![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
أكرهك نفسي
كم أكرهك أيتها النفس لأنك أججت في مشاعر الحب النبيل. كم أكرهك أيتها النفس لأنك أشعلتي نورا لا ينطفئ مهما انسدل ستار الحياة. كم أكرهك أيتها النفس لأنك حكيت لي عن الزمان فكان الجمال عنوانه. وكم أكرهك أيتها النفس لأنك رسمت لي طريقا إلى المجد والخلود, فلم أعثر إلا على سبل ملتوية, وعقبات ضخمة تسبب لي ورما كبيرا في قدمي الناعمتين. وكم أكرهك أيتها النفس لأنك أوقدت شموعا لا تذوب بارتفاع الحرارة. وكم أكرهك أيتها النفس لأنك جعلت من الطموح إنسانا وأوهمتني بأني أستطيع أن أرتبط به مدى الحياة , دون ملل أو سأم. وكم أكرهك أيتها النفس لأنك أيقظتني من الواقع الحلم لتنتقلي بي إلى أحلام الواقع. وكم أكرهك أيتها النفس لأنك رسمتني يوما زهرة وقلت بأنها الأمل. وكم أكرهك لأنك أوهمتني بالنور المضيء لأنه قادني إلى العتمة. كم أكرهك وأنت لا تدركين لم كرهي الشديد لك؟ وأنا أخبرك بأني أمقتك لأنك جعلتني أسبح في قاموس ونوفل لا شاطئ له. وأنا التي اعتقدت بأن له شاطئا يمكن أن أرسو عليه بقاربي الصغير الذي أحملك فيه يا نفسي لكنك خدعتني, لأن القارب كان فيه ثقب فتسرب ماء النوفل الملح فغرق القارب وانتحرت أنا وبقيت تضحكين على هذه الواقعة, ويحك يا نفسي تأمرينني بالبر وتنسين أن الله نعتك فقال: "إن النفس لأمارة بالسوء". كما أني لا أحتملك لأنك بنيت لي بيتا من الطموح لا سقف له, وحديقة من الآمال لا ماء يرويها, وزهرة من المحبة لا أحد يحييها. ثم طعنتني في صميم فؤادي لتعلني للعالم عن انتحاري وكم صعب هو اتخاذ القرار, كم هو محتقر الانتحار لكني أكرهك أيتها النفس لأنك جعلتني دائما أعيش في متاهة لا خروج منها, جعلتني أضحك على نفسي تارة وأضحك غيري علي أخرى. لم كل هذا الظلم يا نفسي؟ وأنا التي أحسنت إليك فلم أدعك تبتعدين عن الجادة, وأنا التي صنعت لك قلعة حصينة تحصنك من غدر الأيام ووجع الآلام؟ لم فعلت هذا بي ولازلت تفعلين؟ ولا أظنك تكفين حتى تجعليني أفقد صوابي فأصبح من الذين رفع عنهم القلم, ليس إلا لأنك تلاحقينني يا نفسي, بما تزيّنينه من طموح وأمل وحلم, ثم تقولين لي: تفاءلي تفاءلي. لا أنت بهذا تدفعينني للانتحار, والانتحار مني صعب إن نفذ. أيتها النفس بربك كفي فما عدت أحتمل سخافتك, لأني أعلم بأن الواقع شيء وما تدعينني إليه شيء آخر, وأنا مهما تكن لي القدرة والطاقة لأن أصبو لا أفعل, لأنه لا يوجد من يقول: نعم, لأن الجميع يحسن قول: لا, فإن لم يقلها لفظا قالها: صمتا. بقلم: أور النادر فوزية يوم الاثنين 23ماي 2011 قسنطينة |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|