![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() الدرر الشامية: التحــريــر حصار مضروب على مدينة حمص منذ ما يزيد عن 19 شهرًا، لا طعام ولا شراب ولا إمدادات ولا مساعدات غذائية للمدينة التي يزيد عدد سكانها عن 600 ألف نسمة، كلهم يشكون إلى الله في هذه الأيام المباركات الحصار الخانق الذي تفرضه قوات وشبيحة الأسد على المدينة، إضافة إلى القصف الصاروخي الذي لا يتوقف ليلا ولا نهارًا، في ظل محاولات مستميتة لجنود الأسد لاقتحامها واحتلالها كما حدث تمامًا مع مدينة القصير. ومدينة حمص هي المدينة السورية الثالثة من حيث الأهمية، وعدد السكان، حيث تقع في وسط سوريا، وتعتبر حلقة الوصل ما بين الشمال والجنوب، وما بين الغرب والشرق، يمر بها نهر العاصي في جانبها الغربي، أما جانبها الشرقي فهو بادية صحراوية الطابع في غالبه، غنية بالمواقع الأثرية المتميزة والتي لم يرع النظام الأسدي المجرم قيمتها التاريخية، فراح يقصفها بالطيران الحربي ليقضي على آثارها كما يقضي تمامًا على إنسانيتها. قبعت حمص تحت الحصار لمدة تقترب من السنتين، ولا تزال المدينة صامدة تتحدى وحشية عصابات الأسد وجحافله، تتحدى الظروف الصعبة التي وضعها الحصار فيها، تتحدى الجوع والعطش، حتى أفتى أحد علمائها لأهلها بجواز أكل لحوم القطط دفعًا للموت الذي بات يطارد شبحه كل صغير وكبير في المدينة. وهذه هي الجريمة الأولى. لم يكتف النظام الغاشم المجرم في حرب الطعام والمياه على أهل المدينة، وإنما يمارس إزاء السكان أبشع أنواع القصف في الليل والنهار، فالطيران الحربي لا يكاد يتوقف، وبكاء وصراخ النساء والأطفال الخائفين يعكس مدى الرعب الذي يعيشه أهل المدينة، الذين باتوا لا يأمنون على حياتهم أو حياة أطفالهم أو ذويهم بعد أن دمر جيش الأسد الغاشم وجنوده المجرمون حوالي ثلثي البلدة التي كانت منارًا سياحيًا يأتيه السائحون من كافة أنحاء الأرض. إن النظام الغاشم -المدعوم بقوات ميليشيا حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني- يمارس حرب إبادة طائفية بكل ما تحويه الكلمة من معانٍ على مدينة حمص التي يضرب الحصار جنباتها، فصواريخ أرض أرض، والبراميل المتفجرة، والطائرات الحربية من طراز ميغ، قد حولت المدينة إلى مدينة أشباح ليس إلا، وفوق كل ذلك يعجز أهالي المدينة عن الفرار بحياتهم من القصف المستمر، فمن يجرؤ على التعرض لقناصة الإجرام التي تصطاد البشر في الليل والنهار كما يصطاد الصيادون في البرايا الغزلان والنعاج!! ومن يجرؤ على السير وسط القصف العنيف الذي يطال كل جزء من المدينة!! وقد زاد من حدة المعارك وصور التشفي ودموية القتال دخول حزب إيران على الخط، ذلك الحزب الذي يذكي روح الطائفية على القتال، ويمنحه بعدًا تشويهيًا جديدًا، ويعطيه زخمًا عقائديًا متجذرًا، والدمار الذي لحق بمسجد خالد بن الوليد التاريخي والمساس بقبره -رضي الله عنه وأرضاه- ومحاولات تدمير المقبرة والمسجد الذي طاله قصف عنيف الأسبوع الماضي، كل ذلك شاهد بمدى الطائفية المقيتة التي يتعامل بها النظام ومعاونوه، بل بالأحرى محركوه والمخططون لقتال العصابات الذي يمارسونه، فالعداء ما بين الشيعة الروافض أصحاب الأصول الفارسية التي لا تزال رواسبها العفنة عالقة برؤوسهم وأفئدتهم وما بين الصحابي الجليل خالد بن الوليد معروف على مدى التاريخ، وقد بانت معالمه صريحة واضحة في هذه الأيام. وهذه هي الجريمة الأخرى؛ فالنظام المجرم لم يكتفِ بارتكاب المجازر البشرية بالمدينة -وهو عند الله عظيم-، وإنما شرع في تجريف الأرضية التاريخية لها، فلم يزل منذ بدء القصف يستهدف المعالم التاريخية بالمدينة، والتي كان آخرها قلعة الحصن التي قصفت اليوم وأمس ودُمّر على أثر القصف أجزاء كبيرة منها، بعد أن صمدت في وجه التاريخ وعوامل التعرية والسيول والزلازل طيلة سبعة قرون، يأتي النظام المجرم ليدمرها في طرفة عين، ضاربًا عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية، ولم لا وقد ارتكب أبشع ما ارتكب في التاريخ الحديث من مجازر تشيب لها رؤوس الولدان!! لقد بنيت قلعة الحصن ما بين العامين 1142 و1271م، وتعد واحدة من أهم القلاع الصليبية الأثرية في العالم، حسب ما تقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، حيث أُدرجت على لائحة التراث العالمي في العام 2006، وهي واحدة من ستة مواقع سورية مدرجة على هذه اللائحة، أبرزها المدينة القديمة في دمشق وحلب وآثار تدمر، وقد أدرجت المنظمة الدولية المواقع الستة في وقت سابق من هذا العام على لائحة التراث المهدد، في خطوة عكست المخاوف المتزايدة من تعرضها للدمار جراء النزاع المتواصل في البلاد منذ منتصف مارس 2011. ومن المتوقع بعد إجهاز قوات النظام المجرم على هذه القلعة العتيدة أن تتوجه بالتخريب والقصف إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي القريبة من قلعة الحصن، ذلك أن قوات النظام تتبع أسلوبًا ممنهجًا في تخريب الآثار التاريخية وتدمير البنى التحتية للمدن والمحافظات قبل احتلالها. إن حمص التاريخية ثابتة ثبات التاريخ في وجه التحولات، إن حمص وأبناءها الراسخين رسوخ الجبال لمدة عامين في وجه الحصار والقصف والقنص تبعث رسالة إلى العالم أجمع، عربيّه وعجميّه، مسلمه وكافره، تبعث رسالة إلى الإنسانية الرحيمة، التي غابت عنها الرحمة في زمان انتفش فيه بشار وأمثاله لأنهم لم يجدوا من يتصدى لظلمهم وبغيهم، إلا أن في الأمة بقية من خير، يرجى فيهم الإجابة، وقد أجابوا نداءها ولكن قلَّ المعين..
|
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|