![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم النبيين ( عن عمر -رضي الله عنه- أيضا ، قال : بينما نحن جلوس عـند رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثـر السفر ولا يعـرفه منا أحـد، حتى جـلـس إلى النبي -صلي الله عليه وسلم- فـأسند ركبـتيه إلى ركبتـيه ووضع كفيه على فخذيه، وقـال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقـال رسـول الله -صـلى الله عـليه وسـلـم- الإسـلام أن تـشـهـد أن لا إلـه إلا الله، وأن محـمـد رسـول الله، وتـقـيـم الصلاة، وتـؤتي الـزكاة، وتـصوم رمضان، وتـحـج البيت إن اسـتـطـعت إليه سبيل). قال : صدقت. فعجبنا له ، يسأله ويصدقه. قـال: فأخبرني عن الإيمان. قال : (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره). قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان . قال : (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). قال : فأخبرني عن الساعة . قال : (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل). قال : فأخبرني عن أمارتها . قال : (أن تلد الأمَةُ ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) ثم انطلق ، فلبثت مَلِيَّا، ثم قال : (يا عمر أتدري من السائل؟) قلت : الله ورسوله أعلم. قال : (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) ) رواه سلم]
هذا الحديث بهذه الألفاظ رواه الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه ومن تم فهو صحيح؛ شرح ألفاظ الحديث: (إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد واد الشعر ) دليل على الهيئة الحسنة، أسند ركبيته إلى ركبتيه أي وضع جبريل - عليه السلام - ركبتيه مقابلة لركبتي النبي - صلى الله عليه وسلم – ووضع كفيه على فخذيه، أي على فخدي جبريل عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسـلام أن تـشـهـد أن لا إلـه إلا الله؛ وأن محـمـد رسـول الله، وتـقـيـم الصلاة، وتـؤتي الـزكاة، وتـصوم رمضان، وتـحـج البيت إن اسـتـطـعت إليه سبيل). فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجبه عن حقيقة الإسلام الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، وإنما أجابه بأركان الإسلام التى لا يقوم إلا بها . قال : فأخبرني عن الإيمان. قال : (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره). أيضا أجاب بأركان الإيمان التي لا يصح الإيمان إلا بها . قال: الإيمان بالله: وهو التصديق الجازم من صميم القلب بوجود الله تعالى وتوحيده بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.وتفصيله كما يلي: الإيمان بوجود الله والأدلة عليه كثيرة بالشرع والعقل والفطرة والحس. الإيمان بربوبية الله وهو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المالك المدبر ، و هو توحيد الله بأفعاله. الإيمان بألوهية الله، هو إفراد الله تعالى بالعبادة ونفيها عمن سواه. وهو معنى لا إله إلا الله وهو توحيد الله بأفعال العباد أي بعبادتهم، والإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى هو إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الأسماء الحسنى والصفات العلى مع إمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل . مصداقا لقوله تعالى: " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " الإيمان بملائكته، أي بوجودهم وبالصفات التي ذكرت لهم في الكتاب والسنة، الإيمان بالرسل، وهو التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث رسلا إلى أمم مختلفة لعبادته و توحيده، فيجب الإيمان بمن ذكر منهم تفصيلا وهم خمسة وعشرون، و إجمالا بمن لم يذكر منهم لأنهم يدخلون في قوله تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ }غافر78 . وأن خاتمهم هو محمد - صلى الله عليه وسلم – كما قال جل وعلا: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب : 40]. الإيمان بالكتب: يقتضي الإيمان بالكتب تصديق إنزالها إجمالا من طرف الله تعالى مصداقا لقوله تعالى { وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ }الشورى15 والإيمان بما ذكر منها تفصيلا كالتورية والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم موسى، والقرءان هو خاتم هذه الكتب والمهيمن عليها مصداقا لقوله تعالى {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ}المائدة48 الإيمان باليوم الآخر سمي بذلك لأنه لا يوم بعده، والإيمان باليوم الآخر معناه التصديق الجازم بوقوع ذلك اليوم والاستعداد إليه. الإيمان بالقدر أي بأن الله علم الأشياء قبل وقوعها، و كتبها عنده في اللوح المحفوظ وأرادها وشاءها ثم قال : صدقت فأخبرني: عن الإحسان . الإحسان في الحقيقة هو الإتقان، وهنا عبّر عنه قال: أن تعبد الله كأنك تراه وهذا أحسن مقامي الإحسان وهو مقام المشاهدة، فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذا هو مقام المراقبة، وفي هذا الصدد يقول الشيخ عبد المحسن العباد البدر: " والمعنى أن تعبدَه كأنَّك واقفٌ بين يديه تراه، ومن كان كذلك فإنَّه يأتي بالعبادة على التمام والكمال، وإن لم يكن على هذه الحال فعليه أن يستشعر أنَّ اللهَ مطَّلع عليه لا يخفى عليه منه خافية، فيحذر أن يراه حيث نهاه، ويعمل على أن يراه حيث أمره". ثم قال : فأخبرني عن الساعة . قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل؟ فالمسئول هو الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل البشر بل أفضل الخلق على الإطلاق ، والسائل جبريل عليه السلام أفضل الملائكة ، وكلاهما لا يدري متى تقوم الساعة، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لجبريل: إذا كنت لا تعلمها فأنا أيضاً لا أعلمها. قال أخبرني عن أماراتها، أي علاماتها قال : أن تلد الأمة ربتها . فُسِّر بأنَّه إشارة إلى كثرة الفتوحات وكثرة السبي، وأنَّ من المسبيات مَن يطؤها سيِّدها فتلد له، ويكون ولدُها بمنزلة سيِّدها. وفسِّر بتغيُّر الأحوال وحصول العقوق من الأولاد لآبائهم وأمَّهاتهم وتسلُّطهم عليهم، حتى يكون الأولاد كأنَّهم سادة لآبائهم وأمَّهاتهم و هذا ما رجَّحه الحافظ ابن حجر في الفتح وأن ترى الحفاة، أي غير المنتعلين، والعراة أي غير اللابسين، رعاء الشاة، أي الذين يرعون الغنم، يتطالون في البنيان، يعني أثرت عليهم المدنية. من أهل العلم من قال: هذا اللفظ على ظاهره التطاول في البنيان نفسه، ومنهم من قال أنه كناية عن التنافس في أمور الدنيا . فالفقراء الذين يرعون الغنم ولا يجدون ما يكتسون به تتغيَّر أحوالُهم، وينتقلون إلى سكنى المدن ويتطاولون في البنيان. قال فلبثت ملياً: يعني قليلاً ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا عمر أتدري من السائل؟ قال: الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم لأن الحديث لخص مبادئ الدين بعبارات بسيطة وأسلوب واضح. فوائد الحديث : عظم قدر هذا الحديث بل هو الدين كله، أن الملائكة عليهم السلام يمكن أن يتشكلوا بأشكال غير أشكال الملائكة، لأن جبريل أتى بصورة رجل كما جاء في الحديث . منهجية التعلم حسن الهيئة والأدب، فعلى الانسان أن يتهيئً بالنظافة الظاهرة كما هو متهيئٌ بالنظافة الباطنية. العلم لا يتلقى فقط بالإلقاء بل التعليم بالسؤال من أحسن الطرق ولذلك كان كثيرٌ مما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق السؤال السؤال عن المهمات الكبرى لا عن سفاسف الأمور. الجواب على قدر السؤال. استحباب الاقتراب من المعلم |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|