#1
|
|||
|
|||
هوس الاصطلاح
(1)
لا تجد احدا من معارفي او ممن اتصل بي بسبب من الاسباب ، الا و يعرف هوسي بمنهج النقد الحديثي ، و قد قضيت شطرا من عمري ادافع عن هذا المنهج في مناظراتي مع الاريكيين و العلمانيين ، و ادعو ، في مقالاتي و ابحاثي و اهمس في اذان من ابثهم ما يجود به فكري و ذهني ، الى ضرورة تعميم تدريسه ، و ايصاله الى فئة كبيرة من ابناء مجتمعنا العربي الاسلامي ، و قد قلت مرة لصاحبي و انا اذاكره في بعض مسائل العلم : " لو كان الامر بيدي لجعلت علم مصطلح الحديث فرض عين على كل طالب ، و في جميع الشعب و التخصصات ، من الاداب و العلوم الانسانية الى العلوم البحثة " ، و قد اثبت هذا الكلام في بحث نشرته قبل مدة حمل عنوان " السبيل الى الدراسات الادبية " تجد رابطه على صفحي فارجع اليه ، و قلت فيه ايضا ، بعد ان اوردت هذا الكلام : " و ذلك انه مذ استغنينا عن هذا المنهج النقدي بمناهج غربية، قاصرة مستحدثة لا اصل لها ، ونحن غارقون في الشبهات و الاشاعات و الفتن ، و لا نهتم الا بالشكل و المظهر ، مع الاغراق في التقلييد و التقييد ، فلم نقدم جديدا و لم نطمح لمزيد ، و العلوم ذات طبيعة تراكمية لا تقبل التقييد و التقليد " ، و انا يقين تام انه لو قام تعليمنا على هذا المنهج ، المحكم البديع ، لكفينا انفسنا مشقة الدخول في فتن كثيرة تهدد امننا و اسقرارنا . و كنت لا ادع فرصة الا و انبه فيها الى ضرورة الاهتمام بهذا العلم الجليل النافع ، و لكن حين رايت اهل زماننا ، و خاصة الجامعيين و المثقفين و من لهم اتصال بعوالم الراي و الفكر و النظر ، عن سبيله معرضين و لطلبته محتقرين ، ثم رايت ان السواد الاعظم من طلبته لا يمرون عليه الا مرور الكرام ، ليس لهم منه حظ الا القراءة و اخذ المعلومة المباشرة ، دون ما اي اطالة للنظر او اعمال الفكر او اعناث للروية فيه و في اساليب جهابذته و فحوله ، قلت في نفسي مثلا مغربيا لا يليق ذكره امام القارئ الناشيء. ثم بعد هذا التعب المضني و هذه الرحلة المتعبة ، يتصل بمسامعي ما تم اتخاذه من قرار بث دروس في هذا العلم الفحل ، و لكن باي اسلوب سيتم ذلك ؟؟ و على اي نحو ؟؟ هذا ، و ان هذه المقالة الاولى من هذه السلسلة ، و لا اعدك بالثانية ، لان وقتي ضيق و انشغالاتي كثيرة ، فلي معارك اخرى تغنيني حاليا عن معارك الفكر . كتب الاحد 24 صفر 1440 ( 04/11/2018)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#2
|
|||
|
|||
رد: هوس الاصطلاح
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
#3
|
|||
|
|||
رد: هوس الاصطلاح
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#4
|
|||
|
|||
رد: هوس الاصطلاح
(2)
