سُلَّم أَخْلاقِ النُّبُوَّة للشيخ محمود غريب ص16-17 (4) المصدر نفسه ص18 (5) الطَّلاق تَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيم ص92 (6) المصدر نفسه ص5 (7) المصدر نفسه ص78 (8) سُلَّم أَخْلاقِ النُّبُوَّة ( دراسة قرآنية ) ص42 (9) مجلة الرائد ، العدد الحادي عشر ، بغداد 2006 (10) سُلَّم أَخْلاقِ النُّبُوَّة ص96 (11) المصدر نفسه ص101 (12) المصدر نفسه ص 12 (13) المصدر نفسه ص 18 عن موقع واتا |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنَ لله وإن اليه راجعون
نسأل لله تعالى أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جنانه .وأن يرحم جميع المسلمين والمسلمات الاموات فيهم والاحياء
__________________
|
#4
|
|||
|
|||
رحمه الله و ادخله فسيح جنانه
|
أدوات الموضوع | |
|
|