![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() الطفيل بن عمرو الفطرة الراشدة الطفيل بن عمرو الدوسي نشأ في أسرة كريمة في أرض ( دوس ) وذاع صيته كشاعر نابغة ، وفي مواسم عكاظ حيث يأتي الشعراء العرب من كل فج ويحتشدون ويتباهون بشعرائهم ، كان الطفيل يأخذ مكانه في المقدمة .. كما كان يتردد على مكة كثيرا في غير مواسم عكاظ. . اسلامه في إحدى زياراته لمكة كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد شرع بدعوته ، وخشيت قريش أن يلقاه الطفيل رضي الله عنه ويسلم ، فيضع شعره في خدمة الإسلام ، لذا أحاطوا فيه وأنزلوه ضيفا مكرما ، وراحوا يحذرونه من محمد صلى الله عليه وسلم ، بأن له قولا كالسحر ، يفرق بين الرجل وأبيه ، والرجل وأخيه ، والرجل وزوجته ، ويخشون عليه وعلى قومه منه ، ونصحوه بألا يسمعه أو يكلمه . ويقول الطفيل رضي الله عنه عن النبأ : ( فوالله ما زالوا بي حتى عزمت ألا أسمع منه شيئا ولا ألقاه ، وحين غدوت إلى الكعبة حشوت أذني كرسفا كي لا أسمع شيئا من قوله إذا هو تحدث. وهناك وجدته قائما يصلي عند الكعبة ، فقمت قريبا منه ، فأبي الله إلا أن يسمعني بعض ما يقرأ ، فسمعت كلاما حسنا وقلت لنفسي : ( واثكل أمي والله إني لرجل لبيب شاعر ، لا يخفى علي الحسن من القبيح ، فما يمنعني أن أسمع من الرجل ما يقول ، فان كان الذي يأتي به حسن قبلته ، وان كان قبيحا رفضته ) ومكثت حتى انصرف إلى بيته ، فاتبعته حتى دخل بيته ، فدخلت وراءه ، وقلت له : ( يا محمد ، إن قومك قد حدثوني عنك كذا وكذا فوالله ما برحوا يخوفوني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك. ولكن الله شاء أن أسمع ، فسمعت قولا حسنا ، فاعرض علي أمرك ) فعرض عليه الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام ، وتلا عليه القرآن ، فأسلم الطفيل رضي الله عنه وشهد شهادة الحق وقال : ( يا رسول الله ، إني امرؤ مطاع في قومي وإني راجع إليهم ، وداعيهم إلى الإسلام ، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا فيما أدعوهم إليه ) فقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم اجعل له آية " أهل بيته لم يكاد الطفيل رضي الله عنه يبلغ بلده وداره في أرض دوس حتى واجه أباه بالذي في قلبه من عقيدة وإصرار ، ودعاه إلى الإسلام بعد أن حدثه عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يدعو الى الله ، حدثه عن عظمته وعن طهره وأمانته ، عن إخلاصه وإخباته لله رب العالمين . فأسلم أبوه في الحال ، ثم انتقل الى أمه فأسلمت ، ثم إلى زوجه ، فأسلمت. أهل دوس انتقل الطفيل رضي الله عنه إلى عشيرته فلم يسلم أحد منهم سوى أبو هريرة رضي الله عنه ، وخذلوه حتى نفذ صبره معهم ، فركب راحلته وعاد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو إليه وقال : ( يا رسول الله إنه قد غلبني على دوس الزنى والربا ، فادع الله أن يهلك دوسا ) وكانت المفاجأة التي أذهلت الطفيل حين رفع الرسول صلى الله عليه وسلم كفيه الى السماء وقال : " اللهم اهد دَوسا وأت بهم مسلمين " ثم قال للطفيل : " ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم " ملأ هذا المشهد نفس الطفيل رضي الله عنه روعة ، وملأ روحه سلاما ، وحمد الله أبلغ الحمد أن جعل هذا الرسول صلى الله عليه وسلم الإنسان الرحيم معلمه وأستاذه ، وأن جعل الإسلام دينه وملاذه. ونهض عائدا إلى أرضه وقومه وهناك راح يدعوهم إلى الإسلام في أناة ورفق ، كما أوصاه الرسول صلى الله عليه وسلم . قدوم دوس خلال الفترة التي قضاها الطفيل رضي الله عنه بين قومه ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد هاجر الى المدينة وكانت قد وقعت غزوة بدر وأحد والخندق. وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر بعد أن فتحها الله على المسلمين إذا موكب حافل ينتظم ثمانين أسرة من دوس أقبلوا على الرسول صلى الله عليه وسلم مهللين مكبرين ، وجلسوا يبايعون تباعا. ولما فرغوا من مشهدهم الحافل ، وبيعتهم المباركة جلس الطفيل بن عمرو رضي الله عنه مع نفسه يسترجع ذكرياته ويتأمل خطاه على الطريق . تذكر يوم قدومه على الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله أن يرفع كفيه الى السماء ويقول : اللهم اهلك دوسا ، فإذا هو يبتهل بدعاء آخر أثار يومئذ عجبه ذلك هو : " اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين " ولقد هدى الله دوسا ، وجاء بهم مسلمين ، وها هم أولاء ، ثمانون بيتا وعائلة منهم ، يشكلون أكثرية أهلها ، يأخذون مكانهم في الصفوف الطاهرة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم . فتح مكة ويواصل الطفيل رضي الله عنه عمله مع الجماعة المؤمنة ، ويوم فتح مكة ، كان يدخلها مع عشرة آلاف مسلم لا يثنون أعطافهم زهوا وصلفا ، بل يحنون جباههم في خشوع وإذلال ، شكرا لله الذي أثابهم فتحا قريبا ، ونصرا مبينا. ورأى الطفيل رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يهدم أصنام الكعبة ، ويطهرها بيده من ذلك الرجس الذي طال مداه. وتذكر الدوسي رضي الله عنه من فوره صنما كان لعمرو بن حممة ، طالما كان عمرو هذا يصطحبه إليه حين ينزل ضيافته ، فيتخشع بين يديه ، ويتضرع إليه. الآن حانت الفرصة ليمحو الطفيل رضي الله عنه عن نفسه اثم تلك الأيام ، هنالك تقدم من الرسول صلى الله عليه وسلم يستأذنه في أن يذهب ليحرق صنم عمرو بن حممة وكان هذا الصنم يدعى ، ذا الكفين ، وأذن له النبي صلى الله عليه وسلم . ويذهب الطفيل رضي الله عنه ويوقد عليه النار.. وكلما خبت زادها ضراما وهو ينشد ويقول : يا ذا الكفين لست من عبادكا ميلادنا أقدم من ميلادكا إني حشوت النار في فؤادكا وهكذا عاش مع النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وراءه ، ويتعلم منه ، ويغزو معه. حروب الردة وينتقل الرسول صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى ، فيرى الطفيل رضي الله عنه أن مسؤوليته كمسلم لم تنته بموت الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل إنها لتكاد تبدأ .. وهكذا لم تكد حروب الردة تنشب حتى كان الطفيل رضي الله عنه يشمر لها عن ساعد وساق ، وحتى كان يخوض غمراتها وأهوالها في حنان مشتاق إلى الشهادة .. اشترك في حروب الردة حربا .. حربا .. وفي موقعة اليمامة خرج مع المسلمين مصطحبا معه ابنه عمرو بن الطفيل ، ومع بدء المعركة راح يوصي ابنه أن يقاتل جيش مسيلمة الكذاب قتال من يريد الموت والشهادة .. وأنبأه أنه يحس أنه سيموت في هذه المعركة. وهكذا حمل سيفه وخاض القتال في تفان مجيد .. لم يكن يدافع بسيفه عن حياته .. بل كان يدافع بحياته عن سيفه ..حتى اذا مات وسقط جسده بقي السيف سليما مرهفا لتضرب به يد أخرى لم يسقط صاحبها بعد.. استشهاده في موقعة اليمامة استشهد الطفيل الدوسي رضي الله عنه وهوى جسده تحت وقع الطعان ، وهو يلوح لابنه الذي لم يكن يراه وسط الزحام يلوح له وكأنه يهيب به ليتبعه ويلحق به.. ولقد لحق به فعلا.. ولكن بعد حين.. ففي موقعة اليرموك بالشام خرج عمرو بن الطفيل رضي الله عنه مجاهدا وقضى نحبه شهيدا.. وكان وهو يجود بأنفاسه، يبسط ذراعه اليمنى ويفتح كفه ... كما لو كان سيصافح بها أحدا .. ومن يدري .. لعله ساعتئذ كان يصافح روح أبيه.. رضي الله عنهما |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|