جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
غالبية أفعال البشر نَابِعَةُُ من الخوف أو الجهل ...
غالبية أفعال البشر نَابِعَةُُ من الخوف أو الجهل ...
غالبية الناس يربطون إسم أَلْبِرْتْ أَيْنْشْتَايْن (Albert Einstein) بذلك العالم في الفيزياء، صاحب نظرية النسبية الشهيرة التي أعطت مفهوما فيزيائيا جديدا عن علاقة الزمان بالمكان. إلا أن الذي يميز أَيْنْشْتَايْن عن كثير من العلماء في علوم الطبيعة، هو انه كان مفكرا صاحب رأي في أمور شتى، سياسية و اجتماعية و فكرية ... و قد دُوِّنَت له عدة اقوال و حِكَم، منها ما جعل البعض يغلب على ظنه أن أينشتاين قد أَسلم نظراً لفطرة الايمان التي تنبع من بعض تلك المقولات و موافقتها للاسلام. فقد ورد عنه مثلا قوله عندما رأى حشرة تهبط فوق ورقة أمامه : " اذا ما حسبت و رأيت كيف بحشرة جد صغير تطير و تَنزِل فوق ورقتي ، فإنه ينتابني إحساس بأن الله أكبر -Allah is the greathest- و بأننا نحن بشر فقراء" ! لكن سبب هذه المقدمة عن أَلْبِرْتْ أَيْنْشْتَايْن في موضوعي هذا هو قولة اخرى له، لا تقل حِكْمةً عن هاته حين تمعن في الحشرة فتوصل بالإدراك الفطري أَن هناك خالق هو الاكبر و الأعظم ، و باننا نحن البشر، رغم كل علمنا الدنيوي، فقراء (محتاجون) لهذا الخالق ... و كأَن أَيْنْشْتَايْن اطلع على الاية الكريمة و تدبر فيها ثم استحضرها :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ، وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}(سورة الحج). و المقولة الحكيمة لأَلْبِرْتْ أَيْنْشْتَايْن التي انا بصددها في هذا الموضوع هي قوله: "أَنَّ غالبية أفعال البشر نَابِعَةُُ من الخوف أو الجهل" (Fear and stupidity have been always the basis of most human actions) ! لما قرأت هاته المقولة قبل سنوات، بدأت أتفحص في مدى حقيقتها، ... فبدأت أتساءل عن الدافع الذي يدفع الناس للقيام بعمل ما، أو اتخاذ مواقف معينة اتجاه قضايا معينة، أو تبني راي ما، أو مدح حاكم ما ، أو أحيانا حتى حُبِّ شخص ما .... !! فوجدت أن دوافع غالبية الناس ليست عن قناعات بالحجة و البرهان، بل الخوف أو الجهل، أو أحياناً كلاهما !! فاسأل نفسك مثلا ما هو دافع اغلب العلماء، رغم كثرة علمهم و اطلاعهم، كيف يركنون للحاكم صاحب السلطة، فيُمَجِّدونه، و يُزَيّنُوا افعاله، و يفتوا له بما يريد، و يرفعوا من شانه و قدره، و لو كان ظالما او فاسقا او كافرا ... !؟ انه ببساطة الخوف من اصحاب السلطة و القوة!# و من مَعَالِم الخوف عند مثل هؤلاء العلماء انه سرعان ما تراهم يغيروا ولاؤهم و آراؤهم مع تغير موازين القوة! فتجدهم أول من يُهرولون لتقديم الولاء لمن انتهت اليه مفاتيح السلطة و تمركزت عنده القوة، فتتأقلم آراؤهم بطريقة سريعة و عجيبة مع آراء و إرادة السلطة و القوة الجديدة! و الخوف أيضاً هو الدافع الذي يجعل حكام الدول الضعيفة (الغير مبدئية) يركعون للدول القوية، و يتسابقون لخدمتها! و كذلك غالبا ما يكون الخوف هو الدافع لكثير من اهل الفكر و الثقافة و العلم حين يتبنوا افكار الدول و الامم القوية ، فتجدهم يَتَغَنَّوْن بأفكارها، و يُمَجِّدون حضارتها، و يمدحون طريقة عيشها .... و ما غالبية أدعياء الديمقراطية و الدولة المدنية اليوم إلا نموذجا من ذلك ...... وقد حلل ابن خلدون ظاهرة تقليد الضعيف للقوي في المقدمة كالتالي: “المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده. و السبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وفر عندها من تعظيمه أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي، إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لها اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب، و تشبهت به، و ذلك هو الاقتداء. أو لما تراه، و الله أعلم، من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية و لا بقوة بأس، و إنما هو بما انتحلته من العوائد و المذاهب تغالط أيضاً بذلك عن الغلب، و هذا راجع للأول. و لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه و مركبه و سلاحه في اتخاذها و أشكالها، بل و في سائر أحواله …”. فلا تعجب حين ترى غالبية الناس من الشعوب المظلومة و المقهورة و المذلولة، كيف تدافع عن حكامها و تتجنب نقدهم، أو المساس بشخصهم بأي سوء ! ... فإنه الخوف أو الجهل، أو كلاهما، هوالذي يصنع من الناس ذلك!! و كما هو شأن العلماء، فانك تجد أيضاً الكثير من عامة الناس يغيرون ولاؤهم و آرائهم مع تغير موازين القوة! إذن الخوف يجعل كثيرا من الناس يصطفون دائما الى جانب القوي، لا الى جانب الحق !! و لما كان الخوف ظاهرة طبيعية في الانسان، لنقصه و عجزه و احتياجه للغير، {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً}(سورة المعارج)، فقد عالج الله هاته الظاهرة ليس بإنكارها، بل بضبطها و اشباعها الإشباع الصحيح، و ذلك بتحويل خوف الناس من العباد الى الخوف من خالق العباد، و ربط الخوف منه سبحانه بالايمان به: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(سورة آل عمران)، {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}(سورة المائدة) ! ... و لما كان الجهل أحد أهم أسباب تمكن الخوف من السيطرة على قلوب الناس ، حيث يستقر في أذهانهم و قلوبهم المرتجفة أن مفاتيح الخير و الضر، و الحياة و الموت، و الرزق و الفقر، ... أن كل ذلك بأيدي أصحاب القوة و السلطة من البشر، ... أقول أنه لما كان الامر كذلك فقد ذم الله الجهل و رفع من شأن العلم {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ}(سورة الزمر)، و جعل الخوف منه سبحانه مبني على العلم و ليس على جهل، إذ أنه أمر أن يكون الايمان بوجوده سبحانه و بوجوب طاعته مبني على العقل، اي على القناعة اليقينية بالحجة و الدليل القطعيين، لا على الظن {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}(سورة يونس)، لان كل ماهو مبني على الظن فهو غير ثابت، و لا يصلح لترتكز عليه حياة الناس و مصائرهم، و مستحيل ان تتحقق عليه السعادة و الطمأنينة. لذلك امر الله الناس بالتدبر في الكون و المخلوقات لادراك انه لابد من مُسَبِّبٍ (خالق) لكل ما يقع عليه حس البشر في هذا الكون، {أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}(سورة يونس)، {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}(سورة آل عمران). و من أدرك ان للانسان و الكون خالق ذو صفات مطلقة، يستند اليه كل ما في الكون، و لا يستند هو لاي شيئ، ... فانه يتوصل للعلم اليقين بأن مفاتيح الخير و الضُّر، و الحياة و الموت، و الرزق و الفقر، ... أنها كلها بيد الله و حده، لان اليه سبحانه يستند كل ما في الكون ... فيتطرق الله لٍأهَمِّ العناصر التي يمكنها ان تجعل من الانسان عبدا للانسان، ليعالجها في نفوس المؤمنين، و هذه العناصر هي: الرزق و الموت و الخوف من الناس .... فيقول الله بخصوص الرزق: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ، وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ، وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ}(سورة الذاريات)، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}(سورة الذاريات)، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}(سورة هود)، {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}(سورة يونس)، {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ، أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(سورة الملك)، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}(سورة فاطر)، {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}(سورة نوح). و يبين سبحانه و تعالى ذكره ان الحياة و الموت، اي الأجل ، بيده وحده سبحانه: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ۗ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}(سورة آل عمران)، {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}(سورة النساء)، {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}(سورة يونس). و يقطع الايمان بالله الطريق امام وَسَاوِسِ الشيطان الذي يريد ان يُوهِمَ ان الضر و الخير بيد البشر، فيقول سبحانه: {قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا}(سورة الاحزاب)، {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}(سورة التغابن)، {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(سورة يونس). و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث أخرجه الترمذي في سننه: [يَا غُلَامُ, إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ, احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ, إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ, وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ, وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ]. .... و قد يقول قائل ان الخوف و الجهل ليسا وحدهما الدوافع لأفعال الناس و أقوالهم، .... فهناك مثلا الشهوات و حظ النفس في الدنيا، و غير ذلك .... فاقول هذا صحيح، ... فالخوف و الجهل هما احد اهم الدوافع فقط و ليس كلها، ... الا انه اذا اردنا التدقيق في تصنيف دوافع الانسان للقيام بالأعمال ، فربما صنفنا الشهوة و حظوظ النفس تحت دافع الجهل ! لان الجهل بحقيقة الدنيا و حقيقة الشهوات التي تتحرك في الانسان هو الذي يدفع الانسان لحب الدنيا و حطامها، و لاشباع الشهوات بطريقة تخالف شرع الله! و انه و لو علم الانسان نظريا بحرمة شيئ او فِعْلٍ، الا انه يُنْفَى عنه العلم بذلك في لحظة اقترافه له. فقد نفى الرسول صلى الله عليه و سلم الايمان عن المؤمن و هو يشبع شهواته بطرق محرمة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولايشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن". و قد قال الامام النووي في هذا الحديث: [... لا يفعل (المؤمن) هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله... كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة]. .... إذن لا يتحرر الانسان من عبودية البشر، فتصبح أفعاله في الدنيا نابعة عن قناعات و عن علم ، و ليس عن خوف و جهل، ... الا اذا استقر في قلبه الايمان بالله، و بأن الرزق و الأجل بيده وحده سبحانه، و بأن الضر و الخير لا يصيب أحدًا الا بمشيئته هو تعالى ذكره، ... فإن آمن بكل ذلك إيمانا يقينيا تكسرت عنده كل قيود الخوف، ... فانطلق في الحياة انطلاقة الحر العزيز، تَخِرُّ امام هِمَّته الجبال، و يهابه اصحاب السلطان، و يتجنبه اصحاب القلوب المريضة و المنافقين .... ألم يقل الحبيب المصطفى لِعمر ابن الخطاب: " والذي نفسي بيده ما لَقِيَّكَ الشيطان سالكاً فَجًّا قط إلا سلك فجا غير فجك " (حديث أخرجه الشيخان)... فالذي يوطد نفسه على الحق و لا يخاف في قوله لومة لائم، لا تجد الشياطين و لا اصحاب القلوب المريضة الضعيفة اي مدخل لِحَرفه عن الحق، و ترغيبه للشهوات، و تخويفه من قول الحق ... بل تخاف على نفسها منه فتتجنبه ... ... |
أدوات الموضوع | |
|
|