لعلك ، يا صاحبي ، كنت تنتظر ان احمل اليك ، في مقالتي هاته ، جوابا على السؤالين الذين طرحتهما في المقالة الاولى ، لكنني لا انوي فعل ذلك ، على الاقل الان ، لان الاجابة تحتاج تفرغا و تخطيطا ، و هذا ما لا املكه حاليا . سالني احد الاحبة يوما عن سبب تقديمي للرافعي على السيد محب الدين الخطيب و العلامة عبد الله كنون _ رحمهم الله اجمعين _ ، و غيرهما من الكتاب و الادباء الذين وقفوا على ثغر المحافظين ، مع اني عرفت ، و على سبيل ضرب الامثال لا الحصر ، السيد محب الدين الخطيب بسنوات قبل ان اتصل بادب الرافعي و كتبه و فكره ، فجاء جوابي مختصرا ، و هو انني كنت اجد في نفسي صورا من المعاني و الافكار ، و حين وجدت الرافعي وجدت ترجمتها ، فكانه كان يعبر عن ذاتي بلسانه و قلمه . و قد اختلفت قبل ايام الى رجل من اهل الفكر و النظر ، و طالت مدة حوارنا لتزيد عن ثلاث ساعات ، ثم قال و هو يحاورني ، ما معناه : ان الذي يجعلنا امة متأخرة هو حنيننا الى الماضي ، و هذا الحنين يتجسد في قول بعضهم : " لن يصلح اخر هذه الامة الا بما صلح به اولها " . فجمعت عقلي و استويت في مقعدي لارد كلامه و اخالفه الراي و القول ، و جهزت في ذهني مقالا ارميه به ، ثم احجمت عن الرد و امسكت عن الكلام ، و اياك ان تسيء الظن ، فلم يكن احجامي موافقة له ، لا و سكوتي عجزا و انقطاعا ، و انما رايت انني في مجلسي ذاك اكثرت من مخالفته و الرد عليه ، فكرهت اولا ان يعتقد انني لا اجيد الا الجدال و المخالفة في القول ، و رايت ثانيا ان الرجل من عمر والدي ، و كما تعلم يا صاحبي فان للكبار على الصغار حق الرفق و الاغضاء ، و هذا مما تعلمناه من الجيل الاول لهذه الامة . و كان مما جهزته في ذهني و نفسي ، ان الواقع و التاريخ يشهدان انه حين كنا على العهد الاول ركبنا خيول المعالي في جميع امور حياتنا ، من الاجتماع الى الاقتصاد الى التعليم ، و منذ تركنا ما كان عليه اول هذه الامة ، و نزحنا الى مناهج و اساليب و انماط اخرى ، تحت ذريعة الحداثة و التجديد ، لم نركب حتى على ظهور حمير ، و انما حملنا الحمير على اظهرنا ، و لا تجد عاقلا يختبر خطتين فتنجح الاولى و تفشل الثانية ، و يترك العمل بالاولى و يستمر td العمل بالثانية ، فلا يصلح في هذه الحياة الا ما كان موافقا لقانونها و فطرة اهلها ، و الا فانه الردى و الهلاك و الدمار . ثم انقضت ايام على هذا المجلس ، و وقع بصري على كلام للرافعي ، يعبر فيه عما كنت اجده في نفسي و انا اجهز الرد على صاحب مجلسي ، فازددت اطمئنانا و يقينا ، و هذا نص كلامه _ رحمه الله _ : " و على ما بلغت وسائل الموت في العلم و الجهل فانها لم تستطع ان تميت احدا مرتين و لن تجعل الموت من بعد الا ما هو من قبل و مع ذلك فهي لا تزال تجدد تبدع " ثم قال : " فعلى نحو مما كانت الحياة في بطن الام يجب ان تعيش في بطن الكون بحدود مرسومة و قواعدة مهيأة و حيز معروف ، و الا بقيت حركات هذا الانسان في معناها كحركة الجنين يرتكض ليخرج عن قانونه ، فاما ألقي به عملا مسخا مشوها ، و اما ألقي به ميتا من جسد كان كل ما فيه قبل ذلك يعمل لحياته " و لا اجد شيئا اعلق به على هذا الكلام ، و كيف لعي مثلي ان يعلق بعد اسد اللغة و لسان الامة . و انطلاقا من هذا اخذ مني الهوس بمنهج النقد الحديثي ( علم المطلح ) زمنا من عمري و ليال من ايامي ، فلا ارى امرا من امور الحياة ، اجتماعيا او علميا و ادبيا ، الا و رايت ان لمنهج النقد الحديثي فيه نصيب ، حتى اني اومن ايمان المتقين و الصالحين ، ان ما يعرض لهذه الامة العربية من مخططات التقسيم ، قصد تفتيت المفتت و تشتيت المشتت ، لا يمكن دفعه و التصدي له الا بوجود علم المصطلح ، و الا ستتغلب الاشاعة و اساليب اثارة الفتن على ابناء الامة و تتمكن من عقولهم . كتب : الاحد 3 ربيع الاول 1440 (11/11/2018)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#5
|
|||
|
|||
رد: هوس الاصطلاح
(3)
قضيت سنوات من عمري استقصي اخبار المستشرقين و مراكزهم ، و اعمل على استقراء اساليبهم ، هم و من شاكلهم و دار في فلكهم من اصحاب الطابور الخامس من ابناء جلدتنا من اريكيين و علمانيين ، و قد بلغت في هذه الرحلة مبلغا ،خلصت فيه الى ان شغلهم الاوحد و همهم الاكبر هو توجيه النقد الى منهج النقد الحديثي ، و انهم لا يدخرون جهدا ، و لا يستثنون فرصة ، و لا يتركون شبهة ، للغض من ذكره و الحط من قدره ، و بيان عجزه و عدم قدرته ، و هذا كله في الوقت نفسه الذي تعمل فيه مراكز كشف صناعة الراي العام بهذا المنهج النقدي . و من هنا رايت ان ارسل للاخ "امين صوصي العلوي" ، المختص في مكافحة صناعة الراي العام ، رسالة انبهه فيها الى هذه النتيجة التي خلصت اليها ، و مما جاء في رسالتي اليه : ان منهج كشف صناعة الراي العام : " هو نفسه المنهج الذي اتبع من قبل المحدثين قديما لاقتفاء الاثار و تتبع الاخبار لمعرفة صحتها من سقيمها ، و مع نهاية القران 19 و بداية القرن 20 بدا عمل المستشرقين يصب على الحط من هذا المنهج و بيان عدم قدرته فاظهروا المناهج الجديدة لدراسة الاخبار، و هذه المناهج السواد الاعظم منها فاسد ، و كل هذا كان لاجل تعرية ظهر القران ، و للان تعمل مراكز الابحاث الخاصة بالمستشرقين على الطعن في هذا المنهج و اذا ما نجحوا فانه سيسهل عليهم تفريق هذه البقعة العربية اكثر مما هي متفرقة .. " و قلت ايضا : " فاذا كانت اساليب كشف البروبكندا تدرس في المعاهد الغربية و هي نفسها منهج النقد المعمول به عند العرب و المسلمين فهنا يجب طرح سؤال مهم : لماذا اذن يحاولون تصدير المناهج الحديث الينا ؟؟ " و لكن هذا الاخ الحبيب ، لم يهتم او لم يفهم ، و لكن ما يدريك يا صاحبي لعله اهتم و فهم ، و انت جالس تلوم و تعاتب . ثم بعد مراسلتي اياه بايام ، اتصل بي خبر قرار القاء دروس في منهج النقد الحديثي على احدى القنوات المغربية ، و قد كنت امل و امني النفس ، و كما جاء في بحثي " السبيل الى الدراسات الادبية " و في المقالة الاولى من هذه السلسلة ، ان يمكن لهذا المنهج النقدي في جميع الشعب و التخصصات ، و لكن و كما يقولون في المثل العامي المغربي : '' اللهم العمش و لا العمى " . كتب: 7 ربيع الاول 1440 (16/11/2018)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
أدوات الموضوع | |
|
|