قال ابن مسعود: "إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أوليائه يذب عنه، وينطق بعلامتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن وتوكلوا على الله". وورد عن الاوزاعى انه قال : كان بعض أهل العلم يقولون: "لا يقبل الله من ذي بدعة صلاة ولا صدقة ولا صياما ولا جهادا ولا حجة ولا صرفا ولا عدلا". وكانت أسلافكم تشتد عليهم ألسنتهم، وتشمئز منهم قلوبهم، ويحذرون الناس بدعتهم. قال: ولو كانوا مستترين ببدعتهم دون الناس، ما كان لأحد أن يهتك عنهم سترا، ولا يظهر منهم عورة الله أولى بالأخذ بها أو بالتوبة عليها، فأما إذا جاهروا به فنشر العلم حياة، والبلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة يعتصم بها على مصر ملحد. ثم روى بإسناده قال: "جاء رجل إلى حذيفة وأبو موسى الأشعري قاعد فقال: أرأيت رجلا ضرب بسيفه غضبا لله حتى قتل، أفي الجنة أم في النار؟ فقال أبو موسى في الجنة فقال حذيفة: استفهمالرجل وأفهمه ما تقول حتى فعل ذلك ثلاث مرات. فلما كان في الثالثة قال: والله لا أستفهمه. فدعا به حذيفة فقال: رويدك! وما يدريك أن صاحبك لو ضرب بسيفه حتى ينقطع فأصاب الحق حتى يقتل عليه فهو في الجنة وإن لم يصب الحق ولم يوفقه الله للحق فهو في النار. ثم قال: والذي نفسي بيده ليدخلن النار في مثل الذي سألت عنه أكثر من كذا وكذا". ثم ذكر بإسناده عن الحسن قال: "لا تجالس صاحب بدعة؛ فإنه يمرض قلبك". ثم ذكر بإسناده عن سفيان الثوري قال: "من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث: إما أن يكون فتنة لغيره، وإما أن يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله النار، وإما أن يقول: والله ما أبالي ما تكلموه وإني واثق بنفسي، فمن أمن الله على دينه طرفة عين سلبه إياه". ثم ذكر بإسناده عن بعض السلف قال: "من أتى صاحب بدعة ليوقره فقد أعان على هدم الإسلام". أخبرنا أسد قال: حدثنا كثير أبو سعيد قال: "من جلس إلى صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه ". عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"
وقيل "دخل على محمد بن سيرين يوما رجل فقال: يا أبا بكر أقرأ عليك آية من كتاب الله، لا أزيد على أن أقرأها ثم أخرج. فوضع أصبعيه في أذنيه ثم قال أحرج عليك إن كنت مسلما لما خرجت من بيتي. قال: فقال: يا أبا بكر5 إني لا أزيد على أن أقرأ ثم أخرج، قال: فقام بإزاره يشده عليه، وتهيأ للقيام. فأقبلنا على الرجل فقلنا: قد حرج عليك إلا خرجت، أفيحل لك أن تخرج رجلا من بيته؟ قال: فخرج. فقلنا: يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية، ثم خرج؟ قال: إني والله لو ظننتأن قلبي يثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرأ، ولكنني خفت أن يلقي في قلبي شيئا أجهد أن أخرجه من قلبي فلا أستطيع". أخبرنا أسد قال: أخبرنا ضمرة عن سودة قال: سمعت عبد الله بن القاسم وهو يقول: "ما كان عبد على هوى فتركه، إلا آل إلى ما هو شر منه". قال فذكرت هذا الحديث لبعض أصحابنا فقال: تصديقه في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون حتى يرجع السهم إلى فوقه". أخبرنا أسد قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن زيد عن زيد عن أيوب قال "كان رجل يرى رأيا فرجع عنه، فأتيت محمدا فرحا بذلك أخبره فقلت: أشعرت أن فلانا ترك رأيه الذي كان يرى؟ فقال: انظروا إلى ما يتحول. إن آخر الحديث أشد عليهم من أوله يمرقون من الإسلام لا يعودون إليه".
روى ابن وضاح بإسناده عن أبي أمية قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت: يا أبا ثعلبة كيف تصنع في هذه الآية؟ قال أية آية؟ قلت: قول الله تعالى: {لا يَضُرُّكُمْمَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} .
قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا. سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك، ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر؛ للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله. قيل: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: أجر خمسين منكم" ثم روى بإسناده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "طوبى للغرباء، ثلاثا. قالوا: يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: ناس صالحون قليل في أناس سوء كثير، من يبغضهم أكثر، ممن يحبهم". أخبرنا محمد بن سعيد بإسناده عن المعافري. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوبى للغرباء الذين يتمسكون بكتاب الله حين ينكر، ويعملون بالسنة حين تطفى". وقد ثبت فى الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره". وفي رواية: "يهتدون بهديه ويستنون بسنته، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون، ما لا يؤمرون؛ فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" انتهى النقل من كتاب مفيد المستفيد من كفر تارك التوحيد لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب