![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
توقفت عن الكتابة فترة !! ولكن... استفزني موضوع حرك اصابعي لأدلي بدلوي فيه..
التغــافل !! وهو بعيــد تمــاماً عن الغفــلة أعــاذنا الله منــها .. فالغفلــة لغة.. هي غيبــة الشيء عن بـــال الانســـان وعــدم تذكره له.. والتغافـــل لغةً ..هو تعمد الغفلة ، وهو تكلف الغفلــة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكــرماً وترفعــاً عن صغير الأمـــور. ومن المهم جداً معرفة أن من الذكاء والبصيرة التغافل عن الأمر الذي يوجب العقوبة طالما اننا لا نستطيع ان نعاقب عليه- مهما كان سبب عدم القدرة على العقاب-، كما ان التغافل يحمي من عــداوة الاعــداء اللذين لا نستطيع الانتصــار عليهم.. قال احد الحكمـــاء: لا يكون المــرء عاقــلاً حتى يكــون عما لا يعنيــه غافلاً. وقال الشاعر.. سَـامِحْ أَخَـاكَ إِذَا وَافَــاكَ بِالْغَلَـطِ *** وَاتْرُكْ هَوَى الْقَلْبِ لا يُدْهِيْكَ بِالشَّطَطِ فكــم صَدِيْـــقٍ وفــيٍّ مُخْـلِصٍ لَبِـــقٍ *** أَضْحَى عَدُوًّا بِمَا لاقَـاهُ مِنْ فــرُطِ فَلَيْسَ فِي النَّاسِ مَعْصوْمٌ سِوَى رُسلٍ *** حَمَاهُـمُ اللهُ مِـنْ دَوَّامَـةِ السَّقَـطِ أَلَسْتَ تَرْجُوْا مِـنَ الرَّحْمَنِ مَغْفِرَةً *** يَوْمَ الزِّحَامِ فَسَامِحْ تَنْجُ مِنْ سَخَط قال ابن الأثير عن صلاح الديـن الأيوبــي: "وكان صبــورًا على ما يكره، كثير التغافل عن ذنوب أصحابه، يسمع من أحـدهم ما يكره، ولا يعلمه بذلك، ولا يتغيــر عليه. وبلغني أنه كان جالســـًا وعنده جماعة، فرمى بعض المماليك بعضًا بسرمــوز -وهو النعل –فأخطــأته، ووصلت إلى صلاح الدين فأخطــأته، ووقعت بالقـرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه؛ ليتغافل عنها" انتهى كلام ابن الأثير.. وهنـا أقول.. لو ان صلاح الدين بهيبته القى للأمر بالاً فسيكــون العقــاب لمـن فعل هذا الخطــأ حتماً.. ولأوجـد في نفــوس من فعلوا الفعل حســرة وألماً .. واذا انتقلنــا الى حسنــات التغافــل بين الأزواج لوجــدنا لهذا الخلــق اذا ماكان موجوداً بينهمــا..عظيــم الأثـــر في بقـــاء اركان الحيـاة الزوجيــة.. فالتغاضي عن دقيق المحاسبــة تريح الطرفين وتمنع اندلاع شرارات الخلاف ومايليـه من عـواقب. فالزوجــان لهما حقــوق على بعضهما.... والمرونــة تكفــل دوام السعــادة وبقـــاء العشرة الطيبة. ولو ذهبنا الى الابناء فإننــا نرى ان التغافــل لبعض التصرفات والسلوكيات فيه مزايــــا فالعاقل لا يستقصي، ولا يُشعــر من هم في طوعه، أو من يعيشون تحت كنفه بأنه يعلم عنهم كل صغيرة وكبيرة؛ لأنه إذا استقصى، وأشعرهم بأنه يعلم عنهم كل شيء اهتزت شخصيته في نفوسهم ،وذهبت هيبته من قلوبهــم ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي ولا يفوتنا هنا ..ان تغافله قد يعينه على تقديم النصح بصورة غير مباشرة.. قدوة لحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام "ما بال أقوام" ومثـل إيــاك أعني واسمعي يا جاره. واذا تأملنـا الى ما اراده الله في عباده من التخلق بأخلاقه فإنه ستار العيوب و غفار الذنوب ومتجاوز عن العبيـد فكيف لا نتجــاوز نحن البشــر عمن هـم دوننا او مثلنا او حتى من هم اعلى منا.. قال الإمام أحمد بن حنبل : "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل" وفي رأيي ان هذه المقولة ذهبية لابد من الاحتفاظ بها والاستفادة منها كمــا الذهب التغافــل .. لو اننا كتبنا فيه ما كتبنـا فاننا لا نخرج عن كونه سيد الاخلاق.. فكــم من متغافل محبوب مرغــوب .. وكــم من متقصي للعيوب مكــروه ومذمــوم.. وياليتنا نتستخدم ما وهبنــا الله من حكمة وذكـــاء في معالجة اخطائنا ، ولا نستهلكهـــا في محـــاولة تصيد أخطـــاء الآخرين.. خلاصة القول يا جماعة... يا غـــافل لك الله.. فــرب العالمين كريــم عظيــم وكفيــل بان يجازيــك على تغافلك عما لا يرضيك،، بكل ما ســوف يرضيك. د/ فاطمة الزهراء الأنصاري |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|